17-أكتوبر-2024
موسم الزيتون في الضفة الغربية.jpg

(Getty)

بعد تنسيق مسبق مع سلطات الاحتلال عبر الارتباط والصليب الأحمر، ومع الالتزام بكافة الضوابط التي فرضها جنود الاحتلال في الموقع، استطاعت السيدة حنان أبو سلامة (59 عامًا) الوصول، صباح اليوم، مع زوجها وأبنائها، إلى أرضهم القريبة من جدار الفصل العنصري في قرية فقوعة شمال شرق محافظة جنين.

وبينما كانت العائلة تسعى للمباشرة في موسم الزيتون، الذي يعرف فلسطينيًا بـ"أبو المواسم"، تحول بفعل رصاص الاحتلال إلى لحظة دامية لدى عائلة أبو سلامة، بعدما أطلق جنود الاحتلال المتواجدين قرب الجدار الرصاص الحي نحو الأهالي، فأصابت إحدى الرصاصات السيدة حنان في ظهرها.

قال خبراء الأمم المتحدة، يوم أمس الأربعاء، إن المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يواجهون "موسم الزيتون الأخطر على الإطلاق"

وكانت وزارة الصحة، قد أعلنت استشهاد المواطنة حنان عبد الرحمن أبو سلامة (59 عامًا) برصاص الاحتلال في قرية فقوعة، شمال شرق جنين.

وفي السياق، قال رئيس بلدية فقوعة بركات العمري لـ"الترا فلسطين"، إن جيش الاحتلال أطلق النار نحو السيدة حنان أبو سلامة خلال قطف ثمار الزيتون مع عائلتها قرب الجدار الفاصل في فقوعة.

وأكد العمري، وجود التنسيق المسبق للأهالي عبر الارتباط والصليب الأحمر، لقطف ثمار الزيتون على بعد 100 متر من الجدار، وهي كانت تبعد أكثر من 150 مترًا عند إطلاق النار عليها.

وإطلاق النار على أبو سلامة، لم يكن الحدث الوحيد خلال يوم الخميس، إذ تعرض مزارعون فلسطينيون لاعتداءات وطرد من حقولهم في عدد من المناطق بالضفة الغربية.

وفي متابعة لـ"الترا فلسطين"، قام المستوطنون اليوم بطرد المزارعين من أراضيهم في قرية قريوت جنوب نابلس، وتحديدًا في منطقة وادي البير.

وقام المستوطنون بطرد مجموعة من المزارعين اليوم من أراضيهم في مناطق من قرى وبلدات جالود وقصرة ومادما في جنوب نابلس، علاوة على الاعتداء على الأهالي هناك.

بدوره، قال الناشط ضد الاستيطان في جنوب نابلس بشار القريوتي، إن موسم قطف ثمار الزيتون كان إجراميًا ومتطرفًا للغاية من قبل المستوطنين وبحماية من قوات الاحتلال، وذلك بهدف السيطرة على كافة الأراضي وطرد أي مزارع فلسطيني في الأراضي المصنفة "ج" وبعض الأراضي المصنفة "ب".

وأفاد القريوتي في تعقيب لـ"الترا فلسطين"، أن الموسم ما زال في بدايته ومع ذلك سجل عدد كبير من الانتهاكات بحق المزاعرين، تتوزع في كافة المناطق وتحديدًا في قرى جنوب نابلس وسلفيت وقلقيلية ورام الله وجنوب الخليل.

وأضاف القريوتي، أن الاعتداءات تنوعت بين الطرد من الأراضي، وسرقة المحصول، وسرقة المعدات الزراعية، وإطلاق الرصاص الحي على المزارعين وتخويفهم لترك أراضيهم، واعتداءات بالضرب، ومصادرة المركبات أو تكسيرها.

واللافت، بحسب القريوتي، بأنه جرى التحريض من المستوى الرسمي الإسرائيلي من وزراء وأعضاء كنيست للمستوطنين لمنع قطف ثمار الزيتون في الضفة الغربية هذا العام، مع توفير الحماية اللازمة لهم من الجيش لتنفيذ هذه الاعتداءات، فيما تستغل مجموعات المستوطنين هذا الوضع وتجندهم في الجيش لمضاعفة الاعتداءات.

وأكد القريوتي، بأن كل ذلك يجري، يمر دون أي متابعة قانونية أو ملاحقة للمستوطنين سواء من قبل المؤسسات الرسمية أو الدولية التي كانت في العادة تتقدم بشكاوى للشرطة الإسرائيلية ضد هذه الاعتداءات.

قال خبراء الأمم المتحدة، يوم أمس الأربعاء، إن المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يواجهون "موسم الزيتون الأخطر على الإطلاق"، وحثوا المستوطنين والقوات الإسرائيلية على عدم التدخل في الحصاد.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أن خبراء الأمم المتحدة أوصوا أيضًا بـ"وجود أجنبي" ليكون بمثابة حاجز بين الجانبين. وبحسب وكالة فرانس برس، قال نحو عشرة خبراء من الأمم المتحدة إن المزارعين يواجهون الترهيب وتقييد الوصول إلى أراضيهم ومضايقات شديدة وهجمات من جانب المستوطنين الإسرائيليين المسلحين وقوات الأمن الإسرائيلية.

وقال الخبراء المستقلون في بيان: "في عام 2023، تخلل موسم القطف زيادة حادة في القيود المفروضة على الحركة والعنف من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين".

وفي العام الماضي، قالوا: "إن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك شرق القدس، يواجهون أعلى مستوى من عنف المستوطنين الإسرائيليين".

وأضاف البيان أن المستوطنين اعتدوا على الفلسطينيين وأضرموا النار في محاصيلهم أو أتلفوها، وسرقوا الأغنام ومنعوهم من الوصول إلى أراضيهم ومياههم ومناطق الرعي.

وقالوا إن "إسرائيل استولت العام الماضي على المزيد من الأراضي الفلسطينية أكثر من أي عام خلال الثلاثين عامًا الماضية"، وأضافوا أن الوضع "من المتوقع أن يزداد سوءًا".

وقال الخبراء المستقلون، الذين تم تفويضهم من قبل مجلس حقوق الإنسان ولكنهم لا يتحدثون باسم الأمم المتحدة، إن موسم حصاد الزيتون يشكل أهمية مركزية في حياة الفلسطينيين وثقافتهم.

وأضافوا أن "تقييد قطف الزيتون وتدمير البساتين ومنع الوصول إلى مصادر المياه هي محاولة من جانب إسرائيل لتوسيع مستوطناتها غير القانونية".

ومن بين الموقعين على الرسالة فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

وقال الخبراء، بما في ذلك الخبراء المعنيون بالحق في الغذاء ومياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والسكن الملائم، إن المزارعين الفلسطينيين يواجهون "تحديات هائلة وتهديدات ومضايقات" في الوصول إلى أشجار الزيتون الخاصة بهم.

وفي عام 2023، لم يتم حصاد أكثر من 9600 هكتار (24 ألف فدان) من الأراضي المزروعة بالزيتون في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل. وأضافوا أن ذلك يعني خسارة 1200 طن من زيت الزيتون بقيمة 10 ملايين دولار.

وحذروا من أن "هذا الوضع من المتوقع أن يزداد سوءًا"، حيث ألغت السلطات الإسرائيلية أو فشلت في إصدار التصاريح التي تسمح للمزارعين بالوصول إلى أراضيهم.

وحثوا قوات الاحتلال على الامتناع عن التدخل في موسم قطف الزيتون هذا العام، و"تركيز جهودها على انسحاب الاحتلال وتفكيك المستوطنات".

وقال الخبراء إنهم "سيواصلون الدعوة إلى الحماية، بما في ذلك من خلال وجود أجنبي يعمل كحاجز بين الفلسطينيين ومعتديهم، وحماية المزارعين الفلسطينيين وأسرهم".

وفي العام الماضي، وثقت منظمة يش دين 113 حالة عنف من قبل جنود ومستوطنين لعرقلة قطف الزيتون، أو ضد فلسطينيين يعملون في الحصاد. وشهد العام الماضي أيضًا زيادة في تواجد جنود المستوطنين في "كتائب الدفاع الإقليمي"، الذين غالبًا ما شاركوا في منع الوصول إلى الأراضي أو في أعمال عنف.