08-أكتوبر-2022
gettyimages

في كل عام تثير قضية أشرف مروان ومدى دوره في حرب أكتوبر 1973 الكثير من الجدل (gettyimages)

مع حلول الذكرى 49 لحرب تشرين أول/ أكتوبر 1973 والتي تعرف عربيًا باسم حرب أكتوبر أو تشرين أو العاشر من رمضان، ويطلق عليها إسرائيليًا اسم حرب يوم الغفران (الكيبور)، تتكشف معلومات جديدة عنها وعن الظروف المحيطة بها، وعادةً ما يتم كشف الوثائق والمعلومات بشكلٍ رسمي، من أرشيف الدولة أو جيش الاحتلال، إلّا أنه في هذه المادة، يُكشف عن تفاصيل جديدة من قبل مجموعة للمتقاعدين من جهاز الموساد، الذين حصلوا على موافقة رسمية من أجل مشاركة المعلومات، وكلها تدور حول مساهمة أشرف مروان في تقديم المعلومات عن الحرب.

وكشفت صحيفة "هآرتس" تفاصيل حصرية عن حرب السادس من تشرين أول/ أكتوبر 1973، وجاء ذلك في تقرير بعنوان "الـ48 ساعة المصيرية للموساد قبل حرب يوم الغفران"، وأعدها معلقها للشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان وموشيه شفاردي وهو باحث مستقل متخصص في تاريخ حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973.

مع حلول الذكرى 49 لحرب تشرين أول/ أكتوبر 1973 والتي تعرف عربيًا باسم حرب أكتوبر أو تشرين أو العاشر من رمضان ويطلق عليها إسرائيليًا اسم حرب يوم الغفران (الكيبور) تتكشف معلومات جديدة عنها وعن الظروف المحيطة بها

وينطلق التقرير، من خلال رواية طريق الوصول إلى المعلومات ويقول: "مؤخرًا، شكل عدد من أعضاء منظمة "أغمون" (منظمة المتقاعدين والمتقاعدات من الموساد) فريقًا بهدف التحقق من عمليات جهاز المخابرات الاسرائيلية "الموساد"، في السنوات التي سبقت حرب 1973. وهي مبادرة غير رسمية، ولكنها حصلت على موافقة رئيس جهاز "الموساد" الحالي ديفيد بارنيع".

والمبادرة بحسب ما جاء في الصحيفة "لا تهدف إلى إعفاء رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" في ذلك الوقت إيلي زعيرا، من مسؤوليته عن فشل المخابرات في المهمة المكلف بها، كما قررت لجنة أغرانات، ما أدى إلى إقالته، ولكن للتحقق من سلوك "الموساد" وأدائه".

و"لجنة أغرانات" هي لجنة تشكلت في "إسرائيل" برئاسة رئيس قضاة المحكمة العليا شمعون أجرانات وقاضيين آخرين من نفس المحكمة ورئيسي الأركان السابقين يغال يادين وحاييم لاسكوف، للتحقيق في إخفاقات الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الثلاثة الأولى من حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973، وكان من نتائجها التوصية على تشكيل لجنة وزارية للدفاع وتعيين مستشار لرئيس الحكومة لشؤون المخابرات، كما أوصت بإقالة إيلي زعيرا رئيس جهاز المخابرات العسكرية "أمان"، ورئيس الأركان ديفيد بن إليعازر، وقائد الجبهة الجنوبية شلومو جونين، بالإضافة لعدد من ضباط الاستخبارات العسكرية.

وبالعودة إلى المبادرة، قالت الصحيفة العبرية "طلب المبادرون من دوفي (الاسم الكامل مُنع نشره من الموساد)، والذي كان لمدة 28 عامًا المُشغّل الوحيد لجاسوس الموساد أشرف مروان، للانضمام لهذه المبادرة، لكنه رفض لأسباب شخصية. واعتبر مروان أهم جاسوس نوعي للموساد في السنوات السابقة لحرب 1973، فقد كان كيميائيًا درس في جامعة بريطانية، وتزوج من ابنة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وبعد وفاة الأخير عُين مستشارًا لخليفته أنور السادات، ومن ثم أصبح رجل أعمال جمع ثروته من صفقات السلاح".

getty
من حفل زفاف أشرف مروان بمنى جمال عبد الناصر

وتستمر الصحيفة في سرد تفاصيل عن تجنيد أشرف مروان "في شهر أيلول/ ديسمبر 1970، وصل مروان إلى العاصمة البريطانية لندن وتمكن شموئيل غورين، الذي كان آنذاك رئيس "تسوميت" (القسم المسؤول عن تجنيد العملاء) في أوروبا، من الاتصال به، فيما طلب غورين من دوبي مقابلة مروان وأن يكون مشغله خلال سنوات عمله جاسوسًا، التي تلقى مروان مقابلها مبالغ كبيرة من المال".


اقرأ/ي أيضًا: أشرف مروان "The Spy".. العميل المُحيّر


ويستكمل ميلمان وشفاردي قصة تجنيد مروان، "لم يكن مروان عميلاً عاديًا ومنضبطًا. وعندما رتب الموساد عمليةً خاصةً لتهريب راديو مُشفر إلى القاهرة من أجل تحسين التواصل معه، هرع مروان إلى أحد الجسور فوق النيل وألقى بالجهاز في النهر. وتم الاتصال به فقط عندما كان في أوروبا، وكان ذلك من خلال رسائل متبادلة عبر مكالمات هاتفية قصيرة، وفي شيفرة تتكون من كلمات رمزية اشتقت من مجال المواد الكيميائية الذي يعرفه جيدًا. وفي حينه، اتصل مروان برقم هاتف في منزل (S)، وهي يهودية من بريطانيا، وأرسلت كلمات الشيفرة إلى فرع الموساد في السفارة الإسرائيلية بلندن. وكان دوفي هو الشخص المكلف بتنظيم الاجتماع والوصول إليه".

وبحسب ما تروي الصحيفة الإسرائيلية عن دور أشرف مروان، "المعلومات التي نقلها مروان للموساد ساهمت بشكلٍ كبير في تعزيز أمن إسرائيل. لقد ساعد في إحباط عملية دبرتها منظمة التحرير الفلسطينية، كان الهدف منها إسقاط طائرة تابعة لشركة الطيران الإسرائيلية "إل عال" في روما باستخدام صواريخ كتف من طراز ستريلا. وتم اعتقال النشطاء الفلسطينيين الذين يحملون الصواريخ".


اقرأ/ي أيضًا: بالوثائق.. أشرف مروان دق جرس أكتوبر للموساد.. إسرائيل تجاهلت عميلها!


ونقلت صحيفة هآرتس عن مدير مكتب جهاز الموساد تسفي زامير، فريدي عيني، ولأول مرة أن أشرف مروان "ساعد في نقل مكان محاكمة عميل الموساد باروخ مزراحي، الذي اعتقل في اليمن وكان من المفترض أن يواجه حكمًا بالإعدام بحسب القانون اليمني، إلى مصر، وبذلك أنقذ حياته. وقد اقترح ذلك بناءً على أن مزراحي ولد في مصر. وفي لقاءاته مع دوبي وزامير، قدم مروان أيضًا، من بين أمور أخرى، خطط الحرب التي أعدتها هيئة الأركان العامة المصرية ومعلومات مفصلة حول قوات الجيش المصري".

وفي خلفية الحديث عن عميل الموساد الذي اعتقل في اليمن تقدم الصحيفة شرحًا عنه، وهو "باروخ زكي مزراحي، ضابط في جهاز الموساد اعتقلته المخابرات اليمنية في 1972، وأرسل إلى اليمن عقب استهداف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ناقلة متجهةً من إيران إلى إسرائيل، في مضيق باب المندب بالقرب من اليمن في 11 حزيران/ يونيو 1971. وأثار الهجوم مخاوف إسرائيل من وقوع المزيد من الهجمات لاحقًا على خطوط سفن الشحن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر، مما تتطلب جمع معلومات عن التهديدات الإضافية في المضيق ونشاط الفدائيين الفلسطينيين في اليمن. وبعد نهاية حرب أكتوبر 1973 طالبت إسرائيل مصر بمبادلته ضمن الجنود الأسرى ولكن الجانب المصري رفض المبادلة بحجة أن مزراحي ليس جنديًا أسيرًا بل جاسوسًا يحمل الجنسية المصرية. وفي حينه، مارس وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر ضغوطًا مكثفةً على مصر للإفراج عن مزراحي، ليتم التوصل إلى اتفاق للإفراج عن مزراحي مقابل تحرير عشرات الأسرى في سجون إسرائيل، من بينهم عشرات الأسرى الفلسطينيين".

وتحت عنوان فرعي "الجميع يعلم أنه ستكون هناك حرب"، كتبت الصحيفة: "أبرز العمليات التي نفذها مروان كانت عندما وجه التحذير عشية الحرب، أي حرب 1973، في لقاء مع دوبي وزامير، في شقةٍ سريةٍ في لندن. وطيلة 20 عامًا، لم تشكك أي شخصية مسؤولة في "إسرائيل" من أعلى المستويات القيادة في المنظومة الأمنية والاستخبارية والعسكرية، بما في ذلك زعيرا، في مصداقية مروان. ولكن بعد ذلك، ومن أجل تقليص المسؤولية التي تقع على عاتقه، بدأ زعيرا في نشر الأطروحة الكاذبة القائلة بأن مروان عميل مزدوج، بمساعدة الصحفيين وبعض ضباط جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"".

getty
تشييع أشرف مروان في مصر بعد أن وجد ميتًا في لندن

وحول هذا الخلاف تقول الصحيفة "على هذه الخلفية، تم إجراء جلسة تحكيم بين زامير وزعيرا، قادها المحكم ثيودور أور، نائب رئيس المحكمة العليا الأسبق، وجرى التحكيم في عام 2007، وكانت نتيجته أن زامير كان على حق، وأن مروان جاسوس حصري لـ "إسرائيل" وليس جاسوس مزدوج. وبعد وقت قصير من صدور الحكم الواضح، تم العثور على جثة مروان ملقاة على الرصيف بالقرب من منزله في حي تشيلسي في لندن".

تضيف الصحيفة في هذا السياق، "ليس لدى مسؤولي المخابرات الإسرائيلية أدنى شك في أنه بعد تأكيد القاضي في المحكمة العليا، أن مروان لم يكن عميلًا مزدوجًا، قامت المخابرات المصرية بتصفيته، وجعلت الوفاة وكأنها انتحارًا. وصرح النائب العام يهودا فآينشتاين، في عام 2012 أنه كان ينبغي محاكمة زعيرا لفضح اسم مروان، لكن تم مسامحته بسبب عمره، وهو الذي كان يبلغ 84 عامًا (الآن 94)، ومساهمته في الأمن".


اقرأ/ي أيضًا: أشرف مروان.. كيف تجاهلت إسرائيل جاسوسها الأثمن؟


وحول خلفية زعيرا الذي فضح هوية مروان وساهم في تأكيد الرواية الإسرائيلية، تقول الصحيفة عنه، "كان رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" خلال حرب تشرين أول/ أكتوبر عام 1973، واعتبرت لجنة أغرنات أنه كان مهملاً لواجباته، ومن ثم تقدم باستقالته، وكان قبل الحرب قد أصدر تقديرًا مفاده بأن مصر وسوريا لن تبادرا للحرب، رغم أن كل المؤشرات والمعلومات الاستخبارية تشيران إلى ذلك. ولاحقًا، اتهم رئيس جهاز الموساد، تسفي زامير، زاعيرا بتسريب هوية أشرف مروان، وفتح مكتب المدعي العام تحقيقًا جنائيًا، ولكن لم يثبت الأمر بشكل حاسم وأُغلق عام 2012".

إلى جانب الجدل الذي تثيره القضية كل عام حول دور مروان، إلّا أن المجموعة قررت أن تبحث في سلوك رئيس الموساد زامير، وجاء في الصحيفة، "ومع ذلك، فإن الشهادات والوثائق الجديدة والمقابلات مع بعض المطلعين على القضية تثير تساؤلات حول سلوك زامير في غضون 48 ساعة التي سبقت الحرب، أيّ قبل أن تفاجئ جيوش مصر وسوريا دولة الاحتلال وتطلق الحرب. والسؤال المطروح في مركز التحقيق هو ما إذا كان يمكن تقديم التحقق من المعلومات التي قدمها مروان خلال ساعات أو أيام. لو حدث ذلك، لربما كان بالإمكان حشد قوات الاحتياط والاستعدادات الإسرائيلية للحرب كانت ستكون أفضل".

وبالعودة إلى سرد التفاصيل حول القضية واللقاء مع مروان في لندن، تقول الصحيفة: "في الخامسة من مساء الخميس، قبل يومين من اندلاع الحرب في 6 تشرين أول/ أكتوبر، انتظر دوبي في شقة المرأة اليهودية البريطانية الملقبة بـs. مكالمةً هاتفيةً من مروان، الذي وصل إلى باريس من لقاء مع الرئيس الليبي معمر القذافي. وفي المكالمة قال مروان: " ثمة الكثير من الكيماويات، الكثير من الكيماويات". كانت هذه هي كلمة السر، المحددة مسبقًا، وتعني تحذيرًا للحرب". وتكمل الصحيفة "مباشرةً، طلب دوبي حضور "الجنرال" (لقب زامير المشفر)، إلى الاجتماع في اليوم التالي في لندن. وأبلغ دوبي فحوى المكالمة إلى زامر زامير الذي تواجد في مقر قيادة الموساد، وأمر فريدي عيني، بإعداد رحلة جوية في اليوم التالي".

وتكمل الصحيفة سردها، "أعتقد دوبي أنه يجب عليه التصرف دون تأخير، والذهاب إلى باريس على الفور والتحدث مع مروان، لكن لم يكن لديه عنوانه وكان من المستحيل تقريبًا العثور عليه. ويقول غورن لصحيفة "هآرتس" لم يكن تسفيكا زامير يعتقد أن الحرب ستنشب، قال تسفيكا إنه يخشى ألا تكون هناك حرب وسيخبرونه أنه يهدر المال على تجنيد الاحتياطيات".

يتفق فريدي عيني جزئيًا مع تقييم غورين: "والذي يعتقد أن (زامير) لم يفهم خطورة الأمر في تلك اللحظة (مساء الخميس) لكن ذلك لم يمنعه من الاستعداد للرحلة في الصباح". إلًا أن عيني يؤكد أن "تسفيكا وأنا كنا مقتنعين حتى قبل الحديث مع مروان بأن الحرب كانت قريبةً جدًا، سواء حسب المعلومات الواردة من الحسين (ملك الأردن)، ووفقًا لمصادر أخرى في الموساد. فقد كان الجميع يعلم أننا متجهون إلى حرب.. غولدا علمت.. عرفت.. حسين قال ذلك.. مصادرنا قالت ذلك".

وحول الساعات التي سبقت الحرب، تقول الصحيفة: "وصل زامير إلى لندن، ظهرًا، على متن طائرة تابعة لشركة بريطانية قادمة من اللد. أخبرني دوبي في مقابلة حصرية لملحق "هآرتس" في ديسمبر 2020، أنه حتى بعد وصول زامير إلى لندن، لم يكن لديه انطباع بأن رئيس الموساد شعر أن الوضع مخيف. وكان من المقرر عقد الاجتماع مع دوبي وزامير في الشقة السرية، شمال لندن، الساعة العاشرة مساءً بحسب التوقيت الإسرائيلي. لماذا لم يتم جدولتها في وقت مبكر؟ هل لأنه لم يكن من الممكن الوصول إلى مروان أولاً، أم لأن زامير لم يبذل جهدًا للتقدم؟ في كلتا الحالتين، ضاعت ساعات ثمينة من لحظة وصول زامير إلى لندن حتى الاجتماع. لكن حتى الساعة العاشرة لم يبدأ الاجتماع. قال دوبي أيضًا إن مروان تأخر أكثر من ساعتين، لأنه أراد الاستمرار في التحديث عن طريق المكالمات الهاتفية من القاهرة. عندما وصل إلى الشقة، كان دوبي وزامير في انتظاره بالفعل. كان هناك حراس من الموساد في الخارج. وبحسب التقرير الذي أعده دوبي ، فإن الاجتماع لم يبدأ حتى الساعة 11:45 مساءً بتوقيت إسرائيل".

"الحرب ستبدأ غدًا"

ويدور طرح الصحيفة بشكلٍ كبير حول أن الاستعدادات الإسرائيلية تأخرت وهذا ما يظهر تاليًا في هذا الجزء من المقال: "ومع ذلك، حتى عندما بدأ الاجتماع وعلى الرغم من التحذير "الكيماوي" الذي أرسله مروان أمس، أشار دوبي إلى أن زامير واجه صعوبةً في الاعتقاد بأن الحرب كانت وشيكةً للغاية. وبدلاً من السؤال عن موعد بدأ الحرب، سأل زمير مروان عن الاتحاد الثلاثي بين مصر وليبيا وسوريا، وكان مهتمًا بخطط الفلسطينيين لشن عملية في روما، والتي قال مروان إنه ساعد في إحباطها. ومروان هو من قرر مفاتحة زامير، قائلًا: "لنتحدث عن الحرب"، مضيفًا: "99 في المئة، الحرب ستبدأ غدًا".

واستغرق رئيس الموساد في حينه وقتًا حتى يقرر إبلاغ "إسرائيل" بالتحذيرات التي وصلته حول اندلاع وشيك للحرب، وعن هذا تتحدث الصحيفة، "استمر الاجتماع قرابة ساعتين، أي حتى الساعة 2:00 بتوقيت إسرائيل، واستخدم زامير الهاتف الموجود في الشقة السرية، على الرغم من أن الهاتف لم يكن آمنًا، إلّا أن الهاتف الذي اتصل منه بعد حوالي 25 دقيقة لم يكن آمنًا أيضًا. وكان مروان أول من غادر الشقة السرية، وبعد دقائق سار زامير برفقة دوبي وحراس الأمن إلى منزل رافي ميدان، والذي كان رئيس فرع الموساد في لندن". وفي سياق نفسه يستكمل السرد، "قال دوفي إنه بينما كانوا يسيرون، كان زامير يناقش بصوت عالٍ -وهو يتحدث إلى نفسه بلا شك- حول الرسالة التي سينقلها إلى "إسرائيل". وكان يخشى أنه إذا أعلن تحذيرًا من حصول الحرب ولم تحدث كما حدث في تحذيرات نيسان/ أبريل وحزيران/ يونيو 1973، فسيتم الاستهزاء به وتصويره على أنه شخص في حالة ذعر دائم. ومع ذلك، إذا أبلغ بخلاف ذلك، وانخدع، فسيكون شريرًا. وعند وصوله إلى شقة ميدان، اتخذ زامير قرارًا واضحًا".

وعن حيثيات المكالمة الهاتفية التي صدرت للتبليغ بالمعلومات التي وصلت من مروان، تقول الصحيفة: "في حوالي الساعة 2:30 ليلًا، اتصل زامير عبر الهاتف من شقة ميدان (قدر دوبي أن المخابرات البريطانية كانت تنصت على هاتف ميدان)، كما أكد مدير مكتب زامير فريدي عيني أن الهاتف لم يكن مشفّرًا، وتحمّل تسفيكا زامير المسؤولية بسبب التحدث على الهاتف العادي. اتصل وقال لفريدي عيني: "ضع قدميك في حوض من الماء"، موضحًا له أنه "يجب أن يستعد للأخبار الصعبة".

وحول  هذه المكالمة تنقل الصحيفة ما جرى فيها نقلًا عن مدير مكتبه وتقول: "في الجمل القليلة التي قالها لي زمير، قال إنه اليوم (السبت) عند غروب الشمس ("غروب الشمس" على حد تعبير مروان) سيبدأ الهجوم المشترك بين جيشي مصر وسوريا. وأضاف عيني أنه علي نقل الرسالة على فورًا إلى زعيرا دون تأخير. وأكد عيني أن "زعيرا كان متحمِّسًا بعض الشيء للأخبار، وطلب مني الاتصال بآرييه شاليو، رئيس قسم الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان". وقال لي أرييه: "لماذا توقظني؟ مررها إلى الضابط"، لأرد عليه، "انهض من السرير. اجلس على الطاولة، خذ ورقة وقلم رصاص وأكتب ما أقول لك، هذا أمر عسكري. المزيد من الدقائق الثمينة تضيع".

وتستكمل الصحيفة عرضها للحظات الحاسمة ما قبل الحرب وسلسلة المكالمات الهاتفية التي جرت، "ثم اتصل عيني في يهوشوع رفيف (السكرتير العسكري لموشيه دايان) ليكون الشخص الرابع الذي يعلم الأخبار، ومن ثم تبليغ يسرائيل ليئور السكرتير العسكري لجولدا مئير. الذي طُلب منه أن يخبرها بذلك على الفور. وكان الوقت 3:40. وتلقى رئيس الأركان الأخبار فقط في الساعة 4:30، لأنه لم يكن مدرجًا في قائمة هواتف عيني. وكان هذا بسبب توجيه مسبق من زعيرا الذي منع الموساد من نقل الأخبار إلى رئيس الأركان مباشرةً وأن يتم ذلك من خلال جهاز أمان. وفي حينه قام رئيس الأركان بالدعوة إلى اجتماع في مكتبه الساعة الخامسة، بمشاركة العديد من الضباط وجنود الاحتياط، فيما بقيت غولدا مئير خارج الاجتماع حتى الساعة 8 صباحًا.

"لا أريد التحدث معك بعد الآن"

يختتم المقال بالحديث عن انقطاع العلاقة مع مروان "في لجنة اغرانات، طلب بعض أعضاء اللجنة معرفة ما إذا كان مروان قد ضلل إسرائيل". فيما قال فريدي عيني: "قلت لهم، أيها السادة  لقد بذل جهدًا كبيرًا لتحذيرنا". من جانبه قال مروان لتسفيكا زامير بعد الحرب: "لا أريد أن أتحدث إليكم بعد الآن". بسبب هذا الخطأ الفادح. أحب تسفيكا حقًا مروان وآمن به. واعتقد أنه كان على حق طوال الوقت".

هل عرف مروان تسفيكا؟

فريدي عيني: "مروان لم يكن المصدر الوحيد ولم ننتظر فمه لنقرر ماذا نفعل".