تستعد إسرائيل لاختبار نموذج تجريبي لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، تطلق عليه اسم الفقاعات الإنسانية، إلا أن المشروع الإسرائيلي يوصف بأنه "خيالي" من قبل أطراف مطلعة عليه، ويعود ذلك لعدة أسباب أبرزها أن المقاومة في قطاع غزة ما زالت تقاتل بضراوة.
ما هي الخطة الإسرائيلية؟
وجاء في تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن الخطة الإسرائيلية تقوم على إدخال المساعدات من معبر بيت حانون - إيريز إلى جهات محلية في بيت لاهيا وبيت حانون ليس لها صلة بحركة حماس، لتتولى هذه الجهات توزيع المساعدات في المنطقة.
يفترض أن يتم إدارة "الفقاعات الإنسانية" من قبل ممثلين لتحالف دولي عربي، ومسؤولين محليين في السلطة الفلسطينية، ومقاولين من القطاع الخاص ورجال أعمال
وتتضمن الخطة توسيع مسؤوليات هذه الجهات تدريجيًا لتسلم الحكم المدني في بيت لاهيا وبيت حانون، بينما ستكون المسؤولية الأمنية خاضعة للجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة. وفي حال نجاح هذه الخطة، فستُوَسَّع باتجاه مدينة غزة وجنوب قطاع غزة.
ويفترض أن يتم إدارة "الفقاعات الإنسانية" من قبل ممثلين لتحالف دولي وعربي، ومسؤولين محليين في السلطة الفلسطينية، ومقاولين من القطاع الخاص ورجال أعمال.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن مصدرين مطلعين على الخطة، أنها مجرد نسخة من محاولات إسرائيلية جرت خلال الشهور الماضية في وسط قطاع غزة وشماله، لكن أفشلتها حركة حماس بالقوة. بينما قال مصدر ثالث، إن الخطة مجرد محاولة من إسرائيل للضغط على حماس لتقديم تنازلات في مفاوضات صفقة التبادل.
وبحسب الصحيفة، فإن مصدرًا أمنيًا في غزة أفاد باندلاع اشتباك خلال الأسبوع الماضي بين عشيرة بارزة في وسط قطاع غزة، وعناصر أمن تابعين لحركة حماس، بعد مزاعم بأن الحركة أعدمت زعيم العشيرة بسبب قبولها المبادرة الإسرائيلية.
وكشف مصدرٌ مطلع على الخطة الإسرائيلية، أن إسرائيل تحاول منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023 تحديد الجهات المحلية الفلسطينية التي يمكنها إدارة قطاع غزة بدلًا من حماس، لكن دون نجاح كبير.
وأوضح أشخاصٌ مطلعون على النقاشات، أن هناك خططًا لتدريب قوة فلسطينية محلية من داخل قطاع غزة للسيطرة على الأمن في المناطق التي تُنَفَّذ الخطة فيها، على أن تتكون هذه القوة من أفراد أمن سابقين في السلطة الفلسطينية يتدربون في الأردن أو الضفة الغربية تحت إشراف الجنرال الأميركي مايكل فنزل.
وأوضحت "فايننشال تايمز"، أن مدير المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية ماجد فرج، بدأ بالفعل في فحص المرشحين من داخل غزة للالتحاق بالقوة الأمنية، إذ تم تحديد آلاف الأشخاص على أنهم مجندون محتملون، وفقًا لشخصين مطلعين على الأمر.
عقبات أمام الخطة
تواجه الخطة الإسرائيلية عقبات تجعلها "خيالية" في نظر أشخاص اطلعوا عليها، وتحدثوا لصحيفة لـ"فايننشال تايمز". أبرز هذه العقبات، رفض بنيامين نتنياهو المستمر لأي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، ورفضه القاطع لأي مسار مستقبلي لإقامة الدولة الفلسطينية.
وإلى جانب رفضهم أي دور للسلطة، يواصل المسؤولون الإسرائيليون محاولة منح دول عربية دورًا في غزة، إلا أن مسؤولين عرب رفضوا لعب هذا الدور بدون السلطة الفلسطينية، وفق ما أفاد به خمسة أشخاص مطلعين على المناقشات.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي قوله إن "الدول العربية لن تدعم إعادة الإعمار في غزة أو خطط ما بعد الحرب ما لم تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية".
تواجه الخطة الإسرائيلية عقبات تجعلها "خيالية" في نظر أشخاص اطلعوا عليها. أبرز هذه العقبات، رفض بنيامين نتنياهو المستمر لأي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، ورفض دول عربية لعب أي دور بدون السلطة الفلسطينية
عقبة أخرى أمام الخطة، تتمثل في رفض مستويات عليا في الحكومة الإسرائيلية لها، وهؤلاء "ليسوا على استعداد حتى لنطق كلمة السلطة الفلسطينية"، وفق ما قال مسؤولٌ إسرائيلي للصحيفة.
ويضيف المسؤول، أن هناك مشكلة في توفير الدعم المالي لهذه الخطة أيضًا، لأن محاولة تجربة خطة في الحد الأدنى لن تنجح، "فلن يضع أحد المال بدون خطة شاملة وطويلة الأجل".
القتال العنيف، عقبة أخرى
العقبات أمام خطة الفقاعات الإنسانية ليست إسرائيلية أو سياسية فقط، فالقتال العنيف على الأرض بعد 9 شهور من الحرب يُشكل عقبة أخرى، حيث الظهور المتكرر لمقاتلي المقاومة في مناطق قال الجيش إنه فكك خلايا المقاومة فيها.
واضطر جيش الاحتلال إلى إطلاق عملية عسكرية ثالثة ضد حي الشجاعية يوم الخميس الأخير في شهر حزيران/يونيو، رغم أنه هاجم الحي مرتين سابقًا، وانسحب منه مدعيًا القضاء على المقاومة فيه.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرنوت، فإن لواء جفعاتي والفرقة 98 واللواء السابع من الجيش يقاتلون في حي الشجاعية للمرة الثالثة، وقد أدرك الجيش مدى قدرة حماس على ترسيخ نفسها، مدنيًا وعسكريًا، في الحي الواقع قبالة كيبوتس ناحل عوز.
ويقول جيش الاحتلال، إن حركة حماس ما زالت قادرة على دفع رواتب مقاتليها وتجنيد المئات من المقاتلين الجدد.
يُذكر أنه بالرغم من الأحاديث الإسرائيلية المتكررة عن خطة الفقاعات الإنسانية، إلا أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد يوم الإثنين أنه لا وجود لخطة لليوم التالي في غزة، وأضاف أن غياب هذه الخطة سيؤدي إلى الاحتلال الإسرائيلي، أو عودة حماس للسلطة، أو الفوضى، "وهذا لا يمكن أن نقبله".