أصدر رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، عدّة قرارات رئاسيّة بتعيين وكلاء وزارات ومستشار عسكريّ ورئيس جديد للحرس الرئاسيّ، وكان أبرز هذه القرارات الّتي نشرتها الجريدة الرسميّة "الوقائع"، في عددها الأخير الصادر يوم الأحد، قرار تعيين شقيق زوجة قاضي القضاة، محمود الهبّاش، مساعدًا لقاضي القضاة بدرجة (A1)، أي بدرجة وكيل، ليقفز بذلك عن أكثر 15 عامًا من التدرّج الوظيفيّ.
أصدر رئيس السلطة، قرارًا رئاسيًّا بتعيين شقيق زوجة قاضي القضاة، محمود الهبّاش، مساعدًا لقاضي القضاة بدرجة (A1)، أي بدرجة وكيل، ليقفز بذلك عن أكثر 15 عامًا من التدرّج الوظيفيّ.
وأصدر رئيس السلطة، قرارًا رئاسيًّا رقم (72) لسنة 2024، نشر في العدد الأخير (219) من الجريدة الرسميّة الفلسطينيّة، بتعيين "خالد يوسف محمود بارود"، مساعدًا لقاضي القضاة، بدرجة (A1)، أي بدرجة وكيل، وهي أعلى درجة في الفئة العليا من الوظيفة العموميّة في فلسطين.
وتواصل "الترا فلسطين" مع خالد بارود، إلّا أنّه أغلق الهاتف بعد سماع سؤال مراسلنا، ولم يستجب للاتّصالات بعد ذلك، دون أن ينكر هذا التعيين الصادر بقرار رسميّ، أو صلة القرابة مع "الهبّاش".
وأفاد مصدر خاصّ مطّلع لـ"الترا فلسطين"، أنّ خالد بارود هو شقيق زوجة قاضي قضاة فلسطين، محمود الهبّاش، وقد تم تعيينه في هذه الوظيفة من مدير عامّ إلى وكيل، بعد تجاوز الدرجة الوظيفيّة الوكيل المساعد، ودون التدرّج الرسميّ قبل الوصول إليها، وبحسب الإجراءات القانونيّة.
وأوضح المصدر، أنّ بارود ينحدر من قطاع غزّة، وعندما انتقل إلى العيش في الضفّة الغربيّة تم تعيينه بدرجة مدير عامّ لديوان وزير الأوقاف، عندما كان الهبّاش يشغل منصب وزير الأوقاف.
وأضاف المصدر، أنّه انتقل بعدها إلى مكتب الرئاسة، وتم تعيينه مستشارًا، واستمرّ بنفس الدرجة الوظيفيّة قبل أن يعيّن مساعدًا لقاضي القضاة بدرجة وكيل، دون أن تخضع هذه الوظيفة لتعليمات الحكومة الجديدة بشأن تعيين الوكلاء الجدد، من حيث المنافسة على المنصب والوصف الوظيفيّ.
في السياق، أكّد مستشار الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، عزمي الشعيبي، بأنّهم سيتابعون الموضوع مع الجهات الرسميّة المختصّة، "فهذا القرار يعتبر خروجًا واضحًا وفجًا عن سياسة الحكومة الجديدة المعلنة لضبط التعيينات وترشيدها في الوظيفة العامّة، ويتعاكس مع ما أعلنته الحكومة، بأنّها ستقلّل فاتورة الرواتب" حسب قوله.
وبيّن عزمي الشعيبي لـ "الترا فلسطين"، أن هذا الإجراء ليس له علاقة بالاحتياجات الوظيفيّة بالدائرة الّتي نقل إليها، وإنّما لاحتياجات شخصيّة لقاضي القضاة، حيث أنّ الطريقة الّتي تمّ فيها التعيين، تنطوي على تضارب في المصالح، كون أنّ "الوظيفة عالية ومهمّة، وعيّن فيها قاضي القضاة شقيق زوجته".
من جانبها، قالت منسّقة العمليّات في الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، هامّة زيدان، إنّ ائتلاف أمان لم يطّلع على تفاصيل هذا التعيين، ولكن يمتلك موقفًا واضحًا وصريحًا من التعيين في الوظيفة العموميّة.
وأضافت هامّة زيدان لـ"الترا فلسطين"، أنّ موقفهم واضح، وهو أنّ القانون الأساسيّ يكفل حقّ التنافس في تبوّأ المناصب العامّة، وهذا الحقّ يجب أن يكون مفتوحًا للجميع.
وتابعت زيدان، أنّه يجب أن يكون هناك وصف وظيفيّ، وتوضيح لأيّ شخص يشغل منصبًا عامًا، وأن تخضع الوظيفة للمنافسة العامّة.
وقام موقع "الترا فلسطين"، بمراجعة عامّة لصفحة ديوان قاضي قضاة فلسطين الرسميّة على موقع "فيسبوك"، خلال آخر 3 أشهر، ولم يجد فيها أيّ إعلان عن وظيفة لمنصب مساعد لقاضي القضاة، وإنّما كانت أغلبيّة المنشورات تتعلّق بلقاءات سياسيّة للهبّاش، عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولا علاقة لغالبيّتها بأنشطة ديوان قاضي القضاة.
كذلك حاول "الترا فلسطين" الوصول إلى الموقع الإلكترونيّ الرسميّ لديوان قاضي القضاة المعلن عبر مجلس الوزراء الفلسطينيّ للتأكّد من وجود إعلان حول هذه الوظيفة، إلّا أنّ الموقع كان معطّلًا.
ونشرت الجريدة الرسميّة "الوقائع"، عدّة قرارات رئاسيّة أصدرها رئيس السلطة الفلسطينيّة عبّاس، يعيّن بموجبها ستّة وكلاء وزراء جدد، وهم: بدر الحوامدة وكيلًا لوزارة الزراعة، ومكرم دراغمة وكيلًا لوزارة الأشغال العامّة والإسكان، ومحمود سعادة وكيلًا لوزارة التخطيط والتعاون الدوليّ، وطه إيرانيّ وكيلًا لوزارة التنمية الاجتماعيّة، ومحمّد حمدان وكيلًا لوزارة المواصلات، وبثينة سالم وكيلة لوزارة شؤون المرأة. كما قرّر رئيس السلطة، تعيين زياد الميمي رئيسًا لسلطة المياه خلفًا لمازن غنيم.
كما أصدر عبّاس قرارًا رئاسيًّا بتعيين مدير عامّ الشرطة، علام السقّا، عضوًا في مجلس أمناء جامعة الاستقلال، وترقية العميد محمّد دعاجنة إلى رتبة لواء وتعيينه قائدًا للحرس الرئاسيّ، وتعيين اللواء منير الزعبي، القائد السابق للحرس الرئاسيّ، مستشارًا لرئيس الدولة للشؤون العسكريّة، وإبراهيم جادو قاضيًا في المحكمة الابتدائيّة الشرعيّة.
عزمي الشعيبي: هذا القرار يعتبر خروجًا واضحًا وفجًا عن سياسة الحكومة الجديدة المعلنة لضبط التعيينات وترشيدها في الوظيفة العامّة، ويتعاكس مع ما أعلنته الحكومة، بأنّها ستقلّل فاتورة الرواتب
ويرى مراقبون بأنّ هذه القرارات تتعارض مع سياسة الحكومة الجديدة وتعهّداتها أمام الدول المانحة، بترشيد النفقات وخفض فاتورة الرواتب، لا سيّما أنّ السلطة الفلسطينيّة تمرّ بأزمة ماليّة خانقة لا تستطيع بموجبها صرف فاتورة الرواتب كاملة للموظّفين العموميّين، منذ ما قبل 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، وحرب الإبادة الجماعيّة في قطاع غزّة.
وفي 20 تموز/يوليو، قالت المفوّضية الأوروبية إنّها ستقدّم 400 مليون يورو كدعم ماليّ طارئ للسلطة الفلسطينية، على شكل منح وقروض، على ثلاث دفعات، وربطتها بتنفيذ إصلاحات. حينها، أوضحت المفوّضية في بيان، أنّها وقّعت خطاب نوايا مع السلطة الفلسطينية يحدد استراتيجية تهدف لمعالجة موقفها المالي وميزانيتها. وأشارت إلى أن توقيع الاتفاقية مع السلطة الفلسطينية يأتي وسط مخاوف من احتمال انهيار السلطة، مع تفاقم وضعها الماليّ الحرج.
وفي 9 أيلول/سبتمبر، أكدت مصادر متطابقة، من السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي، لـ"الترا فلسطين"، أن المفاوضات حول إصلاحات السلطة الفلسطينية لم تنته، وإنما رُحِّلَت الأزمات حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، وهو موعد الدفعة الثالثة المقررة ضمن المساعدات الأوروبية إلى السلطة الفلسطينية. ووقتها، قال دبلوماسي أوروبي لـ "الترا فلسطين"، إن تحويل الدفعة الثانية من المساعدات الأوروبية "لا يعني أن كل شيء على ما يرام، لكننا نريد إعطاء فرصة أكبر للحكومة الفلسطينية للمضي قُدمًا في الإصلاحات التي وعدت بالقيام بها، ووقعت عليها".