18-يوليو-2017

طوابع بريديّة من بريطانيا وإيرلندا وفرنسا، وأخرى للسلطة الفلسطينيّة، وعملاتٌ معدنيّة عثمانيّة ومصريّة تم تداولها في فلسطين على مدار حقب مختلفة، وعملات معدنيّة وورقيّة من مختلف الدول، بالإضافة لقطع نقود تعود للعصر الروماني والبيزنطي والأيوبي، هذه كلها ستجدونها بحوزة "رابطة جمع العملات والطوابع" في قطاع غزة.

جمع الطوابع والعملات هواية يتحدث عنها أصحابها كثيرًا، لكنها في قطاع غزة تجاوزت ذلك، ليشكل المهتمون بهذا المجال رابطة متكاملة، هدفها جمع العملات والتعريف بها باعتبارها، كما يقولون، أعمالاً فنيّة، تقوم فكرتها على توعية الجمهور الفلسطيني بالأهميَّة التاريخيّة للعملات والطوابع الفلسطينيّة والأجنبيّة الوافدة منها على حدٍ سواء.

رابطة فلسطينية لتجميع العملات والطوابع البريدية تنشط في قطاع غزة، وتتبادل الطوابع مع هواة ومهتمين خارج فلسطين

محمد الزرد أمين عام الرابطة بيّن لـ"ألترا فلسطين"، أنها بدأت مجموعة صغيرة من خلال موقع فيسبوك، ثم تطورت لعقد اجتماعات شخصية بتنسيق مسبق، حتى وصل عدد أعضائها 30 مهتمًا حتى الآن.

اقرأ/ي أيضًا: صور | كلاب مدللة في غزة

ويُمكن اعتبار السابع من أيار/مايو 2015 تاريخ ولادة الرابطة، لكن جمع بعض الطوابع والعملات الموجودة حاليًا جرى على مدار فترة زمنيّة امتدت لأكثر من 40 عامًا. وتتوقف قيمة العملة المُختارة على عاملين هُما "حالتها ومدى سهولة الحصول عليها"، وأكثر العملات قيمة بينها هي العملات غير المتداولة والنادرة الوجود والتداول.

وتُقسم العملات في معرض الرابطة إلى زاويتين، الأولى للعملات النقديّة المعدنيّة والورقيّة التي استخدمت في فلسطين على مر العصور والحكومات المتعاقبة، فيما تختص الزاوية الثانيّة بالطوابع الفلسطينيّة والعالميّة.

وبدأ تجميع هذه العملات من خلال الإعلان عن توافرها مع المهتمين؛ وعرض صور لها كخُطوة أولى، ومن ثَمَ تبادُلها داخليًا، أو العمل على تبادلها مع الوافدين العرب في دول الخليج، وهذه الآلية كانت بداية مشوار الهاوي عبد الرحمن القدرة الذي انضمَ للرابطة مؤخرًا.

يبين القدرة، أن عملية التبادل تطوّرت فيما بعد لتتم عبر محلات الصرافة والبائعين في سوق العملة، وسط مدينة غزة وحول العالم، ما أوجد ترابطًا متينًا بين الهواة، وهذا ساهم في تشكيل الرابطة فيما بعد.

ويشرح القدرة أن الحصار الاسرائيلي يؤثر سلبًا على عملية تنقل الهواة لحضور المعارض الخارجيّة، إضافة إلى أن البريد الفلسطيني لا يسمح بدخول العملات والطوابع، ويقوم بتفتيش دقيق قد يؤدي إلى إرجاع أي طوابع إلى المصدر، ولا يسمح لها بالدخول إلى القطاع.

ويعتبر أعضاء الرابطة، جمع الطوابع والعملات النقديّة حدثًا ثقافيًا هامًا، فهي لهم بمثابة اجتماع لسفراء العالم، فكل طابع بريدي أو عملة يحمل رسالة في نقوشه أو رسوماته، مشكلاً تاريخًا متكاملاً عن بلده بكافة أركانه وملامحه المعماريّة والاقتصاديّة.

"ألترا فلسطين" توجه إلى الإدارة العامة للبريد بوزارة الاتصالات بغزة، لمعرفة تفاصيل عملية الجمع، باعتبارها أحد أهم المتخصصين بمجال العملات والطوابع البريديّة الفلسطينيّة. قابلنا مدير الخدمات البريديّة منذر كراز، الذي أكد أن وجود مثل هذه الرابطة، يُعد فرصة مهمة لتبادل الخبرات بين هواة جمع الطوابع والعملات المحليين، في وقت لا تسمح فيه القيود على المعابر بنقل هذه المعارض للمشاركة خارجيًا.

يذكر أن البريد الفلسطيني تأسس سنة 1840 وهي فترة الحكم العثماني، وتوسع عمله تدريجيًا عبر افتتاح سبعة مكاتب بعد تسع سنوات في كل من "القدس، نابلس، غزة، يافا، بيت لحم، طبريا، الخليل"، وكانت أولى إرسالياته التبادليّة بين فلسطين ومصر في عام 1859.

البريد الفلسطيني لا يسمح بدخول العملات والطوابع لقطاع غزة، ويقوم بتفتيش دقيق قد يؤدي إلى إرجاع أي طوابع إلى المصدر

أما مدير الإدارة العامة في الوزارة رياض عودة فبيّن لنا، أن المجموعات التي طرحتها الوزارة منذ عام 2009؛ وبلغ عددها 32 مجموعة بريديّة، فقد جسدت مواضيع مختلفة أبرزت المعالم والآثار والنباتات والطيور الفلسطينيّة.

وأضاف عودة، أن البريد الفلسطيني يكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني عبر مجموعة الرسائل التي يحملُها، من خلال توحيد الجهود الراميّة لتثبيت زيف رواية الاحتلال حول أرض فلسطين التاريخيّة.

ولا توجد أعداد رسميّة لهواة جمع العملات والطوابع البريديّة في غزة، بسبب غياب أي سياسة حكوميّة لدعم الهوّاة والمهتمين؛ كإنشاء معرض دائم لمقتنياتهم، باعتبار أن هذه الطوابع والعملات جزء من الهويّة والتاريخ الفلسطينيين، اللذين ينبغي المحافظة عليهما، كما يُعبّر أعضاء الرابطة.

وبالعودة للرابطة، يشير القدرة إلى أن "إسرائيل" تجمع العملات الفلسطينيّة القديمة، وتحديدًا تلك التي صدرت قبل عام 1948 بمبالغ طائلة وخياليّة، بما فيها الجنيه الصادر في 20 نيسان/أبريل 1939 (إبان الاحتلال البريطاني) ويحمل صورة القدس في إحدى وجهيه، وصورة حصن قديم في وجهه الآخر، علمًا أن هذه العملة كُتبت باللغة العبرية، بسبب الاحتلال البريطاني.

الستيني محمد عنان، مهتم بجمع الطوابع منذ 33 عاما، بدأت قصته مع أول طابع بريدي اقتناه كهديّة مُقدمة من صديق له يقطن مدينة عكا في الداخل المحتل. يقول عنان: "أول ألبوم كامل جمعتهُ للطوابع البريديّة عام 1991، واليوم أفتخر بأني أقتني ما يزيد عن 33 ألف طابع بريدي، قمتُ بتجميعها عبر طرق مختلفة بمساعدة أصدقاء في الخارج".

الألبوم البريدي الذي جمعه عنان عبارة عن طوابع لحضارات اندثرت، وأخرى لشخصيّات وأماكن ومعارك تاريخيّة متعددة. وعند سؤاله عن أهم العقبات التي واجهها أثناء عمليّة التجميع، أوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع دخول أي طابع يحمل صورة أو رسمًا مُعينًا يُدلل على القضية الفلسطينيّة، ويعطي أمرًا بمصادرته فورًا.

ويبقى هواة جمع العملات والطوابع البريدية في قطاع غزة ينشطون في الظل تمامًا، ما لم تتكاتف الجهود لإيجاد سياسة تُنظم عملهم وتقوم بدعمهم وتشجيعهم.


اقرأ/ي أيضًا: 

رستو كافيه في غزة.. كيف دخلت رغم الحصار؟

خفايا لقاء عباس بالسيسي.. ماذا خبأت الابتسامات؟

أهل غزة للإسرائيليين: "المجاري" علينا وعلى أعداءنا