15-يونيو-2024
عيد الأضحى في غزة

صلاح خطاب، يحمل أضحية في سوق المواشي (الترا فلسطين)

ما أن انعقد سوق المواشي في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، حتى عاد سريعًا بعد أقل من ساعتين إلى إغلاق أبوابه، بعدما انصرف التجار يجرون أغنامهم وخرافهم، بسبب انعدام إقبال المواطنين على شراء الأضاحي، نتيجة الارتفاع غير المسبوق في تاريخ أسواق قطاع غزة.

أسعار الأضاحي ارتفعت خمسة أضعاف سعرها الطبيعي، فارتفع سعر كغم الخراف من 5 دنانير أردنية إلى 25 و30 دينارًا

يحيى أبو منديل (55 عامًا)، تاجر أغنام منذ 30 عامًا، يقول إنه "لم يشهد سوق حلال بمثل هذا السوء"، مؤكدًا أن أسعار الأضاحي أيضًا لم تصل في قطاع غزة إلى ما وصلت إليه هذه السنة.

وبيّن يحيى أبو منديل لـ"الترا فلسطين"، أن أسعار الأضاحي ارتفعت خمسة أضعاف سعرها الطبيعي، فارتفع سعر كغم الخراف من 5 دنانير أردنية إلى 25 و30 دينارًا، فيما ارتفع سعر رطل الأعلاف من 7 إلى 25 شيكلًا.

وقال: "الخروف الذي كان يبلغ ثمنه العام الماضي ألف شيكل (330 دولارًا أميركيًا تقريبًا) بات اليوم ثمنه خمسة آلاف شيكل (1400 دولار تقريبًا)، وبعض الخراف يصل سعرها إلى 10 آلاف شيكل، وذلك بحسب الوزن".

سوق الحلال في غزة

وأرجع يحيى أبو منديل غلاء الأسعار إلى الحصار الإسرائيلي، ومنع قوات الاحتلال دخول الماشية والأعلاف من المعابر إلى قطاع غزة، منذ إطلاق إسرائيل حربها على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

سليمان أبو شنار (53 عامًا)، نازح من شمال قطاع غزة، شاهدناه في سوق المواشي ينادي في بعض الزائرين القلائل الذين أتوا إلى سوق المواشي في محاولة منه لبيع بعض الخراف، حتى لا يعود إلى مكان نزوحه خالي الوفاض.

يقول سليمان أبو شنار، إنه في الأعوام الماضية كان يبيع 150 رأسًا من الخراف والأغنام، لكن هذا العام لم يتمكن من بيع رأس واحد، "على الرغم من أننا على بعد يومين من عيد الأضحى"، بحسب قوله.

وتابع، "الناس بتسأل وبتمشي وما في حد بشتري بسبب ارتفاع الأسعار بصورة جنونية وغير مسبوقة في تاريخ أسواق قطاع غزة، فالرأس الضعيف والهزيل يبلغ ثمنه ألف دولار على أقل تقدير".

وبين سليمان أبو شنار، أن الماشية المتوفرة في أسواق قطاع غزة قليلة، وهي ماشية بلدية وغير مستوردة، أما الماشية المستوردة، خاصة العجول، فقد نفدت تمامًا من أسواق القطاع.

الماشية المتوفرة في أسواق قطاع غزة قليلة، وهي ماشية بلدية وغير مستوردة، أما الماشية المستوردة، خاصة العجول، فقد نفدت تمامًا

يؤكد أبو شنار  أن هذا الغلاء يرجع إلى إغلاق المعابر منذ تسعة شهور، وموت عدد كبير من الماشية خلال الحرب، منوهًا أنه خسر 50 رأسًا من الماشية في شمال قطاع غزة، بعدما لم يتمكن من اصطحابها إلى جنوب القطاع بسبب القصف الإسرائيلي.

وفي أحد زوايا سوق المواشي، وقف الشاب صلاح خطاب (36 عامًا) خلف صندوق كبير بداخله مجموعة من الأغنام المميزة بخشمها البارز وعيونها الواسعة، وعبثًا يحاول جذب الزبائن لبيع شيء من ماشيته.

عيد الأضحى في غزة

يقول صلاح خطاب، إنه في مثل هذا اليوم من العام الماضي، تمكن من بيع 40 رأس، أما اليوم فلم يبع أي رأس، "الناس بتسأل وبتمشي، لأنها ما معها مصاري أو سيولة نقدية" أضاف صلاح.

ويوضح صلاح خطاب أنه بدأ العمل في سوق المواشي مع والده منذ أن كان عمري (16 عامًا)، ولم يشاهد سوق المواشي منذ ذلك الحين بهذه الأسعار وبهذا الضعف الشديد.

وتابع، "الناس بعد أكثر من ثمانية شهور من الحرب بالكاد قادرة على توفير وشراء الاحتياجات الأساسية لأطفالها. لقد لاحظت الحسرة والألم في عيون الناس، بالفكل نفسه يشتري ويضحي لكن الجميع عاجز عن الشراء".

وخلال جولتنا في سوق المواشي، شاهدنا الخمسيني رامي الحاج متنقلًا بين تاجر وآخر برفقة أحد أصدقائه، يسأل عن أسعار الخراف في محاولة للحصول على سعر مقبول لشراء أضحية. يقول رامي الحاج إنه اعتاد منذ سنوات طويلة على شراء أضحية في كل عيد أضحى برفقة والده برفقة والده المسن، الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم البريج وسط قطاع غزة.

أما هذا العام، فلم يتمكن رامي الحاج من شراء أضحية، "بسبب الغلاء الفاحش، فالأضحية التي كنت أشتريها العام الماضي بألف شيكل بات اليوم ثمنها 5 آلاف شيكل".

وتابع الحاج، "منذ افتتاح سوق الحلال بذلت كل جهدي لشراء أضحية متوسطة الحجم لكن دون فائدة. هذا شيء محزن مؤلم جدًا لي، فهذا هو العام الأول الذي لن أضحي فيه منذ سنوات طويلة".

يشير رامي الحاج إلى أنه فقد والده وابنته في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كما فقد منجرته التي كانت مصدر رزقه الوحيد، ويستدرك، "لكن الحمد لله على كل حال ونتمنى من الله أن يتقبل منا تضحيتنا وأن تنتصر المقاومة".