24-أكتوبر-2018

ينطلق الشاب محمد عبد العال (29 عامًا) برفقة قريبه عبد المنعم (28 عامًا) صباح كل يومٍ عبر دراجته النارية إلى المناطق الحدودية شرق مدينة غزة وشمالها لممارسة هواية الصيد التي ورثاها عن والديهما، وكلهما أمل بالظفر بصيد أرنب بري وأنواع أخرى من الطيور البرية.

يحرص محمد وعبد المنعم خلال رحلتهما على اصطحاب "أغراض الطشة" كما يحبان تسميتها، وهي طنجرة الضغط وصبابات القهوة والشاي، وقليل من الملح والتوابل وأسياخ الشوي، لطهي وشواء ما يوفقا في صيده في أجواء الطبيعة.

صيد أرنب بري بالنسبة لي هو صيدٌ ثمينٌ كون أن أعداد هذه الأرانب قليلة ونادرة جدًا

"صيد أرنب بري بالنسبة لي هو صيدٌ ثمينٌ كون أن أعداد هذه الأرانب قليلة ونادرة جدًا، عدا عن أن أماكن تواجدها في أغلب الأحيان يكون بالقرب من السياج الفاصل مع الاحتلال وهو ما يعرض حياتنا للخطر إن حاولنا الذهاب إلى هناك خاصة في ظل أحداث مسيرات العودة" يقول محمد.

اقرأ/ي أيضًا: غزال الجبل الفلسطيني: ارحموني

يشاركنا عبد المنعم الحديث قائلاً: "الأرنب البري اختفي من الأماكن الغربية في مدينة غزة بفعل الزحف العمراني وزيادة حركة السكان، لذا نلجأ إلى بعض المناطق الحدودية الشرقية الآمنة بعض الشيء للبحث عنه".

[[{"fid":"75353","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":480,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

[[{"fid":"75354","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":640,"width":352,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

رحلة البحث عن الأرنب البري قد تمتد لعدة أيام، وفيها يدقق محمد وعبد المنعم النظر جيدًا في الكثبان الرملية بحثًا عن آثار أقدامه، وبعد التأكد من تواجده في المكان يقومان بإحداث ضجة لدفعه للخروج من مخبئه ثم اصطياده ببندقية الصيد "خرطوش".

ويستذكر عبد المنعم مرافقته لوالده وأعمامه قبل عشر سنوات في رحلات صيد الأرانب على حدود قطاع غزة، فيقول: "كان الصيد متوفرًا وكنا نصطاد في اليوم الواحد ما يقارب 10 أرانب، وفي بعض الأحيان كنا نهدي جيراننا عددًا منها".

"لحمه طيبٌ جدًا. ولا في أزكى من هيك! خاصة لما تعمله على فتة أو على كبسة" يقول محمد في وصف طعم الأرنب البري، وقد نجح في اصطياد ثمانية منه خلال رحلات صيده، بينما نجح أشقاؤه في صيد أعداد أخرى.

وينفي محمد وعبد المنعم أن يكون الصيد هو أحد أسباب ندرة وجود الأرنب البري في طبيعة قطاع غزة، بل يعتقدان أن الزحف العمراني، وعمليات التجريف الإسرائيلية على الحدود، ووضع المزيد من السواتر الترابية والأسلاك الشائكة هي التي تسببت بذلك.

يدلل محمد على ذلك بالقول إن الصيادين في غزة عددهم قليل، "وفي كل شهر نصطاد أرنب أو اثنين فقط، عدا عن أن أعداد هذا الحيوان متواجدة بكثرة داخل الأراضي المحتلة وتتكاثر هناك باستمرار".

قبل سنوات كان بالإمكان صيد 10 أرانب يوميًا في غزة، أما الآن فليس أكثر من أرنب أو اثنين شهريًا

ويصف عبد المنعم عملية صيد الأرنب بأنها صعبةٌ جدًا وتحتاج إلى خبرة كبيرة وتركيز عالٍ، نظرًا لسرعته الفائقة، ولأنه حيوان حذر، وفي كثير من الأحيان يفلت منا قبل لحظات من الوصول إليه. "احنا بنصيد الأرنب للأكل مش للرزقة والبيع، عمرنا ما بعنا أي صيد، هيك تعلمنا من كبارنا اللي ورثنا عنهم هذه الهواية من يوم ما وعينا على الدنيا" أضاف عبد المنعم.

اقرأ/ي أيضًا: الحساسين في غزة.. تجارة رابحة وانقراض متوقع

ويستذكر معالي الترك (45 عامًا) مشاركته قبل 20 سنة إلى جانب عددٍ من أبناء جيرانه في رحلات صيد الأرنب البري في المناطق الخضراء بالقرب من مستوطنة "نتساريم" المقامة وسط القطاع آنذاك، مبينًا آلية الصيد بنصب جدارٍ من الشباك بشكلٍ دائريٍ حول الأراضي الزراعية، ثم إحداث ضجة تدفع الأرانب إلى الخروج من مخبأها والوقوع في الشباك.

يقول الترك: "في كل رحلة كنا نتمكن من صيد بضعة أرانب، وكنا نقوم بذبحها مباشرة ونجهزها للشواء في أجواء الطبيعة، فطعمها لذيذ لأنها ترعرعت في الطبيعة".

عبد الفتاح عبد ربه، أستاذ العلوم البيئية المشارك في قسم الأحياء بالجامعة الإسلامية بغزة، أكد أن ثالوث الزحف العمراني، والاحتلال الإسرائيلي، والصيد الجائر، يقف جميعه خلف تناقص أعداد الأرانب البرية في قطاع غزة حتى أصبحت مهددة بالاختفاء والانقراض.

وأشار عبد ربه إلى أن الأرانب البرية كانت قبل ثلاثة عقود متواجدة بكثرة في البساتين والكثبان الرميلة المنتشرة في أنحاء قطاع غزة، إلا أن وضعها اليوم أصبح كارثيًا "وأخشى أن يأتي يوم نفقدها فيه".

الأرانب البرية من أكبر الثدييات الموجودة في غزة، وهي جزءٌ أساسيٌ من التوازن الطبيعي والبيولوجي في فلسطين

وبيّن أن الأرانب البرية يتراوح وزنها ما بين 3 لـ 4 كغم، وتمثل جزءًا أساسيًا من التوان الطبيعي والبيولوجي في فلسطين.

وأعرب عبد ربه عن أسفه لعدم تطبيق قوانين حماية الحياة البرية في قطاع غزة، مؤكدًا أن تطبيق هذه القوانين يقع في آخر الأولويات والاهتمامات العامة في ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه سكان قطاع غزة.

وأضاف، "حتى حملات التوعية والإرشاد تحتاج إلى ميزانية وفرق عمل، لذا نلجأ إلى التوعية الفردية خلال المحاضرة الجامعية وعبر النشر في مواقع التواصل الاجتماعي"، مشددًا على أن حماية الحياة البرية "واجب أخلاقي وديني يجب أن نعتز به، خاصة أننا نعيش في وطن محتل يعاني من ظلم الاحتلال".

وكان الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد البيئية أكد في تقرير له قبل سنوات، أن 161 نوعًا من الحيوانات البرية في فلسطين يهددها الفناء، من بينها 18 نوعًا من الثدييات.


اقرأ/ي أيضًا: 

سردين غزة غذاء لفقرائها.. ماذا عن الصيد الجائر؟

بالصور | الببغاء في فلسطين مهاجرة.. ما هو أصلها؟

فيديو | الغزال الفلسطيني لا يستسلم.. مطاردة ساخنة مع ذئب