01-فبراير-2022

في إحدى البلدات شمال مدينة رام الله، تبيع صيدليةٌ الفحص الذاتي الخاص بفايروس كورونا بسعر 45 شيقل. وعلى بعد 200 متر منها صيدلية أخرى تبيع نفس الصنف من الفحص بسعر 30 شيقل. وإذا واصلت السير في نفس البلدة ووصلت إلى المركز الصحي الذي يبعد عن الصيدلية الثانية أقل من 50 مترًا، فالطبيب في المركز يجري لك الفحص المنزلي بسعر 100 شيقل.

يقول صيدلاني، إن عدة أصناف من الفحص المنزلي تباع في الصيدليات وتعرض عليهم من الشركات والموزعين يوميًا

يقول صيدلاني، إن عدة أصناف من الفحص المنزلي تباع في الصيدليات وتعرض عليهم من الشركات والموزعين يوميًا، موضحًا أن بين هذه الفحوصات ما يباع بسعر 15 شيقل وهو الأرخص، ومنها ما هو بسعر 20 شيقل، والنوع الألماني الجيد (حسب رأيه) يباع بسعر 30 شيقلاً، وهناك فحص آخر يصل سعره إلى 65 شيقل.

أحد أشهر محلات السوبر ماركت في مدينة رام الله عرض قبل أيام حزمة فحوصات كورونا بسعر 100 شيقل، لكنه سحب الإعلان من صفحته لاحقًا.

وحصل الترا فلسطين على تعميم من وزارة الصحة للصيدليات صادر بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير الجاري، جاء فيه أنه لا يوجد في فلسطين إلا نوع واحد من الفحوصات المنزلية مرخص من قبل وزارة الصحة الفلسطينية، وهو "Panbio" من إنتاج شركة "Abbott" الأمريكية، لكن مدير عام الخدمات الطبية المساندة في وزارة الصحة أسامة النجار أكد لـ الترا فلسطين، أن هناك نوعًا آخر تم إقراره، لكن لم يصدر بشأنه تعميم إلى الصيادلة حتى نشر هذا التقرير.

وأفاد صيادلة لـ الترا فلسطين، أنه حتى الآن فحص "Panbio" قليل الانتشار، ويتراوح سعر بيعه بشكل عام بين 35-45 شيقلاً، ولكن هناك 10 أصناف أخرى منتشرة أشهرها "الألماني"، ولا توجد رقابة على أسعارها جميعها بما فيها المرخص، وتباع بين 25 إلى 40 شيقل.

ويؤكد الصيادلة، أنه لا تتوفر أي معلومات حول دقة هذه الفحوص "غير المرخصة"، ولا ترسل نتائج الفحوصات من خلالها إلى وزارة الصحة، وبالتالي لا يمكن تتبع الحالات المصابة التي قامت بإجراء اختبارات الفحص بهذه الفحوصات "غير المرخصة".

في "إسرائيل"، يوجد 32 فحصًا مرخصًا، ويباع "Panbio" -المرخص فلسطينيًا- بسعر أقل من السوق الفلسطيني بحدود 20 شيقل، وفق ما رصدناه لدى ثلاث صيدليات تبيع نفس الفحص في مدينة القدس المحتلة.

في "إسرائيل"، يوجد 32 فحصًا مرخصًا، ويباع "Panbio" -المرخص فلسطينيًا- بسعر أقل من السوق الفلسطيني بحدود 20 شيقل

هناك فحوصات أخرى بيعت في "إسرائيل" بسعر 10 شيقل، ومنها ما وصل للسوق الفلسطيني بعد "تهريبها" من المدارس والمراكز الصحية (كوبات حوليم) في "إسرائيل"، حيث وزعت وزارة الصحة الإسرائيلية بداية العام الحالي 30 مليون فحص منزلي على هذه المدارس والمراكز.

وفي حين ترخص "إسرائيل" 32 فحصًا ما أدى لانخفاض أسعار هذه الفحوصات، فإنه ليس معلومًا لماذا لم ترخص وزارة الصحة الفلسطينية سوى فحص واحد مستورد من شركة التوريدات الطبية، وهي جزء من مجموعة شركات "ابيك" التي يُعتبر طارق عباس، نجل الرئيس محمود عباس من المساهمين فيها، وعضو في مجلس إدارتها أيضًا. كما أن الفحص الثاني الذي لم يتم تعميم ترخيصه مازال نوعه غير معلوم، وليس معلومًا أيضًا الجهة التي تقدمت بترخيصه.

من جانبه، يُعلق النجار بأن هناك نوعين اعتمدتهما وزارة الصحة، الأول من إنتاج ""Abbott الأمريكية، والثاني من إنتاج شركة من كوريا الجنوبية.

وأوضح النجار، أن النوعين تم إقرارهما من منظمة الصحة العالمية وتسجيلهما وتقييمهما، كما تم تقييمهما من قبل وزارة الصحة الفلسطينية والموافقة على استخدامهما.

وأضاف، أن الأنواع الأخرى الموجودة في السوق الفلسطيني يتم تهريبها من السوق الإسرائيلي وعرضها حتى في محلات السوبر ماركت، وهذا مخالف للقانون.

وزارة الصحة: تم إعلام مفتشي وزارة الصحة في كافة المحافظات لمتابعة هذا الموضوع وسحبها من الصيدليات، وهناك متابعة لكل المخالفين والمتاجرين في هذه الفحوصات

وأكد النجار، أنه تم إعلام مفتشي وزارة الصحة في كافة المحافظات لمتابعة هذا الموضوع وسحبها من الصيدليات وإعطاء مخالفات لكل من يتداول هذه الأنواع "غير المرخصة"، مبينًا أن هناك متابعة لكل المخالفين والمتاجرين في هذه الفحوصات، وهناك معلومات حول أماكن تخزينها وكيف يتم إدخالها من "إسرائيل" إلى مناطق السلطة الفلسطينية، "رغم أن بعضها ممنوع في إسرائيل".

وأفاد النجار بأن وزارة الصحة لا تتوفر لديها معلوماتٌ حول الأسعار، فهي تسعر خدماتها الخاصة فقط، منوهًا أن بإمكان المواطنين إجراء الفحص مجانًا في مراكز وزارة الصحة.

من جانبه، أوضح الخبير في الرعاية الصحية شداد عبد الحق، إن الفحص يعتمد على مسحة أنفية توضع في سائل مذيب، وبعدها يتم تقطير5 قطرات من المحلول في شريط الفحص، وتظهر النتيجة الموجبة على شكل خطين متوازيين، في حين أن السالبة تكون بخط واحد، خلال 15 دقيقة.

ورأى عبد الحق، أن وزارة الصحة تأخرت في اعتماد الفحص المنزلي، لأنها لا ترغب في إتاحة المجال لإجراء الفحوصات منزليًا دون أن يكون بإمكانها تتبع الإصابات المسجلة، وهي الفكرة ذاتها التي تتبناها وزارة الصحة الأردنية.

يؤكد شداد عبد الحق أن هناك فحوصات غير مرخصة حتى في "إسرائيل" ووصلت للسوق الفلسطيني عن طريق التهريب أيضًا

وبيّن، أن الفحوصات المتوفرة في السوق الفلسطيني يُمكن تقسيمها إلى ثلاثة أصناف، الأول هو الفحص الذي تم اعتماده من طرف الوزارة، ويُنتظر في الساعات المقبلة إضافة فحص آخر له لكن لم تُعرف الشركة الموردة له، والثاني هي الفحوصات الحاصلة على ترخيص وزارة الصحة الإسرائيلية وتم تهريبها للسوق الفلسطيني، والثالثة هي فحوصات غير مرخصة حتى في "إسرائيل" ووصلت للسوق الفلسطيني عن طريق التهريب أيضًا.

وفي الوقت الذي توجد فيه فوضى في أسعار هذه الفحوصات، إلا أن دقتها تبدو جيدة وفق متابعة عبد الحق. كما أن النص القانوني لترخيص الأجهزة الطبية لا يُلزم الوزارة ولا نقابة الصيادلة بتحديد أسعار لهذه الفحوصات، "لكن ذلك لا يمنع أن يكون لها معدل محدد لا تتجاوزه" حسب قوله.

وأشار عبد الحق إلى أن دقة الفحوصات الذاتية تعتبر جيدة جدًا نسبة لفحوصات PCR، فقد وصلت إلى 85% حسب دراسات عالمية، إذ تكون أدق عند المرضى حاملي الأعراض، وتنخفض دقتها بالنسبة للمرضى الذين لا تظهر عليهم أي اعراض. ونوه أن وزارة الصحة الإسرائيلية نشرت نتائج مسح أجرته حول دقة هذه الفحوصات لأكثر من 49 ألف شخص، وقد جاءت نسبة التطابق 93% مع فحص PCR.


اقرأ/ي أيضًا: 

أوبئة غيرت وجه الحياة في فلسطين

الكارنتينا: تاريخ الحجر الصحي في فلسطين