01-يناير-2022

Sameh Rahmi/Getty

الترا فلسطين | فريق التحرير

انطوت أحداث سنة 2021 التي شهدت أحداثًا كبيرة متداخلة، منها ما جاء في سياق فلسطيني داخليّ، وغالبيتها في إطار مواجهة الاحتلال الإسرائيليّ.

فبعد 2020، وصل الفلسطينيون 2021 وقد أعياهم فايروس كورونا وما خلّفه من تبعات قاسية اقتصاديًا واجتماعيًا، إليكم بعض أهمّ أحداث العام المنصرم، والتي كان أهمّها العدوان الإسرائيليّ على غزة، وقتل عناصر من الأمن الوقائي للمعارض نزار بنات، وانتزاع ستة أسرى حريتهم من سجن جلبوع.


الانتخابات وإلغاء بنكهة التأجيل 

أصدر الرئيس محمود عباس منتصف الشهر الأوّل من 2021 قرارًا بتحديد موعد إجراء الانتخابات التشريعية (أيار/ مايو) والرئاسية (تموز/ يوليو) والمجلس الوطني. استبشر الجميع خيرًا، وبدأ التجهيز للسباق الانتخابي الذي عوِّل عليه لإنهاء سنوات الانقسام التي حرمت الفلسطينيين من اختيار من يمثلهم خلال 16 عامًا. 

ظلّت الأمور تسير باتجاه عقد الانتخابات، ولكن قبيل بدء الدعاية الانتخابية، أصدر الرئيس عباس قرارًا بتأجيلها (أواخر نيسان/ ابريل)، بدعوى أن "إسرائيل" لم تسمح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة، الأمر الذي أثار موجة سخط وانتقادات واسعة. 


الشيخ جرّاح 

سعت "إسرائيل" لتهجير عائلات فلسطينية من حيّ الشيخ جراح في القدس المحتلة، بزعم أنّ الأرض المقام عليها البيوت تعود لمستوطنين وجمعيّات استيطانية.

بدأ المستوطنون زيادة وتيرة التضييق على أهالي الحيّ، شيئًا فشيئًا، سعيًا لتهجيرهم. واتّسع نطاق المناوشات بالتوازي مع حملة إلكترونيّة ضخمة عبر منصّات التواصل الاجتماعي للتعريف بالحيّ، ومأساة أهاليه في مواجهة منظومة الأمن والاستيطان والقضاء الإسرائيليي. وكان في مقدّمة الناشطين، ابنا الحيّ منى الكرد وشقيقها محمد.

نُظّمت حملات تضامن وحضور واسع لإسناد أهالي الحي، قادها فلسطينيون ونشطاء من القدس والداخل الفلسطيني، وفي المقابل كان المستوطنون ينظمون مسيرات استفزاز بحماية شرطة الاحتلال التي تمنع الفلسطينيين من الدخول إلى الحيّ، وتقمعهم بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والرصاص المطاطي. 

بلغت ذروة الأحداث في الأيام الأولى من شهر رمضان، إذ زادت الاشتباكات والمواجهات اليومية، وحاول المستوطنون الاستيلاء على منازل فلسطينية في الحيّ.


باب العامود واشتعال الفتيل

من المعروف أنّ لدرج باب العامود وسط القدس المحتلة مكانة خاصّة لدى أهالي القدس، وتتعزز هذه المكانة في ليالي شهر رمضان. حاولت شرطة الاحتلال منع الشبّان من الجلوس على أدراج باب العامود، بوضع متاريس حديدية، وملاحقة الشبان وإطلاق القنابل عليهم، واعتقال عدد منهم.

تكررت استفزازات الشرطة الإسرائيلية للشبان في القدس، محاولة بذلك فرض معادلة جديدة تحول دون تواجد الفلسطينيّ في المكان. لكنّ الفلسطيني أصرّ على التواجد، وبات مشهد المواجهات المشتعلة حدثًا يوميًا في ليل القدس الطويل، إلى أن فشلت المحاولة الإسرائيلية، وتدحرجت الأحداث بعد ذلك، للحدث الأهمّ بالنسبة للكل الفلسطينيّ في 2021. 


"سيف القدس"

كانت الأجواء محتقنة تمامًا في القدس، والفتيل على وشك الاشتعال، فالشيخ جرّاح يشهد مواجهات يومية وعائلات الحيّ على وشك الترحيل، ومنطقة باب العامود مشتعلة ليلًا، وعلى بعد أيّام ثمة دعوات استيطانيّة لاقتحام المسجد الأقصى (10 مايو/ أيار) احتفاءً بذكرى احتلال شرقيّ القدس، وفي داخل المسجد اقتحام إسرائيليّ واسع، ضرب للمعتكفين والمصلين، وإطلاق هستيريّ لقنابل الصوت والغاز. 

دخلت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة على خط المواجهة، بإطلاق رشقة صواريخ على مدينة القدس هي باكورة الرشقات في عمليّة "سيف القدس"، انطلقت صافرات الإنذار، وتفرّق المستوطنون الذين كانوا سيخرجون في مسيرة ضخمة. ليتبع ذلك قصف إسرائيليّ عنيف على قطاع غزة. 

أطلقت فصائل المقاومة أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ أحدثها (A120) الذي أطلق على القدس، وصاروخ (عياش 250) الذي استهدف مطار رامون في جنوب البلاد، ومداه 220 كيلومترًا، وطالت صواريخ المقاومة مناطق إسرائيلية أبعد، تم قصف "تل أبيب" وعسقلان، و"بيتح تيكفا".

استمرّت المواجهة 11 يومًا، ارتقى خلالها ما يزيد على مئتي فلسطيني نصفهم نساء وأطفال، واضطر نحو 30 ألفًا للنزوح عن مساكنهم، بعد أن طال القصف أبراجًا سكنية ضخمة دُمّرت بشكل كامل.


جبل صبيح 

مع نهاية 2021 تكون بلدة بيتا أتمّت شهرها الثامن في المواجهات الشعبية الرّافضة لوجود بؤرة "افيتار" الاستيطانية على جبل صبيح. 

قدّمت البلدة خلال المواجهات الشاملة التي بدأت منذ أيار/ مايو الماضي، 9 شهداء دفاعًا عن الجبل، ونحو أربعة آلاف جريح ومصاب، وأكثر من 60 معتقلًا، وتخللها فعاليّات إرباك ليليّ بمشاركة كافة أهالي البلدة. 


نزار بنات

استفاق الفلسطينيون على صدمة. كان صباح الخميس (24 حزيران/ يونيو). كثيرون قالوا إنهم لم يصدقوا ما قرأوه على شاشات هواتفهم بمجرد استيقاظهم. 

كانت قصاصة ورق صادرة عن محافظ الخليل، لا تحمل أي ترويسة أو ختم رسمي، تقول إنّه و"على إثر صدور مذكرة إحضار من النيابة العامة لاعتقال المواطن نزار بنات، قامت فجر اليوم قوة من الأجهزة الأمنية باعتقاله، وخلال ذلك تدهور حالته الصحية، وفورًا تم تحويله إلى مستشفى الخليل الحكومي، وتم معاينته من قبل الأطباء حيث تبين أن المواطن المذكور متوفي".

ضجّ الشارع الفلسطيني على عملية قتل بالعتلات وفق ما تبيّن بعد ذلك، وانطلقت تظاهرات احتجاجيّة في مدن عدّة أبرزها رام الله، قمعتها الأجهزة الأمنية، واعتقلت العشرات من المشاركين فيها.

حتى الآن، تجري محاكمة 14 عنصرًا فقط من جهاز الأمن الوقائي بتهمة قتل بنات، في الوقت الذي تشكك عائلة نزار وجهات حقوقيّة بجديّة إجراءات المحاكمة.


قنص جندي شرق غزة

كان يوم السبت (21 آب/اغسطس) حين اقترب فلسطينيّ من ثغرة في الجدار الإسرائيلي على الحدود شرق غزة، سحب مسدسّه، وأطلق النار، أصيب الجنديّ بارئيل شموئيلي (21 عامًا) بجروح حرجة في رأسه، وتوفي على إثرها بعد تسعة أيام.

وأظهرت مشاهد مصوّرة حدث إطلاق النار على الجندي الذي كان يقنص متظاهرين في الذكرى السنوية الـ52 لإحراق المسجد الأقصى، وقد أصيب يومها 41 متظاهرًا فلسطينيًا، استشهد اثنان منهم في وقت لاحق، أحدهما طفل.


الهروب الكبير وتحطّم "أسطورة" جلبوع

فجر الإثنين (6 أيلول/ سبتمبر) تمكّن ستة أسرى من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي بعد أن حفروا "نفق الحرية"، وتم اعتقالهم جميعًا بعد ذلك بشكل متفرّق، ويخضعون للمحاكمة الآن على خلفيّة هربهم من السّجن شديد التحصين.

والأسرى السّتة، الذين فرّوا من غرفة 5 في قسم 2، هم: محمود عارضة، ومناضل انفيعات، ومحمد عارضة، ويعقوب محمد قدري، وأيهم كمامجي، والخمسة من حركة الجهاد الإسلامي، بالإضافة لزكريا الزبيدي، قائد كتائب شهداء الأقصى سابقًا.

وقالت وسائل إسرائيلية في حينه إن ما حدث بينما كانت "إسرائيل" تستعدّ لعطلة رأس السنة العبرية، خطير، ومُحرج، وبمثابة فشل كبير، وسلسلة إخفاقات، وتساؤلات تحتاج إجابات.


عبّاس يُمهل "إسرائيل" 

في 24 أيلول/ سبتمبر، وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرر الرئيس محمود عباس إعطاء مهلة لسنة واحدة، قبل سحب الاعتراف بـ "إسرائيل". 

قال عبّاس في كلمته حينها إن النكبة الفلسطينية مضى عليها 73 سنة شرد فيها نصف الشعب الفلسطيني، ثم مضى 54 سنة على احتلال باقي الأرض الفلسطينية عام 1967، مشيرًا إلى أنه عمل طيلة حياته بالطرق السلمية وعبر العمل السياسي والدبلوماسي للتوصّل لحل سلمي مشرّف للمأساة الفلسطينية.

وأضاف أنه يعطي "إسرائيل" سنة واحدة للانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حدود 1967 خلال عام واحد فقط و"إلا لا معنى للاعتراف بإسرائيل".


حربٌ إسرائيلية على المؤسسات الأهلية الفلسطينية

أعلن وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، في 22 تشرين أول/ اكتوبر 2021، اعتبار 6 منظمات أهلية فلسطينية "منظمات إرهابية"، وحظر أنشطتها، بزعم أنها تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

والمنظمات التي شملها القرار هي: مؤسسة الحق، مؤسسة الضمير، لجان العمل الزراعي، مركز بيسان للأبحاث، اتحاد لجان المرأة، الحركة العالمية للدفاع عن الطفل.


لا رايات لحماس بالضفة

شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2021 تكرار قمع الأجهزة الأمنية لمسيرات استقبال أسرى، إذا تخللها رفع المشاركين فيها رايات لحركة حماس. 

الحدث "القشّة" الذي كان فارقًا في مسار الأحداث بهذا السياق، كان تشييع جثمان الوزير السابق والقيادي في حماس، وصفي قبها في مدينة جنين، حيث خرج مسلحون من كتائب القسام في التشييع الذي رُفعت فيه الكثير من رايات حركة حماس، وبمشاركة الآلاف. 

بعد ذلك بأسبوع، صدر قرار رئاسيّ بإجراء تنقلّات عقابية لقادة الأجهزة الأمنية في جنين، لغضّهم الطرف عن خروج مسيرة لحماس بهذا الحجم. وشملت التنقلات مدير جهاز المخابرات العامة، وقائد منطقة جنين في جهاز الأمن الوطني، ومدير جهاز الاستخبارات العسكرية، وكذلك مدير الأمن الوقائي. وفي حينه أكّدت مصادر متطابقة لـ "الترا فلسطين" أنّ السبب الحقيقي الذي يقف خلف التنقلات هو خروج عشرات المسلحين في تشييع القيادي في حركة حماس بمشاركة الآلاف من المشيعين.

وتوالت أحداث قمع مسيرات يحمل مشاركون فيها رايات لحركة حماس، في مدن البيرة وبيت لحم وطولكرم وفي أريحا، حيث أسفر ملاحقة عناصر الأمن لأحد المركبات عن انقلابها وإصابة من فيها، وتوفي أحدهم لاحقًا.


انتخابات محليّة 

شارك 64.79% في التصويت بالمرحلة الأولى من انتخابات الهيئات المحليّة الفلسطينية التي جرت في 154 هيئة محلية جرت فيها الانتخابات بالضفة الغربية. 

اللافت في الانتخابات التي جرت على الأكثر في مناطق "ج" وبعض المناطق المصنّفة "ب" وفق اتفاقية أوسلو، فوز كثير من القوائم بالتزكية، تليها القوائم العائلية والمستقلة، ولوحظ أنّ صناديق الاقتراع في بلدة جبع بجنين بقيت فارغة تمامًا دون أي أوراق اقتراع، بناءً على اتفاق بين أهالي البلدة، في خطوة احتجاج على مقتل الطالب مهران خليلية في شجار بمحيط الجامعة العربية الأمريكية.

ومن المقرر أن تجرى المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية يوم 26 آذار/ مارس المقبل، في 127 هيئة محلية.


لقاء عباس غانتس

علّق فلسطينيون رافضين للقاء الذي خُتم به عام 2021، وجمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بوزير جيش الاحتلال بيني غانتس، في منزل الأخير بمنطقة "راس العين" جنوب تل أبيب.قال المعلّقون على اللقاء إن المشهد لا يليق بالفلسطينيين وتضحياتهم، وأنهم شعروا بالضعف وامتهان الكرامة بعد سماعهم ما قاله عبّاس أثناء اللقاء، بأنه لا يعتزم تغيير سياسته في "محاربة الإرهاب" حتى لو وُضع المسدّس في رأسه.

وأفضى اللقاء الذي تخلله إهداء غانتس عبوة زيت زيت لعباس، عن "تسهيلات" وإجراءات لتعزيز الثقة بالسلطة ومعها. ونقلت صحيفة يديعوت عن مسؤول إسرائيلي أن اللقاء هدف لمنع انتفاضة، فيما قال وزير الشؤون المدنية الفلسطيني إن اللقاء بمثابة الفرصة الأخيرة قبل الوصول لطريق مسدود.


مناورات الركن الشديد

بالإضافة للمواجهة العسكرية التي خاضتها فصائل المقاومة في قطاع غزة في أيار/ مايو، اختتمت تلك الفصائل عام 2021، بتنفيذ مناورة عسكرية مشتركة أطلقت عليها اسم"الركن_الشديد 2"، تهدف لتبادل الخبرات ورفع الكفاءة والجاهزية القتالية لمواجهة مختلف التحديات والتهديدات.

وكانت الغرفة المشتركة للفصائل أطلقت في ديسمبر/ كانون الأول 2020 مناورات عسكرية مشتركة، لأول مرة، تحت اسم "الركن الشديد".


اقرأ/ي أيضًا:

"إسرائيل" في العام الذي يسبق 2022

هذا ما بحث عنه الفلسطينيون في 2021

14 مليون عدد الفلسطينيين مع نهاية 2021 نصفهم في الشتات