06-يناير-2018

الجدار الفاصل في محيط مدينة القدس - (Getty)

لا تزال الشابة إيمان عبيدات (36 عاماً) من بلدة السواحرة الشرقية، شرق مدينة القدس، عاجزة عن زيارة قبر والدتها التي توفيت في شهر آذار/مارس من العام الماضي، وريّه بقطرات ماء، ووضع بعض الزهور والنباتات الخضراء عليه، بسبب الجدار الفاصل الذي أقامته سلطات الاحتلال على أراضي البلدة، لفصلها عن مدينة القدس التي كانت دائماً جزءاً منها.

"مقهورة" تقول إيمان، مضيفة: "حاولت وأخواتي الأربع، مرات كثيرة، مذ وفاة والدتنا أم أشرف عبيدات، تقديم طلب إصدار تصاريح دخول إلى مدينة القدس، والذهاب إلى حيث المقبرة في جبل المكبر بالسواحرة الغربية خلف الجدار، لكنها باءت بالفشل، إلا إحداها، تم إصدار تصريح لي دون البقية". ورغم حصولها على التصريح، إلا أنها لم تذهب، فإيمان لا تعرف الطريق إلى القبر، ولا تستطيع الوصول له دون مرافق.

الجدار الفاصل المقام حول القدس فصل السواحرة الشرقية عن مقبرتها، ما جعل أهالي البلدة يحتاجون تنسيقاً مسبقاً وتصاريح للوصول لمقبرتهم

وتبقى آمال إيمان معلقة حتى حلول شهر رمضان المقبل، إذ دأبت سلطات الاحتلال خلال السنوات الأخيرة على إصدار تصاريح زيارة للمدينة المقدسة المحتلة، وفق شروط وأعداد محددة، ما يجعل إيمان تأمل في أن تحصل مع بقية أفراد عائلتها على تصريح زيارة يتيح لها الوصول لقبر أمها.

اقرأ/ي أيضاً: خيمة للزواج حلم مستحيل في سوسيا

وتناشد إيمان كل جهة تستطيع مساعدتها وعائلتها لزيارة قبرة والدتها التدخل، وتقول: "أهم إشي أزور قبر إمي وأَرُد نِفسي".

ويشرح والدها سليم عبيدات (62 عامًا) لـ "الترا فلسطين" تفاصيل التنسيق والطريق إلى المقبرة قائلًا: "عند بدء التجهيز للدفن، تم إعلام الارتباط الفلسطيني، وبدوره قام بالتنسيق مع الارتباط الإسرائيلي، فسمح الأخير بدخول 50 شخصاً فقط من المشيعين".

ويوضح عبيدات، أن جنود الاحتلال المتمركزين عند حاجز الشياح طلبوا هويات المشاركين في الجنازة، وسمحوا بدخول أقرباء الفقيدة من الدرجة الأولى، ثم بدأوا بالعد حتى 50 شخصاً ومنعوا البقية من الدخول، ما حال دون مشاركة شقيقه في التشييع.

ويضيف أن جنود الاحتلال احتجزوا هويات المشيّعين الذين سُمح لهم بالدخول إلى المقبرة خلف الجدار حتى انتهاء الدفن وعودتهم،  من أجل منع أصحابها من التنقل داخل المدينة، وإجبارهم على العودة سريعاً.

هذه المعاناة في السواحرة الشرقية – وعدد مواطنيها نحو 10 آلاف نسمة - بدأت منذ إقامة الجدار الفاصل عام 2002، إذ أصبحت المقبرة الخاصة بكافة عائلات البلدة واقعة خلف الجدار، ولم يعد بالإمكان الوصول إليها إلا بعد تنسيق مسبق ولعدد محدود من عوائل الموتى، أو لمن يحملون هوية القدس، أو تصاريح عمل مسبقة، وفق ما يوضح رئيس البلدية يونس جعفر.

ويشير جعفر إلى أن السواحرة الشرقية تمتد من جبل المكبر حتى البحر الميت، إلا أنها قُسّمت من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومن قبلها الاحتلال البريطاني، مبيناً أن هناك مقبرة أخرى لكنها خاصة ببعض العائلات، وللحالات الاضطرارية كدفن الشهداء، وقد أطلق عليها سكان البلدة اسم "مقبرة الشهداء".

ويرفض أهالي السواحرة الشرقية التنازل عن المقبرة كموقف وطني، وفي إطار المقارعة المستمرة لسياسات الاحتلال العنصرية. يضيف جعفر، "السواحرة أحد الكواكب التي تدور في فلك القدس فهي القمر، ولن نتنازل عن حقوقنا مهما كانت الضغوطات التي نواجهها".

تجدر الإشارة إلى أن إقامة الجدار هددت المصدر الأساسي لدخل المواطنين في السواحرة الشرقية، نتيجة مصادرة الأراضي التي كانوا يستخدمونها في الزراعة ورعي الأغنام، هذا إضافة إلى أن سكان البلدة يعانون من نقص في البني التحتية، ومن الاكتظاظ السكاني الذي لا توجد طريقة للتعامل معه في ظلّ تعنت سلطات الاحتلال في مسألة منح تراخيص البناء، وقيامها بمصادرة الأراضي.


اقرأ/ي أيضاً:

العيزرية: معجزة للمسيح وكنسيتان بينهما مسجد

من المستوطنات إلى قلقيلية.. بريد نفايات

وادي قانا.. هل تتحقق النكبة الثانية؟