19-يونيو-2024
قانون الحاخامات

(Getty) نتنياهو يحاول الحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي

ناشد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الأحزاب الشريكة في الائتلاف الحكومي بالحفاظ على "وحدة الصف من أجل تحقيق هدف القضاء على حماس"، وفق تعبيره. وجاء ذلك في ظل أزمة قانون الحاخامات، التي تعتبر أول أزمة سياسية جدية تهدد الائتلاف الحكومي في دولة الاحتلال.

ووصلت الخلافات إلى داخل الحكومة الإسرائيلية وحزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو من جهة، وحزب شاس بزعامة الحاخام أريه درعي، الذي يطالب بتشريع قانون الحاخامات، وحزب "القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير الذي يطالب بإشراكه في كل النقاشات الأمنية والعسكرية.

ووجه رئيس الحكومة الإسرائيلية رسالة إلى أعضاء الائتلاف الحكومي تطالب بـ"الوحدة"، على خلفية الخلافات التي شهدها الائتلاف الحكومي في الأيام الأخيرة، حول مشروع قانون "التجنيد" وكذلك قانون "الحاخامات".

أزمة قانون الحاخامات توصف بأنها الأزمة الجدية الأولى للائتلاف الحكومي في إسرائيل

وخاطب نتنياهو حلفائه في تسجيل فيديو، بالقول :"نحن نخوض حرب على عدة جبهات، ونواجه تحديات كبيرة وقرارات صعبة. ولذلك، أطالب بشدة جميع شركاء الائتلاف بضبط النفس، عليكم الارتقاء لمستوى التحديات الماثلة أمامنا هذا ليس الوقت المناسب للسياسات التافهة وليس هذا الوقت المناسب للتشريعات التي تعرض الائتلاف الذي يقاتل بهدف إحراز النصر على أعدائنا للخطر".

وأضاف نتنياهو، قائلًا:"على الجميع التركيز على الأهداف الملحة، وهي: هزيمة حماس، وإعادة جميع المختطفين، وإعادة سكاننا سالمين إلى منازلهم، في الشمال والجنوب على السواء. ولذا فإنني أطلب من الجميع أن يضعوا جانبًا أي اعتبار آخر. ضعوا جانبًا أي مصلحة جانبية. وعلينا الوقوف كرجل واحد، معًا، خلف جنودنا"، وفق تعبيره. 

وأجبر نتنياهو مضطرًا في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، على التراجع عن التصويت على مشروع قانون "الحاخامات"، بشأن تعيين حاخامات المدن والبلدات، عن جدول أعمال لجنة القانون والدستور في الكنيست، بسبب خلافات حوله داخل الائتلاف الحكومي، نظرًا لعدم وجود أغلبية للمصادقة عليه بالقراءة الأولى التي كان من المقرر التصويت عليها اليوم. 

وأدت خطوة نتنياهو إلى حالة من التوتر غير المسبوقة داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل، دفعت إلى تهديد زعيم حزب شاس أرييه درعي بتفكيك الائتلاف.

ما هو قانون الحاخامات؟

وينص مقترح مشروع قانون الحاخامات على نقل صلاحيات تعيين الحاخامات في المدن من السلطات المحلية لوزارة الأديان التي يتولى حقيبتها الوزير موشيه ملخيئيلي من حزب شاس. ومما زاد من تعقيد القضية، إبلاغ وزير الاقتصاد من حزب الليكود نير بركات، نتنياهو عزمه رفقة أعضاء كنيست عن الليكود التصويت ضد مقترح قانون التجنيد بصيغته الحالية التي تعفي المتشددين دينيًا (الحريديم) من الخدمة العسكرية الإجبارية، تنفيذًا لرغبة حزب شاس الذي يمثل الحريديم الشرقيين وحزب يهدوت هتوراة الذي يمثل الحريديم الشرقيين، علمًا أن كلا الحزبين شريكين في الحكومة ويتشرطون البقاء فيها بتشريع هذا القانون .

وهاجم حزب الليكود في بيان، نير بركات، بالقول :"ومن المتوقع أن يتولى نير بركات الاهتمام بخفض تكاليف المعيشة وعدم البحث عن أعذار لإسقاط حكومة يمينية خلال الحرب". ورد بركات على بيان حزبه، بالقول: "من المعيب الاختباء خلف بيان باسم الليكود أنا وأعضاء كنيست آخرون في الليكود سنصوت ضد قانون التجنيد كما هو مطروح الآن. ومن أجل كسب الحرب، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى المزيد من الجنود".

كما هاجم حزب الليكود في بيان وزير الأمن القومي الإسرائيلي وزعيم حزب "القوة اليهودية" إيتمار بن غفير بعد تجديد الأخير مطلبه بالاشتراك بالنقاشات الأمنية.

واتهم الليكود بن غفير بـ"تسريب أسرار الدولة"، وأضاف البيان: "من يريد أن يكون شريكًا في فريق مشاورات أمنية، عليه أن يثبت أنه لا يسرب أسرار الدولة أو المحادثات الخاصة". وكشفت الإذاعة العبرية العامة نقلًا عن أوساط مقربة من بن غفير نيته التصويت ضد مشروع قانون الحاخامات بخلاف اتفاق سابق عقده معه حزب الليكود.

الأزمة الأولى

وقالت المحللة الإسرائيلية رافيت هيشت: "سخر الكثيرون من رئيس حزب المعسكر الرسمي بيني غانتس وخروجه من الحكومة، ولم يعطوا أي أهمية للرجل أو لخطوته. لكن الحقيقة هي أن رحيل غانتس، ومن قبله رئيس حزب الأمل الجديد-اليمين المتحد، جدعون ساعر، هو الذي أدى إلى ظهور أول أزمة ائتلافية كبرى منذ تشكيل الحكومة الأسوأ والأكثر فشلًا في تاريخ إسرائيل".

وأضافت: "لا الانقلاب القضائي، ولا عملية حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولا الرهائن المحتجزون في غزة، ولا الثكل الهائل أو المحنة التي يعيشها أولئك الذين يخدمون في الجيش وعائلاتهم، لم تهز القارب". واستمرت: "في النهاية، تم الآن دفع مشروع القانون الصغير والفاسد الذي يمنح المزيد من السلطة للأحزاب الحريدية، والذي تم تأجيله من قبل غانتس وساعر خلال فترة وجودهما في حكومة الوحدة الطارئة وحكومة الحرب".

وانتقدت رافيت هيشت الحكومة الإسرائيلية، بقولها: "هذه الحكومة تحطم أرقامها القياسية في السخافة. وفي وقت مشبع بالكثير من الموت والحزن، ينتحر الائتلاف الحاكم بسبب التشريع الذي يهدف إلى منح وزارة الخدمات الدينية والحاخامية الكبرى المزيد من السلطة في تعيين الحاخامات، وهذا يعني خلق مخزون من الوظائف التي ستكون في أيدي الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة". وقال مصدر في حزب الليكود لـ"هآرتس"، عن الضغوط التي يمارسها اليهود المتشددون للمضي قدمًا في مشروع القانون: "الأمر كله يتعلق بالوظائف".

أمّا عن المعارضة في حزب الليكود، قالت: "مجموعة نواب الليكود التي تعارض مشروع القانون هي نفسها التي تعارض التشريع الذي يقنن تجنيد اليهود المتشددين، والذي تتم مناقشته الآن في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست. وهي تتألف من أعضاء الكنيست موشيه سعادة، دان إيلوز، عميحاي شكلي، إيلي دلال وبالطبع تالي غوتليب".

وحول طرد نتنياهو لغوتليب شعادة من لجنة الدستور نتيجة معارضتهم مشروع قانون الحاخامات، قالت: "إن سلوك نتنياهو البلطجي في طرد غوتليف وسعادة من لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست يثبت مدى اعتماده على درعي، وكم هو أسير لابتزاز اليهود المتشددين وأيضًا كم هو وقح. وقال أحد أعضاء الكنيست من حزب الليكود: لقد تحول حزب الليكود من حزب حاكم إلى حزب يُجر وراء شركائه".

وقال مصدر في الليكود إن "المتمردين" هم في الأساس مشرعون لديهم فرصة ضئيلة لإعادة انتخابهم، لذلك ليس لديهم مشكلة في التسبب في انفجار حول القضايا المبدئية ويرفضون الاستمرار في العمل كـ"ختم مطاطي للمظالم الفاسدة التي تدفع بها الحكومة خلال زمن الحرب".

وحول هذه المجموعة، قالت المحللة في "هآرتس": "على الرغم من الجهود التي يبذلها زملاؤهم للتقليل من شأنهم والسخرية منهم، فإن هذه المجموعة تمثل مشاعر قوية بين ناخبي الليكود، الذين لم يعد بإمكانهم تحمل الغثيان.

واستمرت في القول: "يستطيع نتنياهو أن يلعب دور البلطجي، وأن يستبدل المشرعين بالدمى التي ستصوت كما يشاء، وربما حتى تمرير مشروع القانون. ولكن بصرف النظر عن الضرر الذي سيلحقه ذلك بصورة الحكومة، فهي لم تعد تتظاهر حتى بإخفاء فسادها المثير للاشمئزاز، فإن الصورة السياسية العامة ليست مشجعة بالنسبة لنتنياهو. وإلى هذه الثورة الصغيرة في حزبه، يمكننا أن نضيف التصريحات غير العادية التي أدلى بها عضو الكنيست إلياهو ريفيفو من حزب الليكود، الذي تحدث في وقت سابق من هذا الأسبوع على قناة الكنيست عن قلة إنجازات الائتلاف الحاكم وكذبة ’الحرب’".

وواصل التحليل، بالقول: "بالإضافة إلى ذلك، انضم حزب الكاهانيين بزعامة إيتمار بن غفير إلى المعارضة لمشروع قانون تعيين الحاخامات، كما يتجلى في موقف ممثله في لجنة الدستور والقانون والعدالة، يتسحاق كروزر، الذي لا يستطيع نتنياهو عزله".

وحول الائتلاف، قالت: "الائتلاف، الذي لم يتمتع قط بالشرعية أو الاحترام العام، يتورط الآن في خلافات جوهرية بسبب تضارب مصالح أعضائه. إن الأزمة المتعلقة بالسياسة القطاعية الأرثوذكسية المتطرفة والتهرب من التجنيد في وقت تعاني إسرائيل من الكثير من الثكل لا تتخلى عن اليمين. وحتى لو لم تؤد إلى أي نتائج سياسية فورية، فإنها تستمر في تقويض التحالف تحت السطح".

وقال أحد وزراء الليكود: "أعتقد أنه للمرة الأولى تهتز الأرض. إن الجمع بين قانون التجنيد ومشروع قانون التعيينات الحاخامية يخلق حالة كبيرة من عدم الاستقرار".

وختمت التحليل بالقول: "ليس من المؤكد على الإطلاق أن مشروع قانون التعيينات الحاخامية سيسقط الحكومة. ولكن من الممكن أن ننظر إليه ليس فقط باعتباره سببًا للأزمة الحقيقية الأولى في الائتلاف، وكعلامة أخرى على الفساد المشع لهذه الحكومة ، بل أيضًا، وفي المقام الأول، باعتباره ترويجًا لعاصفة كاملة من تشريعات التجنيد الإلزامي لليهود المتشددين".