الترا فلسطين | فريق التحرير
يروي الأسير راتب حريبات المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عقدين، وينتظر حريّته خلال أقلّ من عام، قصصًا حقيقيّة لأسرى مرضى، وبعضهم صاروا في عداد الشهداء، في كتابه "لماذا لا أرى الأبيض؟ - محطات الآلام في عيادات الظلام".
يوثّق الأسير راتب حريبات في كتابه "لماذا لا أرى الأبيض؟" قصصًا واقعية لعذابات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، عايشها، وكتبها بالقلم والدمع والدم
وأطلق نادي الأسير، وحركة "فتح"، والمكتبة الوطنية، الجزء الثاني من كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟"، في احتفال أقيم اليوم الأربعاء، على مسرح دار بلدية رام الله، على شرف الأسير المريض وليد دقة وابنته ميلاد، وبحضور عائلته.
وكتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" يقع في جزأين، يروي فيهما الأسير راتب حريبات من دورا جنوب الخليل، والمعتقل منذ تموز/ يوليو 2002، قصصًا مع سياسة الإهمال الطبي المتعمّد، التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال، وعايشها خلال تواجده في (عيادة سجن الرملة)، حيث كان يقدم الرعاية لرفاقه من الأسرى المرضى.
ومن داخل سجنه، وجّه الأسير راتب حريبات الذي اعتقل بينما كان في عمر 23 عامًا، رسالة قال فيها "إنه يوثق في هذا الكتاب بالريشة والقلم والدمع والدم مجموعة قصص واقعية يومية يعيشها الأسير، وليكون شاهدًا على التاريخ والزمان ولتتناقله الأجيال".
وقال في رسالته إن "مسلخ سجن الرملة يشهد أكثر التجارب قسوة وإيلامًا، فالطبيب هناك هو نفسه السجان الذي يعرّي الأسرى وينكّل بأجسادهم ويتركهم فرائس للمرض وللبرد والحرّ، ويماطل في إرسال الأسرى المتفاقمة أوضاعهم الصحية إلى المستشفيات الخارجية، ويُتركون للمرض الذي ينقضُّ على أجسادهم (...) كما حصل مع من قضَوا نحبهم ومنهم الكثير ينتظر". وطالب المؤسسات الدولية بالتدخل لإنقاذ من ينازعون الموت ويتلوّعون وجعًا وقهرًا، وعلى رأسهم وليد دقة وعاصف الرفاعي.
وقال رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن إشهار أو إصدار كتاب يلخّص تجربة فريدة بهية يجب أن يمثل دائمّا مصدر فخر وكبرياء، لا سيما أن راتب حريبات، وغيره من الأسرى، يقدمون النموذج الحقيقي للمناضل الذي يجب أن ينحاز إلى الخير بكل تجرّد، ويقف أمام الظلم، ولديه القدرة على أن يُحدث التغيير.
وأشار إلى أن عيادة سجن الرملة، لقّبها الأسرى بـ "المقبرة"، وأطلقوا عليها مسميات لمكان يُستخدم فيه القتل البطيء، مشددًا على أن الكتاب يمثّل وثيقة مهمة تعكس الألم وتصف تجليات المناضل الذي يرى بنفسه منخرطًا في عملية كفاحية نضالية، ويحوِّل المكان الذي هو فيه إلى ساحة اشتباك.
وذكر رئيس المكتبة الوطنية، ووزير الأسرى السابق، عيسى قراقع، أن كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" يجسّد حقيقة أنه لا يوجد ما هو أبيض في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فكل شيء أسود ورمادي، وكل شيء فظيع ومظلم.
عيسى قراقع: الأسير راتب حريبات عاش الألم، وعاش الصرخات، ومعاناة الأسرى الحقيقية في عيادة سجن الرملة، وعكس ذلك في كتابه
واستعرض قراقع في تقديمه للكتاب القصص التي وثقها الأسير حريبات، والتفاصيل الكثيفة لهذه القصص، لافتًا إلى أن الكاتب الأسير كرّس نفسه لمدة أربعة أعوام في خدمة الأسرى المرضى من ذوي الحالات الصعبة فيما تسمى "عيادة سجن الرملة"، وعاش الألم، وعاش الصرخات والمعاناة الحقيقية التي يعيشها الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال، وعايش أسرى استُشهدوا بين أحضانه في ذلك القبو أو الغيتو، الذي لا يدخله أسير ولا يخرج منه إلا والمرض قد تفاقم حتى الموت.
ورأى عيسى قراقع أن كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" يشكّل صرخة لفتح الملف الطبي لمئات الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، وهو شهادة ووثيقة دامغة يجب أن توضع على طاولة المحكمة الجنائية الدولية، ليحاكم بموجبها الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى.