31-يناير-2022

الترا فلسطين | فريق التحرير

يؤكد المؤرخ الفرنسي فنسان لومير في كتابه "عند أقدام السور: حياة وموت حي المغاربة في القدس (1187- 1967)" الذي صدر يوم الجمعة الماضي، أن "إسرائيل" خططت لتدمير حي المغاربة بعد احتلالها شرق القدس في عام 1967، وحاولت تمويه ما فعلت.

الحي لم يدمّر بناءً على مبادرة من 15 مقاولاً إسرائيليًا غداة حرب 1967، إنما بناءً على قرار من الحكومة الإسرائيلية

وقالت وكالة "فرانس برس" في تقرير، إن لومير يتوقع ردود فعل ناقدة وجدلاً بعد نشر كتابه، باعتبار أن المسألة تتعلق بالأماكن المقدسة في القدس "التي تشكل موضوعًا حساسًا للغاية في النزاع العربي الإسرائيلي". وسينشر الكتاب باللغة الإنجليزية في وقت لاحق من العام الجاري.

اقرأ/ي أيضًا: مذبحة الطنطورة: تفاصيل جديدة يرويها جنود سابقون

وأوضحت، أن المؤرخ لومير -الذي يدير مركز الأبحاث الفرنسي في القدس- استند في كتابه إلى وثائق محلية وعثمانية وفرنسية تعمّق فيها خلال ست سنوات، وعاد من خلالها الى القصة "المنسية" لحي المغاربة على مدى ثمانية قرون.

ويشرح المؤرخ أن الحي الذي عاش فيه ياسر عرفات لبعض الوقت بعد وفاة والدته، لم يدمّر بناءً على مبادرة من 15 مقاولاً إسرائيليًا غداة حرب 1967، كما تقول الرواية الرسمية التي أعاد البعض النظر فيها خلال السنوات الأخيرة، إنما بناءً على قرار من الحكومة الإسرائيلية.

وأضاف التقرير: "اليوم، لا يعرف السياح الذين يقصدون الحائط القديم (حائط البراق) الذي تلتصق قاعدته بساحة كبيرة ذات أرضية من الحجر المصقول، شيئًا عن هذه القصة. قبل حرب 1967، عندما كانت القدس الشرقية تخضع للإدارة الأردنية، لم تكن الساحة موجودة، وكان هناك حي مسلم يضم نحو 135 بيتًا بنيت في عهد صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر الميلادي، ثم ضُمّ الى وقف أبو مدين، وهي مؤسسة دينية تأسست لتقديم لسكن والطعام والعلاج لحجاج قادمين من منطقة المغرب".

وتقول الرواية المتناقلة، إن 15 مقاولاً يهوديًا أقدموا على تدمير حارة المغاربة بعد احتلال المدينة القديمة مباشرة لإقامة الساحة. وتحدثت وسائل إعلام آنذاك عن دور لعبه رئيس بلدية الاحتلال في القدس تيدي كوليك في العملية.

مذكرة داخلية لوزارة الخارجية الإسرائيلية صدرت قبل 36 ساعة من تدمير الحي، تضمنت العناصر التي كان يفترض استخدامها لتبريرالتدمير، بالادعاء أنها مساكن متداعية ومبان خطرة

ويتساءل المؤرخ لومير في حديثه لفرانس برس: "كيف يمكن أن نتخيّل أن 15 مقاولاً خاصًا دمروا حيًا تاريخيًا من دون إذن على أعلى مستوى من الدولة؟ لم يقتنع أحد يومًا بهذه الرواية".

ويضيف أن كتابه يقدم "دليلاً قاطعًا ومكتوبًا عن التخطيط العمد والمسبق لهذه العملية وتنسيقها".

ويتابع، "هناك وثائق دامغة"، مشيرًا إلى محضر اجتماع بين كوليك وقائد الجيش المسؤول عن القدس حينها في التاسع من حزيران/يونيو 1967 قبل 36 ساعة فقط من هدم الحارة، وقد كان من النقاط المدرجة على جدول الأعمال تدمير حي المغاربة.

كما اطلع لومير على مذكرة داخلية لوزارة الخارجية الإسرائيلية صدرت في اليوم نفسه، وتضمنت العناصر التي كان يفترض استخدامها لتبرير عملية تدمير الحي. وكانت المذكرة تهدف، وفق قوله، "إلى جعل الناس يعتقدون أنها مساكن متداعية ومبان خطرة".

كما وجد مذكرة في أرشيف بلدية الاحتلال في القدس تشير إلى ضرورة إزالة أنقاض الحي المدمر "بأمر من القيادة العسكرية".

بعد إعلان قيام "دولة إسرائيل" في العام 1948، مولت فرنسا، القوة الاستعمارية في المغرب آنذاك، حي المغاربة في القدس ووقف أبو مدين. ويرى لومير في كتابه أن هذا الدعم كان جزءًا من خطة لاستمالة مسلمي شمال إفريقيا بهدف "مواجهة صعود حركة الاستقلال في الجزائر". لكن بعد استقلال الجزائر في العام 1962، "تخلت فرنسا عن الحي، وظلت صامتة بعد تدميره كما فعلت عدة دول أخرى" وفق لومير.

ويشير لومير، في حديثه لـ"فرانس برس"، إلى أن أرشيف بلدية الاحتلال يدَّعي أن سكان الحي تلقوا تعويضات مالية "قليلة ولكن مباشرة" بعد الهدم "لضمان التزامهم الصمت"، وقد استقروا في محيط القدس.


اقرأ/ي أيضًا: 

تحقيق إسرائيلي يكشف تفاصيل مرعبة إبان النكبة

كتاب إسرائيلي يوثق النهب اليهودي لأملاك العرب إبان النكبة