الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريرًا مطوّلًا، الأحد، تحدّثت فيه عن الآثار التي سيخلفها تولي زعيم حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، مسؤولية "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية.

أحد المطالب التي اشترطها رئيس حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، خلال مفاوضاته الائتلافية للانضمام للحكومة التي سيتزعمها بنيامين نتنياهو، حصوله على صلاحيات "الإدارة المدنية" 

وتحت عنوان: "هكذا سيغيّر نقل الإدارة المدنية إلى سموتريتش الواقع في الضفة الغربية"، أوضحت الصحيفة أن تولي سموتريش مسؤولية الإدارة المدنية سيقود إلى توسيع المستوطنات، وتشريع البؤر الاستيطانية غير القانونية، مع ارتفاع في تنفيذ أوامر هدم المنازل والمباني والمنشآت الزراعية الفلسطينية في الضفة الغربية، وتعزيز الفصل والتمييز لصالح المستوطنين على حساب الفلسطينيين، وتنامي الانتقادات الحقوقية لـ "إسرائيل" على الجبهة الدبلوماسية.

وقال معدّا التقرير "يهونتان ليس" و"هاغار شیزاف": إن أحد المطالب التي اشترطها رئيس حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، خلال مفاوضاته الائتلافية للانضمام للحكومة التي سيتزعمها بنيامين نتنياهو، حصوله على صلاحيات "الإدارة المدنية"، وهي هيئة عسكرية تابعة لوزارة الجيش ومسؤولة عن المصادقة على مخططات البناء في المستوطنات وهدم المباني غير القانونية. ووفقًا لـ "هآرتس" فإنّ 80 في المئة من أوامر الهدم التي تنفذها "الإدارة المدنية" تطال منشآت فلسطينية، فيما يتم التغاضي عن تنفيذ غالبية أوامر الهدم الصادرة بحق مستوطنين.

و"الإدارة المدنية" هيئة استراتيجية بالنسبة لحزب بتسلئيل سموتريتش. وقد وافق حزب" الليكود" من حيث المبدأ على الطلب، لكن التفاصيل لم يتم الانتهاء منها بعد. وإذا حصل سموتريتش بالفعل على ما يريد، فمن المتوقع أن يكون له تأثير كبير على واقع الحياة في الضفة الغربية.

وبحسب الصحيفة العبرية فإن معالم التفاهمات بين الليكود و"الصهيونية الدينية" المتعلقة بتعيين وزير أو نائب وزير في وزارة الجيش، أو نقل الإدارة المدنية لوزارة أخرى، لم تتضح بعد، لكن من المتوقع أن تقود الخطوة إلى توسيع المستوطنات، وإثارة انتقادات المجتمع الدولي.

و"الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤولة عن جميع جوانب الحياة المدنية في الضفة الغربية، ابتداءً من الموافقة على خطط البناء في المستوطنات، والبلدات الفلسطينية الواقعة في المنطقة المصنفة (ج) بحسب اتفاق اوسلو، وتشييد البنية التحتية، وشق الطرق والقضايا المتعلقة بالزراعة والمياه، ويقع على عاتقها تنفيذ أوامر الهدم للمباني الفلسطينية غير المرخّصة والوحدات الاستيطانية غير المرخصة، وتشمل صلاحيات الإدارة أيضًا إصدار تصاريح دخول إلى "إسرائيل" للفلسطينيين.

تعهّد البرنامج السياسي الذي طرحه حزب "الصهيونية الدينية" خلال الدعاية الانتخابية بإلغاء الإدارة المدنية ونقل صلاحياتها إلى الوزارات الإسرائيلية 

وتعهّد البرنامج السياسي الذي طرحه حزب "الصهيونية الدينية" خلال الدعاية الانتخابية بإلغاء الإدارة المدنية ونقل صلاحياتها إلى الوزارات الإسرائيلية، وفقًا للصحيفة "بهدف ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الأرض ليس من خلال إدارة عسكرية مؤقتة"، وذلك لأن "الإدارة المدنية مكروهة بشكل خاص من قبل قيادة المستوطنين فهي ترمز إلى السيطرة العسكرية على الضفة الغربية، وبخلاف الإسرائيليين الذين يعيشون داخل الخط الأخضر، يتعين على المستوطنين التعامل مع العسكريين في بعض القضايا المتعلقة بالحياة في الضفة الغربية بدلًا من التعامل مع المكاتب الحكومية".

وتحت عنوان فرعي: "توسيع المستوطنات وتشريع البؤر الاستيطانية" كتبت الصحيفة أن "الإدارة المدنية تصادق على مخططات البناء في المستوطنات، وتشرعن بأثر رجعي البؤر الاستيطانية غير القانونية من خلال المجلس الأعلى للتخطيط وهو تابع مباشرة للإدارة المدنية وهو هو هيئة التخطيط في الضفة الغربية. ولا تجري المصادقة على مخططات البناء في المستوطنات إلا بعد موافقة وزير الجيش عليها. في الماضي، عندما كان بنيامين نتنياهو رئيسًا للحكومة، كان يتدخل بنفسه في موضوع تقديم الخطط للموافقة عليها بسبب الحساسية الدولية المحيطة بهذا الملف لا سيما تجاه الولايات المتحدة". 

وتملك الإدارة المدنية صلاحية البتّ في الدعاوى المتعلقة بمكانة الأراض في الضفة الغربية خصوصًا ادّعاء الملكية الخاصة، والإعلان عن الأراضي الحكومية، وكذلك اتخاذ قرار يحدد ما إذا تم شراء قطعة أرض أو بناء معين، بشكل قانوني، وهو جانب يعتبر مهمًا بشكل خاص في الجهود المبذولة لإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية غير القانونية.

 ويدعو برنامج "الصهيونية الدينية" إلى شرعنة مكثفة للبؤر الاستيطانية، التي يطلق عليها الحزب الذي يتزعمه سموتريتش "الاستيطان الفتي"، على سبيل المثال في حالة بؤرة "افيتار" الاستيطانية التي شيّدها المستوطنون على قمة جبل صبيح في بلدة زيتا جنوب نابلس، تولّت الإدارة المدنية مهمة فحص "الوضع القانوني للأرض" بعد أن تعهدت الحكومة الإسرائيلية بفحص إمكانية إقامة مستوطنة جديدة في المكان بعد أن تم إخلاء المستوطنين في بداية تموز/ يوليو 2021. 

ورأت الصحيفة أن التغيير الذي سيطرأ في الضفة الغربية بعد تولي سموتريتش المسؤولية عن الإدارة المدنية سيُلحظ خلاله ارتفاع في تنفيذ أوامر هدم المنازل والمباني والمنشآت الزراعية في الضفة الغربية بالقول إن "الإدارة المدنية هي التي تحدد الأولويات فيما يتعلق بإجراءات تطبيق القانون ضد البناء غير القانوني في الضفة الغربية من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين، ويعتبر هدم المباني غير القانونية التي يبنيها المستوطنون مسألة حساسة للغاية من الناحية السياسية، وتتأثر بجهود الضغط التي يبذلها السياسيون ورؤساء المجالس في المستوطنات، وبتقدير مساعد الجيش لشؤون المستوطنات، الذي يعيّنه وزير الجيش وسبق أن تحدث سموتريتش في عدة مناسبات ضد هدم البؤر الاستيطانية غير القانونية، وقد شجع في آب/ أغسطس الماضي على جمع التبرعات لإعادة إنشاء البؤرة الاستيطانية "رمات مغرون" التي أخلتها الإدارة المدنية. ومن ناحية أخرى، يريد حزبه زيادة تطبيق القانون ضد البناء "غير القانوني" من قبل الفلسطينيين. وهذا جزء مما يسميه المعسكر اليميني "الحرب على مناطق ج".

أما التغيير الثالث الذي اختارت الصحيفة شرحه تحت عنوان :"الفصل والتمييز"، بالقول إنه وخلال السنوات القليلة الماضية، نشرت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، تقارير تؤكد بأن الواقع في الضفة الغربية قد وصل إلى نقطة الفصل العنصري. 

ويرجع ذلك جزئيًا إلى موقف "إسرائيل" التمييزي بين الفلسطينيين والمستوطنين الذين لا يخضعون لنفس المنظومة القانونية، وأحد تداعيات الاستجابة لمطالب سموتريتش المتعلقة بنقل صلاحيات الإدارة المدنية بشأن المستوطنين إلى وزارة المالية، خاصة في مسائل البناء والبنية التحتية، بينما سيبقى الفلسطينيون تحت مسؤولية وزارة الجيش، وفي مثل هذه الحالة سيخضع المستوطنون لحكم مدني، بينما سيخضع الفلسطينيين للسيطرة العسكرية، وإمكانية تحوّل الإدارة المدنية إلى "مؤسسة مدنية" إسرائيلية أو أقسام منها، قد تؤدي لتعزيز النضال الفلسطيني في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى لدفعها للاعتراف بأن "إسرائيل" ضمّت الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، وأنها تدير نظام فصل عنصري. 

وتختم الصحيفة تقريرها بعنوان "الجبهة الدبلوماسية"، بالإشارة إلى أن السلطة الفلسطينية سجلت خلال العام والنصف الماضيين، سلسلة من الإنجازات الدبلوماسية في نضالها ضد سياسات "إسرائيل" في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، حيث ساعد الاعتراف العالمي باستقلال النظام القضائي الإسرائيلي، إلى جانب حقيقة أن هيئة عسكرية تدير الحياة المدنية في الضفة الغربية، على التعامل مع الانتقادات بشأن ما يحدث في الضفة الغربية، لكن الاتفاقيات التي يجري بلورتها حاليًا بين حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية قد تقوِّض ثقة المجتمع الدولي بـ "إسرائيل".

وأضافت أن من المتوقع أن تواجه الحكومة الاسرائيلية الجديدة تحديًا كبيرًا في الأسابيع المقبلة، إذ قد تصادق الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل على المبادرة الفلسطينية للاستئناف أمام محكمة العدل في لاهاي، والغرض من الاستئناف هو دفع المحكمة إلى إصدار رأي بشأن سلوك "إسرائيل" الأمر الذي قد يؤدي إلى الاعتراف بأن "إسرائيل" ضمّت بالفعل الأراضي التي احتلتها عام 1967.