21-يناير-2024
 فلسطيني في الخليل، بعد هدم وتفجير جنود الاحتلال منزلي الشهيدين نصر وعبد القادر القواسمي MOSAB SHAWER/Getty

فلسطيني في الخليل، بعد هدم وتفجير جنود الاحتلال منزلي الشهيدين نصر وعبد القادر القواسمي MOSAB SHAWER/Getty

منهجيًا وميدانيًا، انقسم العام 2023 إلى مرحلتين فاصلتين، الأولى منذ مطلع العام 2023 وحتى صبيحة السابع من أكتوبر، والثانية ما تلا هذا اليوم. وإذا كان ما تلا السابع من أكتوبر فاق في خطورته وانتهاكاته المروّعة كل القواعد والتشريعات المعلنة دوليًا، فإن ما حدث قبل ذلك لم يقلّ خطورة على صعيد التشريعات والانتهاكات الإسرائيلية، وعلى صعيد طبيعة الحكومة التي رافق تشكيلها مطلع العام 2023.

انقسم العام 2023 إلى مرحلتين فاصلتين، الأولى منذ مطلع العام 2023 وحتى صبيحة السابع من أكتوبر، والثانية ما تلا هذا اليوم

لقد كانت المرحلة الأولى من 2023، أي حتى السابع من أكتوبر، مرحلة للإجهاز على إطار إمكانية التواصل الجغرافي للفلسطينيين من خلال العبث التام بالجغرافية الفلسطينية من خلال العديد من القرارات التي كان أبرزها عودة الاستيطان الاستعماري إلى شمال الضفة الغربية، وإعادة بناء المستعمرات المخلاة (حومش وغانيم وكاديم وصانور) ونقل الكثير من صلاحيات البناء الاستيطاني إلى وزير المالية والوزير في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش من أجل تسريع عمليات المصادقة على توسعة المستعمرات و"شرعنة" البؤر الاستيطانية. لقد استخدم الساسة، أو النازيون الجدد الذين اعتلوا سدة الحكم في دولة الاحتلال، مسألة التوسُّع الاستيطاني الاستعماري كمادة دعائية لمجتمع يمينيّ متلهف للقضاء على الوجود الفلسطيني لصالح المستعمرين.

أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة كانت مسرحًا لمجمل التشريعات والإجراءات التي لم تخفها الحكومة الإسرائيلية كمساحة للاستهداف أو للحسم وفق واحد من أكبر عناوين خطط أعضائها 

لم تأخذ الحكومة اليمينية الفاشية المتطرّفة التي شكّلها بنيامين نتنياهو إلى جانب ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وأورويت ستروك ويوآف غالانت، وقتًا طويلًا حتى بدأت ملامح هذه الحكومة بالوضوح. ولعلّ أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة كانت مسرحًا لمجمل التشريعات والإجراءات التي لم تخفها الحكومة الإسرائيلية كمساحة للاستهداف أو للحسم وفق واحد من أكبر عناوين خطط أعضائها، إذ أخذت إجراءات الاحتلال ثلاثة وجوه منهجية على رأسها البنية التشريعية لهذه الحكومة في هذه المرحلة من تقديم التخصيصات المالية والتسهيلات التي أقرّتها الحكومة لصالح المشروع الاستيطاني الاستعماري، وكذلك أبرز قرارات كابينيت بالخصوص، بالإضافة لجملة التشريعات والقوانين التي تم تقديمها وإقرارها أو تأجيل نقاشها على جدول كنيست الاحتلال، والتي تتعلق بالمشروع الاستعماري، وإجراءات القمع والفصل العنصري وأخيرًا إجراءات المصادرة والتوسُّع الاستعماري على الأرض الفلسطينية، لا سيما مسألة بناء البؤر الاستعمارية وتحديدًا تلك التي أخذت شكلًا رعويًا زراعيًا كأداة لعمليات الترحيل القسري وفرض البيئة القهرية الطاردة، باعتبار أن هذه العناوين هي أكثر العناوين تجليًّا في السنوات القليلة الماضية في دولة الاحتلال دون مواربة أو خجل أو محاولة إخفاء.

في 2023 تجاوزت مساحات الأراضي المصادرة أكثر من 50 ألف دونم 

وقد أدت هذه البيئة الاستعمارية القاهرة إلى ارتفاع يصل إلى الضعف في عمليات مصادرة الأراضي مقارنة بالعام 2022 الذي وصلت حصيلة مصادرة الأراضي فيه ما مجموعه 26 ألف دونم، لكن في هذا العام بلغت المساحات المصادرة ما مجموعه 50,524.66 دونمًا (الدونم 1000 متر مربع) تحت مسميات مختلفة (إعلان محميات طبيعية، أوامر استملاك، أوامر وضع يد). أصدرت من خلالها 32 أمرًا لوضع اليد، استهدفت (618.965) دونمًا، وأصدرت أربعة أوامر استملاك صادرت ما مجموعه (433.362) دونمًا، وأمري إعلان أراضي دولة استهدف (515.5) دونمًا، وأربعة أوامر لتعديل حدود محمية طبيعية صادرت من خلالها (48,959) دونمًا.

وعلى صعيد التوسّع الاستيطاني، فقد عقد مجلس التخطيط الأعلى التابع للإدارة المدنية الاحتلالية 7 جلسات لدراسة (إيداع ومصادقة) على مخططات هيكلية بغرض توسعة مستعمرات قائمة أو تغيير استخدامات الأراضي التي تم السيطرة عليها سابقًا وتم تحويلها لصالح الاستيطان الاستعماري. وعليه ومنذ مطلع العام الحالي تمّت دراسة ما مجموعه 173 مخططًا هيكليًا بواقع 18,625 وحدة استعمارية، نتج عنها المصادقة على بناء 8,137 وحدة استعمارية وتم إيداع ما مجموعه 10,486 وحدة استعمارية للمصادقة اللاحقة، تستهدف هذه الأعمال ما مجموعه 17,881 دونمًا من أراضي المواطنين في مختلف محافظات الضفة الغربية والقدس، تركزت عمليات دراسة المخططات في محافظة القدس بـ48 مخطط هيكلي جديد، تليها محافظة بيت لحم بـ 26 مخطط هيكلي جديد، ومحافظة سلفيت بـ23 مخطط هيكلي جديد، وترتب على جملة المصادقات "شرعنة" مجموعة من البؤر الاستعمارية وهي ثلاث بؤر تحيط بمستعمرة  "عيلي" المقامة على أراضي محافظتي رام الله ونابلس.

وعلى صعيد الاعتداء على الممتلكات الفلسطينية، نفذت سلطات الاحتلال خلال العام  المنصرم 2023 ما مجموعه 514 عملية هدم، هدمت خلالها 659 منشأة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس. تركزت معظم عمليات الهدم في محافظة القدس بـ171 عملية هدم خلّفت 209 منشآت مهدومة في المدينة المقدسة، تليها محافظة الخليل بـ67 عملية هدم خلفت 82 منشأة مهدومة، ثم محافظة نابلس بـ 66 عملية هدم خلّفت 74 منشأة مهدومة. وكذلك فقد أصدرت سلطات الاحتلال 1333 إخطارًا لهدم منشآت فلسطينية بحجة عدم الترخيص. وتركز معظم هذه الإخطارات في محافظتي الخليل (356 إخطارًا)، ومحافظة بيت لحم بـ(246 إخطارًا). في حين تركّز ما تبقى من الإخطارات في محافظات سلفيت والقدس وأريحا ونابلس.

وعلى مستوى الاعتداءات والانتهاكات المسجّلة بحق المواطنين وممتلكاتهم، فقد تم رصد ما مجموعه 12161 اعتداءً نفذتها أجهزة دولة الاحتلال المختلفة بما فيها ميليشا مستعمريه على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، كان منها 9751 اعتداءً على يد الجيش الإسرائيلي، و2410 على يد ميليشا مستعمريه، و206 اعتداء مشترك "مستعمرون بحماية جيش الاحتلال".

ونفّذ المستعمرون 842 اعتداءً في محافظة نابلس، تليها محافظة رام الله بـ419 اعتداءً، ثم محافظة الخليل بـ376 اعتداءً، تليها محافظة بيت لحم بـ 204 اعتداءات. أما محافظات طوباس وسلفيت فكانت اعتداءات المستعمرين فيها لا تقل عن مئة اعتداء لكل محافظة.

369 شهيدًا فلسطينيًا في الضفة بما فيها القدس، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر

وأدّت هذه الاعتداءات إلى استشهاد 530 فلسطينيًا في الضفة الغربية والقدس، منهم 369 شهيدًا بعيد بدء العدوان في السابع من أكتوبر منهم 22 شهيدًا ارتقوا على يد المستعمرين، 10 منهم بعد السابع من أكتوبر، ما يجعل 2023 أحدّ أكثر الأعوام دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية.

ولعلّ أبرز العناوين التي لا تقل خطورة عن العناوين الأخرى في ممارسات دولة الاحتلال، كانت عمليات التهجير القسري الكثيفة بحق التجمعات البدوية، حيث أدت إجراءات الاحتلال إلى تهجير 25 تجمّعًا بدويًا فلسطينيًا تتكون من 266 عائلة تشمل 1517 فردًا من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى، تركّز معظمها شرقيّ رام الله في السفوح الشرقية تحديدًا والأغوار.

كل ذلك الى جانب تصعيد وتيرة الاعتداءات على الأماكن المقدسة، والتي يأتي أبرزها الاقتحامات لباحات المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة، خاصة فترة أعيادهم اليهودية وإقامة طقوس تلمودية في المكان، حيث سجلت عدد الاقتحامات في العام 2023، حوالي 246 عملية اقتحام، بلغ عدد المستعمرين المشاركين فيها 51,342 مستعمرًا.

وبلغ عدد الدونمات التي تم تجريفها من قبل سلطات الاحتلال وميليشيات مستعمريه حوالي 7152 دونمًا، وكذلك بلغ عدد العمليات التي استهدفت الأشجار الفلسطينية خلال العام المنصرم، ما مجموعه 379 عملية اعتداء استهدفت 21731 شجرة، من ضمنها 18964 شجرة زيتون. وتركزت هذه العمليات في محافظة نابلس بـ93 عملية تسببت بتضرر واقتلاع 4352 شجرة، تلتها محافظة الخليل بـ75 عملية اعتداء تسببت بتضرر واقتلاع 4910 أشجار، ثم محافظة رام الله بـ68 عملية اعتداء تسببت بتضرر واقتلاع 5811 شجرة.