12-مارس-2017

"انهار قطاع المزارعين والمربين الصغار، فارتفعت أسعار الدجاج اللاحم". هكذا يلخص مزارعون ومختصون ما أصبحت تُعرف بـ"أزمة الدجاج"، هذه الأيام، في الضفة الغربية، بعد ارتفاع أسعار الدجاج اللاحم وصولاً لـ21 شيكل.

وحددت وزارة الاقتصاد، يوم الأحد 12 آذار/مارس، تسعيرة الدجاج بـ17 شيكل لـ"اللحم الصافي"، و13 شيكل لـ"الريش"، على أن تكون هذه التسعيرة للأسبوع الجاري.

"ألترا فلسطين" تواصل مع مزارعين وأصحاب محلات ومسالخ لبيع الدجاج، سائلاً عن أسباب هذه الأزمة، فوجد أن أغلب المزارعين توقفوا عن التربية والشراء حاليًا، في حين انخفضت أعداد الصيصان لدى بعضهم إلى النصف أو أقل، نتيجة عدم قدرتهم على شراء المزيد، بسبب تراكم الديون.

انفلونزا الطيور في إسرائيل وعدم دعم الحكومة لـ"المزارعين الصغار" وتوقف التهريب من إسرائيل أوجد أزمة الدجاج في الضفة الغربية

ويعلل المزارعون خسائرهم بـ"الانخفاض المفاجئ والحاد" في أسعار الدواجن خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير الماضيين، ما جعلهم غير قادرين على سداد التزاماتهم لشركات العلف، والشركات التي يشترون منها البيض أو الصيصان، فأوقفوا كل شيءٍ حتى سداد التزاماتهم.

اقرأ/ي أيضًا: أعشاب سامة في "دكاكين الطب البديل" بغزة

أبرز أسباب انخفاض أسعار الدجاج اللاحم، وفق أحد المصادر، تمثل بالإقبال الكبير على التربية والزراعة بسبب انخفاض أسعار الصيصان قبل أشهر، وعدم تفشي أي أمراض، وقد رافق ذلك انخفاضٌ كبيرٌ في أسعار اللحوم الحمراء، وإقبال الناس بشكلٍ كبيرٍ عليها، ما سبب زيادةً في العرض مقابل انخفاض الطلب، وبالتالي انخفاض الأسعار وخسارة المزارعين.

ويشير مصدرٌ آخر إلى أن انخفاض الأسعار المذكور تزامن مع إعلان إسرائيل عن اكتشاف إصاباتٍ بمرض انفلونزا الطيور في قطاع الأمهات التي تنتج البيض للتفريخ، ثم يتحول إلى مزارع اللاحم ومنها إلى المسالخ.

ومع ظهور هذه الأزمة، أوصى تقريرٌ إسرائيليٌ بإعدام القطعان المصابة، وعدم استيراد أي بيضٍ مخصبٍ من أوروبا، وتحديدًا من إسبانيا، بسبب وجود شكوكٍ بأن هذا هو سبب المرض، ما أوجد نقصًا كبيرًا في البيض، وبالتالي في الدجاج اللاحم، داخل إسرائيل، وقد تبع ذلك ارتفاع الأسعار.

وتشهد الضفة الغربية، عادة، أعمال تهريبٍ للدجاج اللاحم من الداخل الفلسطيني المحتل، تكون على أشدها في قلقيلية والخليل، لكن ذلك توقف مؤخرًا، حسب مصدر مطلع، بسبب أزمة الدواجن في إسرائيل، وارتفاع أسعار الدواجن فيها عن ما كانت عليه سابقًا، إذ لم يعد الأمر مربحًا بالنسبة للمهربين.

ويؤكد مدير اتحاد المزارعين عباس ملحم، أن أعمال التهريب بقيت متواصلةً حتى بداية العام الجاري، في الوقت الذي فيه انخفضت فيه أسعار الدجاج اللاحم بشدة، ما كبّد المزارعين خسائر فادحة.

وتجري أعمال التهريب، حسب المصادر، برضا السلطة الفلسطينية أحيانًا، ولعدم قدرتها على الحد منها أحيانًا أخرى. وقد استنكر ملحم في حديثه لـ"ألترا فلسطين"، عدم سيطرة الجهات المختصة على هذه الظاهرة، في الوقت الذي كان المزارعون يحتاجون فيه بشدة لوقفها بأي وسيلة، ما شكل سببًا آخر لانهيار قطاع "المزارعين الصغار"، وفق قوله.

وفي نهاية شهر شباط/فبراير، بدا أن أسعار الدجاج اللاحم سترتفع، بعد أن تبين نقص الدجاج في المزارع بالضفة الغربية، ما دفع وزارة الزراعة إلى إصدار قرارٍ تسمح بموجبه بالاستيراد من إسرائيل خلال شهر آذار/مارس فقط.

لكن هذا القرار أُلغي بعد ساعتين فقط من إصداره، بأمرٍ من رئيس الحكومة رامي الحمدلله، ودون إصدار كتابٍ رسميٍ يفيد بالإلغاء، وذلك إثر احتجاجات المزارعين على ما اعتبروه أجحافًا بحقهم، إذ امتنعت الحكومة عن دعمهم عند انخفاض الأسعار، ثم أمرت بالاستيراد عند ارتفاعها، ما يضاعف خسائرهم، حسب قولهم.

الأزمة مستمرة

وقال ملحم، إن اتحاد المزارعين تواصل مع الجهات المختصة لبحث إنهاء الأزمة سريعًا، وأُبلغ بإنفاذ القرار السابق باستيراد الدجاج اللاحم من إسرائيل، لكن مصدرًا مطلعًا أكد لنا أن إسرائيل لا زالت غير راغبةٍ بتصدير الدجاج إلى الضفة الغربية، حتى لا تتفاقم الأزمة لديها، ما يعني أن الأزمة ستستمر حتى شهر رمضان، وربما بعد نهايته.

وعلق ملحم بأنه لا يعلم بوجود مثل هذا القرار من الجانب الإسرائيلي، مضيفًا، "إذ صح ذلك، فإن هذه فرصة للتواصل مع الأردن والاستيراد منها، والتوصل معها لاتفاقٍ تكون فيه بديلاً للجانب الإسرائيلي في استيراد الدجاج بشكلٍ دائم".

مختصون يدعون الحكومة الفلسطينية لتحديد الحد الأدنى للأسعار، كما تحدد الحد الأدنى، وإعادة الاسترداد الضريبي للمزارعين

وأضاف، بأنه لو صح امتناع إسرائيل عن تصدير الدجاج إلى الضفة، ولم تجد السلطة الفلسطينية بديلاً آخر، فإن الأزمة ستستمر بالفعل حتى شهر رمضان.

ورأى ملحم، أن هذه الأزمة أثبتت عدم وجود سياساتٍ دائمةٍ واستراتيجياتٍ حقيقيةٍ للتعامل مع الأزمات، وأن السياسة المتبعة هي "التدخلات الطارئة"، محذرًا من أن استمرار الأمور على هذا الحال يعني ربط الأمن الغذائي بشكلٍ كاملٍ بالاحتلال الإسرائيلي، ويترك السوق والمستهلك والمزارع ضحية للاحتكار.

ودعا ملحم الحكومة إلى "حماية المزارعين الصغار لضمان حماية السوق والمواطن والأسعار، وذلك من خلال تحديد الحد الأدنى والحد الأعلى للأسعار في السوق، وهذا سيكفل حماية المزارع والمواطن".

وأشار ملحم إلى أهمية أن تعيد الحكومة إنفاذ "حق الاسترداد الضريبي"، الذي يعني تمكين المزارع من استرداد ضريبة القيمة المضافة (16%) عن مدخلات الانتاج الزراعي، "ما سيساعده على المنافسة في الأسعار بما يناسب المواطن مع تحقيق هامش ربحٍ مطلوب له".

وكان مجلس الوزراء ألغى الاسترداد الضريبي المذكور في مرسومٍ أصدره عام 2011.

اقرأ/ي أيضًا: 

الضفة: محلات إلكترونية تسرق زبائنها

فيديو | التفاصيل الكاملة لاعتداء الأمن في البيرة

في الضفة: رخص سياقة بالواسطة والرشوة