19-سبتمبر-2022
بلدية ميثلون

مبنى بلدية ميثلون | فيسبوك

تعيش بلدة ميثلون جنوب شرق جنين، حالة من الغليان، في أعقاب قرار مجلس الوزراء حل المجلس البلدي الذي تشكل عقب الجولة الأولى من انتخابات الهيئات المحلية الفلسطينية 2021، بتحالف جمع بين قائمتي ميثلون للجميع (4 مقاعد) والوفاء والبناء لميثلون (2 مقاعد)، ما جعل قائمة الشهيد نزار نجم (5 مقاعد) تفقد إدارة البلدية؛ رغم تصدرها القوائم من حيث حصد الأصوات.

العشرات من أهالي ميثلون اعترضوا لجنة وزارة الحكم المحلي، واعتدى بعضهم عليها وكسروا بعض المركبات، ثم أغلق بعض "وجهاء" البلدة أبواب المجلس معلنين أن القرار لن يُنفذ

يوم الخميس 15 أيلول/سبتمبر، توجهت لجنة من وزارة الحكم المحلي لتنفيذ القرار الحكومي بحل المجلس البلدي وتسلم أعماله، إلا أن العشرات من أهالي البلدة اعترضوا اللجنة، واعتدى بعضهم عليها وكسروا بعض المركبات، ثم أغلق بعض "وجهاء" البلدة أبواب المجلس معلنين أن القرار لن يُنفذ.

في أعقاب القرار الحكومي، أصدرت بلدية ميثلون بيانًا للرأى العام، قالت فيه إن قرار مجلس الوزراء تم بتنسيب من وزير الحكم المحلي، وذلك بـ "ادعاء وجود مخالفات قانونية"، مؤكدة أن الخطوة "مخالفة للقانون وفيها تعسف في استعمال السلطة". وأعلنت البلدية أنها ستلجأ للقضاء، والتظاهر السلمي، "من أجل مصلحة ميثلون ولإيصال صوتهم إلى أعلى المستويات لإلغاء القرار".

كما أصدرت قائمتا "ميثلون للجميع" و"الوفاء والبناء"، وحركة فتح - موقع ميثلون بيانات صحفية متشابهة، أكدت فيها رفض القرار الذي "صدر بدون لجان تحقيق أو قرارات محكمة، ولا سابق إنذار، وإنما تم اعتماد تقارير كيدية كاذبة من أشخاص يريدون الحفاظ على مصالحهم الشخصية".

وكان أعضاء "كتلة الشهيد نزار نجم" -التي تصدرت القوائم من حيث عدد الأصوات- قد تقدموا باستقالتهم بشكل جماعي من عضوية المجلس البلدي قبل خمسة أيام من القرار الحكومي، وبرروا قرارهم في بيان بأنهم "عملوا جاهدين على ترسيخ نظام الشراكة والعمل في خندق واحد مع زملائهم في القوائم الأخرى منذ انتهاء العملية الانتخابية، من أجل خدمة ورفعة وتقديم أفضل الخدمات لميثلون، إلا أن ما سعينا له جاهدين قوبل بالرفض والتحزب في اتخاذ القرارات".

وأضافت القائمة: "بحوزتنا الكثير من التفاصيل حول المخالفات والتجاوزات التي آلت بنا لتقديم الاستقالة، لكي لا نكون جزءًا فيها"، متعهدة بكشف المخالفات في اجتماع سيتم تحديده قريبًا.

رئيس بلدية ميثلون فايد نعيرات، الذي يُعارض القرار ويعتبره "كيديًا وغير قانوني"، يؤكد في الوقت ذاته رفضه للاعتداء على لجنة الحكم المحلي. وفي حديثه لـ الترا فلسطين، قال نعيرات إن وزارة الحكم المحلي أرسلت قبل شهرين وبشكل دوري لجنة تقييم مالية وإدارية، وتوصلت لوجود إشكاليات في أربعة مواضيع، وراسلت المجلس بخصوصها.

وزارة الحكم المحلي أرسلت قبل شهرين وبشكل دوري لجنة تقييم مالية وإدارية، وتوصلت لوجود إشكاليات في أربعة مواضيع، وراسلت المجلس بخصوصها. والمجلس راسل الحكم المحلي في جنين أكثر من مرة لكن تبين أن موظفًا في المديرية أخفى الكتب لإيقاع المجلس في مشكلة

وأوضح نعيرات المواضيع الأربعة التي رصدتها اللجنة، وهي كالتالي:

أولاً: عبَّارة المياه التي تم منحها لمجلس سيريس. يُعلق نعيرات بأن بلدية ميثلون لم تكن بحاجة لهذه العبَّارة، وقد تم منحها لمجلس سيريس على أن يتم دفع ثمنها، أو استعادتها، منوهًا أن تقريرًا لمدير البلدية كان قد أشار إلى أن هذه العبَّارة "تشكل عبئًا".

ثانيًا: دهان أرصفة الشوارع بدون عطاء وبدون استدراج عروض. ينفي نعيرات هذه المخالفة، ويؤكد استدراج عروض ووجود فاتورة ضريبية وفاتورة خصم مصدر، مشددًا أنه "لا يوجد أي شائبة تشوب هذا الموضوع" حسب تعبيره.

ثالثًا: قيام أحد المواطنين ببناء سور على أرض تملكها البلدية، وتعديه على الأرض بمساحة 35 مترًا مربعًا. يوضح نعيرات، أن مجلس البلدية توصل لاتفاق مع المواطن المذكور على بيعه الأرض بسعر 50 دينارًا للمتر، وهي تكلفة مضاعفة بسبب المخالفة التي ارتكبها.

وأضاف، أن المجلس راسل الحكم المحلي في جنين أكثر من مرة بهذا الخصوص لأخذ إفادته حول الموضوع، لكن تبين لاحقًا أن الكتب لم تصل لمدير الحكم المحلي في المحافظة، فتوجه له رئيس المجلس واثنان من الأعضاء، "وتبين أن الكتاب كان يتم إخفاؤها عمدًا من موظف في مديرية الحكم المحلي لإيقاع المجلس في مشكلة" حسب قول نعيرات.

رابعًا: ملاحظات حول عملية صيانة صالة البلدية. يُعلق نعيرات بأن المجلس قرر صيانة الصالة بسبب عزوف الناس عنها، وكونها مصدر دخل مهم للمجلس، وخلال شهر رمضان قام بهدم غرفة داخل الصالة، فاحتاجت إلى بلاط وقصارة وصيانة كهرباء، وقد تم إنجاز هذا العمل بدون استدراج عروض، مبررًا ذلك بأن البلدية احتاجت إلى إنهاء العملية بشكل سريع لوجود حجز في ثاني أيام عيد الفطر، واستدراج العروض قد يحتاج إلى فترة تمتد لستة شهور.

وأكد نعيرات وجود أوراق وفواتير ضريبية وفاتورة خصم مصدر وصورة هوية لكل شخص عمل في صيانة الصالة، وكافة المبلغ الذي تم دفعه، وسند قبض.

على أثر هذه المخالفات، قررت لجنة الحكم المحلي تعيين مراقب مالي لبلدية ميثلون. يقول نعيرات إنه منذ حوالي 40 يومًا لم يصل إليهم من المراقب المالي أي مخالفة تستدعي اتخاذ أي إجراء بحل المجلس.

على أثر هذه المخالفات، قررت لجنة الحكم المحلي تعيين مراقب مالي لبلدية ميثلون. يقول نعيرات إنه منذ حوالي 40 يومًا لم يصل إليهم من المراقب المالي أي مخالفة تستدعي اتخاذ أي إجراء بحل المجلس

ويتهم نعيرات، وزير الحكم المحلي السابق حسين الأعرج بحل المجلس بسبب دعمه "لقائمة الشهيد نزار نجم"، مدعيًا أن الوزير الأعرج وعد بعد الانتخابات أنه لن يسمح بأن تستقيم هذه البلدية أكثر من ستة شهور.

هذه الاتهامات، نفاها وزير الحكم المحلي السابق حسين الأعرج في حديثه لـ الترا فلسطين، قائلاً إنها "مجرد دعايات"، ومبينًا أن سبب إقالة المجلس هو تقريرٌ من الحكم المحلي تضمن تجاوزات مالية وإدارية وغير ذلك، وهي حسب القانون كافيةٌ لحل البلدية.

ونفى الأعرج وجود أي اتصالات بينه وبين وزير الحكم المحلي مجدي الصالح، مضيفًا:  "إذا الوزير بدو يحل مجلس بسبب اتصال من شخص فهذه كارثة، وعندها على الحكم المحلي الرحيل وليس البلدية، وكارثة للحكم المحلي إذا بدهم يردوا على حسين الأعرج".

ودعا الأعرج بلدية ميثلون إلى الرد على تقرير الحكم المحلي بشكل مكتوب، "وفي حال لم يتم تلبية طلبهم فعليهم التوجه إلى القضاء. وإذا وجدت المحكمة أن هناك تغولاً وإساءة في استخدام القانون فسوف تحاسب الحكم المحلي ومجلس الوزراء".

وأكد الأعرج دعمه "لقائمة الشهيد نزار نجم"، لكنه استدرك: "نحن شاركنا في انتخابات حرة، ورحبنا بالنتيجة وشكرنا الكل. وبعد الانتخابات لم يعد هناك قوائم".

نفى الأعرج وجود أي اتصالات بينه وبين وزير الحكم المحلي مجدي الصالح، قائلاً إن سبب إقالة المجلس هو تقريرٌ من الحكم المحلي تضمن تجاوزات مالية وإدارية وغير ذلك، وهي حسب القانون كافيةٌ لحل البلدية

من جانبه، يؤكد المستشار القانوني لبلدية ميثلون أحمد عساف أن قرار مجلس الوزراء بحل المجلس البلدي لم يتضمن أي توضيح لأسباب حله، مضيفًا: "لجنة الرقابة المالية والإدارية التي حضرت إلى بلدية ميثلون خرجت بتقرير بأن هناك بعض المخلفات، وأوصت بمعالجة هذه المخالفات بإرسال مراقب مالي، ومن ثم تم إرسال مراقب مالي، وبالتالي لماذا يتم حل المجلس طالما أن هناك مراقب مالي يعمل بناء على توصية اللجنة؟".

تواصلنا مع "قائمة الشهيد نزار نجم" للحصول على إجابات لأسئلتنا في هذا السياق، فكان الرد بالاعتذار عن الإدلاء بتصريحات صحافية "قد تعمق الفجوة الحاصلة في صفوف الناس، ولأن الموضوع أصبح لدى الجهات الحكومية المختصة بهذا الشأن" على حد قولهم.

كما امتنع وزير الحكم المحلي عن الرد على اتصالاتنا. بينما رفض مدير الحكم المحلي في محافظة جنين عبد المجيد مدنية التعقيب على هذه القضية، وأحالنا إلى قسم الإعلام في الوزارة؛ الذي بدوره امتنع عن التعاون معنا.

ويعود أصل المشكلة إلى "الصياغة التشريعية المطاطة" الواردة في قرار بقانون رقم 9 لسنة 2008 الصادر عن الرئيس محمود عباس، بشأن تعديل قانون الهيئات المحلية رقم (1) لسنة 1997، وفقًا لما أفادنا به بلال البرغوثي، المستشار القانوني في الائتلاف من أجل النزاهة والمسائلة "أمان"، الذي أوضح أن الغاية من هذا التعديل حينها كان منح صلاحيات أوسع لمجلس الوزراء لحل الهيئات المحلية.

وفي القرار بقانون تم استحداث مادة جديدة بعد المادة (12) من القانون الأصلي، تحمل الرقم (12) مكرر، على النحو الآتي: أ. يجوز لمجلس الوزراء بتنسيب من الوزير حل مجلس الهيئة المحلية في الحالات التالية: 1. إذا تجاوز أو أخل المجلس بصلاحياته المنصوص عليها في القانون.. الخ."

أكد بلال البرغوثي، أن تقارير الرقابة المالية والإدارية السنوية يُلاحظ "كمٌ هائلٌ" من الهيئات المحلية التي يحدث فيها "تجاوزاتٌ هائلة"، ورغم ذلك لا يتم حلها، معتبرًا ذلك دليلاً أنه "في بعض الأحيان يكون هناك انتقائية في الحل"

وأضاف البرغوثي، أن هذه "الصياغة التشريعية المطاطة المرنة" لم تحدد ما هي المخالفات وكيف يتم التناسب بين عقوبة الحل وإجراء الحل وما بين المخالفة، وبالنهاية تكون المرجعية التقديرية في ذلك للقضاء عند الطعن في القرار.

وأشار إلى أن التعديل على القانون في عام 2008 بعد الانقسام كان لغايات سياسية، بسبب أن بعض الهيئات المحلية كانت محسوبة على جهات غير موالية للسلطة.

وأكد البرغوثي، أن تقارير الرقابة المالية والإدارية السنوية يُلاحظ "كمٌ هائلٌ" من الهيئات المحلية التي يحدث فيها "تجاوزاتٌ هائلة"، ورغم ذلك لا يتم حلها، معتبرًا ذلك دليلاً أنه "في بعض الأحيان يكون هناك انتقائية في الحل".

وشدَّد أن قرار حل المجلس المحلي لا يصادر صلاحيات القضاء في التحقق من التناسب بين إجراء الحل الذي اتخذ، وبين المخالفات المذكورة بحقه، مضيفًا أن مجلس بلدية ميثلون يتوجب عليه الطعن في قرار مجلس الوزراء أمام محكمة العدل العليا.