22-فبراير-2022

(MOHAMMED ABED/Getty)

اشتكى مربو الثروة الحيوانية من ارتفاع قدره 700 شيقل خلال عامين فقط، لسعر طنّ أحد أصناف الأعلاف التي تتغذّى عليها الخراف، الأمر الذي دفع عددًا من "صغار المزارعين" لبيع ما لديهم من أغنام، والاتجاه للعمل في مجالات أخرى، منها العمل في الدّاخل الفلسطيني.

 ارتفاع جنوني في أسعار الأعلاف، دفع بعض "صغار المزارعين" لترك تربية المواشي، واضطر بعضهم لرفع أسعار الألبان، ما أثار غضب المستهلكين 

أمّا من أصرّوا على الاستمرار في تربية المواشي رغم غلاء أسعار الأعلاف، فكانوا أمام خيارين، القسم الأول قام برفع أسعار منتجات الألبان واللحوم البلدية، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل المستهلكين، أمّا القسم الثاني فواصل البيع بالأسعار القديمة و"على مخسر"، كما هو الحال مع المزارع قاصد بني شمسة. 

بني شمسة الذي يعمل في تربية المواشي في بلدته بيتا جنوب نابلس منذ ثلاثة عقود، أقدم مؤخرًا على توسعة عمله وبناء "بركس" كلّفه ما يزيد عن 120 ألف شيقل. يقول في حديثه لـ "الترا فلسطين" إن عمله "على مخسر" والمشكلة أنّ "من بدأ العمل لا يستطيع التوقف"، وفي حالته جهّز حظيرة لخرافه أثقلته بالديون، وليس أمامه إلّا الصبر كما يقول. 

يقول بني شمسة إنّ أغنامه تحتاج إلى أكثر من طن ورُبع الطن من الأعلاف شهريًا، وقد كان قبل شهر يشتري طنّ الشعير بسعر 1350 شيقلًا، أما اليوم فيدفع مبلغ 1520 شيقلًا مقابل الكمية ذاتها. أمّا صنف علف الخراف فارتفع سعره مئتي شيقل في آخر شهرين، وصار سعر الطن 2000 شيقل.

 يرى المزارع بني شمسة أنّ حصيلة تعبه وكدّه يذهب في مجمله للتاجر 

انخفاض سعر صرف العملة واحد من أسباب ارتفاع أسعار الأعلاف كما يشير قاصد بني شمسه، إذ يبيّن أنه كان يشتري أي كيس من الأعلاف ويدفع 20 دينار للبائع والذي يُعيد له بدوره 30 شيقلًا، أما اليوم فيقول إنه يدفع العشرين دينار، وفوقها 30 شيقلًا لبائع الأعلاف، الأمر الذي دفعه للاتجاه بأغنامه نحو الجبال، كي يتمكّن من الاقتصاد في شراء الأعلاف وتوفير الأموال قدر الإمكان. 

ويربي بني شمسة الأغنام والخراف بغرض التسمين والبيع، ولديه العديد من الأغنام التي توفّر له منتجات الألبان التي يوزّعها على البقّالات والمحال التجارية في بلدته. يقول في حديثه لـ "الترا فلسطين" إنه يبيع علبة اللّبن للدُكّان بسعر 3.30 شيقل، أي أن كل 3 علب لبن بسعر 10 شيقل، ويرفض التاجر أخذها بأكثر من ذلك، ويبيعها للزبائن بسعر 5.5 شيقل.

 رفض أصحاب المحال التجارية استلام الألبان بعد رفع سعرها، ما اضطر المزارع للتعميم على أصدقائه وجيرانه ليبيعهم منتجاته بشكل مباشر 

وللتخفيف من حجم خسارته قدر الإمكان يقول إنه حاول رفع الأسعار لكن أصحاب المحلات لم يقبلوا بذلك، حتى أن صاحب المحل الذي يبيعه ألبان أغنامه يرفض أن يعطيه مالًا، ويشترط عليه أن يشتري بضاعة بدلًا من ذلك، رغم أن المزارع يحتاج "الكاش" ليشتري الأعلاف، كما يقول، وهو ما دفعه للتعميم على جيرانه وأصدقائه ليبيعهم المنتجات بشكل مباشر، وبسعر أقل مما يحصلون عليه من البقّالات. 

اقرأ/ي أيضًا: رمضان يقترب.. أزمة في استيراد البيض المخصّب لغزة

لا يختلف حال فؤاد فقهاء مربي المواشي في بلدة سنجل شمال رام الله عن "بني شمسة" في بيتا. يقول فقهاء إنه كان قبل عامين يشتري طن العلف من نوع الخلطة [بروتين 18] بسعر 1400 شيقل، أما آخر سعر اشترى به هذه الأيام فوصل 2150 شيقلًا للطن. 

وليس بإمكان المزارع فقهاء التوجّه للرعي كما يفعل بني شمسة، فالمستوطنات الإسرائيلية تحيط ببلدته سنجل، الأمر الذي يضطره لشراء العلف بالسعر المرتفع، وهذا ما يدفعه لرفع أسعار اللحوم ومنتجات الألبان، وبات اليوم يبيع سعر كيلو الجبنة مثلًا بـ30 شيقلًا بدلًا من 25، ورغم ذلك فإنّ هامش الربح لديه ضئيل جدًا. 

ويشير فقهاء في حديثه لـ "الترا فلسطين" إلى أنّ المواطن الفلسطينيّ يوجّه لهم اللوم على ارتفاع الأسعار دون البحث عن السبب الحقيقيّ لهذا الارتفاع. 

ويطالب فقهاء الحكومة الفلسطينية بتحمُّل مسؤولياتها، ودعم المزارع ومربي الثروة الحيوانية، ومراقبة أسعار شركات تصنيع الأعلاف، لأنه في النهاية المزارع مضطر لشراء الأعلاف بأي سعر حتى لا يترك أغنامه في الجوع. 

اقرأ/ي أيضًا: أسعار منتجات الألبان: تطورات جديدة

موسى العاروري، المدير التنفيذي لإحدى شركات تصنيع الأعلاف في فلسطين يؤكد ارتفاع أسعار الأعلاف، ويبيّن أنّ هذا الارتفاع بدأ مع جائحة كورونا قبل سنتين.

ويشير العاروري في حديثه لـ "الترا فلسطين" إلى أنّ هناك 25 نوعًا من الأعلاف، ولكل نوع سعر معيّن، فمثلًا سعر طن علف الخراف كان 1400 شيقل، وصار اليوم 1800 شيقل. وكذلك سعر طن علف الدجاج الذي وصل 2400 شيقل بعد أن كان 1900 شيقل.

ويبيّن أنّ الأسعار لم تستقر بعد، وما تزال تواصل الارتفاع، وسبب ذلك ارتفاع مدخلات التصنيع التي تدخل في تصنيع الأعلاف، من الذرة والقمح والشعير والزيوت وفول الصويا، وجميعها أصناف مستوردة، وتأثّر سعر الحصول عليها بارتفاع تكلفة أسعار الشّحن عالميًا، وبانخفاض سعر صرف الدولار، علاوة على المشاكل التي واجهت الزراعة عالميًا (الانحباس الحراري) وانعكست على انخفاض الإنتاج، وانخفاض المخزون الاستراتيجي للدول المُصدِّرة.

 الأسعار لم تستقر بعد، وما تزال تواصل الارتفاع

ويوضح العاروري أنّ سعر طن الصويا مثلًا ارتفع من 400 إلى 650 دولارًا، والذرة ارتفعت 70 دولارًا، والشعير ارتفع هو الآخر 80 دولارًا، والعديد من المدخلات الأخرى ارتفعت بما لا يقل عن 200 دولار، والزيت تضاعف سعره.

 

وينفى العاروري أن تكون الحكومة فرضت ضرائب جديدة على الأعلاف، غير أنه يشير إلى غياب الاهتمام الحكومي بهذا القطاع.

تجدر الإشارة إلى أنّ "الترا فلسطين" حاول الاتصال مع أكثر من مسؤول في وزارة الزراعة، للحصول على تعقيب، دون جدوى.


اقرأ/ي أيضًا:

بردلة.. الموت عطشًا

بقرات مغضوب عليهنّ!

مربو الدواجن بغزة.. خسائر وسجون!