18-مارس-2024
شُح في توفر الطحين وارتفاع أسعاره شمال غزة

دخول مساعدات غذائية إلى شمال قطاع غزة، جاء نتيجة اجتماعات بين وفود عائلات وممثلين عن وكالة أونروا - getty

الترا فلسطين | فريق التحرير

حصل "الترا فلسطين" من مصدر فصائلي خاص، على كواليس ترتيب دخول مساعدات غذائية إلى شمال قطاع غزة، والتي جاءت نتيجة اجتماعات بين وفود عائلات وممثلين عن وكالة أونروا. وعُقد اجتماعٌ السبت حضره ممثلون عن قوى الأمن الفلسطيني في غزة، لبحث سبل وآليات إدخال المساعدات، بشكل آمن دون معيقات.

مصدر خاص كشف لـ الترا فلسطين كواليس ترتيب دخول مساعدات غذائية إلى شمال قطاع غزة، بعد اجتماعات بين وفود عائلات وممثلين عن وكالة أونروا 

وقدّمت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في وقت سابق مقترحًا للعائلات خلال اجتماعٍ عُقد الأربعاء الماضي في مجمع الشفاء الطبي، نصّ على أن تتسلّم العشائر المساعدات بعيدًا عن حضور وتواجد عناصر الأمن الذين يتبعون لحركة حماس التي تدير قطاع غزة، وهو طرحٌ مرفوض وفق الشخصيات التي حضرت الاجتماع.

رجل في جباليا شمال قطاع غزة، يعرض كميّة طحين حصل عليها من أونروا مع دخول أول قافلة مساعدات إنسانية منذ أشهر (داوود أبو الكاس/getty).
كميّة طحين حصل عليها هذا الرجل في جباليا شمال قطاع غزة من وكالة أونروا مع دخول أول قافلة مساعدات إنسانية منذ أشهر (داوود أبو الكاس/getty).

ووفق المصدر، حاولت أونروا خلال اجتماع الأربعاء تقديم مقترحات من شأنها استمالة موقف العشائر، حيث عرضوا إدخال نحو 100 شاحنة مساعدات يوميًا، وكان الموقف واضحًا برفض العشائر أن تلعب دورًا يتجاوز سلطة قطاع غزة، حتى لا يكونوا جزءًا من مرحلة انتقالية لتشكيل إدارة جديدة للقطاع وفق الرؤية الإسرائيلية، بالإضافة إلى عدم وجود ممثلين معروفين عن عائلات كثيرة نزح مختارها أو ارتقى بفعل القصف الإسرائيلي. مشيرًا إلى أن العائلات طالبت خلال الجلسة، وكالة أونروا بأن تنشر طواقمها لتعمل هي على توزيع المساعدات.

وبعد جلسات من التفاوض، أبدت الأجهزة الأمنية في غزة مرونة بالحوار، حيث نتج عنها قبول دخول المساعدات واستلامها من قبل العشائر، على أن تتم حمايتها من قبل "لجان طوارئ" مشكّلة من قوى مسلّحة من الفصائل، على رأسهم حركة حماس، التي وضعت خطّة ميدانية لمنع سرقة المساعدات وضبط وصولها لأوسع شريحة من الناس.

وكانت المساعدات التي تدخل قطاع غزة عبر حاجز "نتساريم" الذي تتمركز فيه دبّابات جيش الاحتلال الإسرائيلي، تتعرض للسرقة من قبل عصابات تتبع لبعض العائلات التي تربطها عداوة مع حركة حماس منذ أحداث غزة عام 2007. وتتم عرقلة حركة شاحنات المساعدات التي تدخل عند دوار الكويت في شارع صلاح الدين بغرب غزة، وسرقتها بقوة السلاح من الناس على مرأى جنود الاحتلال.

دور العشائر تمثّل بتسهيل دخول المساعدات، بينما كانت عملية التأمين والاستلام والتوزيع تتم عبر جهات مسلّحة تابعة للفصائل

ويقول أحد رجال عشائر بيت لاهيا والذي حضر الاجتماعات، في حديث لـ الترا فلسطين إن دور العشائر كان لتسهيل عملية دخول المساعدات، بينما كانت عملية التأمين والاستلام والتوزيع تتم عبر الجهات المسلّحة من قبل الفصائل والتي تنظم العملية بشكل يضمن التوزيع العادل.

وتابع المصدر العشائري: "رفضنا أن نكون بديلًا عن وكالة أونروا، أو عن سلطة قطاع غزة، وقلنا إننا مستعدون للتعاون مع الجهات المسؤولة أمميًا وفلسطينيًا لكننا لا نحل محلّ أحد (...) وخلال جلسات التفاوض خرجنا برؤية لتشكيل لجان تحت مسميات شعبية أو طوارئ هدفها تأمين المساعدات، وتلقينا وعودًا باستمرارية تدفق الشاحنات للشمال".

خطة حماية المساعدات

وبحسب مصدر من الفصائل في قطاع غزة تحدّث لـ الترا فلسطين، فإن لجان الطوارئ انتشرت في محيط دوار "دولة" الذي يبعد مسافة نحو كيلومتر عن دوار الكويت الذي تدخل من عنده المساعدات، ومنعوا الناس من التوجه نحو دوار الكويت، للحفاظ على مسارٍ آمنٍ للشاحنات، وفي ذات الوقت أرسلوا رسائل تهديدٍ للعائلات والعصابات بأن أي سلوك منهم يعرقل دخول المساعدات ستضطر لجان الطوارئ للتعامل معه بالقوة وإطلاق النار.

 تعميم ورقيّ جرى تعميمه في شوارع غزة
 تعميم ورقيّ جرى تعميمه في شوارع غزة

وتزامنًا مع هذه الخطّة، انتشر تعميم ورقيّ في الشوارع، يحمل توقيع قوى الأمن الفلسطيني، جاء فيه: "يمنع منعًا باتًا التوجّه إلى دوار الكويت لاستلام المساعدات، ويمنع التجمهر على شارع صلاح الدين أثناء قدوم المساعدات، ومن يخالف التعليمات ستتم محاسبته ومصادرة المساعدات التي بحوزته".

عامل يقوم بفرز أكياس الطحين لتوزيعها على المحتاجين، بعد أشهر من عدم دخول الطحين إلى شمال القطاع. Getty
فرز أكياس الطحين لتوزيعها على المحتاجين، بعد أشهر من منع إسرائيل دخول الطحين إلى شمال القطاع - Getty

وتابع المصدر: "حاولت لجان الطوارئ أن توزّع المساعدات بشكل منظم قدر الإمكان، حيث دعت الناس للتوجّه إلى منطقة الصناعة جنوب شرق غزة، وعبر إظهار الهويّة الشخصية، أو تقديم الاسم الرباعي، على أن تستلم كل عائلة من 3 - 5 كيلوغرام من الطحين. وشهد توزيع مساعدات مدينة غزة شكلًا أقل نظامًا من مناطق شمال غزة حيث استقرّت المساعدات في مراكز تتبع لوكالة أونروا وعمل ممثلو العائلات على توزيعها وسط حضور لجان الطوارئ المسلّحة".

وأكد المصدر أنّ التعليمات الصادرة من حركة حماس والفصائل إلى لجان الطوارئ "بأن يتعاملوا بصرامة مع من يعرقل عملية التوزيع أو يحاول سرقة المساعدات".

ودخلت 13 شاحنة إلى محافظتي غزّة وشمال غزة ليلة السبت تضم 5700 كيس طحين، 6 شاحنات إلى مدن محافظة شمال غزة، و7 شاحنات إلى محافظة غزة، وتمت توزيعها بشكل علني دون أن أي تعدّيات تذكر، حيث عملت العائلات على تسهيل دخول الشاحنات، بالإضافة إلى وجود دور رقابي لشخصيات من مؤسسات المجتمع المدني، والجهات الحكومية، وبمتابعة من المؤسسات الدولية الإغاثية وتحديدًا الأونروا.

رفضت العشائر شمال غزة أن تلعب دورًا يتجاوز سلطة حماس، حتى لا يكونوا جزءًا من مرحلة انتقالية لتشكيل إدارة جديدة للقطاع وفق الرؤية الإسرائيلية

ومساء الأحد دخل 9 شاحنات مساعدات إلى مخيم جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا شمال قطاع غزة. ومن المتوقع أن يستمر دخول الشاحنات إلى مناطق الشمال بذات الآلية، حيث دخل الطحين عبر تنسيق وكالة أونروا، ومن المتوقع أن تدخل مساعدات تشمل إضافة للطحين، "معلّبات" ومواد غذائية عن طريق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".

ويشار إلى أنّ مناطق شمال قطاع غزة التي يعيش فيها نحو 700 ألف مواطن، لم تشهد دخول المساعدات بشكل منتظم منذ 163 يومًا نتيجة الاستهداف المتكرر من قبل الاحتلال للطواقم الشرطية التي تحمي المساعدات، بالإضافة لارتكاب العديد من المجازر بحق المدنيين أثناء انتظار المساعدات، ما أدى لانتشار حالة فوضى، بدأت تتلاشى بعد تنسيق بين العشائر والمؤسسات الدولية والمتابعة الحكومية في غزة.