04-نوفمبر-2022
gettyimages

gettyimages

تتعرض المحكمة العليا في دول العالم التي تحكمها أحزاب يمينية للهجوم باستمرار، باعتبارها هيئةً غير منتخبة، وتمثل القواعد والنخب الليبرالية، ومعادية للشخصيات اليمينية، التي تبحث عادةً عن سلطات مطلقة الصلاحيات، ومع عودة اليمين بتنويعاته الفاشية للحكم في دولة الاحتلال، يعود الجدل والتصويب على المحكمة العليا مرةً أخرى، وهي نقاشات مستمرة منذ سنوات، ولكنها تتعزز الآن مع سيطرة اليمين على الحكم.

ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية، وكما تقترح الكثير من الدراسات والتقارير الحقوقية، فإنها مساهمة في الاحتلال بشكلٍ كبير، وتعمل على شرعنته باستمرار، ومنحت الضوء الأخضر لبناء المستوطنات، وتجاهلت الظروف المعيشية للفلسطينيين، إلّا أنها لا ترضي اليمين الصهيوني والرغبة المحمومة بالتوسع وقضم المزيد من الأرض، وتجاهل السياسات الصهيونية في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 48 بشكلٍ كامل، وتحافظ على تدخلها في معظم القضايا، بما لا يرضي اليمين، الذي يطمح إلى السيطرة/ تفكيك كافة المؤسسات غير المنتخبة، التي يفترض أن تحافظ على سير النظام السياسي، ضمن محدداته الدستورية. يتكامل ذلك، مع الأجواء الشعبوية في "إسرائيل" والتي تم استنفارها بشكلٍ كبير خلال الانتخابات الأخيرة، والتي انعكست بالوصول إلى أعلى نسبة تصويت منذ عام 1999، وهو ما انصب في صالح اليمين، الذي يعتبر نفسه الممثل الأكبر لـ"شعب المستوطنين" وبالتالي يتصرف باسم "الشعب" ويمتلك كافة الصلاحية على أساس حصوله على تفويض "الشعب".

مع عودة اليمين بتنويعاته الفاشية للحكم في دولة الاحتلال، يعود الجدل والتصويب على المحكمة العليا مرةً أخرى

وحول ذلك نشرت صحيفة "معاريف" العبرية تقريرًا بعنوان "فرصة اليمين الكُبرى: الطريق نحو الثورة في المحكمة العليا؟"، وبحسب الصحيفة من المتوقع أن يتقاعد أربعة من كبار القضاة في السنوات المقبلة - ثلاثة منهم يعتبرون ليبراليين". مشيرة إلى أن الائتلاف الحكومي اليميني، وفي حال تمكن من تغيير تشكيل لجنة القضاة في المحكمة العليا، سيكون قادرًا على تعيين قضاة محافظين وتشكيل وجه المحكمة العليا لسنوات عديدة قادمة.

تنبع أهمية المحكمة العليا الإسرائيلية، من امتلاكها صلاحية إلغاء أي قانون يشرعه الكنيست في حال ثبت لديها أنه يتعارض مع قوانين الأساس (بديلة الدستور في إسرائيل). والمحكمة العليا في "إسرائيل" هي أعلى سلطة قضائية في إسرائيل، وتشمل عددًا محدودًا من القضاة. ويتم في العادة تعينهم دائمًا حتى سن السبعين، وهو سن التقاعد للقضاة في المحكمة العليا التي تملك أربع صلاحيات أساسية وهي، أولًا، أن تعقد المحكمة بهيئة محكمة العدل العليا. ويتم انعقاد المحكمة على هذا النحو للبت في التماسات مقدمة من أي شخص ضد أيّ سلطة رسمية في "إسرائيل"؛ وفي بعض الأحيان من قبل جمعيات متخصصة باسم جمهور معين أو باسم مصلحة الجمهور بشكل عام، وفي حالات نادرة جدًا من سلطة رسمية ضد سلطة رسمية أخرى. ثانيا، تتشكل كهيئة استئناف على قرارات الحكم الصادرة عن محكمة مركزية. وثالثًا، عقدها جلسة إعادة نظر في قرارات أصدرتها المحكمة العليا نفسها، ويتم ذلك في حالات نادرة، بوجود إشكالية قضائية معقدة أو جديدة نسبيًا. ورابعًا، طلب إعادة المحاكمة في قضية جزائية ويكون ذلك على أساس وجود أدلة جديدة في قضية معينة تتعارض مع أدلة قائمة أو في حالة إيجاد متهم آخر بارتكاب نفس التهمة، أو في حالات نادرة في قضايا معينة يمكن أن تقيم الشك حول مصداقية وعدالة إدانة المتهم فيها. بحسب قانون الأساس المخصص للقضاء في القانون الإسرائيلي، فإن قرارات المحكمة العليا مُلزمة لكل هيئة قضائية دونها، بينما هي غير ملزمة للمحكمة العليا ذاتها.

وبحسب الصحيفة "ستنال الحكومة اليمينية التي سيتم تشكيلها بحسب التوقعات، إذا استمرت لمدة أربع سنوات، فرصة تعيين أربعة قضاة في المحكمة العليا بدلاً من أربعة قضاة حاليين سيتقاعدون في السنوات الثلاث المقبلة -يعتبر ثلاثة منهم نشطاء ليبراليون- وبالتالي تشكيل وجه المحكمة العليا للسنوات المقبلة، من خلال تعيين قضاة محافظين".

ووفقًا للصحيفة "من المتوقع أن تتقاعد قاضيتان في العام المقبل -تنهي الرئيسة إستر حايوت فترة ولايتها في 16 تشرين أول/ أكتوبر 2023، بعد أربعة أيام من القاضي عنات بارون. وبعد عام أيّ في 6 تشرين أول/ أكتوبر 2024، سيتقاعد نائب الرئيس القاضي عوزي فوجلمان، وبعد عام آخر، أي في 20 أيلول/ سبتمبر 2025، يتقاعد القاضي يوسف إلرون."

لدى اليمين العديد من الانتقادات الموجهة للمنظومة القضائية بشكل عام، والمحكمة العليا بشكل خاص، ويرغبون في تعيين قضاة محافظين يتدخلون بدرجةٍ أقل في أعمال الحكومة والكنيست

ولفتت الصحيفة النظر إلى أنه "لدى اليمين العديد من الانتقادات الموجهة للمنظومة القضائية بشكل عام، والمحكمة العليا بشكل خاص، ويرغبون في تعيين قضاة محافظين يتدخلون بدرجةٍ أقل في أعمال الحكومة والكنيست. وقد يرغبون أيضًا في تقليص حق المثول أمام المحكمة العليا. لكن السؤالان المحوريان في هذا الإطار هما، من سيكون وزير القضاء القادم وكيف سيتم اختيار القضاة بعد تشكيل الحكومة المقبلة، لا سيما في ظل الوعد الانتخابي لحزب الصهيونية الدينية الذي بات الحزب الثاني في الائتلاف الحكومي المقبل بتغيير لجنة اختيار القضاة في المحكمة العليا بحيث يكون للسياسيين أغلبية في اللجنة، مقارنةً بالوضع الحالي حيث يملك فيه الساسة أربعة أعضاء من تسعة".