30-أغسطس-2023
مجموعة من السياح والأجانب والمستوطنين بجانب كروم عنب، زرعها المستوطنون بعد الاستيلاء على الأراضي هناك قرب قرية جالود

سياح ومستوطنون بجانب كروم عنب، زُرعت بعد الاستيلاء على الأراضي في قرية جالود جنوب شرق نابلس

اتّهمت جمعيّة حقوقيّة إسرائيلية منظمة "اليوبيل" الأمريكية الانجيلية بتمويل استيلاء مستوطنين في بؤرة "ايش كوديش" على أرض فلسطينية خاصّة في سهل قرية جالود جنوب شرق نابلس، وتجريفها، وسرقة التراب الأحمر منها، لصالح مستوطني "فتية التلال" الإرهابيين.

منظمة إنجيلية أمريكية تموّل مستوطنين إرهابيين "فتية التلال" للاستيلاء على أراض فلسطينية خاصّة جنوب شرق نابلس

وكشفت جمعية "كيرم نابوت" الحقوقية الإسرائيلية في تقرير لها أن المنظمة الإنجيلية المسيحية الأمريكية "Hayovel" استولت على عشرات الدونمات جنوب قرية جالود بالتعاون مع المستوطنين، وأقامت فيها مقرها القيادي الذي وصفته الجمعية بـ "البؤرة الاستيطانية الجديدة".

والمنظمة الأمريكية "اليوبيل" (هيوبيل كما تُلفظ بالعبرية)، مسجّلة في الولايات المتحدة الأمريكية كمنظمة غير ربحية تقدم "خدمة ومساعدة إلى المجتمعات الزراعية في إسرائيل"، ما يعني أن جميع التبرعات لهذا المشروع معترف بها لأغراض ضريبية.

شعار منظمة Hayovel على صفحتها في "فيسبوك" والتي تقول إنها غير ربحية، وتجمع متطوعين مسيحيين من جميع أنحاء العالم
شعار منظمة Hayovel التي تقول إنها غير ربحية، وتجمع متطوعين مسيحيين من أنحاء العالم

وكانت منظمة "كيرم نابوت" التي تقول إنها تعمل لمراقبة وبحث سياسة الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية، قد كشفت قبل 8 أشهر عن أن منظمة "اليوبيل (هيوپيل بالعبرية)" المسيحية الأصولية التي تجلب سياحًا إنجيليين، معظمهم من الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة المستوطنين الأشد إرهابًا في الضفة الغربية، استولت على الأراضي الزراعية المملوكة لسكان قرية بورين نيابةً عن المستوطنين من مستوطنة "هار براخا".

وجاء في بيان نشرته "كيرم نابوت" أن "أعضاء هذه المنظمة اليمينية المتطرفة، التي يقع مركزها المحلي أيضًا في بؤرة استيطانية غير قانونية، لم يتوقفوا عن نهب الأراضي فحسب، بل يفعلون ذلك مثل أصدقائهم في المستوطنات والبؤر الاستيطانية علانية. إنهم يدركون أيضًا، أنه في ظل الحكومة (الإسرائيلية) الحالية، فإن الممتلكات الفلسطينية، خاصة إذا كانت في المنطقة ج، مُستباحة.

وأشارت إلى أن السائحين الأمريكيين توجّهوا إلى أراضي قرية جالود، وفي الأسابيع الأخيرة استولى أعضاء "هيوبيل" مع المستوطنين، على عشرات الدونمات وشيّدوا بؤرة استيطانية أقاموا فيها مقرًا قياديًا لهم تحت بؤرة "إيش كودش" الاستيطانية.

وبيّنت أن الأعمال في المنطقة تجري دون تصريح رسمي ومع خرقٍ واضح وصريح للقانون، ولكن هذا خارج اهتمامات "الإدارة المدنية" وجيش الاحتلال، بل هم هناك لحراستهم أثناء نهب ممتلكات الفلسطينيين الذين يعيشون على بعد حوالي كيلومتر واحد من هناك.

وأظهرت إحدى الصور مجموعة من السياح والأجانب والمستوطنين بجانب كروم عنب، زرعها المستوطنون بعد الاستيلاء على الأراضي هناك.

أحد مشاريع الزراعة في المستوطنات، والتي تموّلها المنظمة الإنجيلية الأمريكية
أحد مشاريع الزراعة في المستوطنات، والتي تموّلها المنظمة الإنجيلية الأمريكية

وتؤكد المحامية قمر مشرقي من مؤسسة حقل للدفاع عن الأراضي وحقوق الإنسان التي تتابع ملفات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وزراعتها في المنطقة، على وجود هذا النوع من الجمعيات الأمريكية التي تقوم بهذا الدور، وهم يؤمنون أنّ اشتعال الأوضاع من شأنه أن يُسرّع قدوم المسيح المخلّص، وفق معتقداتهم.

المحامية قمر مشرقي: هذه الجمعيات تدفع الكثير من الأموال للمستوطنين للزراعة في مناطق بالضفة الغربية، ولديهم أكثر من مشروع 

وبحسب المحامية مشرقي في حديثها لـ "الترا فلسطين" فإن هذه الجمعيات تدفع الكثير من الأموال للمستوطنين للزراعة في مناطق بالضفة الغربية، ولديهم أكثر من مشروع من هذا النوع، ويدعمون "فتيان التلال" الإرهابيين.

وبؤرة "إيش كوديش" هي بؤرة استيطانية غير قانونية، جزء منها مقام على أراضي مصادرة كأراضي دولة، ويقوم المستوطنون بتوسعتها حاليًا عن طريق الاستيلاء على أراض فلسطينية خاصة ويصعب (شرعنتها)، لذا يقومون بزراعتها، وبشكل تدريجي يتم توسيع منطقة النفوذ إن لم يكن عن طريق البناء فعن طريق الزراعة وبشكل خاص كروم العنب.

وأكدت مشرقي أنهم يواجهون عقبات قانونية وزاد الأمر في آخر عامين، إذ بعثوا للمستشار القانوني الإسرائيلي، وللشرطة، حول سرقة المستوطنين للتراب من سهل جالود ونقله، وأبلغوهم بهويات المستوطنين المتورطين في هذه الأعمال، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء ضدّهم، وجرى إغلاق الملف في اليوم الذي قدموا فيه الشكوى.

رئيس مجلس قروي جالود: المستوطنون يزحفون للاستيلاء على المزيد من الأراضي في منطقتنا، ويزرعونها بالعنب

رئيس مجلس قروي جالود، رائد حج محمد من عائلة تضررت كثيرًا من أنشطة المستوطنين واعتداءاتهم على الأرضي، يقول لـ "الترا فلسطين"، إنه ومنذ شهرين يجري توسيع كبير وبشكل يومي، إذ جرف المستوطنون مساحات قرب المستوطنة، وسرقوا التراب الأحمر من السهل ووضعوه في الأراضي المجروفة تمهيدًا لزراعتها. ويوم أمس وضعوا خيامًا وبيوت متنقلة على جبل قريب من المستوطنة أيضًا، ما يعني أنهم يزحفون للاستيلاء على الأراضي في منطقتنا، وتحديدًا بين مستوطنتي "أيش كودش" و"إحيا".

ويقول "حج محمد" إنهم يواجهون تحديات قانونية، وصعوبات وعراقيل تضعها أمامهم شرطة الاحتلال والمحاكم الإسرائيلية من بينها تعقيد استصدار الأوراق الثبوتية للأراضي. ودلل على ذلك بأن أحد مواطني جالود كان يزرع أرضه منذ عشرات السنين، لكن مستوطنًا استوطن في الأرض مدعيًا أنها لجدّه، فحضر الجيش وطلب من صاحب الأرض؛ الفلسطيني المعترض على المستوطن إثبات أنها له، وليس العكس، ولم يطلب ذلك من المستوطن.

مستوطنون يستولون على الأراضي الفلسطينية ويزرعونها بالعنب
مستوطنون يستولون على الأراضي الفلسطينية ويزرعونها بالعنب

كذلك يقول هاني عادل، رئيس مجلس قروي قصرة المجاورة إن هناك العديد من البؤر الاستيطانية التي انتشرت في المنطقة، وهناك بؤرة جديدة يجري إنشاؤها قرب مستوطنة إيش كودش وتُزرع بالعنب، وتم الاستيلاء على كل قمم الجبال في المنطقة، وفي كل يوم يجري استيلاء جديد، حتى أصبحوا محاصرين من هذه البؤر الاستيطانية من كافة المناطقة، إما بجلب بيت من الصفيح أو خيمة ويقيم فيها مستوطن راعي.

ويشير عادل في حديث مع "الترا فلسطين" إلى أن المخطط يستهدف كل المنطقة بهدف فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها، وفصل وسط الضفة الغربية أيضًا عن الأغوار، حيث كانت هذه القرى في السابق هي "شفا غورية" أما الآن فإن سفوح الأغوار باتت بيد المستوطنين حيث يمتد الاستيطان من جبل صبيح قرب حاجز زعترة، وحتى مناطق قرى مخماس وبرقة ودير دبوان.

شعوان جبارين: الجمعيات الأمريكية التي تدعم الاستيطان ظاهرة موجودة

ويؤكد شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق على وجود العديد من الجمعيات الأمريكية التي تدعم الاستيطان، وهذه الظاهرة موجودة، ونحن إزاء جمعيات أمريكية واسترالية وأخرى في أوروبا تتمتع بإعفاء ضريبي على أساس أنها جمعيات خيرية تقوم بعمل إنساني، لكنها من الناحية العملية ترسل مئات ملايين الدولارات بشكل متواصل لنشاطات مختلفة في المستوطنات، وجزء من النشاطات التي تموِّلها الاستيلاء على الأراضي، والبناء والزراعة في الضفة الغربية.

ويبيّن شعوان جبارين أنهم كمؤسسات حقوقيّة يركزون في عملهم على الربط بين هذه الجمعيّات، وبين النشاطات الاستيطانية حتى يكون هناك نوع من الملاحقة لها وبالحد الأدنى كي تُحرم من الإعفاء الضريبي الذي يوفّر لها مليارات الدولارات، وهي جمعيّات شريكة في الاستيطان بالضفة الغربية.