الترا فلسطين | فريق التحرير
قالت الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال"، اليوم الثلاثاء، إن المحكمة العسكرية التي تنظر في قضية مقتل الناشط والمعارض السياسي نزار بنات مكبلة الأيدي، وغير قادرة على بسط يدها على الدعوى، وتتعرّض قراراتها للإهانة، من قبل جهات تنفيذية.
أوصى التقرير بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لفحص الملابسات التي أدت إلى إخفاق المحكمة العسكرية في إجراءات المحاكمة بفاعلية
جاء ذلك في تقرير "مدافعو ومدافعات حقوق الإنسان في فلسطين.. العدالة المنقوصة، عامٌ على مقتل الناشط الحقوقي نزار بنات" الذي صدر عن هيئة "استقلال"، وعُرض في جلسة عامة برام الله، حضرها مراسل "الترا فلسطين".
ويرصد التقرير واقع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في فلسطين خاصة في الأحداث التي تلت مقتل الناشط نزار بنات في حزيران 2021.
وأكدت الهيئة، في التقرير الذي عرضه المدير التنفيذي لـ "استقلال" المحامي ماجد العاروري، أن المحكمة العسكرية أخفقت في إجراء محاكمة عادلة وفاعلة قادرة على تحقيق العدالة لنزار.
وأوصت الهيئة في تقريرها، بإحالة ملف الدعوى إلى المحاكم النظامية الفلسطينية، وإعادة كافة إجراءات محاكمة قضية نزار بنات التي تمت حتى هذه اللحظة بما فيها التكييف القانوني للتهمة، والعمل على استكمال إجراءات المحكمة بما يضمن المحاكمة العادلة، وتحقيق العدالة لنزار بفاعلية وفي وقت مناسب وسريع.
كما أوصت بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لفحص الملابسات التي أدت إلى إخفاق المحكمة العسكرية في إجراءات المحاكمة بفاعلية وشفافية بعيدًا عن أي انتقاص في نتائجها.
وبحسب "استقلال" فإن نتائج الاستماع إلى مجريات محاكمة المتهمين بقتل "نزار بنات" خاصة شهود النيابة، أفادت أن السبب الحقيقي لملاحقته من قبل أجهزة السلطة كانت آراؤه السياسية، كما أن حملات التحريض والتعبئة التي طالت شخص "نزار" خلقت بيئة مناسبة لاغتياله.
وبحسب هيئة "استقلال" فقد تلكّأت مؤسسات السلطة بدرجة كبيرة في بدء تحقيق جنائي رسمي في حادثة مقتل "بنات"، واستعاضت عن ذلك بتحقيقٍ إداريٍّ من خلال لجنة شكّلها رئيس الوزراء، واتّسم عمل اللجنة بضعفٍ شديد بسبب اعتذار العديد من الأطراف عن عضوية لجنة التحقيق.
وقالت "استقلال" إن النيابة العسكرية تعاملت بجدية مع ملف التحقيق المتعلق بحادث مقتل بنات، حيث نجحت ببناء ملف تحقيقي يتهم المجموعة المكونة من 14 شخصًا، بالضرب المفضي إلى الموت بالاشتراك، وإساءة استعمال السلطة بالمصادرة والعنف وبالاشتراك، ومخالفة التعليمات العسكرية.
وأضافت "استقلال" أن النيابة العسكرية قامت بتقديم بيّناتها لهيئة المحكمة وإحضار الشهود ذوي العلاقة بالقضية بكفاءة وفاعلية بدءًا من جلسة المحاكمة المنعقدة بتاريخ 4/10/2021، وانتهت من تقديم بياناتها في الجلسة المحاكمة المنعقدة بتاريخ 5/12/2021، بواقع 10 جلسات لبينات النيابة، حيث تم الاستماع خلالها إلى حوالي 22 شاهدًا أحضرتهم النيابة العامة لأخذ إفادتهم أمام المحكمة، وتم إبراز شهادات 3 شهود دون حضور الجلسات، بذلك تكون المحكمة قد استكملت الاستماع وإبراز ما مجموعه 25 شاهدًا خلال شهرين فقط.
ولكن في المرحلة الثالثة بحسب "استقلال"، وهي مرحلة بينات الدفاع، استمعت المحكمة خلال 9 جلسات عقدت طوال نحو 6 أشهر إلى 3 شهود فقط، ما يؤشِّر لبدء مرحلة جديدة من التسويف والمماطلة في إجراءات المحاكمة، وتم تبرير ذلك البطء بتعرّض الشهود إلى التهديد وخشيتهم من الإدلاء بشهاداتهم.
إجراءات محاكمة المتهمين بقتل نزار بنات تعرضت إلى ضربات شديدة مسّت هيبة المحكمة، وشكلت اعتداءً على اختصاصها
وأضاف تقرير استقلال، أن إجراءات محاكمة المتهمين بقتل نزار بنات تعرضت إلى ضربات شديدة مسّت هيبة المحكمة، وشكلت اعتداءً على اختصاصها، وتمثل ذلك برفض المتهمين الـ14 في إحدى الجلسات الخروج من السجن والمثول للمحكمة العسكرية، كما لم يحضر المتهمون ومحامي الدفاع إحدى الجلسات، حيث أشارت النيابة إلى إن الدائرة القانونية في الاستخبارات العسكرية أفادت بتعذّر إحضار المتهمين إلى المحكمة من السجن في أريحا بسبب عدم استكمال إجراءات التنسيق مع الاحتلال، وأخيرًا بتاريخ 21/6/2022 تم إخلاء سبيل المتهمين بدعوى انتشار فايروس كورونا، دون أن يصدر قرار بهذا الشأن من هيئة المحكمة.
وفي سياق آخر، أشار التقرير إلى ازدياد عدد حالات الناشطين/ات والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان الذين تتم ملاحقتهم وتحويل ملفاتهم إلى أروقة المحاكم بعد حادثة مقتل نزار بنات خاصة خلال الشهر الأول بعد الحادثة بنسبة تزيد عن 400 في المئة، عن الحالات التي تم ملاحقتها في الفترات السابقة.
وبين التقرير أن غالبية الأشخاص الذين تم تحويلهم إلى المحكمة، تم ذلك بناء على الحق العام وليس شكاوى شخصية، ما يعني وجود سياسة ممنهجة لدى السلطات الرسمية بملاحقة النشطاء، وليس بناءً على شكاوى تم التحقيق بها وبناء دعاوى حولها.
وأفاد التقرير أن جميع التهم التي وجهت للنشطاء جاءت توصيفًا لوقائع مكفول حق ممارستها في القانون الأساسي الفلسطيني وفي المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وقد جرى التعسف في توصيفها القانوني كي يتم تجريمها، وتم توجيه تهمتين إلى ثلاثة تهم لغالبية النشطاء الذين تجري محاكمتهم على خلفية أنشطة تندرج في إطار حرية التعبير عن الرأي، كالتجمع السلمي ونقد السلطات العامة. والتهم التي تم التعسف في استخدامها كانت تدريجيًا من الأكثر إلى الأقل: (التجمهر غير المشروع، ذمّ السلطات العامة، إثارة النعرات الطائفية والعنصرية، واستخدام القوة ضد قوى الأمن، وهي تهم فضفاضة يجري عادة اللجوء إليها في المجتمعات غير الديمقراطية لملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان).
إطالة أمد التقاضي في ملفات المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وسيلة عقاب!
كما أشار التقرير إلى إطالة أمد التقاضي في ملفات المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان كوسيلة تستخدم لمعاقبة الناشطين/ات والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان؛ ففي ضوء مراجعة وتحليل ملفات الدعاوى تبين أن المحاكم تستغرق جلسات عديدة للنظر في هذه الدعاوى قد تزيد عن 10 جلسات و غالبيتها يتم تأجيلها بسبب غياب شهود النيابة من أفراد الأجهزة الأمنية.
أما الجزء الثالث من التقرير فيتعلق بالاعتداءات على الصحفيين والصحفيات، وبحسب التقرير شكلت الصحفيات الفلسطينيات خاصة الناشطات في تغطية أخبار الفعاليات المتعلقة بالاحتجاج على حادثة مقتل الناشط نزار بنات الهدف الأول للملاحقة والتضييق، كما تم رصد حوادث تشهير وتحريض على صحفيات واتهامهنّ بالارتباط بجهاتٍ أخرى، وأنّهن ذوات أجنداتٍ خارجية، وتعرضهن لشتائم وترهيب وتهديدٍ بالمساس بهنّ خلال محاولتهنّ تغطية الأحداث في الميدان، وطالت أيضًا هذه الملاحقة عددًا من الصحفيين الذكور. هذا فضلًا عن مصادرةِ هواتفِ العديدِ من الصحفيات والصحفيين.
لم يتم التحقيق في أي من شكاوى الصحافيات والصحافيين الذين تعرضوا لاعتداءات قبل نحو عام
وأكد التقرير أن عددًا من الصحفيات والصحفيين قدموا شكاوى وبلاغات إلى الجهات القضائية الفلسطينية تتعلق بالاعتداءات التي تمت عليهم، لكن هذه البلاغات وبعد مرور قرابة عام على تقديمها، قوبلت بتجاهل من قبل السلطات المختصة، ولم يسجل حتى هذه اللحظة أي إجراء يحول دون إفلات مرتكبي الجريمة من العقاب.
لذا أوصى التقرير بضرورة أن تمارس السلطات القضائية صلاحياتها في حماية الحريات العامة وملاحقة مرتكبي الانتهاكات من العاملين في السلطة التنفيذية وبالأخص من المؤسسات الأمنية لحقوق المدافعين عن حقوق الإنسان. كما أوصى بضرورة إسراع المحاكم الفلسطينية في البت في الملفات المنظورة أمامها، وإصدار الأحكام المتعلقة بهم.
كذلك أوصى التقرير بالتحقيق الجدي في كافة الأحداث التي انتهكت خصوصية الصحفيات والصحفيين، والتوقف عن أي حملات للتحريض والكراهية ضد الصحفيات والصحفيين.