04-أكتوبر-2016

فتحاويون في مسيرة بعد ضرب أنصار الجبهة الشعبية - تصوير: محمد تركمان

خرجت حركة فتح عن صمتها حيال مشاركة الرئيس محمود عباس في جنازة رئيس الاحتلال السابق شمعون بيريز، والانتقادات الواسعة الموجهة لهذه الخطوة، وأعلنت ما يصفها نشطاء بـ"الحرب" على من قالت إنهم "في الجبهة المضادة لها"، وقد بدأت ذلك في جامعة القدس المفتوحة بطولكرم، وفي مدينة رام الله.

صباح اليوم الثلاثاء، أعلنت فتح في بيان لها أنها "ستوقف المؤامرة وستلجم الأصوات الرخيصة التي تشارك في الهجوم المأجور على الحركة ورئيسها، بما في ذلك منصات إعلامية تابعة لبعض فصائل منظمة التحرير"، متوعدة أن "تضرب بيد من حديد كل من يُفكر بالمساس بها أو بقادتها".

نشطاء من فتح اعتدوا على محتجين وجامعيين بعد إعلان الحركة أنها ستلجم من يهاجمها

تنفيذ ماجاء في البيان تم سريعا، إذ هاجم نشطاء في الشبيبة الفتحاوية بجامعة القدس المفتوحة في طولكرم على أربعة طلبة وكالوا لهم الشتائم في ساحة الجامعة. أحد الطلبة الذين تعرضوا للاعتداء قال إن ثلاثة شبان استأذنوه بمغادرة دورة في قاعة الاجتماعات والنزول للساحة، ثم باغتوه بالاعتداء دون أن يعرف أيا منهم.

اقرأ/ي أيضا: العصا وسنغافورة.. خديعة فلسطين الكبرى

ولم تنفِ الشبيبة هذا الاتهام، بل بادرت لتبريره بأنها "لن تسمح بالتطاول على الرئيس عباس"، مضيفة، أنها "تحترم حرية التعبير، لكنها أرادت أن تربيهم وتعلمهم أساليب الخطابة والنقد البناء"، وفق ما جاء في بيان للشبيبة.

ولم يمر وقت طويل؛ حتى نفذ أنصار حركة فتح هجوما آخر على نطاق أوسع، استهدف هذه المرة نشطاء وناشطات من الجبهة الشعبية، أثناء استعدادهم لتنظيم وقفة وسط رام الله، احتجاجا على مشاركة أبو مازن بالجنازة.

وأفاد شهود عيان لـ"ألترا فلسطين، بأن شبانا وفتيات بالزي المدني هاجموا المشاركين في الوقفة واعتدوا عليهم بالضرب، وصادروا شرائح كاميرات تخص من كانوا يحاولون التقاط صور للاعتداء، مؤكدين أن ذلك حدث تحت أنظار عناصر الأمن، وسط شكوك بأن بعض من شاركوا في الاعتداء هم رجال أمن بالزي المدني.

وأضاف الشهود، أن 10 محتجين أصيبوا بينهم أربعة استدعت إصاباتهم نقلهم إلى المستشفى، أحدهم محامي مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان مهند كراجة.

الشعبية: فتح مارست البلطجة

في المقابل، حملت الجبهة الشعبية الرئيس عباس شخصيا المسؤولية عن ما وصفته بـ"الاعتداء الهمجي" الذي نفذه "عناصر أمن وبلطجية" على المسيرة، مؤكدة أن "الاعتداء تخلله ضرب واستخدام ألفاظ سوقية وخادشة".

واعتبرت الجبهة في بيان لها، "اعتماد أسلوب البلطجة والتحريض والتهديد والقمع والاساءة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، وكل من يخالفونهم ويعارضونهم في الرأي هو انحدار خطير وتدنٍ للقيم الوطنية، واستخفاف بجماهير شعبنا وبالعلاقات الوطنية، وانتهاك خطير للأعراف والقوانين التي تمنع التعدي على الحريات، وحرية الاحتجاج السلمي".

ودعت الجبهة لعقد اجتماع طارئ للقوى الوطنية والإسلامية "للوقوف أمام مسؤولياتها في الشأن الوطني العام، ولمناقشة تداعيات هذا الاعتداء الهمجي، وسبُل الرد عليه ومواجهته، وإنزال أشد العقاب بكل المتورطين وممن أعطوا الأوامر لارتكابه".

كما دعت الشعب الفلسطيني إلى التحرك العاجل "لمواجهة التغول السلطوي، وتنديداً بالاعتداء الهمجي، وحماية لحقوقها في الاحتجاج السلمي، ومعارضة كل السياسات والنهج السياسي الذي تمارسه القيادة الفلسطينية المتنفذ"، على حد تعبير البيان.

فتح تخسر

"هناك قرار بالتصعيد، وهناك تخبط"، هكذا قرأ أستاذ العلوم السياسية أيمن يوسف بيان فتح والأحداث التي تبعته، مؤكدا، أن الانتقادات الواسعة والمخاطر العديدة الناجمة عن خطوة أبو مازن سببا نوعا من التخبط لدى قيادات فتح وعناصرها، دون أن يستبعد في الوقت ذاته وجود قرار لدى قيادات فتحاوية في الأجهزة الأمنية بالتصعيد الميداني.

وحذر يوسف، في حديث لـ "ألترا فلسطين"، من تبعات هذا التصعيد "الذي من شأنه تهييج الشارع الفلسطيني ضد الحركة والتسبب بخسارتها لجزء من قاعدتها الشعبية، خاصة إذا ما قررت الدخول في مواجهة مع بقية الفصائل التي انتقدت بدورها وبشدة موقف الرئيس".

ودعا لتدخل مفكري فتح "لإعلاء صوت العقل والحكمة في هذه الظروف"، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة الابتعاد عن "الشوارعية والحاراتية"، وتجنب لغة التصعيد في مواقع التواصل الاجتماعي في هذه المرحلة، "حتى لا يزداد المشهد تأزما".

يعتقد محللون أن فتح ستخسر كثيرا في حال واصلت تصعيدها ضد خصومها وأن عليها التهدئة

فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي نشأت الأقطش بأن فتح "تنفذ قرارات السلطة في تصعيدها الحالي، وهي ترتكب خطأ جسيما بذلك"، موضحا، أنه يتوجب على الحركة أن تفتح المجال أمام الأصوات المنتقدة لخطوة الرئيس، كون هذه الانتقادات مفهومة ومبررة، وفق قوله.

وقال الأقطش لـ"ألترا فلسطين"، إن فتح اعتادت أن تتعامل بالتصعيد مع مثل هذه المواقف، "لكن عليها أن تدرك أنها ستخسر كثيرا بذلك، لأنها لن تستطيع أن تحكم الشارع الفلسطيني بالحديد والنار، ولن تستطيع أن تقف في وجه كل معارضي خطوة الرئيس الذين يمثلون شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني، وبينهم شخصيات من فتح ذاتها".

وتساءل، "لماذا هذا الأسلوب في التعامل مع الانتقادات والمحتجين، إن كان الرئيس يؤكد في كل لقاء مع الصحافة بأن الحرية حدودها السماء؟ هل هذه مجرد شعارات؟".

وكان جهاز الأمن الوقائي قد دعا، السبت الماضي، على صفحته عبر موقع التواصل "فيسبوك" منتسبيه إلى التصدي لمن أسماهم "المتطاولين على القيادة السياسية"، من خلال حساباتهم على موقع فيسبوك، "تحت طائلة المسؤولية".

اقرأ/ي أيضا:

غزة.. و"بديهيات الحب" في "حارة العبيد"

الضفة الغربية: زراعة الدخان "عادي" وتجارته ممنوعة