تضاربت الأنباء مؤخرًا، حول الهدف من الزيارة الأخيرة للوفد الأمني المصري لغزة، وتنقّلاته ذهابًا وإيابًا بين القطاع والجانب الإسرائيلي. قياداتٌ وازنةٌ في حركة حماس قالت إن الجولة الأخيرة بحثت عدة ملفات، حاز نصيب الأسد منها ملف الأسرى وإتمام صفقة تبادل.
إسماعيل رضوان: من غير الممكن الحديث عن أي شيء يتعلق بصفقة تبادل، حتى اللحظة، لأن الاحتلال غير جاهز لدفع الثمن
وبيّن القيادي في حماس إسماعيل رضوان لـ الترا فلسطين، أنّ الوفد الأمني المصري جاء للتوسط في عدة ملفات؛ وهي تخفيف الحصار عن غزة وفتح معبر رفح وتحقيق المصالحة، وأيضًا ملف الأسرى.
اقرأ/ي أيضًا: ضابطان إسرائيليان يعترفان بأسر أورون شاؤول حيًا
وأضاف رضوان، أن حركته ترحّب بالدور المصري الهادف للتخفيف عن الشعب الفلسطيني، لكنّه اعتبر أن "من غير الممكن الحديث عن أي شيء يتعلق بصفقة تبادل، حتى اللحظة".
"غير الممكن" الذي تحدّث عنه رضوان، مردّه أن "الاحتلال غير جاهز لدفع الثمن"، وأنّ "عليه أن يستجيب لشروط المقاومة"، مشيرًا إلى أنّه (الاحتلال) يراوغ في هذا الملف حتى اللحظة.
وأوضح رضوان، أنّ ملف صفقة التبادل "الحسّاس"، لا يمكن معالجته عبر وسائل الإعلام، مؤكدًا أنّ "المقاومة تقدم كل ما هو مطلوب" دون الإفصاح عنه.
من جهته، نفى القيادي في الحركة والعضو السابق في جناحها العسكري كتائب القسام محمود مرداوي، أن تكون مهمة الوفد الأمني تحقيق صفقة إنسانية تشمل تصوير مقطع للجنود الإسرائيليين مقابل الإفراج عن الأسرى المعاد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة "وفاء الأحرار"، مشددًا "أن هذا الحديث لا نصيب له على أرض الواقع".
لملف الأسرى نصيب الأسد
لكن مرداوي، وهو قياديٌ مبعدٌ من الضفة لغزة ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، قال في حديث مطوّل خاص مع الترا فلسطين: "صحيح أن مهمة الوفد الأمني تتعلق بملفات معروفة، وقد اتضح اتجاه زيارته ولم يعد خفيًا، وهو التطرق لموضوع إجبار الاحتلال الإسرائيلي على دفع استحقاقات وقف إطلاق النار مع المقاومة بغزة، وتحديدًا المرحلة الثانية وفي قلبها ملف الأسرى الذي حاز على نسبة كبيرة من المفاوضات ليس فقط في الجولة الحالية والسابقة".
محمود مرداوي: الحديث عن مقطع مصور للجنود مقابل الإفراج عن أسرى وفاء الأحرار لا نصيب له من الواقع
هدّد مرداوي بشكل واضح قائلاً: "الكيان الإسرائيلي يُدرك تمامًا أنه وخلال الشهرين القادمين إن لم يدفع استحقاقات تثبيت وقف إطلاق النار بعيدًا عن المعونات التي تقدمها قطر وغيرها، فإنه سيكون هناك جولة تصعيد وإطلاق نار جديدة".
اقرأ/ي أيضًا: يرون بلوم: حماس لا تدرك أننا لن نكرر صفقة شاليط
وأضاف، "هذا الشيء يدركه المصريون، كما أن إسرائيل نفسها تدركه، لذا يقف ملف الأسرى في قلب الموضوع".
وتابع مرداوي، "لا يمكننا حتى اللحظة الحديث عن أن الاحتلال معني بدفع الثمن، فهو لديه رغبة شديدة باستعادة جنوده، لا شك في ذلك، لكن الأهم الثمن".
ورأى مرداوي، أن تنشط جولات الوفد الأمني يأتي في ظل الضغط الداخلي الذي تتعرض له الحكومة الإسرائيلية بسبب المشاكل الداخلية وجائحة كورونا وغيرها من الملفات "التي يريد نتنياهو تعويض فشله بها، وهذا كله في النهاية ستثبته الأيام القادمة".
وشدد أن الثمن معروفٌ لدى الاحتلال لتحريك أي صفقة تبادل، "فالاحتلال سبق وأن تهرب ولكن في النهاية دفع الثمن في صفقات سابقة، وسيدفعه في أي صفقة قادمة".
محمود مرداوي: ليس لدى الحركة أي دليل حتى الآن أن الاحتلال جاهز لدفع ثمن صفقة تبادل
وعن مدى اختلاف الجولة الحالية للوفد الأمني من حيث التطور بملف الجنود والأسرى، أجاب مرداوي: "الحركة ليس لديها أي دليل حتى الآن أن الاحتلال جاهز لدفع الثمن، لكن إطلاق سراح الأسرى خط استراتيجي لن نتراجع عنه، وسنتعامل مع كل جولات المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال ونجرب كل المحطات".
أسرى وفاء الأحرار مدخل أساسي لا مقابل له
ونفى مرداوي أن يكون الوفد الأمني المصري قد طلب شريطًا مصورًا مقابل إعادة إطلاق سراح أسرى صفقة "وفاء الأحرار" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم، مضيفًا أن "هذا (أسرى وفاء الأحرار) مدخلٌ أساسي لا مقابل له، ولن نتراجع عنه، والرسالة طرف الاحتلال".
وكان الوفد الأمني قد غادر غزة في بداية الأسبوع عائدًا إلى غزة، وعن ذلك يقول: "هو يذهب للاستشارات وانتظار أجوبة من الاحتلال، ثم ما يلبث أن يعود، والقرار بيده إذا شعر بأن هناك تقدمًا وردًا أو خطوة ملموسة من الاحتلال فسيعود للقطاع".
اقرأ/ي أيضًا: القسام: الاحتلال لم يدرج اسم الجندي منغستو في أي مفاوضات
يُذكر أن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أعلن أن مصر تتوسط حاليًا للتوصل إلى اتفاق جديد لتبادل الأسرى، مرحبًا بالدور المصري في إمكانية الوصول إلى اتفاق تبادل جديد.
وفي مطلع شهر أيلول/سبتمبر الحالي، أعلنت حركة حماس أنها تُمهل "إسرائيل" مدة شهرين لتنفيذ التفاهمات المتفق عليها لوقف التصعيد في قطاع غزة، التي تم التوصل لها عقب جولة التصعيد الأخيرة التي سببها وقف الاحتلال لتنفيذ المرحلة الأولى المتعلقة بالأموال القطرية .
وجاء إعلان حماس عن المهلة بعد نجاح جهود قطر قبل نحو أسبوعين في التوصل إلى اتفاق تهدئة بين قطاع غزة و"إسرائيل"، لتنتهي جولة من التصعيد المحدود انطلقت بداية أغسطس/آب الماضي.
تفاهمات التهدئة الأخيرة تضمنت تنفيذ مشاريع لخفض البطالة وحل مشكلة الكهرباء
وتضمنت التفاهمات، سماح "إسرائيل" بزيادة الدعم المالي الذي تقدمه دولة قطر كمساعدات إنسانية للقطاع، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع تهدف إلى خفض نسبة البطالة، وحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي.
وخلال العامين الماضيين توصلت الفصائل الفلسطينية في غزة، إلى عدة تفاهمات مع "إسرائيل" بوساطة مصرية وأممية وقطرية، تتضمن وقف التوتر الأمني والميداني مقابل تخفيف الحصار المفروض منذ 2006.
ويُعتبر ملف الجنود الأسرى من أهم وأعقد ملفات تفاهمات تثبيت إطلاق النار، خاصة أن "إسرائيل" لم ترضخ حتى الآن لشروط تضعها المقاومة من أجل إبرام أي صفقة.
ولدى حركة حماس جنديان أسيران منذ حرب 2014، لم تعلن الحركة عن وضعهما الصحي، إضافة إلى جندي من أصل أثيوبي وشاب بدوي من داخل الخط الأخضر، وهذان تقول "إسرائيل" إنهما تسللا بإرادتهما إلى قطاع غزة، في حين ترفض حماس الكشف عن مصيرهما.
اقرأ/ي أيضًا: