26-أبريل-2018

لم يفارق صدام أبو شاب (24 عامًا) الحدود كثيرًا منذ عام 2015، لكنه منذ انطلاق مسيرات العودة أصبح حاضرًا لـ 24 ساعة، رغم مخاوف أمه عليه، وهو وحيدها، فالمشاركة في المسيرة - كما يقول - واجب وطني، والعودة إلى يافا حلم يريد تحقيقه.

صدام، واحد من شبان اعتادوا رفع علم فلسطين فوق السياج الفاصل، على بعد أمتار عن قناصة جنود الاحتلال، وهم يرون في ذلك "انتصارًا للعلم" وفق ما قالوا في حوارات أجراها معهم الترا فلسطين.

الترا فلسطين يُحاور شبان يداومون على رفع علم فلسطين فوق السياج الفاصل بين رصاص قناصة الاحتلال

يقول صدام: "كل يوم أتفق مع الشباب على رفع العلم على السياج. نذهب ونحن نعلم أن الجنود سوف يطلقون الرصاص نحونا، ولكن لنا هدف واحد هو غرس العلم وتركه يرفرف أمامهم أمام أعينهم".

اقرأ/ي أيضًا: مسنون على الحدود.. دليل الثوار لطريق العودة

يتلقى صدام ورفاقه تشجيعًا من بعض المتظاهرين، وتحذيرات من آخرين يدعونهم للتراجع، كما يسمعون من الجنود شتائم بذيئة. يقول: "أقول للجنود إنهم جبناء، وأتقدم بدون خوف لأنها أرضنا ونحلم بتحريرها منهم".

أُصيب صدّام برصاصة في القدم خلال مواجهات خزاعة شرق خان يونس، يوم الثلاثاء 24 نيسان/إبريل، لكنه عاد إلى مخيم العودة مرة أخرى، ويؤكد أنه سيعود دائمًا بلا خوف، فهو يرى في مسيرة العودة "نضالاً منفصلاً عن الوضع المعيشي والسياسي في قطاع غزة، وانتفاضة شباب مستقلين" وفق تعبيره.

[[{"fid":"71627","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":580,"width":380,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

عدي قبلان (18عامًا)، طالب في الثانوية العامة، وابن أسرة مكونة من 10 أفراد، يرى في مسيرة العودة انتفاضته الأولى، ولذلك فإنه لا يترك أسلوبًا للمقاومة لا يُقدم عليه، فقد أشعل إطارات السيارات، واستخدم المقلاع والحجر، وشارك في قص السياج الفاصل ورفع العلم فوقه. يقول: "كل خطوة نفعلها تكون مدروسة ضمن خطة مع الشباب، لكي نتجنب أي خطر يصيبنا، وفي النهاية الشهادة هي هدف كل فلسطيني".

يعلم عدي أن نهاية رفع العلم قد تكون صعبة، "لكن هذا وطن، وهو أغلى من روحنا ودمنا، لهذا لا نفكر إلا بوضع العلم، ونقابل الجنود وجهًا لوجه" حسب تعبيره.

ويشير عدي إلى أن مجنّدة وجهت له شتائم نابية خلال الجمعة الرابعة من المسيرة، يقول إنها فعلت ذلك حتى تجعله يتردد عن وضع العلم، لكنه وضعه، وخلال عودته إلى المخيم كانت المجندة تُطلق الرصاص نحو قدميه، لكنه نجا من الإصابة.

جنود الاحتلال يشتمون المتظاهرين الذين يضعون العلم فوق السياج الفاصل، ثم يُطلقون الرصاص على أقدامهم

يُحضر عدي كتبه إلى مخيم العودة شرق خان يونس ليدرس لامتحانات الثانوية العامة التي ستبدأ قريبًا. يقول: "والدتي كل يوم تسألني عن الدراسة وتنصحني بأن مستقبلي فيها، ولأراضيها آخذ كتبي معي وأدرس في المخيم، ولكن هذه الفترة صرت أدرس في البيت، وبعد العصر أكون في المخيم مع الشباب، حيث نُحضّر ليوم الجمعة ونتفق على خطط تحمينا من القناصة".

اقرأ/ي أيضًا: زقاق المخيم لن يضج بـ"فطبول" محمد أيوب بعد الآن

يتنوع عمل الشباب ويتطور حسب أساليب قمع الاحتلال، وأفكار حماية أنفسهم من أسلحته، لكن رفع العلم الفلسطيني على السياج يبقى ثابتًا في أساليب مقاومتهم "لشعورهم بالفخر إثرها، واعتقادهم بأنها تجربة مختلفة في المقاومة".

 يزيد رضوان (24عامًا)، ابن عائلة مكونة من ثمانية أفراد، ينهي عمله كحارس ويتوجه لمخيم العودة في خان يونس أيضًا. يرى رضوان في مسيرة العودة إصرارًا على إزالة المحتل، "لأنه السبب بما نعيشه من حصار وغيره، وهو يعتقد أنه عندما يصيبنا برصاصه يجعلنا نخاف ونتراجع، لكنه لا يعلم أننا نأتي وقد وهبنا دماءنا فداءً للوطن".

ويضيف، "انتصاري برفع علم بلادي أمام أعين الجنود هو فخر لي، وانتفاضة أعيشها بكل تفاصيلها، بالمولوتوف، وقص السياج ورفع علمنا، وكذلك حرق علمهم أمام أعينهم".

[[{"fid":"71628","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":509,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

خميس صقر (32 عامًا) أحد "جنود العلم" الذين عاشوا انتفاضتي الحجارة والأقصى في قطاع غزة، وهو يذكر مواجهة سيارات جيش الاحتلال من نقطة صفر، ورفع العلم على المستوطنات التي كانت مقامة داخل غزة في ذلك الحين، وهو الآن يختار رفع العلم فوق السياج وإزالته.

خميس متزوج وأب لطفلين، لكن لا يمنعه ذلك من المشاركة في المواجهات، بل يقول إنه يشكل دافعًا له، ولذلك فقد كان أحد الشبان الذين أزالوا السياج أول مرة، ودخل الأراضي المحتلة خلفه حاملاً العلم. "شعور لا يوصف" قال خميس.

بين من يضعون العلم فوق السياج الفاصل شبان عاشوا الانتفاضتين السابقتين، وآخرون يجدون المسيرات انتفاضتهم الأولى

أُصيب خميس خلال المواجهات في قدمه، ورغم ذلك فقد حمل العلم وتقدم نحو السياج الفاصل برفقة عبد الله الشحري. يقول: "سمعنا الجنود يهددوننا بالقتل، رد عليهم عبد الله: لا أريد أن أموت اليوم، ولكن غدًا سوف أعود وأضع العلم حينها اقتلني لكي أكون شهيدًا". لكنه استُشهد يومها برصاصة في الصدر.

[[{"fid":"71629","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":564,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

يرى خميس في استهدف قناصة الاحتلال للمتظاهرين قتلاً وجرحًا، وتعزيز جيش الاحتلال من انتشار قواته في المناطق الحدودية، وزيادة ارتفاع السواتر الرملية، أدلة على خوف جيش الاحتلال من المتظاهرين رغم سلميّتهم. ويضيف، "عندما يرى الجنود معنا العلم ونتقدم نحو السياج يهربون منا بسرعة".

وكانت الهيئة التنسيقية لمسيرات العودة أعلنت عن تقديم السياج الفاصل 50 مترًا باتجاه الحدود، كما أكدت أن المسيرات ستبلغ ذروتها يوم الـ15 من شهر أيار/مايو المقبل، دون أن يُعرف حتى اللحظة المخطط الذي ستسير عليه بعد ذلك.


اقرأ/ي أيضًا: 

مسعفة بقدم مكسورة وضغط مزمن و"هيموفيليا"

حكاية محمد النجار.. حتى لا يبرد في ثلاجة الموتى

عندما قتل الاحتلال جهاد مقتلعًا عيون شقيقاته