21-أكتوبر-2017

"احنا نفسنا السائقين كنا مستغربين إنه بنفع سياراتنا الخاصة ننقل فيها ركاب ونتقاضى أجرة، فمن ضمن المواضيع اللي كانت مطروحة في تدريبنا الأولي مع الشركة هو مدى قانونية عملنا. وأكدولنا إنا ماخدين ترخيص من وزارة النقل والمواصلات وأنه عملنا في الشارع قانوني". هذا ما رواه لنا "الكابتن"، الذي رفض التصريح عن اسمه، تعقيبًا على ما تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي، والإعلام المحلي حول "كريم"، الذي بات حديث الشارع الفلسطيني منذ انطلاقه في شهر حزيران/يونيو الماضي.

وأضاف "الكابتن"، "بس بعد ما انتشر فيديو القبض على كابتن (سائق) من كريم على صفحة وزارة المواصلات، سألنا الشركة عنه وحكولنا إنهم متفاجئين من اللي صار. واحتياطًا يمكن يشوفك شرطي وانت بتتقاضى أجر من الضيف، فيمكن يخالفك لأنه بتكون لسة التعميمات والتعليمات مش واصلته. هذا الشرطي ما تناقشه، خذ منه المخالفة واحنا بنتكفل فيها".

سائقو "كريم" تلقوا تدريبات من الشركة، واختبارات، ويؤكدون سعادتهم بالتجربة وأمنياتهم بأن لا توقفها الحكومة

على الرغم مما أدلى به "الكابتن" عن ضبابية المشهد في عملهم، إلا أنه عبّر عن سعادته باجتيازه الاختبار وانضمامه إلى "أسطول كريم"، فهو يرى في "كريم" ثورة تكنولوجية ومعلوماتية تحتاج إليها فلسطين، وتحديدًا قطاع النقل والمواصلات. هذا بالإضافة إلى أنه يخلق علاقة طيبة بين السائق (الكابتن) والراكب (الضيف)، كما أنه يوفر دخلاً إضافيًا وفرص عمل للكثير من الشباب. يقول: "أعلم أني بشتغل بشكل غير قانوني بس مش فارقة معي. صرت أتخفى قدر الإمكان. وما آخذ أجر من راكب أمام شرطي. أنا معني جدًا تنجح تجربة كريم".

اقرأ/ي أيضًا: فيديو | "كريم" غير قانوني وسننهيه

وتعتبر شركة كريم، التي تأسست عام 2012، من الشركات الرائدة المتخصصة في خدمة حجز سيارات الأجرة من خلال موقعها الإلكتروني، أو عبر تطبيقات الهاتف الذكي، هذا بالإضافة إلى إمكانية رصد وتتبع مكان السيارة بشكل آلي وآني على الخريطة، وهي تعمل في 80 مدينة عبر 13 دولة.

سائقو التكاسي: منافسة غير عادلة

تعلو أصوات سائقي التكاسي الصفراء، رافضين التطبيق الخدماتي الجديد، الذي يجول في محافظة رام الله ويزاحمهم في لقمة العيش. يؤكد نائب رئيس نقابة أصحاب مكاتب التكسي في محافظات الوسط السابق، رضوان أبو الرز، على وصول العديد من الشكاوى للنقابة من مكاتب التكاسي المختلفة في المحافظة، تفيد بتأثر عملهم وعلاقتهم بزبائنهم بسبب التطبيق الجديد، الذي يقدم أسعارًا منافسة، مما سبب لهم خسائر كبيرة نتيجة توجه الكثير من الناس لاستخدامه بدلاً من التكاسي.

ويوضح أبو الرز لـ"ألترا فلسطين"، أنه فور ورود نبأ "كريم"، في شهر حزيران/يونيو الماضي، توجهت النقابة بكتاب رسمي طالبت فيه وزارة النقل والمواصلات بحل سريع لهذا الموضوع. مضيفًا، "أردنا التعامل مع الأمر بشكل رسمي وعدم التوجه إلى الاحتجاجات والمظاهرات. التطبيق مخالف للقانون لأنه يتعامل مع المركبات الخاصة في نقل الركاب مقابل أجر، ومن حقنا المطالبة بإيقافه".

ويبين أبو الرز، أن كريم خلق جوًا من المنافسة غير العادلة، "الناس بتشكي من أسعار التكاسي المرتفعة وبتقارنها مع كريم، وهذا مش عدل، لأن مكاتب التكاسي بتدفع الآلاف مقابل تراخيص التشغيل والضرائب وغيرها، بالمقابل كريم غير ملزمين بدفع تراخيص تشغيل السيارات، لأنهم بتعاملوا مع سيارات خاصة".

سائقو التكاسي يشتكون من "منافسة غير عادلة" مع "كريم"، فهو يُقدم أسعارًا منافسة لأنه لا يدفع تراخيص ولا ضرائب

وليد قاسم، صاحب مكتب تاكسي"يالو كاب" أكد على كلام النائب السابق، وأضاف، "دفعنا مالنا وأرواحنا وبنينا هذه المكاتب من زمن الاحتلال لليوم، وكريم جاي عالبارد المستريح يحل محلنا ويلغي اشي اسمه تكسي في رام الله".

وأضاف، "إذا في تقصير من بعض السائقين العموميين نحن على استعداد أن نعمل على تحسين أدائنا وتقديم الخدمة المطلوبة للراكبين".

وعاد أبو الرز ليؤكد على موقف النقابة من التكاسي الصفراء التي تعمل مع "كريم" في هذه "المرحلة الحساسة"، مضيفًا، "عنا توصيات شديدة اللهجة تمنع التكاسي من العمل معهم وتطالبهم بحفظ الأمانة لعملهم في التاكسي".

ماذا يقول زبائن "كريم"؟

سيارة حديثة، متوسطة الحجم، ومكيّفة، يقودها شاب يغلب على أسلوبه طابع من "الإتيكيت" يحرص من خلاله أن يوفر جوًا مريحًا لضيوفه. تفاصيل دقيقة تعنى بها الشركة، جعلت من "كريم" تجربة مثيرة لاقت استحسان عدد كبير من المواطنين، الذين وجدوا فيها بديلاً عن التاكسي الأصفر، المتهم بأسعاره المرتفعة، إضافة إلى المعاملة الفظة وعدم نظافة السيارة أحيانًا.

تقول أمجاد هب الريح، أحد مستخدمي "كريم" الدائمين، "استخدمت تطبيق كريم لأول مرة في زيارة لي لمصر. نصحني الزملاء هناك باستخدام التطبيق لأن أصحاب التكاسي يطلبون سعرًا كبيرًا للتوصيلة، وتحديدًا من السائحين. سعدت جدًا عندما علمت أن التطبيق وصل فلسطين، و منذ ذلك الوقت وأنا أستخدمه".

زبائن "كريم" في رام الله أثنوا على السائقين، والسيارات الحديثة المستخدمة، والتكييف المتوفر دائمًا

وتطالب أمجاد الجهات المختصة النظر في الأمر قبل اتخاذ الإجراءات النهائية بوقف التطبيق، وتقول: "الكابتن في كريم، تشعر بأنه شخص قريب منك ولذلك الكثير من الناس تستخدم "كريم" اليوم. كنت أبحث دائمًا عن مواصلات مريحة ووجدت كريم. لماذا لا نحترم رغبة الناس التي تريد أن تستخدم التطبيق؟".

ماذا يقول القانون وكريم؟

صرحت وزارة النقل والمواصلات في بيان صحفي لها عن عدم قانونية تطبيق "تكسي كريم"، فهو يخالف المادة 59 من قانون المرور رقم (5) للعام 2000، التي تنص على أنه "لا يجوز لقائد مركبة نقل ركاب في مركبته لقاء أجر أو أي مقابل آخر إلا إذا كانت مرخصة بذلك من قبل سلطة الترخيص".

وأشارت إلى أن دوريات السلامة على الطرق  قامت بحجز أوراق المركبات والرخص الشخصية لسبعة أشخاص يعملون لدى "كريم"، باعتبارها جريمة مرورية يعاقب عليها القانون.

وأوضح المستشار القانوني للوزارة عصام البرغوثي، أنه تم الاجتماع بشركة كريم عدة مرات خلال الأشهر الماضية، حاولت فيها الشركة أن تعرض عملها في السوق الفلسطيني كونها شركة عالمية مرخصة، وتعمل في عدة دول، ولكن الوزارة أعلمت الشركة بوجود نظام واضح وسياسة معينة لتنظيم عمل المركبات العمومية، وبالتالي لم يتم ترخيصهم لديها.

تطبيق تكسي "ركاب"؟

وأفاد البرغوثي لـ"ألترا فلسطين" بوجود تطبيق آخر هو "تكسي ركاب"، وهي شركة خدماتية مشابهة لشركة "كريم"، وتعمل في الشارع الفلسطيني، وأضاف، "كريم وركاب مسجلتان لدى وزارة الاقتصاد. ولكن تطبيق ركاب يعمل فقط مع مكاتب التكسي المرخصة من قبل وزارة النقل والمواصلات، لذلك فهي قانونية".

وزارة المواصلات رفضت ترخيص "كريم" لأنها تخالف قانون المرور المتعلق بالمركبات العمومية، وشركات التأمين لا تغطي ضحايا حوادثها

وأوضح أن مشكلة شركة "كريم" تتلخص في تعاملها مع المركبات الخاصة غير المرخصة لأغراض النقل العام.

اقرأ/ي أيضًا: عملة فلسطينية خلال سنوات.. هل هذا ممكن؟

وأشار البرغوثي إلى تأكيد شركات التأمين رسميًا بأن التأمين الشامل للمركبات الخاصة لا يغطي الإركاب العمومي، وبالتالي في حال وقوع حادث للمركبة الخاصة، فإن الركاب الموجودين فيها غير مشمولين بتغطية التأمين، وذلك لأن المركبة تستخدم للغايات غير المرخصة لها.

"كريم": سنقدم تصورًا ينظم الموضوع

في المقابل، رد إبراهيم مناع، المديرالعام للأسواق الناشئة في شركة "كريم"، بأن الشركة على تواصل دائم مع الحكومة الفلسطينية، مضيفًا، "لقد حصلنا على ترخيص التشغيل اللازم والشركة تعمل بشكل كامل تحت قانون السلطة الفلسطينية".

وقال مناع لـ"ألترا فلسطين"، إن فكرة الشركة جديدة في فلسطين، ومن الطبيعي أن يكون لدى وزارة النقل والمواصلات بعض التحفظات على جزئية عمل "كريم" مع السيارات الخاصة، والشركة لا زالت على تواصل مع الوزارة، مؤكدًا أن كريم بصدد تقديم عرض كامل لوضع تصور وتنظيم للموضوع بضم قطاع التاكسي الأصفر.

وتهدف الشركة حسبما أعلمنا مناع، إلى تعزيز الاقتصاد المحلي الفلسطيني عن طريق تقديم باقة من خيارات خدمات النقل المريحة، وذلك يأتي بالتنسيق مع الجهات المعنية كما في كل الأسواق التي تعمل فيها كريم، الأمر الذي سيمكنهم من تأمين المزيد من فرص العمل، إذ يعمل مع كريم المئات من الشباب أصحاب السيارات الخاصة والتكسيات الصفراء في فلسطين.

"كريم" لا تستغرب اعتراض وزارة المواصلات على عملها، لكنها لم تيأس من التوصل إلى اتفاق ينهي الأمر ويجيز عملها

تفاوتت آراء الشارع الفلسطيني حول التطبيق الجديد ما بين مؤيد ومعارض. فالأول يرى في كريم ثورة تكنولوجية ترتقي بقطاع النقل والمواصلات، والثاني يرى فيه انتهاكًا واضحًا للقانون، عدا عن كونه غير آمن لعدم وجود مقر واضح كمرجعية لهم في فلسطين.

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها "كريم" جدلاً في الشارع، فسبق وأن حدث ذلك في العديد من الدول التي يعمل بها، فقد لقي معارضة شديدة من قبل أصحاب التكسيات العمومية، فالشركة واجهت احتجاجات سابقة مماثلة في كل من الأردن ومصر، طالب فيها فيها التكاسي بوقف عمل التطبيق الخدماتي الذي تسلل إلى بلدهم سالباً رزقهم.

وأمام تأكيدات مسؤولين في الحكومة بأن الشركة ستوقف عن العمل، وأن سائقيها سيعاقبون، ومقابل ذلك ثقة الشركة بأنها ستستطيع تغيير الموقف من خلال جهودها التي لا تزال مبذولة حتى اللحظة، يبقى سائقو "كريم" على أهبة الاستعداد لاستقبال طلبات الزبائن، حتى إشعار آخر حاسم.


اقرأ/ي أيضًا:

التكييش يغزو الأسواق مسببا خسائر فادحة

مليونيرية يقودون عصابات الشيكات البنكية

ملايين الدولارات خسائر غزة بخداع "الربح عبر الانترنت"