01-نوفمبر-2023
مدرعة النمر الإسرائيلية

سقطت مدرعة النمر في اختبارها شمال غزة

في العلوم العسكرية وتكتيكات الحروب تلجأ الجيوش في بداية حروبها البرية إلى "المناوشات"، وهي عمليات خاطفة قد يكون لها أهداف عسكرية محددة، لكنّ من أهم أهدافها استطلاع قدرات الخصم التسليحية والوقوف عند معنويات جنوده، وهي أهداف قد تفشل. 

وبناء على هذه المناوشات، يتم رسم خارطة مفصلة لنقاط ضعفه لمهاجمتها بشدة ونقاط قوته لتفاديها، وعلى هذا الأساس يجري تعديل خطط الهجوم والدفاع من طرفي المعركة. وهذا ينطبق تمامًا على التوغل المحدود للجيش الإسرائيلي شمال وشرق غزة، والذي تخلله هجوم بصاروخ مضاد للدروع، شمال قطاع غزة دمر ناقلة الجند المدرعة "النمر" الجديدة التي تم بنائها على أساس دبابة الميركافا 4،وقتل كل من كان بداخلها وهم سبعة جنود أهمهم ضابط.

مدرعة النمر الإسرائيلية، تحولت في اشتباكات قطاع غزة، من نعش متحرك إلى نعش محترق

وتدمير "النمر" يعني فعليًا نسف الأساس الذي قامت عليه، وهو دبابة ميركافا 4 المزودة بمنظومة معطف الرياح المخصصة لاعتراض الصواريخ المضادة للدروع.

ودبابة ميركافا 4 هي النموذج الرابع من سلسلة دبابات ميركافا، وهي دبابة قتال إسرائيلية تم تطويرها وتصنيعها في إسرائيل لسلاح مدرعات. وتتجاوز المواصفات والقدرات الفنية للميركافا مارك 4، بشكل كبير تلك التي سبقتها، وتشمل نصب رشاش آلي 120 ملم، ومدفع دبابة ومحرك ديزل بقوة 1500 حصان. 

وفي عام 2003، أدخلها الجيش الإسرائيلي للخدمة. وفي عام 2004 بدأت دبابات ميركافا 4 نشاطها التشغيلي في جنين. وخضع النموذج الأساسي للعديد من عمليات التطوير والإصلاحات لمعالجة مواطن الخلل التي تم اكتشافها في الخدمة التشغيلية. 

وفي عام 2009، بدأ الجيش الإسرائيلي في استلام نموذج محسن، من دبابات ميركافا 4، يتضمن "معطف الرياح"، وهو نظام حماية نشط للدبابات المصنوعة في "إسرائيل"، وأصبح هذا النموذج جاهزًا للاستخدام بعد حوالي عام، واليوم تخدم دبابات ميركافا 4 في جميع الألوية النظامية، وفي لواء احتياطي واحد (اللواء الرابع). وشاركت  دبابات ميركافا 4  في حرب لبنان 2006، والعدوان على غزة عام 2008-2009، وحرب 2014.

مدرعة النمر.. تدمير النسخة والأصل

وفي العمليات البرية تلعب مدرعة "النمر"، التي تبلغ تكلفتها 3 ملايين دولار أمريكي، دورًا بوصفها ناقلة جند تقوم بالأساس على عملية ضخ الجنود في ميدان المعارك، للانتشار والانخراط في القتال والتمهيد للتموضع للسيطرة على الأرض والانسحاب السريع في حال وقوع مفاجآت غير محسوبة. لكنها أيضًا مخصصة لتنفيذ مهام لوجستية حيوية مثل نقل الذخائر والمؤن وإخلاء الجرحى، وهي قادرة على التحول إلى مركز قيادة وضبط وسيطرة وتوجيه متقدم. 

ما سبق، يقودنا إلى نقطة أساسية، وهي أن تدمير مدرعة "النمر" سينعكس على كل خطوات الحرب البرية إسرائيليًا، كما سيظهر في ارتفاع الخسائر البشرية والمالية، وستحد من قدرات القوات من جيش الاحتلال على الاقتحام والمناورة الميدانية. ومجمل هذه المعطيات ستكون حاضرة على طاولة منظري الحرب ومخططيها في المراحل المقبلة.

وللتدليل على الصدمة الناجمة عن تحويل مدرعة "النمر" بصاروخ مضاد للدروع، إلى نعش باختصار بالإمكان التدقيق بما قاله المعلق العسكري لموقع واللا أمير بوخبوط : "النمر كان المفترض أن تكون ناقلة الجند القتالية الأكثر تقدمًا بحوزة الجيش، التي انتظر عشرات السنوات قبل تطويرها، ما الذي تشوش، إذن ما الخطأ الذي حدث؟".

وبوخبوط لم يقدم إجابات مواصلًا طرح التساؤلات: "إذن ما الخطأ الذي حدث الليلة الماضية؟ وبقدر ما هو معروف الآن، تم الهجوم على مدرعة النمر واخترق صاروخ مضاد للدبابات هيكلها. في حرب 2014، كانت هناك 3 حوادث نجحت فيها ناقلات الجنود المدرعة من طراز النمر في التعامل مع تأثير صاروخ مضاد للدبابات وقذائف آر بي جي، وحتى مبنى فجرته حماس وسقطت على ناقلة الجنود المدرعة. وفي جميع الأحوال تمكنت المدرعة من إنقاذ حياة الجنود، ولم تسجل أي إصابات".

النسخ غير المطورة من مدرعة "النمر" افترستها ألغام غزة في أكثر من مناسبة، لكنّ ما حدث الليلة الماضية أخطر؛ صاروخ مضاد للدروع أحال "النمر" من نعش متحرك إلى نعش محترق، وجه آخر للخطورة بالنسبة للإسرائيليين، هو أن الإجهاز على "النمر" تم بأداة متحركة محمولة على كتف مقاتل، وليس بعبوة ثقيلة مزروعة في الأرض قد لا تقترب منها الدبابات.