أفاد موقع أكسيوس الأميركي بأنّ الولايات المتحدة الأميركية لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا" في جيش الاحتلال الإسرائيلي، على خلفيّة انتهاك عناصرها لحقوق الإنسان في الضفة الغربية.
بلينكن: الولايات المتحدة لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا" في الجيش الإسرائيلي
وذكر الموقع الأميركي، الجمعة، استنادًا إلى مسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار، أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، هاتف وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت وأبلغه أنه قرر إنهاء التحقيق مع كتيبة "نيتسح يهودا" التابعة للجيش الإسرائيلي، وعدم فرض عقوبات عليها.
وأجرى غالانت، الذي قالت تقارير إسرائيلية إن بنيامين نتنياهو يعتزم إقالته، محادثات مع بلينكين ومسؤولين أميركيين كبار مؤخرًا، في محاولة لإثبات أن الجيش الإسرائيلي اتخذ خطوات لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها أعضاء كتيبة "نيتسح يهودا"، ما يعني أن قرار بلينكن "يُعدّ إنجازًا دبلوماسيًا له".
وفيما لو تم فرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"، فإن ذلك سيكون خطوة غير مسبوقة من جانب إدارة جو بايدن، الأمر الذي قد يضرّ إسرائيل والولايات المتحدة، ويحظر القانون الأميركي تقديم المساعدات الأجنبية وبرامج التدريب التابعة لوزارة الدفاع إلى وحدات الأمن والجيش والشرطة الأجنبية التي يشتبه بشكل موثوق في ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقال مسؤول أميركي كبير إنه في حين قرر بلينكين أن الكتيبة ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فإن المعلومات التي قدّمتها "إسرائيل" على مدى الأشهر الثلاثة الماضية أظهرت أن الجيش الإسرائيلي "عالج سلوك الكتيبة وعالج المخاوف الأميركية"، وفق زعمه.
وأضاف المسؤول الأميركي أن الجيش الإسرائيلي أظهر للولايات المتحدة أنه اتخذ خطوات إضافية بشأن "نيتسح يهودا" بما في ذلك تغيير عملية الفحص للجنود الذين يريدون الانضمام إلى الوحدة وعقد ندوة لمدة أسبوعين حول انتهاكات حقوق الإنسان خصيصًا لهذه الوحدة.
وكان موقع أكسيوس الأميركي نشر في نيسان/ ابريل الماضي أن أنتوني بلينكن قد يعلن فرض عقوبات على كتيبة نيتسح يهودا في الجيش الإسرائيلي، على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها جنود الكتيبة في الضفة الغربية. وأشار الموقع في حينه إلى أن العقوبة المتوقعة ضد كتيبة نيتسح يهودا هي "حظر حصول أعضاء الكتيبة على أي نوع من المساعدة أو التدريب العسكري الأمريكي، وهو ما لم يحدث.
وشكّل جيش الاحتلال الإسرائيلي كتيبة نيتسح يهودا لتكون وحدة خاصة بالجنود المتدينين المتطرفين، وجميع أعضاء هذه الكتيبة من الرجال ولا يسمح للنساء بالانتماء إليها، ومع مرور السنوات، أصبحت كتيبة نيتسح يهودا هي وجهة نشطاء الإرهاب اليهودي الذين يسكنون في مستوطنات الضفة، ويُعرفون في إسرائيل "فتية التلال"، بعدما رفض هؤلاء الأرهابيون في وحدات الجيش الإسرائيلي الأخرى بسبب تطرفهم.
وبدأت وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2022 تبدي اهتمامًا خاصًا بكتيبة نيتسح يهودا، بعد ورود تقارير عن ارتكاب جنود الكتيبة جرائم بحق مدنيين فلسطينيين، من بينها سرقة مركبات واعتداءات جسدية.
ويعتبر المسن الثمانيني عمر الأسعد، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، أحد ضحايا كتيبة نيتسح يهودا، عندما تركه جنود الكتيبة مقيدًا من يديه لعدة ساعات في العراء وفي البرد الشديد خلال شهر كانون ثاني/يناير 2022، حتى فارق الحياة.
وظهر جنودٌ من كتيبة نيتسح يهودا في مقطع فيديو وهم ينكلون برجل فلسطيني غرب رام الله، وهي إحدى جرائم الكتيبة التي تم توثيقها، وتداول الفيديو على منصة "تك توك" في شهر آب/أغسطس 2022.
يقول عاموس هرئيل، المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، إن عددًا من الضباط الكبار الذين يعرفون نشاط كتيبة نيتسح يهودا عن قرب، اعترفوا بأن الجيش يواجه مشكلة متواصلة تتعلق بالانضباط داخل الكتيبة، فعدد الحالات التي تصرف فيها الجنود بعنف مع الفلسطينيين كبيرٌ جدًا مقارنة بالوحدات الأخرى.
وأوضح عاموس هرئيل، أن جزءًا من المشكلة في كتيبة نيتسح يهودا يتعلق بصفات الجنود الذين يخدمون في الكتيبة، وبخلفيتهم الأيدلوجية والسياسية، فالكثير منهم تسربوا من منظومة التعليم الحريدية من المدارس الدينية وانضموا للخدمة العسكرية النظامية.
وأكد هرئيل، أن عددًا كبيرًا من عناصر كتيبة نيتسح يهودا من سكان البؤر الاستيطانية غير المرخصة، بل إن قسمًا منهم مرتبطون بتنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي والتنظيمات اليمينية المتطرفة.
وكان تحقيق نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عام 2021 أظهر أن جنود كتيبة نيتسح يهودا اعتادوا سرقة سيارات تعود ملكيتها لفلسطينيين تحت تهديد السلاح وأثناء ارتداء الجنود الزي العسكري، بعدما يوقفهم الجنود على الحواجز العسكرية، ثم يستولون على المركبة ويأخذونها إلى قاعدة عسكرية ويحتفظون بها هناك دون مصادقة أي ضابط أو التنسيق معهم أو مع الشرطة.
وأوضح تحقيق "يديعوت" أن حادث سير وقع قرب رام الله في 17 كانون ثاني/ ديسمبر 2021، وأسفر عن وفاة فلسطيني وإصابة آخر بجروح، وتبين أن السبب فيه جنديٌ من كتيبة نيتسح يهودا كان يستقل سيارة سلبها في وقت سابق من فلسطيني.
جريمةٌ أخرى وثقتها "يديعوت أحرنوت" في تقرير منفصل، وهي اعتداء أربعة جنود من كتيبة نيتسح يهودا على فلسطيني داخل مركبته، ثم وضعهم أنبوبة بندقية أحد الجنود بمحاذاة مؤخرته، وقد ظهرت عليه علامات الاعتداء.
وفي عام 2019، كشف أور هيلر، مراسل القناة العاشرة للشؤون العسكرية، عن شريط فيديو صوّره جنودٌ من كتيبة نيتسح يهودا وهم ينكلون بفلسطيني وابنه وهما مطروحان على أرضية جيب عسكري من طراز "زئيف".
ويُظهر الفيديو -الذي لم يُنشر إعلاميًا- أحد الجنود الذي مارسوا التنيكل بحق الأب وابنه وهو يقول: "إننا في حفلة" فردَّ عليه الآخر سائلًا "حفلة يازلمة؟"، بينما واصل الجنود صفع الرجل وابنه والدماء تنزف من وجه أحدهما.
وأكدت القناة العاشرة، أن أحد جنود كتيبة نيتسح يهودا استخدم الكهرباء في تعذيب موقوف فلسطيني، إذ قام بربط قطب كهربائي في عنق الموقوف، ومرر تيارًا كهربائيًا قويًا في جسده ثم ركله برجله.
يُذكر أن المستوطنين الذين ينتمون إلى مليشيات الإرهاب اليهودي المعروفة باسم "تدفيع الثمن"، أو "فتية التلال"، لا يلتحقون بوحدات الجيش بسبب رفضهم العمل إلى جانب النساء من جهة أخرى، حيث تضم كتائب ووحدات الجيش الإسرائيلي نساءً في صفوفها، ونتيجة لذلك تم إنشاء كتيبة نيتسح يهودا لتكون خاصة بهم، لتصبح هذه الكتيبة الأكثر ارتكابًا للجرائم بحق الفلسطينيين على مدار السنوات الستة الماضية.