28-ديسمبر-2023
اثنان من أهم جنرالات الاحتلال السابقين يُشككان بمصداقية جيش الاحتلال

نتنياهو مع جنود إسرائيليين أثناء تفقده للجيش في شمال قطاع غزة | غيتي ايميجز

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

شرع كتاب وخبراء ومحللون سياسيون إسرائيليون منذ أسابيع، بطرح تساؤلات حول الروايات والمعطيات التي يقدمها المتحدث باسم جيش الاحتلال، تحديدًا عبر الصحافة المكتوبة، تراوحت بين التأكيد أنه يمارس الكذب أو عرض المعطيات على نحو مضلل، وبرزت الانتقادات التي تتهم المحللين الذين تستضيفهم القنوات التلفزيونية الإسرائيلية بالاكتفاء فقط بالترويج لتصريحات قادة الجيش، لكن بعد 81 يومًا من حرب غزة 2023، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية تشكيكًا بروايات الجيش حول إنجازاته وقدراته الاستخبارية على لسان اثنين من أهم ضباطه السابقين، هما الجنرال يستحاك بريك، مفوض الشكاوي السابق في جيش الاحتلال، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الأسبق، أهارون زئيفي فركش.

ما جاء على لسان يتسحاك بريك وأهارون فركش في غاية الأهمية. لأن قاسمًا مشتركًا يجمع فركش وبريك، وهو أن كلا الشخصين بلا طموحات سياسية، وهذا يعزز الاعتقاد بأن تقييمهما نابعٌ من اعتبارات مهنية

ورأى الصحفي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب، أن ما جاء على لسان يتسحاك بريك وأهارون فركش في غاية الأهمية، فالأول يسجل في صالحه أنه واظب منذ أكثر من عقد على التحذير بناء على دراسات أجراها بحكم منصبه من وجود عيوب بنيوية في جيش الاحتلال تجعل منعه غير مؤهل للتصدي لهجوم مباغت أو حرب طويلة الأمد، أما أهارون فركش، فقد شغل في الماضي منصب قائد وحدة النخبة في الاستخبارات العسكرية 8200، قبل أن يترفع ليصل إلى رئاسة الجهاز.

وبيّن أنس أبو عرقوب، أن قاسمًا مشتركًا يجمع فركش وبريك، وهو أن كلا الشخصين بلا طموحات سياسية، وهذا يعزز الاعتقاد بأن تقييمهما نابعٌ من اعتبارات مهنية.

يتسحاك بريك، نشر مقالاً في صحيفة "هآرتس"، بعنوان "يفتقر الجيش ومعلقوه -يقصد الخبراء من الضباط السابقين المنتشرين في استوديوهات التغطيات التلفزيونية- إلى بعض التواضع". واستهل بريك مقاله بالقول: "من المعلومات التي أتلقاها من القادة والجنود الذين يقاتلون في القطاع منذ البداية، تظهر الاستنتاجات التالية: المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي والمعلقون العسكريون في القنوات التلفزيونية يقدمون عرضًا  كاذبًا بشأن آلاف القتلى في صفوف حماس والحرب وجهًا لوجه بين قواتنا ومسلحي حماس".

وأكد يتسحاك بريك، أن أعداد القتلى من عناصر حماس بنيران الجيش على الأرض أقل بكثير مما يتحدث عنه المتحدث باسم الجيش والمحللون، وفي المقابل معظم القتلى والجرحى من الجيش أصيبوا بالمتفجرات وقذائف مضادات الدبابات التي يطلقها مقاتلو حماس.

وبناء على الشهادات التي استمع إليها الجنرال يتسحاك بريك من الضباط والجنود المشاركين في الحرب على غزة، يؤكد أن "مقاتلي حماس يخرجون من الأنفاق ويزرعون المتفجرات وينصبون الفخاخ ويطلقون صواريخ مضادة للدبابات ويختفون مرة أخرى في الأنفاق".

وأضاف بريك، أن المتحدث باسم الجيش والقيادة الأمنية يسعون جاهدين إلى تقديم الحرب على أنها نصر عظيم قبل أن تتضح الصورة، ولهذا الغرض، ينقلون وسائل الإعلام التي تم تجنيدها من القنوات التلفزيونية الكبرى إلى غزة، حتى يتمكنوا من تحقيق "الانتصار"، منوهًا أن حرب غزة 2023 هي "الحرب الأكثر تصويرًا على الإطلاق في إسرائيل، وربما في العالم كله".

أكد يتسحاك بريك، أن أعداد القتلى من عناصر حماس بنيران الجيش على الأرض أقل بكثير مما يتحدث عنه المتحدث باسم الجيش والمحللون، وفي المقابل معظم القتلى والجرحى من الجيش أصيبوا بالمتفجرات وقذائف مضادات الدبابات التي يطلقها مقاتلو حماس

وتابع: "خلق صورة النصر حتى قبل أن نقترب من الهدف المنشود يمكن أن يكون مدمرًا للغاية إذا لم يتم تحقيق أهداف الحرب بالكامل وهي تدمير قدرات حماس وإطلاق سراح الرهائن. هذا يذكرني بما قاله لنا نفس المراسلين والمعلقين في القنوات التلفزيونية الكبرى، برفقة جنرالات متقاعدين، قبل الضربة التي تلقيناها في غلاف غزة، أن الجيش الإسرائيلي هو أقوى جيش في الشرق الأوسط وأن أعداءنا خاضعون لتأثير الردع الاسرائيلي".

وأكد يتسحاك بريك، أن تدمير أنفاق حماس سوف يستغرق سنوات عديدة، وسيكلف "شعب إسرائيل" خسائر كثيرة، "فالجيش يعترف اليوم بأن هناك مئات الكيلومترات من الأنفاق المتفرعة والعميقة، بعضها مكون من عدة طوابق، وبعضها تتضمن مراكز ضبط وسيطرة، وقد بنتها حماس لعقود من الزمن لسنوات عديدة ساد خلال الادعاء القائل بأن حماس تم ردعها".

ورأى بريك، أن القناعة بأن حماس تم ردعها أدت إلى إلغاء جميع الخطط ووسائل الحرب في قطاع غزة وضد الأنفاق، ولم يجلس الخبراء للبحث والتخطيط وإنشاء التدابير المناسبة للحرب السرية، "ولهذا نحاول اليوم أن نرتجل الحلول، لكن لا سبيل لتقديم حل فعال" وفق قوله.

وبحسب يتسحاك بريك، فإن قادة عسكريين يقاتلون في قطاع غزة أكدوا له أن من الصعب للغاية منع حماس من إعادة بناء قدراتها حتى بعد كل الدمار الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي، مشددًا أن الجيش يحتاج إلى الخروج من المراكز المزدحمة والعمل "بطريقة جراحية" عبر تنفيذ مداهمات خاطفة والقصف عبر المروحيات القتالية استنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة. وتساءل بريك: "هل المستوى السياسي والأمني قادران على التعامل مع هذا الحدث؟ هل لديهم القدرة على التفكير في حلول إبداعية أخرى حيث لا نخرج كفائزين كبار، ولكن أيضًا ليس كخاسرين كبار؟".

من جانبه، أهارون زئيفي فركش أدلى بتصريحاته في حديث للإذاعة العامة الإسرائيلية، إذ أكد أن هدف "القضاء على حماس" -الذي يواصل نتنياهو ومجلس الحرب الحديث عنه- "غير واقعي"، ودعا إلى اختيار أهداف واقعية للحرب.

أكد أهارون زئيفي أن هدف القضاء على حماس "غير واقعي"، ودعا إلى اختيار أهداف واقعية للحرب

وقال أهارون فركش: "يجب أن نتوقف عن القول ان استخباراتنا تعرف كل شيء في غزة. التواضع مطلوب"، مشيرًا إلى فشل الاستخبارات في اكتشاف "النفق الضخم" الذي أعلن الجيش العثور عليه"، ومؤكدًا أن هذا النفق لم يكن المفاجأة الوحيدة للحرب.

وأضاف: "علينا أن نفهم اليوم أن هناك أساليب في المناطق الزراعية، على سبيل المثال، أنه بالإمكان حفر أنفاق كبيرة تحت غطاء دفيئات غير شفافة. نحن الآن في غزة، وبما أن القتال يدور داخل غزة، لا يمكننا أن نُفاجأ بمثل هذه الأنفاق الهجومية".