الترا فلسطين | فريق التحرير
عبّر "مرصد حقوق الإنسان" في "نقابة المحامين الفلسطينيين عن قلقه البالغ جرّاء استمرار الأجهزة الأمنية في اعتقال المحامي ضرغام خيري محمد سماعنة (36 عامًا) من سكان نابلس، منذ 29 كانون ثان/ يناير الماضي، على خلفيّة تعامله بالذّهب مع أحد التجّار، وتحقيق عناصر الأمن معه في اتّجاه مغاير يتعلّق بمجموعات "عرين الأسود".
منذ نحو أسبوع، يعتقل الأمن الفلسطيني المحامي ضرغام سماعنة من نابلس، ويتّهمه بالتعامل بالذهب لتمويل مجموعات "عرين الأسود"
وقال المرصد في ورقة حقائق، الجمعة، إن المحامي سماعنة تلقى يوم (29 كانون أول/ يناير)، اتّصالًا هاتفيًّا من المباحث الجنائية في البالوع بمدينة البيرة، على خلفية إرسالية مُثبتة بالأوراق من تاجر تتعلق بالتعامل بالذهب، واحتجازه واحتجاز هاتفه حتى اليوم، ومنعه من حقّه في إبلاغ نقابة المحامين بالاحتجاز وتعرّضه للحجز الانفرادي وسوء المعاملة وحِرمانه من حقه في الخدمات الطبية اللائقة وتركيز "التحقيق" معه في اتجاه مغاير يتعلق بالمقاومة الفلسطينية في نابلس "عرين الأسود" وحركة حماس وعلاقتهم بهذا التعامل بالذهب.
وأضاف المرصد أنّ المحامي سماعنة أنكر ما وُجِّه له، وما يزال قيد الاحتجاز التعسفي خلافًا لأحكام القانون الأساسي، وقانون المحاميين النظاميين وقانون الإجراءات الجزائية.
وفي التفاصيل التي أوردها المرصد، فقد زار عدد من الحقوقيين، المحامي ضرغام سماعنة صباح الخميس الماضي (2 شباط/ فبراير) في مقر المديرية العامة للشرطة بمدينة البيرة، للوقوف على ظروف وملابسات وإجراءات الاحتجاز وأوضاعه الإنسانية منذ لحظة احتجازه لدى المباحث الجنائية في البالوع، وقد استغرقت المقابلة داخل مركز الاحتجاز قرابة نصف ساعة "نظرًا لخطورة المعلومات التي أدلى بها" وفق مرصد حقوق الإنسان في نقابة المحامين، تخللها "أربع عمليات مقاطعة للمقابلة" من قِبل الموظفين داخل النَظارة المُحتجز بها سماعنة للانتهاء منها ،بذريعة الوقت، رغم أن مدة المقابلة مُنسجمة مع المعايير الدولية، الأمر الذي أثار شكوك خبراء المرصد بشأن عملية الاحتجاز وأوضاع المحتجز.
المحامي سماعنة أكد لعناصر المباحث العامة أنه يعمل مستشارًا في مجال المعادن الثمينة منذ 10 سنوات، وأن هناك إرسالية بالذهب، وأن الإجراء قانوني
وأفاد المحامي سماعنة بأنه ولدى حضوره إلى المباحث في البالوع يوم الأحد 29/1/2023 حوالي الساعة (12) ليلًا بناءً على مكالمة هاتفيةطلب منه شخص بلباس مدني يُدعى (أشرف) تسليم هاتفه النقال، ورغم تأكيد المحامي عدم قانونية الاحتجاز وانتهاكه لأسرار موكليه المحمية قانونًا، لم يتم الاكتراث لكلامه، فطلب المحامي سماعنة إبلاغ نقابة المحامين بما يجري؛ فجرى إبلاغه بأنَّ نقابة المحامين تعلم ولا تُريد التدخُّل.
وأضاف المحامي أن شخصًا باللباس المدني، يُرجّح أنه ضابط في المباحث الجنائية، بدأ التحقيق مباشرة معه، دون إحالته للخدمات الطبية بمجرد قرار الاحتجاز، ووجه سؤالًا مباشرًا للمحامي سماعنه مفادُه "هل هذا الذهب رايح إلى عرين الأسود" فأجاب المحامي: لا طبعًا. وأكد بأنه يعمل مستشاراً في مجال المعادن الثمينة منذ عشر سنوات تقريباً (10 سنوات) وأن هناك إرسالية قانونية بالذهب وأن الإجراء قانوني وهناك نسخة لدى المباحث بذلك وقد تمَّ إخباره من المباحث بذلك.
عندها، قال المحقق للمحامي سماعنة: "أنا بعرف 100 محامي بشتغلوا شحادين من وين جبت 3 كيلو ذهب وضّح لي؟" فأعاد المحامي سماعنة التأكيد على كلامه السابق، وحصلت مشادة كلامية بينه وبين المحقق، وأصر سماعنة على حقه في إبلاغ نقابة المحامين وحضور ممثل عن النقابة لمجريات التحقيق، فكرر الضابط كلامه بأنه "جرى إبلاغ نقابة المحامين وهي لا تريد أن تتدخل".
جرى احتجاز المحامي سماعنة في "زنزانة إنفرادية" مدة (36 ساعة) دون العرض على النيابة العامة خلافاً للقانون
ووصف المحامي سماعنة الزنزانة التي جرى احتجازه فيها لدى شرطة البالوع بأنَّ مساحتها (4*3) متر، وفيها حوالي (20) شخصاً مُحتجزًا، وبداخلها ثلاثة أسرّة على طابقين، وباقي المحتجزين ينامون على الأرض مع فرشات، وفيها حمام واحد. وأكد بأنه جرى منعه من الاتصال واستخدام الهاتف، والتحقيق معه على دفعات، يتخللها عملية الاحتجاز في تلك الزنزانة.
كما أكد المحامي سماعنة لمرصد حقوق الإنسان في نقابة المحامين أنه أضرب عن الطعام لمدة (36 ساعة) بسبب انتهاك حقوقه وعدم التواصل مع نقابة المحامين بشأن عملية احتجازه، وأنه يُعاني من مشكلة صحية في القلب، وجرى إحالته "مُقيّد اليدين" للخدمات الطبية العسكرية" ولم يكن هناك طبيب مختص وجهاز للقلب والفحص الطبي اللازم. وأن جميع محاولاته للتواصل مع نقابة المحامين للتدخل في إجراءات وظروف احتجازه وأوضاعه باءت بالفشل.
وأضاف المحامي سماعنة أنه جرى التحقيق معه بعد ذلك من قبل مُحقق سَمِعهم ينادونه باسم (وسام) وهو بزي مدني، وقد حقق معه صباح يوم الإثنين (30/1/2023)، وأكد سماعنة (المحامي) بأنَّ يديه كانت مُقيدة إلى الخلف خلال عملية التحقيق معه من قِبل المحقق المدعو (وسام)، وقد انصب التحقيق معه أيضًا على ذات الموضوع حيث وجّه له وسام السؤال التالي "هل هاي الأموال لمجموعة عرين الأسود أم حماس؟ إنته بتدعم مين وبتبعت المصاري لمين وشو في عندك سلاح؟" فأنكر الحامي سماعنة كل ما هو منسوب له وأكد على حقه في التواصل مع نقابة المحامين دون جدوى. وتخلل عمليات التحقيق، فواصل زمنية، يتم وضع المحامي سماعنة فيها في الزنزانة، ومن ثم العودة لمتابعة التحقيق معه.
سأله أحد المحققين عن علاقته بـ"عرين الأسود" وذكر له اسم الشهيد "وديع الحوح" وما إذا كانت تربطه علاقة مع أيّ عضو من "عرين الأسود" سواءً الأحياء أو الذين استشهدوا
وجرى إبلاغ المحامي المحتجز سماعنة بأن "اللجنة الأمنية المشتركة" قادمة للتحقيق معه، وبالفعل حضر ضابطان حوالي الساعة الخامسة من مساء الإثنين للتحقيق معه، فطلب منهم المحامي سماعنة التعريف عن أنفسهم فقال الأول بأنه من جهاز "الاستخبارات العسكرية" والثاني من المباحث الجنائية وأنهم من اللجنة الأمنية المشتركة. فردَّ المحامي سماعنة بأنَّ: الاستخبارات العسكرية غير مُخوّلة بالتحقيق مع المدنيين "ما إلي حكي معك شُغلك مع العسكر"، وغير مسموح لك قانونًا التحقيق معي، وحصلت مشادة كلامية بينهم، وجرى إبلاغه بأنه سيتم نقله للجنة الأمنية المُشتركة، وأشار إلى أنّ المحقق من (الاستخبارات العسكرية) سأله عن السلاح والأموال وعلاقته بــ"عرين الأسود" وذكر له اسم الشهيد "وديع الحوح" وما إذا كانت تربطه علاقة مع أيّ عضو من "عرين الأسود" سواءً الأحياء أو الذين استشهدوا، فأنكرها بشكل كامل.
ويوم الثلاثاء (نهاية الشهر الماضي) جرى عرض المحامي سماعنة على وكيل نيابة رام الله لأول مرة، لمباشرة إجراءات التحقيق، وأصدر وكيل نيابة رام الله قرارًا بتوقيف المحامي المزاول ضرغام سماعنة لمدة (24) ساعة على ذمة التحقيق. وقال "المرصد" إن ذلك حدث رغم بطلان إجراءات القبض والاحتجاز، وانتهاكها الصارخ لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني. وأسند وكيل النيابة للمحامي سماعنة تهمة "تلقي أموال غير مشروعة، وممارسة حِرفة دون تصريح".
وبحسب بيان "مرصد حقوق الإنسان" في نقابة المحامين، أكد المحامي ضرغام سماعنة بأنه سأل وكيل النيابة العامة فيما إذا كانت المباحث الجنائية قد وضعت وثيقة الإرسالية المتعلقة بالذهب في ملف الاستدلال الذي جرى إرساله للنيابة العامة، فأجاب وكيل النيابة بأن هذه الوثيقة غير موجودة في الملف الاستدلالي. وسأل المحامي سماعنة، أيضًا، وكيل النيابة، إذا كان ملف الاستدلال يحتوي على الإفادات التي قدّمها أمام المباحث في البالوع (إفادة أمام المحقق أشرف، إفادتين أمام المحقق وسام، إفادة أمام اللجنة الأمنية المشتركة) فأجاب وكيل النيابة العامة أنَّ الملف يحتوي على "إفادة واحدة فقط" بما يُدلل على انتهاكات خطيرة في الإجراءات الجزائية، وفق البيان.
ويوم الأربعاء (الأول من شباط/ فبراير الجاري)، جرى عرض المحامي المزاول المحتجز تعسفيًا، ضرغام سماعنة، على قاضية صلح رام الله، وقد أكد المحامي سماعنة لخبراء مرصد حقوق الإنسان في نقابة المحامين الفلسطينيين بأنه "لم يكن هناك ملف تحقيقي أمام قاضية الصلح" ورغم ذلك، ورغم ظروف وملابسات عملية الاحتجاز، قامت قاضية محكمة صلح رام الله بإصدار قرار بتمديد توقيفه "7 أيام" على ذمة التحقيق بدون وجود الملف التحقيقي أمام قاضية الصلح.