18-فبراير-2019

لا يزال المشتركون في شركتي الاتصالات العاملتين في الضفة الغربية وغزة (جوال، أوريدو) محرومين من بعض الخدمات التي يؤكد خبراءُ أن غالبية دول العالم تستفيد منها منذ أكثر من 10 سنوات، ومن أبرزها خدمة التناقل الرقمي - "Number Portability"، وهي خدمة تتيح للمشترك تغيير الشركة التي يتزود منها بخدمة الاتصالات والـ3G، مع الاحتفاظ بنفس رقم الهاتف الذي يستخدمه في الشركة الأولى كاملاً وحتى دون تغيير المقدمة.

خبير دولي: خدمة التناقل الرقمي قابلة للتطبيق في مناطق السلطة.. وزارة الاتصالات: لا توجد أمامه تحديات غير قابلة للحل

يُبين موقع "npac" الأمريكي أن نقل الأرقام المحلية (LNP) ممكنٌ تقنيًا بواسطة رقم توجيه الموقع (LRN) ، وهو رقم هاتفٍ فريدٍ مكونٌ من 10 أرقام يتم تعيينه لكل مفتاح تحويل. أتاح نهج (LRN) إدخال  (LNP)دون تغيير جذري في شبكة الهاتف العامة، إذ يسمح لنموذج التوجيه الحالي بالبقاء في مكانه، مما يسمح بتحويل تدريجي للشبكة للتعامل مع حركة مرور (LNP).

اقرأ/ي أيضًا: لا شفافية في تجديد السلطة عقود "بالتل"

وكانت وزارة الاتصالات قد استعانت من خلال الاتحاد الدولي للاتصالات بخبيرٍ دوليٍ لعمل دراسةٍ معمقةٍ عن إمكانية إتاحة هذه الخدمة. ووفقًا لسليمان الزهيري، وكيل وزارة الاتصالات، فإن الخبير الدولي قدّم مجموعة من التوصيات سعت الوزارة لتطبيقها في إطار قانون الاتصالات والاتفاقيات الموقعة مع المشغلين، ومن بين هذه التوصيات أن خدمة التناقل الرقمي قابلة للتطبيق في فلسطين ضمن خطة وجدول زمني مُعيّن.

وأوضح الزهيري لـ الترا فلسطين، أن خطة عام 2019 لوزارة الاتصالات تضمنت في استراتيجيتها إتاحة خدمة التناقل الرقمي، لكنه استدرك أن هذه التقنية "لا تزال من الناحية النظرية سهلة، لكنها من الناحية العملية لن تكون كذلك وفقًا لعدة آراء، وقد تواصلت الوزارة مع شركة أريكسون المنتجة للأجهزة والأنظمة الموجودة في فلسطين لحسم قرارها بهذا الشأن، وننتظر رد الشركة".

وأضاف الزهيري، "إحدى شركتين الاتصالات تقول إن جميع مقاسمها خارج فلسطين، وقد يؤدي ذلك لتأخر المكالمات، إلا أن هذه المعلومة غير مؤكدة وجاري التأكد من صحتها أو عدمه، لكن في كل الأحوال لا يوجد أمام خدمة التناقل الرقمي أي تحديات غير قابلة للحل".

وزارة الاتصالات: إحدى شركتي الاتصالات تعترض على التناقل الرقمي لإن جميع مقاسمها خارج فلسطين، ويجري التأكد من صحة ذلك

وأشار إلى أن الرقم "لن يصبح ملكًا للشخص، وإنما هو ملكية وطنية للدولة"، مبينًا أن الوزارة تواصلت مع المشغلين من أجل إعداد الجاهزية لإطلاق الخدمة.

سألنا وزير الاتصالات السابق مشهور أبو دقة عن رأيه في هذه القضية، فأفادنا أنه "بمجرد وصول شركة أوريدو إلى قطاع غزة فإن هذه الخدمة يجب أن تكون متاحة"، مؤكدًا أنه لا توجد أي مشكلة تقنية منذ أن كان وزيرًا للاتصالات، "وإنما كانت المشكلة في وصول شركة أوريدو لغزة حتى تتاح هذه الخدمة لجميع المشتركين الفلسطينيين".

اقرأ/ي أيضًا: شركات الاتصالات أهدت زبائنها لـ إسرائيل وهاجمتهم

وبناءً على خبرته في مجال الاتصالات، أكد أبو دقة لـ الترا فلسطين أن التناقل الرقمي لا يحتاج لتردداتٍ جديدةٍ أو أرقامٍ جديدة، "وبالتالي فإن الجانب الاسرائيلي لن يتدخل في إتاحة هذه الخدمة".

وزير الاتصالات السابق: الجانب الإسرائيلي لن يتدخل في إتاحة التناقل الرقمي فلسطينيًا

هذه الخدمة، كانت من أبرز مطالب حراك "بكفي يا شركات الاتصالات" الذي انطلق قبل سنوات، ونفذ تحركات ميدانية وأخرى إلكترونية إضافة إلى لقاءات مع مسؤولين، محاولاً تحصيل مطالب عديدة تتعلق بجودة الخدمات وأسعار الاتصالات، وكان منها توفير التناقل الرقمي باعتبار تغييبه "يُحدُّ من حرية مشتركي شركتي الاتصالات الفلسطينتين في اختيار الشركة التي يفضلها، إذ أن كثيرًا من المشتركين غير راضين عن الخدمات والأسعار في الشركة التي يتلقون الخدمات منها، لكنهم يمتنعون عن الانتقال للشركة الأخرى حرصًا على عدم فقدان أرقامهم الحالية التي ترتبط بشؤون كثيرة بالنسبة لهم".

حراك "بكفي يا شركات الاتصالات": عدم توفير التناقل الرقمي يُقيّد حرية المواطنين في اختيار شركة الاتصالات التي يُفضلونها

يقول منسق الحراك جهاد عبدو، إن "التناقل الرقمي حقٌ لكل مواطن، وعدم تمكين المشترك من تملك رقمه الخاص به يتعارض مع مصلحة المواطن، ويُكرس الهيمنة وينافي أبسط الحقوق"، مضيفًا، "طالما الرقم هو ملكية للدولة وليس للشركتين، فلماذا لا تسمح لنا الدولة أن نحمل أرقام هواتفنا وننتقل بها بين الشركتين كما نشاء؟ الدولة للمواطن أيضًا".

ورأى أن تطبيق خدمة التناقل الرقمي "يعود بالمصلحة الشخصية والعامة ويعزز التنافس بشكل كبير، كما يعود بالأثر الإيجابي على قطاع الاتصالات في فلسطين، نظرًا لتعزيز ثقة المواطن في المنتج الوطني وتثبيت حقوقه، وتطبيقها. إذ لا يعقل أن يحق للمواطن أن يمتلك المشغل في (دول الجوار)، بينما يحرم من ذات الحق من المشغل الفلسطيني".

اقرأ/ي أيضًا: شركات الاتصالات.. السلطة الرابعة

لماذا لا تزال خدمة التناقل الرقمي معطلة إذًا؟ وما هي مدى جاهزية الشركتين لتقديمها؟ سألنا شركة "أوريدو" عن ذلك، فأجابت بشكل مقتضب على لسان مدير عام الاتصالات التسويقية والمبيعات شادي القواسمي بأن "توفير خدمة التناقل الرقمي حقٌ للمشترك الفلسطيني يهدف بالأساس لتحقيق تنافسية أعلى في سوق الاتصالات، مما يخدم مصلحة المشترك ويمكّنه من اختيار المشغل الأفضل مع حق الاحتفاظ برقمه".

"أوريدو": التناقل الرقمي حق للمشترك الفلسطيني ومن شأنها تحقيق تنافسية أعلى في سوق الاتصالات

وأضاف، "هذه الخدمة أصبحت متوفرة في العديد من دول العالم والمنطقة وللمشترك الفلسطيني الحق بالتمتع بالخدمة أيضًا".

تواصلنا مع شركة "جوال" للحصول على ردها بهذا الخصوص، لكن بعد أيامٍ من المحاولة والانتظار جاء الرد بأن "مجموعة الاتصالات الفلسطينية -ومنها جوال- لا ترغب في الرد على هذه الجزئية، لكنها تقترح إجراء مقابلة شاملة حول جميع ما يتعلق بقطاع الاتصالات".

شركة "جوال" رفضت الرد على تساؤلات الترا فلسطين حول التناقل الرقمي

لكن رئيس مجموعة الاتصالات عمار العكر، كان قد أجاب عن هذه الجزئية في حوار صحفي أجرته معه صحيفة الحدث خلال شهر شباط/فبراير 2018، حيث قال: "مع احترامنا للمطالبين بالتناقل الرقمي، فإنها ليست واقعية لطبيعة تعقيدات الشبكات لدينا ولديهم، والوزارة طالبتنا بهذا الموضوع، ولكن قدمنا لها رؤيتنا المبنية على استشارات ودراسات سوق كاملة والتي أدت إلى بلورة قناعة أنها ليست أولوية في السوق الفلسطيني، عدا ضرورة وجود تداخل في تنظيم العملية، إذ يجب أن يكون هناك وسيط في التبادل الرقمي وقاعدة بيانات المشتركين، كل هذه التعقيدات في وجود الشبكة ستؤدي إلى تردي الخدمة".

تتعارض تصريحات العكر هنا مع ما أكد عليه الخبراء ووزارة الاتصالات في حديثنا معهم خلال هذا التحقيق، وهو التعارض الذي بحثنا عن إجابات عليه في تواصلنا مع "جوال"، لكن دون الحصول على رد.

يذكر أن جمعية  تكنولوجيــا المعلومــات والاتصــالات في فلسطين (PITA) أوضحت في تقريرٍ لها أنه في العام 2017 بلغ عدد شرائح الهواتف النقالة 4.4 مليون شريحة في الضفة الغربية وقطاع غزة، يتم تشغيل 90% منها من خلال مفعلي خدمة الاتصالات الفلسطينية، بينما الـ10% المتبقية تعود للشركات الإسرائيلية.

يدر قطاع الاتصالات الفلسطينية حوالي 6 مليون دولار سنويًا، وقد ساهم بنسبة 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2015 -2014، وذلك بحسب هئية تشجيع الاستثمار الفلسطينية، وهو ما ورد في تقرير لمركز حملة.


اقرأ/ي أيضًا: 

صهيب زاهدة سيقاضي إداريين في أوريدو.. ما القصة؟

عن موظف الدعم الفني.. القامع والمقموع

الإعلانات في فلسطين.. هل شعرت بالاحتيال؟