أثار قرار رئيس هيئة الأركان الأسبق لجيش الاحتلال غادي آيزنكوت بالترشح في الانتخابات الإسرائيلية القادمة، جدالات عدة في "إسرائيل". كان من بينها تقريرًا نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، يطرح سؤال "لماذا يريد كبار المسؤولين العسكريين الذهاب للكنيست؟"، باعتبار أن آيزنكوت هو رئيس الأركان الرابع عشر الذي يلتحق بالحياة السياسية بعد تقاعده من الجيش. وتضيف الصحيفة أن آيزنكوت ليس الأول، لكن كُثر حاولوا قبله بمفردهم وفشلوا في الانتقال من الجيش إلى الكنيست، مضيفةً "عندما تطغى القضايا المدنية على الأمنية، سيواجه شريك غانتس وساعر الجديد بعض التحديات، خاصة أن من برع في القتال، قد لا يتفوق بالضرورة في السياسة".
لماذا يريد كبار المسؤولين العسكريين الذهاب للكنيست؟
وتستكمل الصحيفة حديثها، مشيرةً إلى إعلان يوم أمس بانضمام رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت إلى الاتحاد بين بيني غانتس وجدعون ساعر وإنشاء قائمة "المعسكر الرسمي" كان بهدف تقديم بُشرى جديدة للنظام السياسي، لكنه في الحقيقية مثال آخر لظاهرة قديمة، ومع الانتخابات القادمة من المتوقع أن يكون آيزنكوت هو رئيس الأركان الرابع عشر الذي يدخل إلى الكنيست، كما أن كل رؤساء الأركان الذين تولوا مناصبهم ابتداءً من عام 1991 دخلوا إلى الحياة السياسية بعد تقاعدهم، باستثناء دان حالوتس.
وفي سياق إعلان يوم أمس، قدم رئيس الحكومة السابق وهيئة الأركان إيهود باراك مباركةً للمنضم الجديد للحقل السياسي، معتبرًا إياه إضافةً مهمةً للعمل السياسي، وواصفًا آيزنكوت "حكيم ومتمرس ومتوازن ومستقر، ويتميز باليقظة والتسامح، لو كان هناك الكثير من أمثاله، لكان هناك سياسة مختلفة".
وفي تعقيب التقرير على كلام باراك، يشير إلى أن رغم كل المميزات التي التي قالها باراك، إلى التجربة السابقة تظهر أن معظم رؤساء الأركان لم يحققوا نجاحات باهرة على المستوى السياسي. وأوضح المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي آفي بانياهو أنه "بصفتك رئيس هيئة الأركان ، فأنت معتاد على كل من يأتي إليك مع رأيه ويغادر برأيك، وما تقوله يتم تنفيذه. في السياسة، لا تسير الأمور بهذه الطريقة. بعض الجنرالات كان على هذا النحو، مثل ايهود باراك واسحق رابين وبيني غانتس، وهناك من كانوا أقل نجاحًا في ذلك".
وأضاف بينياهو أنه سيتعين على آيزنكوت الاندماج في نظام سياسي يعرف فيه معظم الناس كيفية الإساءة للآخرين والتعرض للإساءة منهم، وسيتعين عليهم مواجهة هذا التحدي. ومع ذلك، أكد بينياهو أن "السياسة لن تربكه وأن آيزنكوت من نوع مختلف" واصفًا إياه "بشخص الدقيق والعميق والمؤثر بالفعل. وحقيقة أنه كان قادرًا على إجبار غانتس على الإعلان عن ذهابه إلى الانتخابات التمهيدية إنجاز".
يتقاطع مع هذا الرأي الباحثة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية والمحاضرة في الجامعة المفتوحة تامار هارمان، باعتبار أن من ينجح في الحرب ليس بالضرورة أن ينجح في السياسة، مضيفةً "حتى محاولة تشكيل حزب من الجنرالات لم تنجح. واتضح أن الانتقال ليس بالأمر السهل، وعلى العسكريين أن يقاتلوا الثعالب السياسية التي تعترض طريقهم".
وأوضحت هيرمان أن القضية الأمنية كانت في الماضي في قلب الانتخابات، واليوم احتلت القضايا الاقتصادية والاجتماعية مكانًا أكثر أهمية، مما جعل الجنرالات أقل أهمية في العملية الانتخابية. مضيفةً هيرمان: "لقد تغيرت السياسة وأصبح المجتمع مدنيًا. كونك ضابطًا في الجيش ليس بالضرورة أن يعني ذلك امتلاك هالة تبهر الجمهور".
واستكمل تقرير الصحيفة العبرية استكشافه القضية، من خلال السؤال حول ما الذي يجذب قادة عسكريين في الجيش للدخول في الكنيست، وأجاب بينياهو: "رئيس الأركان هو منصب سياسي في حد ذاته، والذي يتضمن إلى جانب أمور أخرى، الاحتكاك مع السياسيين في اجتماعات الحكومة، وإنهم يحاولون الاستمرار على هذا النحو من خلال وسائل أخرى، أي الدخول في الكنيست، والتأثير وتحقيق ذواتهم في السياسة".
أما البروفسور هيرمان فقد اقترحت جوابًا آخرًا، مشيرةً إلى أن الجنرالات يتقاعدون في سن مبكرة: "يترك الناس الجيش عندما يكونون صغارًا نسبيًا ويتعين عليهم مواصلة حياتهم. لقد أثبتوا أنفسهم في نظام واحد، ويعتقدون أنه يمكن ترجمة تجربتهم إلى نظام آخر، هذه الظاهرة حدثت بشكل خاص في السنوات التي كان يعتبر فيها الجيش مكانًا يكون الأشخاص الذين فيه هم الأفضل".
إلى جانب قرار الدخول في الحياة السياسية، يتعين على رؤساء الأركان أن يقرروا أي جانب من الخريطة السياسية سينضمون إليه. وفي هذا الجانب، يكون الاتجاه واضحًا: 11 من أصل 14 رئيسًا من رؤساء الأركان الذين دخلوا النظام السياسي، اختاروا الانضمام إلى اليسار أو الوسط. فيما كانت الاستثناءات لرافائيل إيتان مؤسس حزب "تسوميت" اليميني، وشاؤول موفاز وموشيه يعلون، بانضمامهم إلى حزب الليكود.
هذا وأشار البروفيسور الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية عوفر كونيغ إلى أنه في هذه الحالة، فإن قرار آيزنكوت بالانضمام إلى قائمة تقع في وسط الخريطة السياسية ليس بالأمر غير المعتاد.
إلى جانب رؤساء الأركان، انضم العديد من الجنرالات إلى الحياة السياسية، وخاصة الأحزاب اليسارية. وفي الوقت نفسه، كان هناك عدد غير قليل ممن اختاروا الذهاب إلى اليمين، بمن فيهم أرييل شارون ورحبعام زئيفي وإيفي إيتام. ويوسي بيليد. وفي النظام السياسي اليوم، هناك جنرال واحد في حزب يميني وهو عضو الكنيست يوآف جالانت من الليكود، واثنين اثنين في أحزاب الوسط وهما أورنا باربيي وإيلعازار شتيرن حزب يوجد مستقبل، وجنرال واحد في اليسار وهو نائب رئيس الأركان السابق ونائب وزير الاقتصاد حاليًا يائير جولان من ميرتس.