26-أكتوبر-2023
gettyimages

صحفيون في مستوطنة سديروت خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع (Getty)

طوال الأيام الماضية، ناشد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إدخال المساعدات لقطاع غزة، وإلى جانبهم الطواقم الصحفية الأجنبية التي تغيّب بشكلٍ كامل تقريبًا عن قطاع غزة، نتيجة إغلاق معبر رفح، وتشديد الحصار المفروض على قطاع غزة، مما يمنع الدخول والخروج منه.

في المقابل، استقبلت دولة الاحتلال منذ بداية عدوانها على قطاع غزة، حوالي 1500 صحفي وطاقم تصوير أجنبي، بعضهم يصل إلى دولة الاحتلال أول مرة، وبعضهم يمثل شبكات إعلامية لا تمتلك وجودًا في "إسرائيل".

تشكيك بايدن بكل ما يجري في قطاع غزة، وتصديقه لرواية إسرائيل فقط، ينسحب على التغطية الإعلامية لـ"سي إن إن"

وتشير مصادر إعلامية إسرائيلية، إلى أن دولة الاحتلال عملت على إصدار أوراق اعتماد صحفية بسرعة كبيرة من أجل تسهيل التغطية، التي يُعد جزءًا منها مبرمجًا من قبل الجيش.

كما قام جيش الاحتلال، بتأسيس مركز اتصالات في مستوطنة سديروت، من أجل عقد جلسات إحاطة خاصة للصحفيين الأجانب، تحتوي على تجهيزات للبث المباشر والتسجيل.

ومنذ بداية عدوان الاحتلال على قطاع غزة، قام المتحدث باسمه، والذي جند العشرات من جنود الاحتياط في قسمه، بإجراء حوالي 1000- 1500 مقابلة في وسائل الإعلام.

ورغم ما سبق، من تغطية غير متكافئة، بحكم الانحياز والعين الموجودة في "إسرائيل" فقط، تعرضت وكالة AP، التي قصف الاحتلال مقرها وشبكات إعلامية أخرى في غزة عام 2021، إلى هجوم في دولة الاحتلال بعد إصدار دليل مكتوب، يوضح كيفية التعامل مع الحرب الإسرائيلية على غزة، بما يشمل عدم استخدام مصطلح "إرهابي"، عند الحديث عن الفصائل الفلسطينية.

اقرأ/ي: التفويض بالإبادة.. هكذا تحارب الصحافة الغربية في صفّ الاحتلال

حرب الكذب والتضليل.. 3 من أبرز حالات تزوير الاحتلال وداعميه للحقائق

إسرائيل والحروب على غزّة.. حدود بروباغاندا البساطير

ووسط العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، فإن الإعلام الإسرائيلي بمجمله، يخضع إلى رقابة عسكرية مطلقة، إلى درجة تصل للإشارة في بعض المواد إلى أن المواد في أقسام الجيش والأمن، قد خضعت للرقيب الأمني، ووافق عليها. وكانت الصورة الأوضح لذلك، الانتقادات الواسعة في دولة الاحتلال بعد السماح للمحتجزة المفرج عنها من قطاع غزة، بالحديث لوسائل الإعلام، وكشفها عن تفاصيل تواجدها هناك لعدة أيام، وهو ما اعتبرته مستويات سياسية رسمية ووسائل إعلامية إسرائيلية بـ"الخدمة لحماس".

ومع هذا الدعم الغربي الواسع، والذي يتضمن الدعم الإعلامي الكبير، والذي يساهم في جهود نزع الإنسانية عن عموم الشعب الفلسطيني، ومن ثم الشرعية عن المقاومة الفلسطينية أو حركة حماس، فقد هاجم الرئيس الإسرائيلي هيئة البث البريطانية (بي بي سي)، ودعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك للمساعدة في "رفع صوت التصحيح". 

واتهم هرتسوغ المؤسسة الإخبارية بارتكاب "تشويه الحقائق، وهاجم رفضها تصنيف حماس كمجموعة إرهابية".

وإلى جانب الانخراط الأمريكي الكامل في عدوان "إسرائيل" على غزة، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، يعمل على نزع الشرعية عن كافة المؤسسات المدنية في قطاع غزة، بقوله: إنه "لا يثق في أرقام القتلى المدنيين التي قدمتها وزارة الصحة في غزة التي تسيطر عليها حماس"، وأضاف: "ليس لدي أدنى فكرة أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة بشأن عدد القتلى. أنا متأكد من أن أبرياء قتلوا، وهذا ثمن الحرب".

بايدن ذاته، الذي صدق مزاعم "قطع رؤوس الأطفال"، بناء على مزاعم إسرائيلية كاذبة، تراجع عنها بعد ساعات، عاد وصدق إسرائيل خلال ساعات حول مزاعمها عن مجزرة مستشفى المعمداني. ومع كل الترويج الإسرائيلي حول قتل الإسرائيليين يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فإن نصف أعدادهم تقريبًا من قوات الجيش أو الشرطة بشكلٍ مباشر وضمن الخدمة، ويوجد بينهم 16 طفلًا، ما بين 4-17 عامًا، دون وجود رضع.

اقرأ/ي: قائمة "المبادئ الأساسية" في الصحافة الغربية تتّسع.. "قللوا عدد الضحايا الفلسطينيين"

صحفي أمريكي: اللغة المستخدمة لوصف الفلسطينيين "إبادويّة"

وتشكيك بايدن بكل ما يجري في قطاع غزة، وتصديقه لرواية إسرائيل فقط، ينسحب على التغطية الإعلامية لـ"سي إن إن"، التي ساهمت هي الأخرى في الترويج لرواية "إسرائيل" وبايدن "قطع رؤوس الأطفال"، وفي تغطيتها لخبر استشهاد عائلة الصحفي وائل الدحدوح، قالت: "لا تستطيع شبكة سي إن إن التأكد بشكل مستقل من مصدر الانفجار في المنزل ولم تقدم الجزيرة أدلة تربطه مباشرة بضربة إسرائيلية"، وفق قولها. 

وفي السياق نفسه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لبيد، الذي دخل إلى عالم السياسة من الإعلام، وأمضى معظم خدمته العسكرية بالعمل في مجلة "بمحانيه/ المعسكر": "إذا كان الإعلام الدولي موضوعيًا ويظهر الجانبين، فهو يخدم حماس".

ترافق كل ما سبق، مع حملة إسرائيلية ضخمة، موجهة ضد الأمين العام للأمم المتحدة، بعد حديثه عن عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، في سياقها التاريخي.

الانحياز الإعلامي الغربي لإسرائيل، يتجاهل كل سياق ممكن، ويسعى إلى نزع الإنسانية عن الفلسطيني، كما يتجاوز حتى الاستخدام الإسرائيلي له، ففي أيار/ مايو 2021، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال، خلال إحاطة صحفية لوسائل الإعلام الأجنبية عن بداية غزو بري لقطاع غزة، وذلك ضمن خطة التضليل الإسرائيلية في عملية "مترو حماس"، التي فشلت لاحقًا، وظهر الإعلان ضمن خطة الجيش العسكرية.

يأتي ذلك، مع استهداف مستمر للفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك الصحفيين الذي استشهد منهم 25 صحفيًا على الأقل، وآخر في جنوب لبنان، ضمن عدوان شامل ومتواصل على الشعب الفلسطيني.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق لبيد، الذي دخل إلى عالم السياسة من الإعلام، وأمضى معظم خدمته العسكرية في مجلة "بمحانيه/ المعسكر": "إذا كان الإعلام الدولي موضوعيًا ويظهر الجانبين، فهو يخدم حماس"

في تعليقها على التغطية الإعلامية الغربية، قالت كبيرة مراسلي "سي إن إن" في القسم الدولي سابقًا، أروى ديمون: "أنا مرعوبة مما سنجده عندما نتمكن من الذهاب إلى غزة. لكن علينا أن نجهز أنفسنا لذلك".

وفي مقال لها، قالت: "إذا نظرنا إلى تغطية ما يحدث، يبدو الأمر وكأننا نقذف أنفسنا نحو هاوية من الجنون المطلق وغير الإنساني. تعيدني الأحداث إلى طبول حرب العراق بعد هجمات أيلول/ سبتمبر 2001، حيث كان القطار الجامح وهللت العديد من وسائل الإعلام الغربية، وخاصة الأمريكية، لهذه الجهود والسرد الأمريكي حول ’الخير في مواجهة الشر’".