08-يوليو-2017

مرة أخرى، أدارت شركات الاتصالات الفلسطينية ظهرها ليد الحوار التي مدها محتجون على ارتفاع الأسعار وسوء الخدمة، في حين واصلت وزارة الاتصالات أخْذَ دور المتفرج، ما دفع الحراك إلى اتخاذ قرار بالتصعيد، وسط إجماع واضح بين المشاركين فيه على هذه الخطوة.

"حراك بكفي يا شركات الاتصالات" انطلق قبل عدة أشهر، للمطالبة برفع سيف الشركات الفلسطينية عن رقاب خمسة ملايين مشترك ومستخدم لخدماتها في الضفة الغربية وقطاع غزة. تتعلق أبرز مطالب المحتجين، وليس كلها، بأسعار الاتصال الخليوي، وأسعار خط النفاذ (ADSL)، وأسعار خدمة الانترنت الهاتفي.

مجموعة الاتصالات الفلسطينية طلبت مهلة لتلبية مطالب المحتجين على أسعارها وخدماتها ثم تهرّبت من تقديم الرد

ومنذ اللحظة الأولى، سعت شركات الاتصالات إلى التشكيك في الحراك؛ واتهامه بالترويج للشرائح الإسرائيلية، وهو ما نفاه الحراك الذي شدد على أن مثل هذه الدعوات خرجت من أطراف لا تمثله رسميًا.

اقرأ/ي أيضًا: الاتصالات أهدت زبائنها لإسرائيل وهاجمتهم

وذهب نشطاء في الحراك إلى اتهام الشركات بدفع موظفين لديها للنشر في المجموعة التفاعلية الخاصة بهم على موقع التواصل فيسبوك، للإساءة إلى الحراك ونشطائه والتشكيك بوطنيتهم.

هذا التصعيد على "السوشال ميديا" أعقبته "هدنة" بين الطرفين، تخللتها مفاوضات انتهت إلى الفشل، بسبب امتناع شركات الاتصالات عن الالتزام بالمهلة المحددة لتقديم رد بخصوص مطالب الحراك.

"ألترا فلسطين" تحدث إلى جهاد عبدو منسق حراك "بكفي يا شركات الاتصالات"، الذي أوضح أن اجتماعًا عقد بين الحراك والرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر، قدم خلاله الحراك قائمة ضمت 14 مطالبًا، وانتهى بطلب الأخير مهلة أقصاها 5 تموز/يوليو للرد على مطالب الحراك.

وتضمنت مطالب الحراك تطوير خدمات الشركات وتوسيعها، والاهتمام بفئات الأسرى والجرحى والعمال؛ من خلال إنشاء برامج خاصة بهم، واعتبار الرقم ملكًا للشخص وليس للشركة، "لأن شركات الاتصال تتعامل مع المواطنين على أنهم أرقام وليس بشر" وفق قول جهاد.

ويطالب الحراك أيضًا بحماية المشتركين من جرائم سرقة الأرصدة، "وعدم تعبئة جيوب مدراء الشركات والقائمين عليها عبر التحصيل غير العادل، بحصولهم على ما يعرف بـالبونس، ويقدر بملايين الدنانير سنويًا".

يبين عبدو، أن الحراك تواصل مرة أخرى مع مجموعة الاتصالات بعد امتناعها عن الرد في الوقت المحدد، فطلبت مهلة لأسبوع آخر، وقد وافق الحراك على الطلب مشترطًا تسليمه كتابًا رسميًا يوضح أسباب التأجيل، من أجل توضيحها للرأي العام، وهذا ما رفضته المجموعة.

حراك "بكفي يا شركات الاتصالات" سينفذ خطوات قانونية واحتجاجات ميدانية لإجبار شركات الاتصالات على الرضوخ لمطالبها

هذا الرفض الصريح حذا بالحراك إلى الإعلان مساء الخميس، 6 تموز/يوليو عن "برنامج نضالي محدد ومركز" حتى نهاية الشهر الجاري، تبدأ يوم الثلاثاء 18 تموز/يوليو بوقفة أمام مجلس الوزراء تزامنًا مع الجلسة الأسبوعية، لمطالبته بالعمل على كسر الاحتكار بالسماح لشركات إضافية للعمل بقطاع الاتصالات.

وسيطالب الحراك الحكومة أيضًا، بالإسراع في إقرار قانون عصري "يحمي المواطنين من شركات الاتصالات"، والعمل على تفعيل المشروع المعطل والمختص بإمداد خدمة الانترنت عبر شبكات الكهرباء.

وسيرسل الحراك بتاريخ 20/تموز كتابًا للاتحاد الدولي للاتصالات "يوضح ظلم شركات الاتصال"، إضافة إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مركز خدمات الجمهور التابع للشركات في مراكز المحافظات، وسيُعلن عن تفاصيلها لاحقًا، وفق جهاد.

وحذر جهاد من أن يؤدي تعنت الشركات الفلسطينية، وحملاتها الخادعة، إلى هروب الفلسطينيين للتعامل مع شركات الاتصالات الإسرائيلية، مؤكدًا أن الحراك يرفض بشدة هذا الخيار.

"ألترا فلسطين" توجه إلى عمار العكر، بصفته الرسمية في مجموعة الاتصالات، وكونه ممثلها في الحوار مع الحراك، إلا أن الأخير امتنع عن الحديث إلينا، وهذا ما فعله المنسق الإعلامي أيضًا قائلاً إنه ليس مخولاً بالرد، وطلب تأجيل أي مقابلاتٍ بهذا الشأن عدة أيام.

وزارة الاتصالات تأخذ دور المتفرج في الاحتجاجات على مجموعة الاتصالات، وفي الحوار بين الطرفين، وتتهرب من الصحافة

وزارة الاتصالات، من جانبها، أخذت دور المتفرج من النافذة، طوال هذه الاحتجاجات، كما فعلت ذلك خلال الحوار بين الحراك والشركات. يعلل جهاد ذلك بامتلاك الشركات قدرة هائلة للضغط على كافة الجهات المعنية.

يقول فاعلون في الحراك إنهم "نفضوا أيديهم" من شركات الاتصالات، ويعتقدون أنها لن تقدم أي تنازلات إلا إذا تكبدت خسائر فادحة نتيجة المقاطعة والاحتجاجات، لكنهم في الوقت ذاته يستهجنون بشدة امتناع وزارة الاتصالات عن التدخل لصالح المستهلك ضد "جشع رأس المال". يذهب بعضهم باتجاه اتهام وزارة الاتصالات "بالانتفاع من الشركات، ما يجعلها تتجاهل حقوق المستهلكين ومطالبهم".

وبحثًا عن رد على هذه الاتهامات، توجه "ألترا فلسطين" إلى وزارة الاتصالات، إلا أن الوزير ووكيل الوزارة امتنعا عن التعليق على هذه المسألة.

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق صحفي يُحرّك الدستورية ضدّ الراتبين

وكان الحراك بدأ احتجاجاته بوقفة أمام المجلس التشريعي، جرى خلالها تسليم جملة من المطالب للنائب الثاني للمجلس التشريعي حسن خريشة، من أجل العمل على تعديل قانون الاتصالات رقم (3)، والمقر منذ العام 1993.

يقول عبدو، إن القانون أصبح باليًا بسبب بقائه جامدًا عند ذلك التاريخ، رغم التطورات الواسعة التي حدثت في مجال الاتصالات، مضيفًا، أن المجلس التشريعي أبدى للمحتجين حينها استعداده للتواصل مع مختلف الجهات، لكن دون جدوى.

يشار إلى أن مجموعة الاتصالات الفلسطينية "بالتل" تضم شركة جوال، وشركة الاتصالات الخاصة بتقديم خط النفاذ والهاتف الأرضي، إضافة لشركة حضارة للإنترنت، وتحتكر تقديم خدمة الاتصالات وخط النفاذ بناء على اتفاق مع الحكومة، أكد قانونيون ونواب في المجلس التشريعي أنه يخالف القانون.


اقرأ/ي أيضًا:

لا شفافية في تجديد السلطة عقود "بالتل"

تقرير أمان عن القضاء والفساد وأشياء أخرى

عن موظف الدعم الفني.. القامع والمقموع