الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
"هكذا احتلَّ مقاتلو نتنياهو الرقميين الخليج العربي". هذا هو العنوان الذي اختارته كيتي فكسبرغر، الباحثة في معهد التفكير الإقليمي الإسرائيلي لتحقيقٍ نشره لها موقع "سيخا موكميت" الإلكتروني، توصلت فيه أن "إسرائيل استخدمت مجموعة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل منظم وموجه رسميًا من أجل تحسين صورتها في عيون مواطني دول الخليج العربي، ولتجميل اتفاق تطبيع العلاقات مع الإمارات، ويظهر أن تلك الجهود آتت أُكلها".
تحقيق إسرائيلي: إسرائيل استخدمت حسابات على مواقع التواصل لتحسين صورتها في عيون الخليج
وبيّن التحقيق، أن إنشاء هذه الحسابات بدأ قبل عقد من الزمن، بالتزامن مع تعاظم القلق لدى بعض الدول الخليجية من النفوذ الإيراني، مضيفًا أن هذه الحسابات يُديرها أشخاصٌ يتحدثون باللغة العربية، وقد دأبوا على نشر دعاية إسرائيلية لـ"تنظيف وتبييض أفكار سكان الخليج" حسب وصفه.
اقرأ/ي أيضًا: كيف ولماذا يدير الشاباك حسابات على فيسبوك؟
وعاد التحقيق إلى بدء العلاقات الخليجية مع "إسرائيل" بعد اتفاق أوسلو، ثم توقفها مع انطلاق الانتفاضة الثانية، خضوعًا لمسيرات غاضبة في هذه الدول، لكنه أفاد بأن العلاقات استمرّت بشكل سري بعد الانتفاضة، قبل أن تنجح حكومة نتنياهو في "تسخينها" مع الإمارات والسعودية والبحرين وسلطنة عُمان، "وعلى نحو أقل" -كما قال- مع قطر.
وأفاد بأن وزارة الخارجية الإسرائيلية بدأت منذ عام 2008 بنشر مقاطع فيديو تتضمن معلومات دعائية على "يوتيوب" باللغة العربية، ثم بعد ذلك بعامين فتحت سفارتا "إسرائيل" في الأردن ومصر حسابين على موقع "تويتر" بهدف "تعزيز العلاقات الدبلوماسية والنمو الاقتصادي والصداقة مع كلتا الدولتين".
وأضاف، أن منشورات هذين الحسابين "تتمحور حاليًا حول مضامين اجتماعية وثقافية وحضارية وتكنولجية واقتصادية"، في حين تبتعد عن المسائل السياسية الحساسة مثل حقوق الفلسطينيين التي تثير احتجاجاتٍ في أوساط الشعبين المصري والأردني.
تركز تغريدات الحسابات الإسرائيلية على مضامين تكنولوجية واقتصادية مقابل تهميش المسائل السياسية الحساسة
وكشفت الباحثة في تحقيقها أن جهات استخباراتية إسرائيلية كانت سباقة لاستخدام مواقع التواصل، بهدف التأثير على وجهة النظر السلبية السائدة لدى الجمهور الفلسطينيي المتعلقة بالاحتلال العسكري، ودفعه للاعتقاد بأهمية الشراكة مع "إسرائيل".
اقرأ/ي أيضًا: الشاباك يخترق جروبات نسائية على فيسبوك للتجنيد وأهداف أخرى
وتربط الباحثة بين نتنياهو ومشروع استهداف المواطن العربي في مواقع التواصل، مبينة أنه استأجر جنودًا سابقين في مكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال، من بينهم ابنه البكر يائير، من أجل قيادة جهود الحكومة الرامية لبناء حضور قوي في فضاء مواقع التواصل، وقد جرى ذلك بمساندة ما وصفتها "وحدات قتالية رقمية مؤهلة تقنيًا"، لتُصبح الحكومة بعدها قادرة على "التصدي للمدونات العربية وإنتاج صورة إيجابية عن إسرائيل".
ويورد التحقيق، أنه في أعقاب الربيع العربي، أنشأت "إسرائيل" عدة حسابات على مواقع التواصل، مثل حساب "إسرائيل بالعربي" على تويتر، وحساب "إسرائيل بتتكلم عربي" على فيسبوك، وكلاهما يتابعهما مليونا مواطن عربي. لاحقًا، أنشأ موظفون حكوميون مثل أفخاي أدرعي (الناطق باسم الجيش) وأوفير جندلمان (الناطق باسم الحكومة) وحتى نتنياهو شخصيًا حسابات.
وقالت الباحثة: "هذه الحسابات تعمل معًا وتتبادل المعلومات (..) تطرح نقاشات واستطلاعات وتنشر أفلامًا تهم الأشخاص في المنطقة، وتتطرق لحضارتهم والثقافة العربية الإسلامية، ويعرضون إسرائيل بوصفها دولة التسامح المتقدمة التي تبحث عن السلام".
وأضافت، "ركّزت هذه الحسابات خلال السنوات الأخيرة على إبراز التقدم التكنولوجي الإسرائيلي، وهو أمرٌ يثير اهتمام العالم العربي، مثل التكنولوجيا الزراعية والطب"، مؤكدة أن الهدف هو لفت الانتباه عن مسائل وصفتها بأنها "هامشية" مثل الاحتلال.
وفي عام 2013 أطلقت حكومة الاحتلال حساب "إسرائيل في الخليج"، وقد أوضحت الباحثة أن موظفين حكوميين إسرائيليين يعتبرون هذا الحساب "من أبرز نجاحات الحملات الدعائية لوزارة الخارجية الإسرائيلية. ففي عام 2018 تم اعتباره "سفارة افتراضية".
الإسرائيليون يعتبرون حساب "إسرائيل في الخليج" من أبرز نجاحات الحملات الدعائية لوزارة الخارجية
يقول مؤسس الحساب يوناثان غونين: "نحن نرى المزيد من المتابعين الذين باتوا يثقون بمضاميننا، وكيف طرأ تغيرٌ على مشاعرهم تجاه إسرائيل".
اقرأ/ي أيضًا: صفحة المنسق: مؤشر عودة الإدارة المدنية للضفة وغزة؟
ومن بين المحتوى الإسرائيلي الموجه للخليجيين أيضًا، فيديوهات أظهرت ما وصفتها الباحثة "علاقة نتنياهو القوية مع الإدارة الأمريكية وترامب، والسياسة الحازمة التي ينتهجها ضد النظام الإيراني الذي يُشكل خطرًا على دول الخليج".
كما تضمنت هذه الفيديوهات "رسائل محبة من إسرائيليين لمواطني الخليج" وفق تعبير الباحثة، في حين تم تهميش القضية الفلسطينية تمامًا.
وأشار التحقيق إلى حسابات إسرائيلية خاصة ناطقة باللغة العربية، تُروج لسياسات الاحتلال وتسعى لتحقيق ذات الأهداف الرسمية، وقد حظيت بمئات آلاف المتابعين، وحازت تفاعلاً كبيرًا، وهي تحاول "تطوير مشاعر مناهضة للفلسطينيين".
الجهود الإسرائيلية آتت أكلها ليس فقط في حصد المتابعين العرب بل أيضًا في ارتفاع عدد الحسابات الخليجية "الموالية لإسرائيل"
أحد الحسابات التي رصدها التحقيق، حساب إيدي كوهين، موضحًا أنه ضابط سابق في وحدة تجنيد الجواسيس بالجيش، ومستشار سابق لمكتب رئيس حكومة الاحتلال، وقد "نال شعبية استثنائية وتحول ما ينشره إلى بؤرة نقاش بين مستخدمي مواقع التواصل العرب".
حسابٌ آخر تطرقت له الباحثة في تحقيقها، هو حساب من وصفته "البروفيسور المستشرق" مردخاي كيدار، وهو الذي يسعى إلى إقناع العرب بأن الدعم الشعبي لحقوق الفلسطينيين "مجرد ميول عاطفية غير مبررة منطقيًا".
وبيّن التحقيق، أن هذه الحسابات كرست جهدًا لإبراز ما تزعم أنه "عداء الفلسطينيين لدول الخليج"، والادعاء أن الفلسطينيين يتصرفون "بطريقة غير مسؤولة" تجاه الخليج.
واعتبرت الباحثة في تحقيقها أن الجهود الإسرائيلية "آتت أكلها"، ليس فقط في حصد المتابعين العرب والتفاعل مع منشوراتها وتغريداتها، بل أيضًا في ارتفاع عدد الحسابات الخليجية "الموالية لإسرائيل" وفق وصفها.
اقرأ/ي أيضًا: