06-سبتمبر-2022
سجل مثير للجدل للشركة التي تملك فرقة "فوزي موزي" (تويتر)

سجل مثير للجدل للشركة التي تملك فرقة "فوزي موزي" (تويتر)

قبل حوالي أسبوعين، وصلت فرقة "فوزي موزي توتي" إلى قطاع غزة ضمن جولة من أجل إقامة عروض ترفيهية وزيارة مستشفيات، تمت جولة العروض برعاية واحدة من أكبر شركات الاتصالات وبموافقة من الحكومة في قطاع غزة، التي عملت على تأمين الجولة والعرض بالإضافة إلى توفير مرافقة دائمة للفرقة خلال تجوالها على مدار أسبوع. كانت زيارة الفرقة إلى قطاع غزة في الأسبوع الأخير من آب/ أغسطس هي الأولى لها، لكنها تقوم بتنظيم عروض دورية في الداخل الفلسطيني والضفة الغربية، وصولًا إلى عروض في الأردن والعراق ودول عربية أخرى.

تشير وثائق حصل عليها "الترا فلسطين"، أن أحد مالكي الشركة التي تنظم عمل فرقة "فوزي موزي توتي"، هو إسرائيلي له سجل مثير للجدل، ومرتبط بجرائم ضد الفلسطينيين

وفي الوقت الذي كانت تمر فيه كل العروض بشكلٍ طبيعي، باعتبارها عروضًا ترفيهية للأطفال، أثار عرض غزة الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي. تراوح الجدل بين الحديث عن أسعار التذاكر التي وصلت إلى 30 شيكل (9 دولارات) وهو مبلغ كبير بالنسبة لمعدلات الدخل في قطاع غزة، وصولًا إلى نقاشات طائفية حول الخلفية الدينية لمقدمي العروض أو مظهرهم.

لكن ما سقط من الجدل كان أكثر حساسية. تشير وثائق حصل عليها "الترا فلسطين"، أن أحد مالكي الشركة التي تنظم عمل فرقة "فوزي موزي توتي"، هو إسرائيلي له سجل مثير للجدل، ومرتبط بجرائم ضد الفلسطينيين. وحسب الوثائق، فإن الشركة المُسجلة في "إسرائيل" تدار من قبل شخصين، أحدهما مليونير إسرائيلي، وضابط احتياط سابق في سرية لواء غولاني يدعى نداف بالتي. وبحسب ما يتضح من وثائق تسجيل الشركة في كل من الإنجليزية والعبرية، فإن نداف بالتي يدير مع فلسطيني من الداخل هو فوزي سعيد الشركة منذ سنوات.

Text, letter</p>
<p>Description automatically generated

والوثيقة التي حصل عليها موقع "الترا فلسطين" والصادرة عن مسجل الشركات الإسرائيلية، تظهر أن الشركة مُسجلة تحت اسم "فوزي موزي العالمية FOZI MOZI INTERNATIONAL LTD)، وتم تأسيسها في 16 آذار/ مارس 2017، ويقع مقرها في شارع راؤول والنبرغ في تل أبيب- يافا، وتحمل رقم (515610079). وبحسب العقد، فإن شركة استوديوهات ميميمي (MEMEME STUDIOS LTD) تملك الحصة الأكبر لـ"فوزي موزي إنترناشونال"، وهي بحسب آخر بيانات صدرت حولها في نهاية العام الماضي مملوكة من قبل نداف بالتي وشركة دوري ميديا التي يمتلك بالتي حصةً كبيرةً منها، بالإضافة إلى شركاء آخرين. بناءً على ذلك فالعقد المبرم بين شركة فوزي موزي وميميمي، موقع من قبل فوزي سعيد الساكن في حيفا ونداف بالتي الساكن في المستوطنة الزراعية يركونا القريبة من مستوطنة بتاح تيكفا.

Graphical user interface, website</p>
<p>Description automatically generated

سجل عسكري مخفيّ

يظهر البحث عن اسم نداف بالتي بأنه ولد في 25 نيسان/ أبريل 1959، في كيبوتس هزورياع المقام في شمال مرج بن عامر، ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لمجموعة دوري الإعلامية. بحسب التعريف المنشور على موقع شركة دوري فإن بالتي عمل رئيسًا لمجلس إدارة الشركة منذ كانون أول/ ديسمبر 2002 إلى أيلول/ سبتمبر 2004، قبل أن يتولى منصب المدير التنفيذي. وبحسب التعريف الرسمي الذي يستخدمه بالتي على الموقع، فإنه فقد عمله في عام 1987 كمحاسب في شركة إسرائيلية كبيرة، وفي عام 1999 أسس مع تمار موزيس شركة مابال كوميونيكيشنز والتي عملت في صناعة الإعلانات والإعلام في إسرائيل.

ومنذ كانون ثاني/ يناير 2005 وحتى آذار/ مارس 2014، عمل بالتي مديرًا لشركة إل عال الإسرائيلية للطيران، وخلال عمله شغل مناصب قسم إدارة المخاطر وعضوية مجلس إدارة شركة الطيران وقسم المالية.

بالتي الذي ينتهي التعريف الرسمي له بحصوله على شهادة بكالوريوس في المحاسبة والاقتصاد من جامعة تل أبيب، لا يأتي على ذكر الخدمة العسكرية له في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولا تظهر هذه المعلومات بشكلٍ واضح إلّا في تقرير قديم نشره موقع ميكور ريشون العبري عام 2005 يتناول مجموعةً من "حكايات النجاح الإسرائيلية" التي تتمثل في الانتقال من الخدمة العسكرية إلى عالم الأعمال.

يربط تقرير الموقع العبري بين نجاح نداف بالتي في عالم الأعمال وخلفيته العسكرية باعتبار أن الخدمة العسكرية تكسب خبرات وتجارب تساهم في إنجاح عمله في عالم الأعمال وقيادة الشركات، وينطلق وصف التقرير له من قصته في حرب لبنان الأولى كما توصف إسرائيليًا، وهي اجتياح لبنان عام 1982، وقيادته سرية تابعة للواء جولاني خلال حرب لبنان الأولى التي شارك فيها بالتي كملازم أول بدايةً، قبل أن يتسلم قيادة السرية بعد مقتل القائد الأول لها جوني هارنيك وإصابة الثاني موشيه كابليسنكي في نفس المعركة.

المعركة التي يتحدث عنها بالتي كانت معركة قلعة شقيف أو كما يستخدم الموقع التسمية الفرنسية لها (Beaufort)، وهي واحدة من أبرز المعارك التي خاضتها قوات المقاومة الفلسطينية خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وشغل بالتي منصب قيادة السرية حتى عودة قائدها الثاني كابليسنكي الذي أصيب خلال المعارك. وبلغة أمنية ودون تفاصيل كثيرة، يشير الموقع إلى أن نداف بالتي نفسه شارك في عمليات خلف الخطوط في لبنان وسوريا والأردن. وكان قد حصل على دورية ضباط خلال بداية خدمته العسكرية عام 1977.

وحول مشاركته في اجتياح لبنان، فقد شارك في عملية احتلال النبطية وقرية كفر رمان أيضًا، بحسب موقع جيش الاحتلال وجمعية المحاربين القدامى في لواء جولاني التي يرأسها موشيه كابلسنكي، وهو قائد السرية التي قاتل خلالها نداف بالتي في حرب لبنان 1982 وأصيب خلالها وتولى بالتي مهام القيادة عنه بشكلٍ مؤقت.

وبحسب موقع الجمعية التي تؤرخ عسكريًا للواء جولاني، فقد قاد بالتي دوريةً من جنود جولاني عام 1980 في عمليةٍ استخباريةٍ في قرية الريحان والعيشية قضاء جزين جنوب لبنان إلى جانب جنود من الكتيبة 12 في اللواء، ونفذت مهمتها دون إطلاق نار. وإجمالًا شارك بالتي ضمن لواء جولاني في الهجوم على الجزء الغربي من لبنان، وساهم في معركة شقيف بشكل كبير بالإضافة إلى احتلال بحمدون والنبطية وصولًا إلى طريق بيروت- دمشق، وكان من بين قادة اللواء فيه حينه غابي أشكنازي رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية منذ عام 2007 وحتى 2011.

يعود بالتي إلى حياته في الجيش التي يقول إنها أكسبته الكثير من الخبرات: "في الجيش تواجه مواقف صعبة وغير متوقعة. في الدوريات تصل إلى الحد الأقصى من قدرتك، لكن الصعوبة الحقيقية ليست جسدية. يمكنك القيام برحلة طولها 120 كم، لأنك في الجيش تتعلم أنه لا يوجد حد للقدرة، ولكن ما هو صعب حقًا هو التعامل مع حالة عدم اليقين، وعليك كقائد أن تستمر بالقيادة إلى الأمام". وهو ما يربطه في عالم الأعمال باعتبار أنه كمدير يقود الشركة للأمام في معركة دون معرفة يقينية بإمكانية النجاح لأن هناك منافسين في كل مكان، على حدّ قوله، ورغم حالة عدم اليقين إلّا أنه يجب إقناع الموظفين بضرورة تحقيق الهدف.

ليست مجرد صدفة

هذه العلاقة التي يصفها بالتي بين القطاع المهني والمؤسسة العسكرية ليست مصادفة، وكذلك حقيقة أنه يدير عدة شركات ويملك شركة فرقة فوزي موزي توتي، بعد سنوات من الخدمة العسكرية. يشير خبراء إلى مركزية الجيش في السياسة وفي قطاع الأعمال الإسرائيلي، بما في ذلك ما يتعلق بالأسلحة، الاستشارات الأمنية، الصحافة، وحتى الفن والثقافة. حيث يمتد حضور الجيش بشكل مستمر في الحياة السياسية والاقتصادية من خلال الضباط السابقين. أحد الأمثلة على ذلك، هو ما يمكن وصفه بـ"الجنرالات الوزراء"، فمن أصل 22 قائد أركان سابق للجيش الإسرائيلي، دخل 14 رئيسًا للأركان في الحياة السياسية سواء بالحصول على مناصب في الكنيست أو وزراء أو رئاسة الحكومة. ومنذ عام 1991 دخل كل رؤساء الأركان إلى الحياة السياسية باستثناء دان حالوتس الذي انعدمت طموحاته السياسية بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006. يشمل ذلك آخر رئيس أركان، وهو غادي أيزنكوت، الذي أنهى ما يعرف بفترة "التبريد" وهي الابتعاد عن العمل السياسي بعد ترك الجيش لمدة 3 سنوات.

يمتد حضور الضباط السابقين في القطاع الخاص أيضًا وفي القطاعات الثقافية وحتى الحقوقية. على سبيل المثال، فإن قطاع الأسلحة الإسرائيلي يعتمد بشكل أساسي على شركات قطاع خاص تدار من قبل قادة سابقين في الجيش. كما أن عددًا كبيرًا من الضباط السابقين، بما في ذلك قادة استخباراتيين، قاموا بتأسيس جمعيات ثقافية وحقوقية.

حول مشاركته في اجتياح لبنان، فقد شارك بالتي في عملية احتلال النبطية وقرية كفر رمان أيضًا، بحسب موقع جيش الاحتلال وجمعية المحاربين القدامى في لواء جولاني

ليست شركة "فوزي موزي" بعيدة تمامًا عن هذا السياق. حيث يبدو بالتي نفسه على معرفة عميقة بهذه الترتيبات السياسية العسكرية في إسرائيل، حيث يقول في ختام المقابلة التي أجريت معه قبل أكثر من 15 عامًا، إن الخدمة العسكرية تساهم في نجاح الجندي بعد حصوله على دراسة وعمله في الشركات الكبيرة.