5 أشهر أمضاها الأسير المحرر فاروق الخطيب (30 عامًا) على سرير المستشفى الاستشاري برام الله، منذ الإفراج عنه من سجون الاحتلال في 20 كانون أول/ ديسمبر الماضي. طوال تلك الأيام ظلّ يأمل العودة إلى منزله وأحضان طفلته رونق، لكنّه سيغادر المشفى اليوم فوق أكتاف المشيّعين إلى قريته "أبو شخيدم"، شمال المدينة.
عند الساعة 11 قبل منتصف الليل، وبشكل مفاجئ، هبطت نسبة الأوكسجين في جسم "فاروق" المنهك، وعاني من ضيق حادّ في التنفس لنحو ساعة، وحالت جهود الأطباء دون إنعاشه، فارتقى شهيدًا
وبالرغم من حالته الصحية الصعبة وترقُّب عائلته وأصدقائه لفراقه في أي لحظة، لكن لحظة الإعلان عن استشهاده شكّلت حالة حزن وبكاء لجميع الحاضرين فوق سريره، وفق ما أظهره مقطع فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
▶️ #فيديو | لحظة إعلان استشهاد الأسير المحرر فاروق الخطيب، بعد أشهر من تحرره مصابًا بمرض السرطان. pic.twitter.com/ihCVDfROgr
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) May 20, 2024
يروي شقيقه حسام الخطيب لـ "الترا فلسطين" أن الاحتلال اعتقل فاروق لمرتين في سجونه، الأولى أمضى فيها 4 سنوات، وأفرج عنه في العام 2023، ومن ثم عاود جيش الاحتلال اعتقاله في شهر أغسطس/ اب العام الماضي، وأصدر أمرًا إداريًا باعتقال مدة 6 أشهر.
وأضاف بأنه بعد السابع من أكتوبر، عانى شقيقه كغيره من الأسرى من سياسية التضييق الكبير بحقهم، حين كان في سجن عوفر، ومن ثم قررت إدارة السجون نقله إلى سجن نفحة. وأشار إلى أنه وخلال النقل من عوفر إلى نفحة توقّف في "معبار الرملة"، وهناك قام السجانون بالاعتداء على الأسرى بالضرب المبرح، وتم ضرب فاروق بأسطوانة الغاز المسيل للدموع على بطنه من قبل أحد السجانين.
وتابع شقيقه، أنه وفي أول أسبوع له في سجن نفحة، ظهرت لديه كتلة دم في الأمعاء وأغلقت مجراها، ومن ثم بدأت تتدهور حالته الصحية، حيث فقد القدرة على الكلام، وفقد من وزنه 28 كيلوغرامًا، ولم يعد يتناول الطعام.
ونظرًا لشدة سوء حالته الصحية، نقلته إدارة السجون إلى مستشفى "سوروكا"، وهناك جرى أخذ خزعة منه، وتبين إصابته بمرض السرطان، بحسب ما ذكر شقيقه حسام. وبدل تقديم العلاج اللازم له، قامت قوات الاحتلال بإلقاء "فاروق" عند حاجز نعلين غرب رام الله، قبل انتهاء فترة اعتقاله الإداري بنحو شهرين، ومن هناك، في يوم 20 كانون أول/ ديسمبر نقل إلى المستشفى الاستشاري حتى استشهد اليوم.
وبحسب شقيقه، كان فاروق يعاني من سرطان في الأمعاء ووجود كتل سرطانية على جدار المعدة والبطن، وعانى من سياسة الإهمال الطبي، ولم يقدم الاحتلال العلاج اللازم له.
والأسير الشهيد فاروق الخطيب من قرية أبو شخيدم شمال رام الله وهو متزوج ولديه طفلة اسمها رونق، عمرها (4 أعوام).
بدورها قالت مؤسسات الأسرى في بيان مشترك إن الأسير الخطيب تعرض لجريمة طبيّة نفّذتها إدارة سجون الاحتلال بحقّه قبل الإفراج عنه.
تصاعد للعدوان على الأسرى وجرائم ممنهجة
وبيّنت هيئة الأسرى ونادي الأسير، أنّ الخطيب تعرض لسلسلة جرائم إلى جانب الجريمة الطبيّة التي أدت إلى استشهاده، حيث تعرض الخطيب كما الآلاف من الأسرى داخل السجون إلى عملية اعتداء من قبل القمع خلال مدة اعتقاله الأخيرة، واستمرت سلطات الاحتلال بجريمتها بهدف قتله، وذلك باستمرار اعتقاله إداريًا تحت ذريعة وجود (ملف سرّي)، رغم ما وصل إليه من وضع صحي بالغ الخطورة في حينه جرّاء إصابته بالسرطان.
وأكدت مؤسسات الأسرى، أنّ حالة الشهيد الخطيب، ليست الحالة الوحيدة لمعتقلين خرجوا من سجون الاحتلال وهم في حالة صحيّة خطيرة وصعبة، فعلى مدار عقود ارتقى العديد من الأسرى المرضى بعد الإفراج عنهم بفترات وجيزة جرّاء الجرائم الطبيّة الممنهجة التي ارتكبت بحقّهم.
وفي ضوء تصاعد العدوان والجرائم الممنهجة، وعمليات التّعذيب والتّنكيل والجرائم الطبيّة، ارتقى ما لا يقل عن (18) أسيرًا داخل سجون الاحتلال، وهذا المعطى يتعلق بالشهداء الذين أعلن عنهم، فيما لا يزال الشهداء من معتقلي غزة رهن الإخفاء القسري، حيث يواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم، علمًا أنّ إعلام الاحتلال كان قد كشف عن استشهاد العشرات من معتقلي غزة في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، دون الكشف عن هوياتهم وظروف استشهادهم.
وحمّلت مؤسسات الأسرى، سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاد الخطيب، وجددت مطالبتها لكافة المؤسسات الحقوقية الدولية بتحمل مسؤولياتها اللازمة وكسر حالة العجز المرعبة، أمام الجرائم غير المسبوقة التي يواصل الاحتلال تنفيذها واستمراره بحرب الإبادة بدعم من قوى دولية بحقّ شعبنا في غزة، واستمراره بالعدوان الشامل على أسرانا وأسيراتنا داخل سجون الاحتلال.
