20-أكتوبر-2023
عناصر من الأمن الفلسطيني قبالة متظاهرين خرجوا في رام الله نصرةً لغزة - MARCUS YAM / LOS ANGELES TIMES

عناصر من الأمن الفلسطيني قبالة متظاهرين خرجوا في رام الله نصرةً لغزة - MARCUS YAM / LOS ANGELES TIMES

الترا فلسطين | فريق التحرير

وسط تصاعد الحالة الشعبية التي تشيد بالمقاومة في قطاع غزة ومعركتها "طوفان الأقصى"، التي انطلقت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تطفو على السطح انتهاكات الأجهزة الأمنية الفلسطينية بحق نشطاء ومتظاهرين في الضفة الغربية خرجوا في مسيرات نصرة لغزة، إذ تم اعتقال العشرات منهم، وإلصاق تهم جنائية بحقهم.

50 معتقلًا لدى الأمن على خلفيّة مسيرات مؤيدة لغزة، وُجهت لهم تهم التجمهر غير المشروع، وذم السلطة، ومقاومة رجال الأمن، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة 

بلغت ذروة الاعتقالات يوم الثلاثاء الماضي، بعدما خرج الآلاف في شوارع الضفة احتجاجًا على مجزرة الاحتلال الإسرائيلي في المستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، والتي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد. إذ تجمهر المواطنون في ميادين الضفة وأمام مقرّات الأجهزة الأمنية تزامنًا مع لقاءٍ عقد بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في العاصمة الأردنية عمّان، كان سيليه لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، تم التوافق مع مصر والأردن على عدم انعقاده نتيجة المجزرة الإسرائيلية.

التظاهر من أجل غزة.. "تجمهر غير مشروع"

ويقول مدير تجمّع "محامون من أجل العدالة"، مهند كراجة لـ "الترا فلسطين"، إن ثلاث مصادر مختلفة أكدوا لهم أن عدد المعتقلين على خلفيّة مسيرات مؤيدة لغزة في رام الله، بلغ 50 معتقلًا أو أكثر، في ظل عدم تقديم الأجهزة الأمنية أجوبة عن عدد المعتقلين لديها، إضافة لعدم عرضهم على المحكمة بعد اعتقالهم بيوم، واعتقال آخرين مساء الأربعاء الماضي.

ووفق كراجة، فقد وجّهت الأجهزة الأمنية تهمًا عديدة للشبّان المعتقلين، منها: "التجمهر غير المشروع، وذم السلطة، ومقاومة رجال الأمن، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة". فيما اعتبرت "محامون من أجل العدالة" أن قمع المتظاهرين ضمن هذه الاتهامات، يعتبر "جزءًا لا يتجزأ من سياسة تجريم الأعمال المشروعة المكفولة كجزء من حق تقرير المصير الذي يجب احترامه دون أي انتقاص". 

ويرى والد أحد المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ "الترا فلسطين"، أن من يقف وراء تخريب الممتلكات العامة هي جهّات منظمة تخرج في أحداث مشابهة لتعطيل الحراك وخلق بلبلة في صفوف المتظاهرين، بهدف إيجاد مبررات للأجهزة الأمنية كي تقمع المسيرة.

وتابع والد المعتقل: "من يرتكب جريمة لديه مصلحة في ذلك.. ولا مصلحة لدى من خرجوا نصرة لغزة في أن يرتكبوا هذه الجرائم، وهنا تقع المسؤولية على الأجهزة الأمنية كي تكشف عن الجهات التي تتعمّد الظهور في هذه المناسبات عند انتهاء موعد المسيرات والمظاهرات ثم تبدأ بالتخريب (...) ولو كانت قوى الأمن جادّة في الأمر، لكشفت عن المعتدين على ممتلكات عامة في أحداث سابقة لم تشهد تظاهرات مثل تخريب تمثال وسط رام الله في أيلول/ سبتمبر الماضي".

بدوره، يؤكد عضو لجنة الحريات في الضفة، خليل عساف في حديث مع "الترا فلسطين"، أن من حق الناس التظاهر خصوصًا وسط ما تمر به القضية الفلسطينية من محاولات التصفية عبر الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة، مضيفًا أن تهمة "التجمهر غير المشروع في هذه الأوقات التي يذبح فيها الفلسطيني، عيب وعار، ويقود إلى حرب أهلية داخلية". 

ويتساءل عساف: "كيف لنا أن نطالب العالم بأن يقف ويتظاهر معنا وأن نقول إننا نتعرض لمظلمة تاريخية، وفي السياق، نرى استفزازات الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين في مختلف مناطق الضفة الغربية؟"، مشيرًا إلى أن القمع من الأجهزة الأمنية، والحرب على غزة، جزء من آثار اتفاقية أوسلو.

وكان الناطق باسم الأجهزة الأمنية، طلال دويكات قد أصدر بيانًا عن الأحداث، قال فيه: "إن السلطة وأجهزتها الأمنيّة لا تخفي حقيقة أنها قامت باعتقال ما يقارب 15 شخصًا قدمت لهم لوائح اتهام موثقة بالصوت والصورة، وهم يقومون بالاعتداء على الممتلكات العامة وتحطيمها، وقد تم تحويلهم للنيابة وفق القانون لاستكمال الإجراءات القانونية بحقهم".

ويعقّب المستشار الأمني لرئيس الوزراء، عبد الإله الأتيرة لـ "الترا فلسطين"، حول الاعتقالات، قائلًا: "كل من اعتدى على ممتلكات المواطنين سيحاسب بناءً على ما يقتضيه القانون، ومن ألقي القبض عليهم في الأحداث الأخيرة هم مخرّبين"، وفق تعبيره.

المستشار الأمني لرئيس الوزراء: من ألقي القبض عليهم في الأحداث الأخيرة هم مخرّبين

وتابع الأتيرة: "من يريد النضال نحمله على أكتافنا وساحات النضال مفتوحة وندعمها.. لكن هناك جهات مدسوسة تحاول الاعتداء على البنوك والمحلات ومهمتنا المحافظة على القانون، ومن يخرب في المظاهرات، أناس لهم أجندات خارج الوحدة الوطنية".

ويوضح مصدر مشارك في مسيرة رام الله أن أفرادًا في الأجهزة المدنية بلباس مدني اعتدوا عليهم بالضرب بدون مبرر أو سابق إنذار. ويقول المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه خشية الملاحقة الأمنية، في حديث لـ "الترا فلسطين"، إنهم تعرّضوا لضرب مبرح وسط المسيرة، واقتاد عناصر الأمن عددًا من الشبان للاعتقال وهناك تعرضوا للضرب بالعصي على مختلف مناطق الجسد، من ثم إجبارهم التوقيع على إفادات بأنهم "شاركوا في تخريب المرافق العامة".

وتابع المصدر: "الأمن وضع المعتقلين في غرفة صغيرة، وانهالوا عليهم بالضرب الشديد بشكل جنوني، حتى أن أجساد المعتقلين احمرّت واستمر الاعتداء والتعنيف طوال ساعات ليلة الاعتقال، رغم أن جميع المعتقلين لم يشاركوا في تخريب الممتلكات العامة".

"الأمن وضع المعتقلين في غرفة صغيرة، وانهالوا عليهم بالضرب الشديد بشكل جنوني، حتى أن أجساد المعتقلين احمرّت"

وقال مصدر آخر مشارك في المسيرة لـ"الترا فلسطين"، فضّل هو الآخر عدم ذكر اسمه خشية الملاحقة الأمنية، إنهم تعرضوا للضرب المبرح خلال اعتقالهم من وسط مدينة رام الله، ما أدى إلى كسور في جسده، دون تقديم أي علاج طبي مناسب لحالته.

وأضاف المصدر، أن أحد عناصر الشرطة، قال خلال دخولهم إلى المركز "احنا ربيناهم تربية"، في إشارة منه للضرب المبرح الذي تعرضت له المجموعة المعتقلة من مدينة رام الله.