02-نوفمبر-2023
الغاز الإسرائيلي والخسائر في الحرب

كشفت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية العبرية، أن "إسرائيل" اضطرت إلى إغلاق منصة استخراج الغاز الرئيسية، التي تعتمد عليها في توليد الكهرباء قبالة شواطئ عسقلان في اليوم الأول من العدوان على قطاع غزة.

وجاء في تقرير للصحيفة حمل عنوان: "مبلغ الـ 3 مليارات شيكل المستثمر في حماية البحر، لم يمنع وقف تشغيل منصات استخراج الغاز".

وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "منذ بداية الحرب تم إغلاق منصة تمار الواقعة على بعد 25 كيلومترًا من شواطئ عسقلان خوفًا من تعرضها للقصف الصاروخي، وتعريض العاملين هناك للخطر، والمليارات التي أنفقتها الدولة على الدفاع عنها لا تعد ولا تحصى. لكنّ الآن، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الحرب التي تعيشها إسرائيل وإغلاق منصة الغاز لفترة غير محدودة من الزمن، يطرح السؤال ما إذا كان الوقت قد حان للتفكير في الضرر الاقتصادي الذي لحق بالاقتصاد بسبب إغلاقها".

الحديث يدور عن إغلاق محطة الغاز الأساسية في عسقلان، قلقًا من صواريخ المقاومة الفلسطينية

وعلمت "كالكاليست" أنه جرت أمس، مناقشة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي لسياسة البدء في استخدام الخزانات المخصصة لحالة الطوارئ، بطلب من وزارتي المالية والطاقة، كما عقدت اليوم الخميس مناقشة أخرى حول الموضوع، مع تقديرات بالتوجه إلى هذا الخيار.

ونظرًا للحساسية الأمنية، فإن تفاصيل المناقشات السرية التي جرت في مجلس الأمن القومي سرية. وفي مناقشة الخميس، يقدر أن النقاشات دارت حول المعضلات الأمنية، وأهمية الاستمرار في عمل منصات استخراج الغاز بالنسبة لإسرائيل، حتى أثناء حالات الطوارئ. وقد يستمر مجلس الأمن القومي في التعامل مع معضلة موعد إعادة تشغيل منصة تمار، وما سيعنيه إغلاق منصة ليفيتان قبالة حيفا إذا توسعت الحرب إلى الساحة الشمالية.

ويُعدّ خزان تمار، المورد الرئيسي للغاز الطبيعي لشركة الكهرباء، بحسب الصحيفة فإن: "سيترك تأثيرًا كبيرًا على قطاع الكهرباء وخزينة الدولة. وبحسب تحليل شركة BDO للشراكة في خزان الغاز تمار، فإن إغلاق الحفار يؤدي إلى خسارة حوالي 800 مليون شيكل شهريًا. وذلك نتيجة انخفاض إنتاج الغاز المحلي، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الكهرباء نتيجة استخدام البدائل الأكثر تكلفة مثل الفحم والديزل. ويعزى حوالي 300 مليون شيكل من المبلغ الإجمالي إلى خسارة إيرادات الدولة نتيجة فقدان الإتاوات وضريبة شاشينسكي وضريبة الشركات. ومن المتوقع أن يكون سبب بقية الخسائر هو انخفاض بسبب انخفاض حجم إنتاج الغاز، ويرجع ذلك أساسًا إلى فقدان الدخل من الصادرات إلى مصر".

ونظرًا للحاجة إلى مواصلة إمداد السوق المحلية الإسرائيلية بالغاز الطبيعي، بعد إغلاق حقل تمار، انخفضت أيضًا صادرات الغاز من إسرائيل من الخزانات الأخرى، من أجل إمداد الاقتصاد المحلي بالغاز. ووفقا لتقرير BDO، انخفضت صادرات الغاز إلى مصر بنحو 70% خلال الحرب. وعلى الرغم من أن خزان ليفياتان يبلغ حجمه ضعف حجم خزان تمار، إلا أن الطاقة الإنتاجية للخزانات في وقت معين متشابهة نسبيًا.

ومنذ بداية الحرب، ارتفع استخدام الفحم لتوليد الكهرباء في إسرائيل من 10% إلى 15%. وإلى جانب الأضرار البيئية، تقدر شركة BDO أن إيقاف إنتاج الغاز الطبيعي يؤدي إلى زيادة قدرها 80 مليون شيكل شهريًا في تكلفة إنتاج الكهرباء.

ولفتت الصحيفة: إلى أنه "في أوقات الحرب، تعتبر مرافق البنية التحتية هدفًا جذابًا، حيث أن الأضرار التي تلحق بها قد تؤدي إلى خلل في الأنظمة الحيوية، ولذلك تحاول التنظيمات الفلسطينية منذ سنوات استهداف منصة غاز تمار الواقعة على بعد نحو 25 كيلومترًا من شواطئ عسقلان، القريبة نسبيًا من شواطئ غزة، بهدف إحداث أضرار مباشرة".

وتضيف الصحيفة الاقتصادية: "المخاطر الأمنية الناجمة عن وضع مرافق البنية التحتية في المجال البحري كانت معروفة لإسرائيل مع الذهاب إلى خيار التنقيب عن الغاز وإنشاء منصات مختلفة. وبحسب منشورات في وسائل الإعلام على مر السنين، فإنه من أجل حماية منصات الغاز، طالب الجيش بنحو ثلاثة مليارات شيكل لبناء قوة حماية وشراء سفن مخصصة للبحرية، إلى جانب حوالي 400 مليون شيكل إضافية. كل عام". 

ويتساءل كبار المسؤولين في صناعة الطاقة الإسرائيلية الآن عن "سبب إغلاق منصة تمار عندما بدأ القتال"، رغم الاستثمارات الكبيرة التي تمت على مر السنين لحماية منصات الحفر، كما أن المبالغ الكبيرة المستثمرة في حماية منصات الحفر لا تساعد على استمرارية تشغيل منصة الحفر أثناء الحرب. 

وتقول الصحيفة: "نذكركم، هذه ليست المرة الأولى التي يأمر فيها الجيش بإغلاق تمار. في العام 2021 أيضًا، توقف نشاط الحفار بعد أن حاولت حماس إلحاق الضرر به عدة مرات، رغم الأنظمة الدفاعية التي تؤمن الحفار".

وتعتبر منصة "تمار" المورد الرئيسي للغاز لشركة الكهرباء، حيث قامت في عام 2022 بتزويد الشركة بحوالي 57% من احتياجاتها من الوقود. وتأثرت الشركة على الفور بإغلاقها واضطرت إلى الاهتمام بالبدائل والاستعداد مرة أخرى لفترة الطوارئ، من بين أمور أخرى، من خلال شراء أنواع وقود باهظة الثمن. وعلى الرغم من أن منصات الغاز الأخرى (ليفياثان وكاريش) تضخ الآن الغاز إلى الاقتصاد الإسرائيلي، بالإضافة إلى زيادة استخدام الفحم والديزل، فقد كان مطلوبًا من "الشركة الاستعداد لموقف سيؤدي فيه توسع القتال إلى الشمال للمزيد من الاضطرابات في قطاع الطاقة إلى حدِّ إيقاف تشغيل منصات الغاز الإضافية". 

كما أن شركة الكهرباء الإسرائيلية المسؤولة عن شراء الوقود لجميع محطات الطاقة في "إسرائيل"، أجبرتها حالة الطوارئ الحربية على اللجوء إلى زيادة شراء الديزل والفحم. وفي 15 تشرين الأول/ أكتوبر، أبلغت شركة الكهرباء مستثمريها أنها اضطرت إلى سحب مليار شيكل من الاحتياطيات المالية الأمنية (صندوق احتياطي نقدي طارئ تراكم فيه 3 مليارات شيكل)، من أجل الاستعداد لشراء الوقود الطارئ.

قالت الصحيفة الإسرائيلية: "منذ بداية الحرب تم إغلاق منصة تمار الواقعة على بعد 25 كيلومترًا من شواطئ عسقلان خوفًا من تعرضها للقصف الصاروخي"

وبعد انطلاق الحرب، أعلنت وكالة التصنيف الائتماني (موديز)، أنها تدرس خفض تصنيف شركة الكهرباء "إنرجيان وويل" بعد الحرب. 

وتشير موديز، إلى أنها ستراجع تصنيف شركات الغاز خوفًا من المخاطرة، نتيجة "تزايد التوترات الأمنية مع حزب الله في الشمال". أمّا على صعيد شركة الكهرباء، فسوف "تقوم وكالة موديز بدراسة تصنيف سندات الشركة بسبب المخاوف الجيوسياسية وبسبب الخوف من الاستقرار المالي للشركة"، وذكرت موديز أن شركة الكهرباء لديها سيولة كافية لبضعة أشهر، ولكن بعد ذلك سيظهر "المزيد من التدهور في صندوق النقد الخاص بالشركة، وسيضر بقوتها المالية الضعيفة بالفعل"، وفق تقييم الشركة من وكالة موديز.

وختمت الصحيفة تقريرها، بالقول: "يتم تمرير تكاليف الشراء المتراكمة لشركة الكهرباء إلى الجمهور بطريقة أخرى: على الرغم من عدم وجود نقص في الغاز لإنتاج الكهرباء في الاقتصاد في هذه المرحلة، فإن الشركة مضطرة إلى زيادة مخزونها من الديزل بشكل كبير في حالة حدوث المزيد من الاضطرابات. ويعتبر وقود الديزل وقودًا ملوثًا ومكلفًا للغاية، مما يفرض تكاليف إضافية على شركة الكهرباء ومخاطر صحية على الجمهور".