27-مايو-2019

getty

لطالما شكّلت الخرافات والأساطير جزءًا من موروثات الشعوب منذ نشأة البشرية وحتى اليوم، كالاعتقاد العالمي بشؤم الجُمعة إذا توافقت في الـ13 من كل شهر، أو التحذير من وضع القُبّعة فوق السرير –كما يعتقد الإيطاليون- باعتبار ذلك إشارةً للموت، أو الأسطورة المصرية لـ"أبو رجل مسلوخة" ذو العلاقة الآثمة مع "الغولة" والشهير بإخافة الصغار. 

  لطالما شكّلت الخرافات والأساطير جزءًا من موروثات الشعوب، وعند الفلسطينيين انتقلت إلى مأكلهم ومشربهم   

وللفلسطينيين أيضًا هامش وافرٌ من تلك المعتقدات الخرافية، ارتبط تفسير بعضها بقوى خفيّة كالجن ومرَدة الشياطين وأخرى طبيعية كالشمس والليل، وأخرى توارثوها عن البابليين والمصريين القدماء والكنعانيين الذين سكنوا المنطقة منذ مئات العقود.

اقرأ/ي أيضًا: "عش الخفاش".. خرافة اختلقها "مشعوذ" وصدّقها "طمّاع"

ومن ذلك، إذا أصيب طفلٌ بالتشنج فيقولون إن عينًا أصابته، فيأتون بأحدهم ليتصل بالجن ويُتمتم: "دستور دستور، بخ بخ، فلان بن فلان ولدٌ من أولادكم، بحياة أولادكم لا تؤذوننا ولا تؤذوه وارفعوا المكروه عنه". كما ورد في كتاب محمد بكر البوجي – (عادات وتقاليد فلسطينية شعبية).

ويرجع مصطلح (دستور يا أسيادنا) إلى عصر سيطرة الفراعنة على الشام، حين عبد الفلسطينيون الشمس آنذاك معتقدين أن بمغيبها ترحل إلى تحت الأرض عند آلهة جبابرة يتصارعون مع آخرين فوق الأرض ويتمكنون من سحب الشمس والقمر إلى عوالمهم السفلية، لذا فإن المصطلح يُشير إلى سكان ذلك العالم الذين ماتوا وغادروا العالم العلويّ.

تلك الخرافات انتقلت إلى مأكل الفلسطينيين ومشربهم أيضًا؛ فإذا طفر العجين في وجه عاجنته فهذا ضيق آتٍ لا محالة على صاحبته، فيما حكّ الأنف يعني قرب أكل السمك.

اقرأ/ي أيضًا: صور | مغارة النعسان.. "قبائل الجان" تحمي كنزًا أثريًا!

وبحسب تلك الأساطير، فإن العطس يحجب الموت ثلاثة أيام، ثم إذا كنت ممن يعتنون بشعرهم دائمًا، فاحذر أن تمشّط شعرك ليلًا أو تقصّه كذلك، وإلا فلن ترى السعادة بعد تلك الليلة.

وكما تغلغلت تلك المعتقدات في شعركم، فإنها لم تترك أظافركم أيضًا؛ فظهور بقع صغيرة عليها يعني أن صاحبها كاذب، وعدد النقاط دليل على عدد الكذبات. إلا أن التفسير العلمي يعود إلى نقص الكالسيوم.

وإذا كنتم من معتنقي تلك الأقاويل، فليحذر الأثرياء إذا كُسر أحد أسنانهم أثناء الأكل؛ فذلك نذير خسارة المال. كما أن عليكم تدفئة ظهوركم، فبرودته تعني أن أحدًا سيسير فوق قبوركم.

لكن بعضًا من تلك المعتقدات الشائعة لم تُفسّر تحذيرًا قيل للفتيات بالامتناع عن الجلوس فوق الوسادة باعتباره "سمعةً سيئة".

وللزواج والطلاق نصيب أيضًا: "فقد كان أهل العريس يوسِعونَه ضربًا لشحنه بالغضب ليدخل على عروسه غاضبًا، في رسالةٍ للسيطرة عليها وتجنب التفوّه بأي كلمة تزيد غضبه، فقالوا: "يورجيها العين الحمرا من أولها".

اقرأ/ي أيضًا: عن "قَتْلة" العريس في يوم دخلته

وإذا كنت ممن يُحبون حمل الأطفال الرُضّع ومداعبتهم فلا تُقدِم على ذلك إذا لم تكن قد قدّمت يوم ميلاده هديّة أو "نقوط" مناسب، وإلا فستشعر بدفء بوله يتسرب إلى يديك وحجركْ.

الطيور أيضًا حظيت ببعض تلك الموروثات؛ فقالوا إن حمامة من سُلالة جيّدة كانت في خانيونس ونقلوها إلى يافا لتحسين النسل هناك، لكنها عادت إلى خانيونس وقالوا على لسانها: "البيت اللي ربّاني ما هرب وخلّاني".

وغير بعيدٍ عن طيور المزرعة، فالويل للدجاجة إذا صاحت، فتُذبح لاعتقاد مُربيها أن شرًا قادم إلى البيت قريبًا، إلا أن الإوزّ أكثر حظًا؛ فهي الحارس الأمين من السرقة أو زحف الثعابين في الجوار.

وإذا كُنت من التوّاقين لزيارة بيت الله الحرام وطال انتظارك لسنوات بالفوز بقرعة الحج السنوية، فعليك انتظار سقوط روث طير طائر على رأسك، ثم عليك أن تفرح لا أن تسخط وتغضب، فالقرعة ستطالك قريبًا. تعود هذه الأسطورة إلى عهد الحجّاج حينما مرّ بعجوزٍ دعت الله أن تنال تلك الفريضة، فسخر الناس من أُمْنيتِها فأسقط طيرٌ روثه عليها في ذات اللحظة وقالوا لها لعل ذلك الطير يرزقك بحجة إلى الحجاز، فحفرت في الأرض وعثرت على كنزٍ وأنفقت منه لأداء فرضها.

وللطاووس المحتال حكايةُ مع الديك ذو الريش المذهل، حينما طلب من الأخير ريشه الزاهي ليكسو به ريشه العادي قبل أن يُسافر للقاء محبوبته في الهند لشهرين فقط، لكن سنينًا مرّت ولم يعد الطاووس. ومنذ ذلك اليوم يقفز الديك فوق مكانٍ مرتفع ويبدأ بالصياح من بزوغ الشمس إلى مغيبها علّ صاحبه الغائب يسمعه ويردّ له ريشه.

اقرأ/ي أيضًا: "أبو قاسم وحريمه" في الموروث الشعبي!

أما "زوج أساور الحيّة"، فهو إرث كنعاني قديم لاعتقاد السيدة آنذاك أن الزوج دليل الكثرة والإنجاب وطرد الحسد وأن ذلك السوارين الأقدر على طرد الأرواح الشريرة، كما أن الأفعى متجددة الروح كما تفعل بتجديد جلدها سنويًا.

وعلى الحامل ألا تنظر إلى أرنبٍ مطلقًا، فوليدها المرتقب سيحمل فمًا كفمِ ذلك الحيوان، كما عليكم ألا تحتفظوا بقططٍ كثيرة في المنزل-إذا كنتم تؤمنون بهذه الأساطير-، فالقطط المترددة على المنزل يعني أن أحدًا سيفارق العائلة قريبًا.

كما أن لتلك الحامل إذا تعسّر إنجاب مولودها فيُطلب من الزوج غسل كعب قدمه بماء تشربه زوجته لـ"يزول تكبّرها على زوجها".

أما العروس التي تخاف التفرق عن زوجها فعليها بإلصاق ورقة توت بالعجين على باب منزلها يوم دُخلتها، وفقًا للاعتقاد أن ورقة التوت سترت نبي الله آدم في الجنة بعد أن كشفت سوأته، فيما يرمز العجين للخير والتكاثر.

وللشرهين الأكولين معتقد كذلك، فإذا كنت ممن يُحبون تناول اللحم بشراهة في الولائم وسمعت عبارة (حتتك بتتك)، فاعلم فورًا أنك المقصود وعليك إظهار بعض اللباقة. فعبارة (حات) يُقصد بها اللحم و(بات) أي العظم، وكلاهما فرعونيتان، ويُقصد بالعبارة أنه يأكل اللحم والعظم ولا يُفرق بينهما لشراهته.  



اقرأ/ي أيضًا: 

زواج فلسطينيّات وإنجابُهن.. الماء وسيطًا!

المهور حين كانت قمحًا أو ثورًا أو أرضًا..

في صانور قلعة منحوسة.. هل تعرفون قصتها؟