"مواجهات في دير أبو مشعل غرب رام الله"، "استشهاد طفل"، "الاحتلال يفرض حظر التجول"، "إغلاق مداخل دير أبو مشعل بالسواتر الترابية"، "الجيش الإسرائيلي يقتل تلميذ مدرسة"، "الاحتلال يفرض حصارًا مشددًا"، مهرجان تأبيني للشهيد فايز عطا في دير أبو مشعل"، "إصابة 3 شبان بالرصاص"، كانت هذه عيّنة لعناوين إخباريّة منذ 2004، إلى تاريخ هذا الأيام، نشرتها وكالة وفا الرسميّة، عن قرية "دير أبو مشعل" التي لا تهدأ.
دير أبو مشعل حاصرها الاحتلال في إحدى المرّات لـ40 يومًا.. يقول أهلها: لن ننكسر
يوم الجمعة الفائت 21 رمضان 2017، بينما حان وقت أذان المغرب ومعظم الصائمين يوشكون على تناول الإفطار، بدأ ثلاثة شبان من قرية دير أبو مشعل شمال غرب رام الله تنفيذ عمليّتي طعن وإطلاق نار قرب باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة. وحسب الإعلام العبري، استطاع المنفذون عبر التهريب من الطرق الالتفافية، أن ينتقلوا من رام الله إلى القدس ويصلوا مكان تفيذ العملية، وبحوزتهم السكاكين وبندقية "كارلو" محليّة الصنع، مخترقين كل العقبات الأمنية الإسرائيلية في طريقهم.
أسفرت العملية، عن استشهاد أبناء "أبو مشعل" الثلاثة، ومقتل مجنّدة إسرائيلية وعدد من الإصابات. وكما جرت العادة عقب مثل هذا النوع من العمليات التي تحرج المستوى الأمني الإسرائيلي، بدأ الاحتلال بتنفيذ رزمة "انتقامات جماعية" طالت معظم سكان الضفة الغربية. تبعها إغلاق كامل لمنطقة باب العامود إلى جانب تنفيذ اقتحامات واسعة للأقصى. وبالطبع، قرار هدم منازل المنفذين، وسحب تصاريح العمل من أبناء عائلات الشهداء الثلاثة، ولم يكن آخر الانتقامات الجماعية إعلان الاحتلال قرية دير أبو مشعل، منطقة عسكرية مغلقة محاصرة، لا يسمح الدخول إليها والخروج منها إلا باستثناءات وفق معايير مشددة.
أهالي أبو مشعل، كعادتهم كما يقول "التاريخ" عنهم، يقابلون الاقتحام بالمواجهات التي أسفرت عن عدد من الإصابات برصاص الاحتلال في صفوف الشبان واستهداف آليات الاحتلال بزجاجات الطلاء والنار.
"عملية أبناء القرية الثلاثة امتداد لماضيها"
جميل البرغوثي من دير أبو مشعل، وهو رئيس هيئة الاستيطان والجدار سابقًا، يعتقد أن هذا الحدث ليس غريبًا على القرية، مؤكدًا خلال حديثه لـ "الترا فلسطين" أن دير أبو مشعل تكاد لا يخلو كل بيت فيها من جريح أو أسير أو شهيد. وأن "سكان مستوطنة "حلميش" يتذكرون جيّدًا تلك المرات التي قام أبناء "أبو مشعل" والقرى المجاورة بقطع الشارع الالتفافي عليهم ورشقهم بالحجارة والزجاجات الحارقة" وفق قوله.
وأضاف: "أهل القرية يتمتعون بحس وطني عال، فقد تركوا التوجهات الاقتصادية والرفاهية بتأثير من الحزب الشيوعي بمنطقتنا أيام السبعينات والثمانينات متخذين مسلك السياسة والمقاومة والاعتياش من فلاحة الأرض".
ولفت البرغوثي، إلى أن ثقافة الوحدوية والفكر المستنير سائدة في دير أبو مشعل، بدليل علامتين فارقتين فيها عن ما هو سائد، مشيرًا إلى أن المجلس المحلي في القرية تشكل من مرشحي حماس بانتخابات عام 2006 ولم يتم تفكيكه عندما بدأ الانقسام الفلسطيني، بل أكمل المجلس المنتخب مهامه بشكل طبيعي حتى جاءت الانتخابات التالية وانتقلت السلطة إلى أعضاء مجلس جدد بصورة ديموقراطية نزيهة. أمّا العلامة الثانية على "رفعة أبناء القرية ووعيهم ونضوجهم السياسي" حسب تعبيره، فإن البرغوثي يؤكد أن القوائم في الانتخابات المحلية يتم تشكيلها على أساس التنوع السياسي في القرية ولا يتم مطلقًا تشكيل القوائم بمنطق العائلية والقبلية.
وتعليقًا على الحصار المستمر لليوم الثالث على التوالي، يقول البرغوثي "القرية معتادة على مثل هذه الأجواء، لقد حوصرنا من قبل أكثرة من مرة إحداها لمدة 40 يومًا ولم ننكسر" مبينا أن دير أبو مشعل تعرضت لأكثر من حصار وتنكيل منذ السبعينات حتى اليوم لكثرة ما خرّجت من شهداء ومطاردين وأسرى وجرحى.
قرية أبو مشعل
تقع شمال غرب رام الله، وتطل مرتفعاتها على البحر الأبيض المتوسط، وعن سبب تسميتها يذكر البرغوثي أنه كانت توجد كنيسة على قمة جبل القرية وكانت تضاء شعلة من النار في أعلى هذه الكنيسة لتكون بمثابة منارة تهدي السفن القاصدة هذه المنطقة، فكلمة دير نسبة إلى الكنيسة ومشعل نسبة إلى شعلتها.
ويقدر عدد سكان دير أبو مشعل بقرابة 5 آلاف نسمة، أمّا مساحتها الكلية فتشرف على 9 آلاف دونم "فشل الاحتلال بإحدى محاولات مصادرتها عام 1976".
ويشتهر أهالي البلدة في الزراعة بالدرجة الأولى وبمناشير تشكيل الحجر الخام، كما أن نسبة كبيرة منهم تعمل في قطاع الوظائف نظرا لحيازتهم الشهادات الجامعية.
وتحظى هذه القرية الأثرية بمكانة في الديانة المسيحية إذ أن فيلم "يسوع" الذي حصد ملايين المشاهدات، تم تصوير عدة مشاهد منه في زقاق دير أبو مشعل العتيقة.
واختتم البرغوثي: "لن ينال الحصار من عزيمتنا، وسنخرج بمظاهرات لفكّه عن قريتنا، وللمطالبة باسترداد جثامين شهدائنا لنعيدهم إلى ثرى دير أبو مشعل المعتز بهم".
اقرأ/ي أيضًا: