انتهت رحلة الشاب عبد الله دغمة الإنسانية، معتقلًا لدى جهاز الشاباك الإسرائيليّ، بعد أن تبرع بنخاعه الشوكي لشقيقه الذي كان يرقد بين الحياة والموت، لتعود الدماء تضخ في جسده من جديد وهو على أعتاب العودة لأبنائه الثمانية بعد أن كان أقرب للموت منهم.
انتهت رحلة الشاب عبد الله دغمة الإنسانية، معتقلًا لدى الشاباك بعد أن تبرع بنخاعه الشوكي لشقيقه الذي كان يرقد بين الحياة والموت
الرحلة انتهت باعتقال سلطات الاحتلال لعبد الله على حاجز بيت حانون/إيرز شمال قطاع غزة أثناء توجهه للتبرع بنخاع شوكي لشقيقه هاني (45 سنة) الذي كان يرقد في مستشفى "تل هشومير" الإسرائيلي، لكن لم يُعلن عن ذلك إسرائيليًا إلا يوم أمس الأحد 9 آب/ أغسطس الجاري.
اقرأ/ي أيضًا: الشاباك: اعتقلنا قياديًا في كتائب الأقصى دبّر قتل ضابطين
سناء، شقيقة عبد الله، هي أول من تلقى خبر اعتقاله، قالت: "جاءني اتصال على هاتفي يقولوا لي إن عبد الله معتقل، سألتهم عن السبب ما جاوبوني".
وتروي سناء التي كانت ترافق هاني تفاصيل ما حدث مع عبد الله قائلة: "كان أخي هاني مريض بحاجة لزراعة نخاع شوكي وحوّلناه من غزة لمستشفى في نابلس، وبعد أن ساءت حالته تم تحويله لمستشفى تل هشومير الإسرائيلي".
وأضافت لـ الترا فلسطين، "تعبنا ستة أشهر ونحن بين المستشفيين، وتم سحب عينات عدد من أهله وكانت عيّنة عبد الله الوحيدة التي تطابقت مع عينة هاني، ومن حينه سجّلنا له ونسقّنا واتصلوا عليه ليتوجه إلى معبر إيرز".
أصرّ على هدفه دون مبالاة بالاعتقال
هنا بدأت مسيرة البحث عن مكان عبد الله وسبب اعتقاله، أما هو فكان شغله الشاغل كيف يصل إلى شقيقه ويجري العملية بأسرع وقت، ومن شدة تعلّقه بحياة شقيقه أبلغ سلطات الاحتلال باستعداده لعمل أي شيء مقابل السماح له بإجراء عملية التبرع لشقيقه.
من شدة تعلّقه بحياة شقيقه أبلغ سلطات الاحتلال باستعداده لعمل أي شيء مقابل السماح له بإجراء عملية التبرع لشقيقه.
وبالفعل، ومع تدخل إدارة المستشفى الإسرائيلي، وبعد "مساومات" تعرض لها عبد الله، وفق وصف العائلة، تم اتخاذ قرار بإخراجه من السجن لإجراء عملية التبرع بالنخاع التي استغرقت خمس ساعات.
اقرأ/ي أيضًا: مسؤول في السابق يكشف أسرارًا عن عمليتي بيت ليد وديزنكوف
تقول سناء: "لم نر عبد الله لا قبل العملية ولا أثناءها ولا بعد إجرائها. توسلنا لهم بأن نراه أو يطمئنونا عليه على الأقل، لكن دون جدوى".
بعد أيام فوجئت العائلة بما أسمته "أفلامًا مبركة" تدين عبد الله بمحاولة قتل جنود قبل أعوام.
تابعت باكية، "أخي رفض الحياة كلها واستعدَّ للتضحية من أجل أخيه، واليوم أخي هاني هو من يرفض الحياة ويعيش بحالة نفسية سيئة لأنه يشعر أنه السبب في اعتقال عبد الله".
الشاباك يزعم مسؤولية عبد الله عن قتل ضابطين
وكشفت الرقابة الإسرائيلية، الأحد، النقاب عن اعتقال عبد الله دغمة (38 عامًا) من سكان مدينة رفح في السابع من تموز/يوليو المنصرم، بزعم الاشتراك في قتل ضابطين إسرائيليين عام 2010 على الحدود إلى الشرق من خان يونس.
وزعم "الشاباك" في تفاصيل الاعتقال التي نشرتها وسائل إعلام عبرية أن "التحقيقات أظهرت اشتراك دغمة في التخطيط لتنفيذ العملية التي وقعت خلال آذار/ مارس 2010 وتبنتها حركة الجهاد الإسلامي في حينه، وأنه وافق في عام 2008 عندما كان ناشطًا في كتائب شهداء الأقصى على عرض ناشط آخر ويدعى عدنان أبو هاني، بتنفيذ عمليات عسكرية وقام بتجنيد آخرين لهذه الغاية".
قدمت نيابة الاحتلال لائحة اتهام بحق دغمة اتهمته فيها بالتحريض على قتل جنود
وفي التفاصيل التي نشرها الشاباك؛ "قام عبد الله وعدنان بتجنيد بسام أبو دغمة للتنظيم لغايات تنفيذ العملية، وفي حينه شغل عبد الله منصب المسؤول عن بسام في الخلية، وأن عناصر من حركة الجهاد الإسلامي زوّدوا النشطاء بالأسلحة وعبوة ناسفة ونفذوا معهم العملية، وقد استشهد بسام بتاريخ 16 آب/ أغسطس 2010 أثناء محاولته زرع عبوة ناسفة ضد قوات الجيش على السياج شرقي القطاع".
وقدمت نيابة الاحتلال، بعد عشر سنوات من العملية، لائحة اتهام بحق دغمة في المحكمة المركزية في بئر السبع، نسبت له فيها تهمًا عديدة أبرزها "التحريض على قتل الجنود والعضوية في تنظيم إرهابي".
"كذب وافتراء"
تؤكد شقيقة عبد الله أنه كان مصابًا بحادث داخل رفح في الفترة التي يتحدثون عنها، ولم يكن قادرًا على الحركة، مشددة أنه كان مريضًا بالإثباتات والأدلة، "وهذا سيكون في صالحه كما أبلغنا المحامي".
تؤكد شقيقة عبد الله أنه كان مصابًا بحادث داخل رفح في الفترة التي يتحدثون عنها، ولم يكن قادرًا على الحركة
وسبق أن أدان مركز الميزان لحقوق الإنسان اعتقال سلطات الاحتلال للمواطن دغمة أثناء توجهه للتبرع بنخاع لشقيقه المريض عند حوالي الساعة العاشرة من صباح الإثنين (6 تموز/ يوليو الماضي).
لكن ذات المركز وبعد ما أعلنته الرقابة الإسرائيلية سحب ملف دغمة من أجندته، وأبلغ عائلته بذلك، كما تقول زوجته.
وأفادت في حديثها لـ الترا فلسطين بأن المركز "قال لنا عن السبب إن دعمهم يأتي من الاتحاد الأوروبي وملف عبد الله الآن أصبح سياسيًا، وسيؤثر عليهم في حال استمروا بمتابعته" وفق قولها.
وأشارت إلى أنهم توجهوا، صباح اليوم الإثنين، إلى مقر هيئة شؤون الأسرى والمحررين في غزة للتسجيل له كباقي الأسرى وتعيين هيئة دفاع للترافع في قضيته.
الزوجة التي تُركت وحيدة ترعى ستة من الأطفال قالت بحرقة: "راح لينقذ أخيه من الموت وكله أمل أن يعيده لأولاده لأن هاني كان بحالة صحية حرجة جدًا، وبالفعل كان له ما أراد، لكنه تركني أحمل المسؤولية وحدي ولم يعد".
اقرأ/ي أيضًا:
إيلان يستذكر إخفاقه أمام أبو هنود.. وكاريزما العياش وذكاء الكرمي