11-نوفمبر-2022
الإرهاب اليهودي إرهابيون يهود في الضفة مستوطنون

اعترف ألموغ كوهين، الرجل الثالث في حزب "القوة اليهودية" -الذي يتزعمه ايتمار بن غفير- أنه عمل مخبرًا في جهاز "الشاباك". هذا الاعتراف جاء بعد أيام من وصوله إلى الكنيست، وفي ظل جدل كبير بسبب اتهامات لجهاز "الشاباك" بالتجسس على الأحزاب اليمينية المتطرفة والتنظيمات الإرهابية اليهودية، ليعزز ألموغ كوهين -الذي أراد الدفاع عن "الشاباك"- الاتهامات الموجهة له، وهي ليست جديدة على أي حال.

اعتراف كوهين بأنه كان مخبرًا سريًا يستدعي الإشارة إلى لائحة دفاعية قدمتها غيلات بينيت للمحكمة، جاء فيها أنه وفقًا لوثائق حصلت عليها فإن ايتمار بن غفير مخبر سري لجهاز "الشاباك" وهدفه جمع معلومات عن نشطاء اليمين المتطرف

قبل أيام، أثار زعيم قائمة "الصهيونية الدينية" في الكنيست بتسلئيل سموتريتش عاصفة انتقادات بعد اتهامه لجهاز "الشاباك" بتشجيع يغآل عمير على  اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية سابقًا يتسحاك رابين، مستندًا إلى رواية مخبر نجح بإدخاله "الشاباك" لفترة طويلة إلى الدائرة المقربة من يغآل عمير وأخيه.

وكان من بين الشخصيات التي ردت على اتهامات بتسلئيل سموتريتش، رئيس "الشاباك" السابق آفي ديختر، وهو عضوٌ في الكنيست عن حزب "الليكود"،  إذ قال: "اتهامات سموترش سخيفة وعارية عن الصحة وتشكل خطورة بالغة في أنه يواصل السعي لتدمير المؤسسة الأهم في إسرائيل وهي الشاباك".

وفي ظل هذا الجدل، جاء اعتراف ألموغ كوهين بعمله مخبرًا لجهاز "الشاباك" أثناء محاولته في حديث إذاعي الدفاع عن "الشاباك"، فقال على الهواء مباشرة: "أنا مضطر للاعتراف بصفتي عملت في الماضي مخبرًا سريًا، أدرك أن الكثير من المشاكل شابت تشغيل المخبر شمبانيا". هنا قاطعه المذيع متسائلاً: "هل كنت مخبرًا؟ ولصالح من؟". فأجاب كوهين: "لشرطة إسرائيل. وعندما تكون مخبرًا سريًا في حال لم يعرف مشغلوك وضع حدود في غاية الوضوح أمامك، فإنه قد يتم تخطي بعد الخطوط الحمراء. وللأسف هذا ما حدث مع المخبر شمبانيا".

اعتراف كوهين بأنه كان مخبرًا سريًا يستدعي الإشارة إلى لائحة دفاعية قدمتها غيلات بينيت (زوجة نفتالي بينيت) للمحكمة، ردًا على شكوى تشهير قدمها ضدها ايتمار بن غفير. وجاء في بيان الدفاع أنه وفقًا لوثائق حصلت عليها المدعى عليها (غيلات بينيت) فإن ايتمار بن غفير مخبر سري لجهاز "الشاباك" وهدفه جمع معلومات عن نشطاء اليمين المتطرف. وقالت القناة 13 -التي كشفت هذا النبأ قبل نحو عامين- إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت المعلومات التي تعرضت لها غيلات بينيت تتعلق بفترة ولاية زوجها نفتالي بينيت كوزير للجيش.

وفي العادة يتم زرع المخبرين في بيئتهم الطبيعية، فعضو الكنيست الجديد ألموغ كوهين، هو رئيس فرع حزب "القوة اليهودية" في بئر السبع ومحيطها، ومنذ سنوات طويلة يشارك في تنظيم الاعتداءات التي تستهدف أهالي النقب الأصليين. وأواخر الشهر الماضي تم الكشف عن مقطع فيديو يوثق ضلوعه قبل تسع سنوات مع ضباط شرطة آخرين في الاعتداء بعنف شديد على ثلاثة فلسطينيين من رهط. وعلى أثر ذلك، ظهرت دعواتٌ بإعادة فتح ملف التحقيق الذي تم إغلاقه والتحقيق مع ألموغ كوهين. كما شارك ألموغ كوهين في تأسيس "دورية برئيل"، وهي ميلشيا مسلحة من اليمين المتطرف متخصصة في الاعتداء على البدو في النقب بذريعة فرض القانون.

ويفتح اعتراف ألموغ كوهين بأنه كان مخبرًا لجهاز "الشاباك" الباب لافتراض غير ضعيف بأن سلوكه العدواني كان موجهًا من قبل مشغليه في الشرطة، خاصة فيما يتعلق بالتحريض ضد أهالي النقب تحديدًا والفلسطينيين بشكل عام.

يفتح اعتراف ألموغ كوهين بأنه كان مخبرًا لجهاز "الشاباك" الباب لافتراض غير ضعيف بأن سلوكه العدواني كان موجهًا من قبل مشغليه في الشرطة، خاصة فيما يتعلق بالتحريض ضد أهالي النقب

وكان تحقيقٌ تلفزيونيٌ بثه التلفزيون الإسرائيلي الرسمي كشف عن امتلاك الشرطة الإسرائيلية معلومات يتم جمعها سرًا عن السياسيين، في إطار ملف يُطلق عليه اسم "ملف يتسحاكي"، ويحمل اسم رئيس قسم التحقيقات موني يتسحاكي، ويتضمن أسماء 40 عضو كنيست ووزير تم جمع معلومات استخباريةٍ شرطيةٍ حولهم، من بينهم وزير الأمن الداخلي المسؤول عن جهاز الشرط.

وقال بنحاس يحزيقلي، الذي شغل منصبًا رفيعًا في الشرطة الإسرائيلية سابقًا، إن الواقع يشير لوجود مجموعتين، الأولى مكونة من أعضاء الكنيست المنتخبين من الجمهور، والثانية مجموعة دائمة من ضباط الشرطة الذين يواصلون البقاء في المشهد، وهؤلاء يستخفون بالسياسيين بالقول: من هم هؤلاء السياسيين الأنذال الذين يثيرون المشاكل ويزعجوننا أثناء أداء عملنا؟ أحيانًا نحن بحاجة لإنقاذ الشعب من سياسيّيه، وفي حال شخصنا وجود سياسي يُثير المشاكل قد يصل إلينا وبإمكاننا منع وصوله إلينا فإننا نفعل ذلك".

وتملك الوحدة اليهودية في "الشاباك" مُخبرين داخل "التنظيمات اليهودية الإرهابية"، ولكنها  لا تعتقل الإرهابيين إلا إذا شرعوا باستهداف رجال الشرطة الإسرائيليين. مثلاً لم يتم إحباط أي هجوم لتنظيم "تدفيع الثمن" أثناء التنفيذ، سوى هجوم استهدف حرق سيارة ضابط بالشرطة، كما أكد تحقيق بثته القناة العاشرة الإسرائيلية. وفي حالة أخرى، اعتقل "الشاباك" الإرهابي جاك تاتيل بعد 13 سنة من قتله فلسطينيين، لكن الاعتقال جاء بعد محاولته اغتيال شخصية إسرائيلية يسارية.

يفضل "الشاباك" اختراق التنظيمات الإرهابية بتنجيد أحد عناصرها أو قادتها  لأن تنفيذ عملية اختراقٍ بإدخال جاسوسٍ من الخارج إلى أعماق أي تنظيم يتطلب بناء قصة تغطيةٍ ملائمةٍ له، وهذه الطريقة تستغرق وقتًا طويلًا وجهدًا مضنيًا

وفي العادة، يفضل جهاز "الشاباك" اختراق التنظيمات الإرهابية بتنجيد أحد عناصرها أو قادتها بعد أن  يجري بحثاً معمقًا حول التنظيم  أو المجموعة المستهدفة. وبناءً على ذلك قد يختار تجنيد شخص ما من الوسط المستهدف، لأن تنفيذ عملية اختراقٍ بإدخال جاسوسٍ من الخارج إلى أعماق أي تنظيم يتطلب بناء قصة تغطيةٍ ملائمةٍ له، وهذه الطريقة تستغرق وقتًا طويلًا وجهدًا مضنيًا.

وبحسب الكثير من الحالات التي كشفتها وسائل الإعلام ومحاضر المحاكم، يلجأ "الشاباك" لاستخدام الابتزاز الجنسي. مثلاً، كشف آفي ديختر أن "الشاباك" قام إغراء أحد قادة المستوطنين في الضفة الغربية بخيانة زوجته مع عاهرة، وبعد تصويره، خُيّره بين نشر شريط الفيديو وبين التعاون مع الشاباك".

وفي حالة أخرى، زرع "الشاباك" جاسوسًا له في منزل إدي دربن، الذي قُتل ابنه خلال عملية فدائية، وهو أحد الآباء الروحيين للتنظيمات اليهودية الإرهابية -وفق التصنيف الحكومي الإسرائيلي - ويقدم المأوى لعناصر تنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي في مزرعته بمستوطنة "كريات أربع".

تم اختراق منزل إدي دربن عبر شخص "منحرف جنسيًا"، اعتدى جنسيًا على أطفال، هو يهودا كوهين، الذي تقرب من الأسرة وتزوج بنت دربن لعشر سنوات، فأصبح في بؤرة اتخاذ القرار في قيادة المستوطنين في مستوطنة "كريات أربع". كان كوهين يعمل مع "الشاباك" مقابل المال، وعندما قرر التوقف عن التجسس، كشف "الشاباك" عن جرائم جنسية قام بها، فهرب إلى الأرجنتين التي يحمل جنسيتها، بينما طالبت زوجته القضاء الإسرائيلي بتعويضها ماليًا بحجة أن "الشاباك" استخدمها كغطاءٍ لعملية تجسّس.