04-يونيو-2023
gettyimages

منذ بداية العام الجاري بلغ عدد عمليات إطلاق النار المصنفة بأنها هجمات جدية 30 عمليةً (Getty)

منذ عام 2021، بدأت عمليات إطلاق النار تنافس كميًا ونوعيًا عدد عمليات الطعن فقد تم تنفيذ ما مجموعه 30 عملية طعن خلال العام، أي ما نسبته 56 في المئة من مجمل العمليات (مقارنة بـ 19 عملية عام 2020، حوالي 48 في المئة من مجمل العمليات). 

وخلال 2021، كانت هناك زيادة في عدد عمليات إطلاق النار، حيث تم تنفيذ 12 عملية (حوالي 22 في المئة من مجمل العمليات) طبقًا لمعطيات جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، ويمكن اعتبار عام 2021 باعتباره نقطة أساس في تحول طبيعة العمل المقاومة بالضفة الغربية.

خلال عام 2021، كانت هناك زيادة في عدد عمليات إطلاق النار، حيث تم تنفيذ 12 عملية

وتميّز عام 2022 بشكل خاص بالارتفاع الحاد في عدد العمليات الذي شهد 86 عمليةً جديةً كما وصفته معطيات جهاز المخابرات الإسرائيلية، مقارنةً بـ 54 عمليةً عام 2021، و40 عمليةً عام 2020، و34 عمليةً عام 2019، و55 عمليةً عام 2018. 

وفي عام 2022، تم تنفيذ 16 عملية داخل الخط الأخضر (مقابل عملية واحدة عام 2021)، وقُتل في العمليات 31 شخصًا (25 مستوطنًا و6 من عناصر جيش الاحتلال وشرطته).

وفي العام نفسه، قتل جندي من حرس الحدود خلال عملية في شمال الضفة الغربية، هذا مقارنة بثلاثة مستوطنين قتلوا خلال العام السابق. 

getty

ومن بين العمليات، برزت هجمات إطلاق النار هذا العام، حيث تم تنفيذ ما مجموعه 46 عملية إطلاق نار خلال العام الماضي، أي ما يعادل 54% من مجمل العمليات (مقارنة بـ 12 عملية عام 2021). وكان هناك أيضًا 25 عملية طعن (حوالي 29% من مجموع الهجمات) مقارنة بـ 30 عمليةً في عام 2021. 

ومنذ بداية العام الجاري بلغ عدد عمليات إطلاق النار المصنفة بأنها هجمات جدية 30 عمليةً، ولا يقع تحت نطاق هذا التعريف الاشتباكات التي تندلع مع اقتحام جيش الاحتلال للاقتحام للمدن، والتي يمكن أن تضاعف هذا الرقم، مع تطورها بشكلٍ أكبر وتحقيق إصابات في صفوف القوة المقتحمة.

وفسّرت دراسات استخبارية إسرائيلية صدرت مؤخرًا في "إسرائيل" تزايد عدد عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية، ووفقًا للباحث والصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، فإن انتشار المجموعات الشبابية المسلحة في نابلس مثل "عرين الأسود" وكتيبة بلاطة وكتيبة جنين في مخيم جنين وكتيبة الرد السريع في طولكرم والكتائب في مخيمي طولكرم ونور شمس ومجموعة مخيم عقبة جبر

وأضاف أبو عرقوب، بناء على ما سبق، ساهم العمل شبه العلني لهذه المجموعات، في إتاحة الفرصة أمام الشبان المنفردين التوجه لها للحصول على السلاح والتدريبات وبذلك جاء الارتفاع في عدد العمليات المسلحة على حساب عمليات الطعن.

وفي مراجعة الانتشار الجغرافي لعمليات إطلاق النار منذ مطلع العام الجاري، يظهر أنها امتدت من أقصى شمال الضفة الغربية وحتى محافظة الخليل، التي شهدت خلال الأيام الأخيرة من الشهر الماضي عملية إطلاق نار استهدفت كمينًا عسكريًا أعقبه اشتباك بين المسلحين، وسبقه على نفس المحور عملية أخرى قرب مستوطنة "حاجاي".

getty

كمائن متحركة

وتراوحت عمليات إطلاق النار الجدية كما يصنفها جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، بين إطلاق النار الذي يستهدف دوريات الاحتلال، وصولًا إلى استهداف مركبات المستوطنين انطلاقًا من سيارة متحركة، والنمط الأخير أسفر عن سقوط العدد الأكبر من القتلى منذ بداية العام، وهي عمليات يتطلب تنفيذها مستوى أعلى من التدريب. والنمط الأول يعرف في العلوم العسكرية بـ"الاغارة"، حيث يتم إطلاق النار سواء من سيارة مسرعة أو الانسحاب بواسطتها أو بالأقدام لاستهداف التواجد الثابت لجيش الاحتلال ومستوطنيه، أمّا النوع الأخير هو الكمائن على جوانب الطرق الالتفافية بانتظار الأهداف.

وأنزلت عمليات إطلاق النار من السيارات المسرعة العدد الأكبر نسبيًا من نظيراتها رغم أنها أكثر تعقيدًا من الناحية التقنية واللوجستية فهي تطلب وجود سيارة وسائق ماهر وشخص يتقن الرماية من موقع متحرك نحو هدف متحرك، لتحقيقها مبدأ عنصر المفاجئة والضرب في البطن الرخو، بمعنى الاندماج في الشارع وبمجرد الاقتراب من الهدف إطلاق وابل كثيف ودقيق، كما حدث في عملية الحمرا في شهر رمضان.

ومع تزايد تكرار عمليات إطلاق النار من على نفس النقاط ثابتة، مثل نقاط الاستطلاع والحواجز والمستوطنات، رد عليه جيش الاحتلال بنشر "الكمائن الوقائية" في مسارات الانسحاب المتوقعة لعناصر المقاومة، واستخدم ذلك في رفع معنويات المستوطنين بإظهار أن "يده هي العليا" ميدانيًا واستخباريًا، محاولًا تحقيق ذلك بإسقاط أكبر عدد من الشهداء.

getty

فشل ميداني وملاحقة تقنية

والسمة السائدة، هي فشل قوات الإطلاق في قتل أو اعتقال منفذي عمليات إطلاق النار، بشكلٍ مباشر، حتى لو كانت متطورة وساهمت في إيقاع قتلى في صفوف جنود جيش الاحتلال ومستوطنيه. وعمومًا، يتركز جهد الاحتلال، في الفترة التي تلي وقوع العملية، بحيث يطلق عمليات تمشيط ميدانية بنشر الحواجز والقيام بأعمال اقتفاء مسار الانسحاب تقنيًا بمراجعة الكاميرات الأمنية التابعة له ومصادرة الكاميرات التابعة للمواطنين، وتدير هذه العملية غرفة عمليات استخبارية مشتركة بين جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" وجهاز المخابرات الشاباك".

ويعتمّد جيش الاحتلال، على شبكتين من الكاميرات الأمنية الدقيقة الأولى علنية على امتداد الشوارع الاستيطانية وحول المستوطنات وأخرى كاميرات سرية ومزروعة بشكل سري، وفور وقوع أي عملية يبدأ بمصادرة الكاميرات الفلسطينية في محيط المنطقة المستهدفة.

والكاميرات العادية بمقدورها تحديد نوع المركبة المستخدمة في العمليات وهوية المنفذين كما حدث في أكثر من حالة، وفي الفشل بتحديد مكان منفذي العملية بعد ساعات من تنفيذها ينتقل الجهد الميداني العسكري التقليدي إلى الجهد الاستخباري وفي هذه المرحلة يتم رفع الحواجز جزئيًا لدفع المنفذين للعودة لنمط حياتهم العادي، بحيث لا يحملون سلاحًا طوال الوقت، ترتفع فرصة اعتقالهم، من أجل الحصول على المزيد من المعلومات.

تراوحت عمليات إطلاق النار الجدية كما يصنفها جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، بين إطلاق النار الذي يستهدف دوريات الاحتلال، وصولًا إلى استهداف مركبات المستوطنين انطلاقًا من سيارة متحركة

كما يجري جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك" مسحًا في سجلاته التقنية لمعرفة الهواتف الخلوية التي كانت في مكان تنفيذ العملية لتحديد هوية المنفذين، إذ كانوا يحملون هواتفهم أثناء التنفيذ أو خلال فترة الرصد والاستطلاع قبل العملية، ولمعرفة شهود العيان تمهيدًا لإخضاعهم للتحقيق.