01-أغسطس-2017

لاحظت المهندسة دعاء الغندور (29 عامًا) مشكلة تواجه الأطفال المغتربين العرب عندما يتواصلون مع ذويهم، نظرًا لعدم تعلُّمهم لغتهم الأم، فأنشأت لعبة لتعلم اللغة العربية، أسمتها "Arabic 4 Kids"، لكنّها لم تستطع مواصلة العمل فيها حتى النهاية لـ "ظروف خاصة"، لكنّ ذلك لم يمنع أن تصبح الآن واحدة من صانعي ومطوري تطبيقات الهواتف المحمولة، ومتخصصة في تطوير ألعاب الفيديو.

دعاء التي تخرّجت من جامعة الأزهر في قطاع غزة، حصلت على فرصة للمشاركة في برنامج "Tech women" بالولايات المتحدة الأمريكية، يُمكّنها هذا البرنامج من العمل مع مرشدة خاصة لمدة أسبوعين على مشروعٍ ضمن شركة من أهم شركات الألعاب في "وادي السيلكون"، إلا أنّها لم تحصل على تصريح للسفر؛ فحال ذلك دون التحاقها بالبرنامج، فيما منحتها إدارة البرنامج فرصة الالتحاق بالدورة القادمة في شهر أيلول/سبتمبر.

شابات وشبان من قطاع غزة دخلوا مجال صناعة الألعاب الإلكترونية، ويعلقون آمالآ على هذه الصناعة التي تعتبر من أقوى الصناعات في العالم

وإلى ذلك الحين، واصلت دعاء نشاطاتها، فقررت تأسيس ناد خاص ببرمجة الألعاب. تقول: "سأسعى لتعليم الفتيات برمجة الألعاب ليتمكنّ من البدء بمشاريعهن الخاصة في هذا المجال، حيث تعتبر صناعة الألعاب من أقوى الصناعات في العالم، ومن المتوقع أن تبلغ قيمتها 100 بليون دولار في 2021، ففي الفترة المقبلة أطمح لبدء مشروع ريادي جديد يدعم صناعة الألعاب في الوطن العربي".

اقرأ/ي أيضًا: صُنع في غزة: طائرات صغيرة لقطاعات مختلفة

 وتضيف دعاء، "أتت فكرة تأسيس النادي بعد أن تواصلت مع مرشدة الأعمال التي كان من المفترض أن أعمل معها في الولايات المتحدة، وأخبرتها عن رغبتي بالتطور في جوانب معينة لأنقل التجربة لغيري، فأخبرتني أنه ليس شرطًا أن أكون قد عملت على الخطوات التي فكرت بها من قبل، فالتجربة تأتي من خلال عمل مجموعات والنقاش معها للتطور بشكل أسرع".

إثر ذلك، قررت دعاء تشكيل فريق عمل، وتواصلت مع طالبات في جامعات فلسطين – غزة – الأزهر – الإسلامية، على أساس مشاركة مجموعة تضم 3 – 5 فتيات من هذه الجامعات، ويجري الآن تجهيز الجدول في مكتب النادي في حاضنة تسريع الأعمال "Gaza Sky Geeks" ، ويطمحن أن يكون النادي ضمن البرامج المعتمدة للمرأة فيها.

وتوضح دعاء، أن بعض الطالبات المشاركات درسن مساقًا في الجامعة عن الألعاب الإلكترونية، وأخريات لا يزلن في السنة الأولى للدراسة الأكاديمية، وهناك خريجات لم يدرسن شيئًا له علاقة بالألعاب، لكن النادي يوفر الفرصة للتعرف على المجال. وتتابع، "حتى اللحظة أنتجنا ست ألعاب إلكترونية لكن لم ننشرها بعد".

دعاء ليست الوحيدة التي انطلقت من قطاع غزة باتجاه هذا المجال، فشركة "بسكليت" التي يديرها محمد عز الدين المدهون وأسيد ماضي، تعمل أيضا على إنتاج الألعاب بشكل عام، حيث يستطيع استخدامها الصغار والكبار.

درس المدهون تكنولوجيا المعلومات وتخصص الوسائط المتعددة، وبدأ مسيرته في وحدة الرسوم المتحركة في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية "زيتون"، لمدة ثلاث سنوات في مجال إنتاج الرسوم المتحركة. ثم ترك العمل وبدأ بتأسيس أول مشروع له في مكان مختص بتصميم الجرافيك للأجهزة الذكية، أسماها "فريم"، واستمر بها لعام واحد فقط.

يقول المدهون، إنه انتقل بعد ذلك للعمل في شركة سعودية كمدير منتج لمدة عامين، اكتسب خلالهما مهارات عديدة في مجال تطوير البرمجيات وإدارة فريق المطورين، ثم قرر تأسيس شركة "بسكليت" مع صديقه ماضي، والتفرغ كليًا لها، وقد قاربت الآن على إتمام عامين.

حصلت "بسكليت" على استثمار تأسيس، يقول المدهون، إن الشركة استطاعت في السنة الأولى بعد الاستثمار الوصول لمليون و200 ألف تحميل لأربع ألعاب تم إنتاجها للسوق السعودي، مضيفًا، أنه وصديقه يطمحان للحصول على استثمار جديد يساعدهما في الوصول لجمهور أكبر، لتحقيق عوائد مالية أفضل.

الشاب محمد حنوش (35 عامًا) ناشط آخر في صناعة الألعاب الإلكترونية بغزة. درس حنوش علم الحاسوب في الجامعة الإسلامية، ثم بعد تخرجه تخصص في الهندسة المدنية، وأتبعها بالحصول على دبلوم عن بعد في مجال القيادة وإدارة الأعمال من جامعة هارفرد. قبل أن يعود بعد ذلك كله إلى صناعة الألعاب الإلكترونية، وهو المجال الذي دخله أولًا من أجل المتعة، وليملأ وقت فراغه بعد انتهاء دوامه الصباحي البعيد تمامًا عن هذا المجال.

تحقيق الأرباح من خلال الألعاب الإلكترونية يعتمد على جودة اللعبة ثم تسويقها، وهذا يحتاج للكثير من المال والخبرات التسويقية والعلاقات

ويبين حنوش، أنه بعد عام كامل من التعلم الفردي، تمكن من إنتاج أول لعبة إلكترونية وتحميلها على متجر التطبيقات " google play"، ويعمل حاليًا على إنتاج ألعاب تعليمية للأطفال، وأخرى ترفيهية. واللعبة التي أنتجها حنوش تتكون من 16 مرحلة، وقد لاقت إعجابًا وقبولًا، وفق قوله، مضيفًا، أنّها منحته دروسًا بالغة الأهمية لأخذها في الحسبان عند إنتاج الألعاب التالية.

ويضع حنوش فكرة اللعبة والسيناريو، ثم يجري التصميم الجرافيكي لكامل اللعبة، ويكتب كافة الأكواد البرمجية لها، "فالأمر صعب للغاية، لكنه لم يجد حتى اللحظة من يسانده في العمل"، مضيفًا، أنه بدأ تأسيس شركة في إنتاج الألعاب، ولكنها تعثرت وفشلت قبل الخطوة الأولى، ويعمل الآن على تكوين فريق جديد لمحاولة النهوض بها مرة أخرى.

ويشير حنوش إلى أن تحقيق الأرباح من خلال الألعاب يعتمد بالدرجة الأولى على فكرة اللعبة وجودتها، ثم التسويق بالدرجة الثانية، "وهذا الأمر يحتاج الكثير من المال والخبرات التسويقية والعلاقات، وأنا لا أملك أيًا منها، ولتخطي هذه العقبة توجهت لحاضنات محلية أخرى لكن لم يحالفني الحظ حتى الآن".


اقرأ/ي أيضًا: 

"رستو كافيه".. كيف دخلت غزة رغم الحصار؟ 

طوابع وعملات قديمة بغزة.. أكثر من مجرد هواية

طلاب أجانب في غزة: هنا ما يستحق الحياة