13-نوفمبر-2018

متظاهرون في شوارع مدينة نابلس أثناء الانتفاضة الأولى (Getty)

الترا فلسطين | فريق التحرير

كانت الأسطورة تقول إن مغلّفًا أسود يُترك أمام منزل صحفي يعمل في وكالة أجنبية شهيرة، أو يوضع في حاوية القمامة قرب باب مكتب الوكالة، ثم يرد اتصال هاتفيّ للوكالة ينصحهم بتفتيش حاوية القمامة. 

في الداخل شريط، على الأغلب من نوع VHS كبير وأسود، يوضع في مشغل الفيديو الخاص، ومن بين اهتزاز هائل للكاميرا وألوان رمادية تندلع برتقالة كبيرة يعلوها الرماد، ومع إعادة المشهد إلى الخلف عدة مرات ستبين بصعوبة قطع خضراء وكاكية تطير إلى زاوية الشاشة.

   ثمة من كمن وثبّت كتفه، عدّل الفوكس، وضغط على زر آخر، وانتظر، صوّر ثم انسحب إلى دور المتفرّج  

بعد سنوات قلائل، تغيّرت الملابسات، تقول الأسطورة إن شخصًا يبدو عاديًا يصعد درج عمارة ليصل لمكتب فضائية عربية، يرن الجرس ويترك مغلفًا أسود أصغر وأقل سمكًا. يُفتح الباب ويلتقط الشريط المنتظر، فشيء مما فيه ورد ببيانات الجيش قبل أيام. يشغل الشريط، على الأغلب MINI DV أو MICRO MV.

صارت هنالك مُقدّمة، بيان يتلوه ملثّم خلفه علم غير مكوّي، ونشيد، وعبارات مكتوبة في الأسفل تحمل التاريخ والموقع، وتحت سماء زرقاء وفوق تراب بُنّي وأشجار خضراء وعلى الإسفلت الرمادي يتهادى الجيب الكاكي ثم تتفتح وردة حمراء وتكبر فتضطر الكاميرا للانسحاب بزووم أوت حتى تحيط بالغبار كله. وفي الشريط نفسه الإعادة المبطأة، وثمة دوائر حمراء تشير إلى أياد وأرجل تطير خارج فريم الكاميرا.

     اليوم تبدو الأمور أسهل، ولكن الـ HD لا تنسيك ما سبق، بقدر ما تذكّر به     

يمكن أن ينشّط فيديو الكورنيت والعلم، الذاكرةَ المصوّرة، فيبدو أن هنالك تأريخًا للكاميرا والشريط يواكب تاريخ العبوة والصاروخ الموجّه. من السي دي إلى اليوتيوب، ومن رحمة مخرج النشرة إلى غواية الـreplay، إلا أنّ أهم ما في هذا المسار، أنه يشي بالثقة، ثمة من جهّز ومن راقب ومن وضع ومن ضغط على الزر ومن انسحب. وبالتوازي ثمة من كمن وثبّت كتفه، عدّل الفوكس، وضغط على زر آخر، وانتظر، صوّر ثم انسحب، مَنتَج وأنتج وخطط لإيصال المغلف الأسود، وضعه كعبوة وادعة ستنفجر في عيون الملايين، وانسحب إلى دور المتفرّج.

اقرأ/ي أيضًا: هكذا أتذكر الأستاذ نزيه

المهتم في تاريخ المقاومة الفلسطينية المسلّحة، بلال شلش، يقول إنّ توثيق الفعل العسكري الفلسطيني قد يكون ابتدأ مع الحرب المؤسسة حرب 1947- 1949، إذ تتوفر صور وإشارات لصور تؤكد توثيق بعض العمليات العسكرية كبعض الهجمات أثناء ما يعرف بحرب المواصلات، وكذلك بعض عمليات نسف المواقع والاستحكامات الصهيونية كنسف استحكامي مصنعي "السبيرتو" و"السكب" -بالتسمية الشعبية آنذاك- جوار يافا نهاية شباط/ فبراير 1948.

[[{"fid":"75903","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"صورة من أرشيف الهاغاناه، لبعض الهجمات على القوافل","field_file_image_title_text[und][0][value]":"صورة من أرشيف الهاغاناه، لبعض الهجمات على القوافل"},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"صورة من أرشيف الهاغاناه، لبعض الهجمات على القوافل","field_file_image_title_text[und][0][value]":"صورة من أرشيف الهاغاناه، لبعض الهجمات على القوافل"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"صورة من أرشيف الهاغاناه، لبعض الهجمات على القوافل","title":"صورة من أرشيف الهاغاناه، لبعض الهجمات على القوافل","height":444,"width":700,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

صورة من أرشيف الهاغاناه، لبعض الهجمات على القوافل

أمّا في التاريخ الراهن، فتحضر عملية مسجد مصعب بن عمير (1992) والتي نفّذها الشهيد عماد عقل، كأبرز العمليات التي وثق منفذوها عملية قتل جنود الاحتلال لحظة الحدث، كما تحضر الصور الثابتة والمتحركة لتوثيق عمليات الخطف، وأبرزها شريط الإعلان عن خطف الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان. ويشير شلش كذلك إلى تصوير مقاطع فيديو للإعلان عن تنفيذ عمليات مثل عمليّة قتل ضابط الشاباك "نوعم كوهن" على يد "صائد الشاباك".

وتبع ذلك أيضًا، تصوير وصايا الاستشهاديين، مثل فيديو وصيّة الشهيد صالح صوي، منفذ عمليّة "ديزنكوف" عام 1994، والتي أسفرت عن مقتل 23 إسرائيليًا. والشهيدة وفاء إدريس من مخيم الأمعري، والتي نفّذت عمليتها في شارع يافا بالقدس عام 2002. والشهيدة ريم الرياشي من حيّ الزيتون في غزة، والتي فجّرت نفسها في جنود الاحتلال على معبر بيت حانون (ايرز) عام 2004. 

وكانت أبرز العمليات التي جرى تصويرها في انتفاضة الأقصى، عملية تفجير الدبابة التي نفذتها الوحدة الخاصة في كتائب القسام (103) بغزة (الشهداء رامي سعد، ومهند سويدان وغيرهم)، وكذلك تصوير نسف جيب إسرائيليّ في بلدة عصيرة قرب نابلس والتي نفذتها مجموعة محمد صبحة ومهند الطاهر وغيرهم.

وتوالت بعد ذلك عمليّات تصوير العمليّات مع الوصايا أو الإعلانات، أو عمليات الرصد ومن أبرزها فيديو عملية "عمانوئيل" التي نفذها الأخوة (ريحان وعصيدة) من بلدة تل غرب نابلس، ومن ثم عمليّات الأنفاق وصولًا لتوثيق مشاهد الحروب مثل عمليّات اقتحام موقع ناحال عوز، وزيكيم، وتفجير الحافلة الإسرائيليّة وكمين العلم، قبل أيام. 

هُنا رصد لأهم الشرائط التي شكّلت الذاكرة المصوّرة للعبوات الناسفة في الضفة وغزة:

خطف الجندي نحشون فاكسمان 

وصيّة الشهيد عماد عقل 

 

وصيّة الشهيد صالح صوي منفذ عمليّة شارع "ديزنغوف"

 

 

قنص جنديّ إسرائيلي في غزة/ 2009

 

الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من داخل مكان اعتقاله/2009

 

تفجير دبابة إسرائيلية/ 2009

 

تفجير جيب على حدود غزة/ 2012

 

تفجير جرافة تابعة لسلاح الهندسة الإسرائيلي

 

استهداف دبابة ميركافاه شمال بيت حانون/ 2014 

 

تدمير دبابة إسرائيلية في اقتحام قاعدة زيكيم/ 2014 

 

رشقة صواريخ من غزة باتجاه الداخل المحتل

 

قنص جندي إسرائيلي شمال بيت حانون/ 2014

 

قنص قائد سرية بسلاح المدرعات الإسرائيلي في غزة/ 2014

عمليّة اقتحام موقع ناحال عوز/ 2014

 

مشاهد للجندي جلعاد لشاليط أثناء اعتقاله

 

كمين العلم على حدود غزة/ 2018

تفجير حافلة جنود إسرائيليين شرق جباليا/ 2018


اقرأ/ي أيضًا: 

العيّاش في حارتنا..
فارسُ المرمى يحرسُ الجنّة!
رفض أن يدوس العلم فانهالوا عليه ضربًا
عن صرفند الصغرى وجنود "أنزاك" وبندقيّة العنكوش