واد فوكين وبتير وأم سلمونة وغيرها من أسماء قرى وبلدات بيت لحم، قد تكونوا سمعتم بها مراتٍ عدة، ولكن ماذا تعني هذه الأسماء؟ وما هو أصلها؟ نصحبكم هنا في جولةٍ جديدةٍ في مدينة المهد بيت لحم، لنعرف المزيد عنها، بعد رحلتنا السابقة في معالمها الأثرية الساحرة.
الخضر عليه السلام .. وبئر شقير العملاق
قبل ما يزيد عن 250 عامًا قدم ثلاثة أخوةٍ من الجبال المطلة على مدينة القدس للعيش فيما بات يعرف اليوم ببلدة الخضر جنوب بيت لحم، وهم عيسى وصلاح وصبيح، فكانوا أصل عائلاتٍ ثلاث تقطن البلدة اليوم، كما يقول الناشط في بلدة الخضر أحمد صلاح لـ "ألترا فلسطين".
تنسب بلدة الخضر إلى مقامٍ للخضر صاحب النبي موسى، وتضم خربًا رومانيةً وبيزنطيةً وبوابةً تاريخيةً
هؤلاء الأشقاء الثلاثة سكنوا بالقرب من دير الخضر، أو ما يعرف بدير مار جريس، وهو ديرٌ قديمٌ يمتد عمره لمئات السنوات، وسميت بهذا الاسم نسبة لمقام الخضر الشهير بقصته مع النبي موسى عليه السلام في سورة الكهف.
ويزيد عدد سكان الخضر عن 18 ألف نسمةٍ، يعمل أغلبهم في الزراعة وخاصةً كروم العنب والخضراوات الموسمية، وتزيد مساحة البلدة عن 22 ألف دونم، 20 ألفًا منها خلف جدار الفصل العنصري.
تتميز البلدة ببناءٍ قديمٍ يعرف بـ "البوبرية"، ويقع في البلدة القديمة، كما يوجد بها خربٌ رومانيةٌ وبيزنطيةٌ قديمة، هذا إضافةً لبوابتها التاريخية القديمة المبنية على المدخل الجنوبي.
وفي الخضر العديد من عيون الماء ولها مسمياتٌ عديدةٌ منها، عين العصافير، وعين فاغور وعين تايه، وعين صالحة، وعين المغارة، وتستخدم حتى يومنا هذا في ري المزروعات وكروم العنب. كما تتربع بلدتها القديمة على بئر كفري قديمٍ وكبيرٍ جدًا، ويسمى بئر "شقير"، يزيد عمره على ألفي عام، حسب ما يروي صلاح.
اقرأ/ي أيضًا: بالصور: رحلة إلى بيت لحم.. عجائب فلسطينية
وليس بعيدًا عن مقام الخضر، نزور قريةً بناها الكنعانيون وسكنها الرومان قبل 5000 سنة، وتوالت عليها الحقب التاريخية حتى يومنا هذا، هي قرية بتير، التي كانت مرتبطة بالقدس قبل النكبة عام 48، وذلك لمرور سكة حديد القدس – الحجاز منها.
وتعتبر قرية بتير سلة خضار الريف الغربي لبيت لحم، كما يقول نائب رئيس بلديتها حسين البطمة لـ "ألترا فلسطين"، حيث يعمل أغلب أهل البلدة البالغ عددهم 6 آلاف نسمة بالزراعة، وتزيد مساحتها عن 12 ألف دونم، منها أربعة آلاف تقع خلف الخط الأخضر.
ووفق اتفاقية رودس الموقعة بين "إسرائيل" ودول لبنان والأردن وسوريا ومصر عام 1949، التي حددت الخط الأخضر آنذاك، فإنه يحق لأهالي قرية بتير الاحتفاظ بملكية أراضيهم الواقعة خلف الخط الأخضر، وزراعتها والتصرف بها، كما يقول البطمة.
وعن سبب تسميتها بهذا الاسم، قال البطمة إن هناك اختلافًا على أصل التسمية، فهناك مراجع تاريخيةٌ ترجح أن يكون أصل التسمية بيت الطير، وذلك لكثرة الينابيع والطيور التي تعيش فيها، وهناك روايةٌ أخرى تتحدث عن بناء هذه القرية على حافةٍ صخريةٍ، لقطع الطريق على الغزاة، فجاء اسم بتّير من الفعل الثلاثي بتر أي قطع.
معصرة زيتون رومانية بعمر 2000 عام
ومن بيت الطير إلى أرض المناحل والعسل، فبطبيعتها الجغرافية الوعرة وبعدد سكان يزيد عن 10 آلاف نسمة، تقع قرية نحالين إلى الغرب من بيت لحم بنحو 9 كم، ويزرع فيها بعض أشجار العنب والزيتون، نتيجة قلة الأراضي الزراعية في البلدة بسبب وعورتها.
جاءت تسمية هذه القرية من كثرة المناحل ومربي النحل الذين سكنوها على مر العصور، فكانت مصدرًا أساسيًا لصناعة العسل. وفي القرية مسجدٌ يعود تاريخه لفترة الخليفة عمر بن الخطاب، كما يقول إبراهيم شكارنة لـ "ألترا فلسطين".
كما يوجد في القرية معصرةٌ رومانيةٌ للزيتون تعود لأكثر من ألفي عام، هذا إضافةً لقطعٍ أثريةٍ قديمة.
واد الشوك
ومن نحالين إلى واد فوكين، تلك القرية الصغيرة الخضراء الوادعة، التي تقع إلى الغرب من بيت لحم بحوالي 12 كم، وعدد سكانها 1300 نسمة، وتشتهر بزراعة الخضار والفواكه.
يعود أصل التسمية إلى كلمة آرامية وهي "وادفوك" أي وداي الشوك، كما يروي أحمد سكر، رئيس مجلس قروي واد فوكين لـ "ألترا فلسطين"، وتم تحريف هذه الكلمة لتصبح واد فوكين فيما بعد.
وهناك روايةٌ أخرى تقول إن هذه التسمية معناها واد الفواكه، لكثرة زراعة الفواكه في تلك القرية منذ زمن وحتى يومنا هذا، إذ يمتد عمر هذه القرية إلى آلاف السنين، وقد تم تدمير آثارٍ قديمةٍ فيها عام 1948 على يد العصابات الصهيونية المنظمة، التي هجرت أهالي القرية إلى مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم لمدة 16 عامًا، قبل عودتهم إليها.
"وجدنا آباءنا على ذلك وإنّا على آثارهم مقتدون"
ومن ريف بيت لحم الغربي إلى ريفها الجنوبي، وتحديدًا في قرية "أم سلمونة"، التي لا يعرف أهلها سبب تسميتها بهذا الاسم على وجه الدقة، كما يقول محمود طقاطقة من القرية لـ "ألترا فلسطين".
وتقع أم سلمونة إلى الجنوب من بيت لحم بحوالي 12 كم، وتقطن في القرية عائلة واحدة، قدمت قبل 100 عام من قرية بيت فجار المجاورة، وتعتمد على صناعة الحجر كمصدر دخلٍ أساسي.
ويعود تاريخ القرية إلى الفترة الرومانية، وتحوي بعض أرضيات الفسيفساء القديمة، لكن أصل التسمية غير معروف، كما يقول طقاطقة: "إنا وجدنا آباءنا على ذلك وإنّا على آثارهم مقتدون"، فليس هناك مصدرٌ موثوقٌ تحدث عن سبب التسمية، إلا أن روايةً ضعيفةً تتحدث عن شجرةٍ تنبت في أرض الحجاز إسمها "سلمون"، كانت تنبت في تلك المنطقة، لربما نُسبت القرية إليها.
واد النيص
إلى الشمال من قرية أم سلمونة، وإلى الجنوب من مدينة بيت لحم، تقع قرية واد النيص التي يعود أصل أهلها إلى عائلة الفواغرة في بيت لحم، وقد سكنوا هذه القرية قبل 120 عامًا.
ويعيش في القرية حاليًا 1200 نسمة، في مساحة تزيد عن ألفي دونم، ويعملون في الزراعة وصناعة الحجر.
اقرأ/ي أيضًا: واد النيص.. فريق العائلة الفلسطينية الواحدة!
وتعود تسمية هذه القرية باسم واد النيص، كما يقول رئيس المجلس القروي يوسف أحمد لـ"ألترا فلسطين"، إلى كثرة حيوان النيص الذي كان يعيش في تلك الوديان، ولا يزال هذا الحيوان يشاهد بين الفينة والأخرى في جبال القرية.
إلى جانب هذه القرى تضم محافظة بيت لحم 33 قريةً وبلدةً وخربةً، لكل منها حكايتها وأصولها التاريخية وآثارها التي تميزها عن غيرها من القرى وبلدات في المحافظات الأخرى.
اقرأ/ي أيضًا:
"أصداف" بيت لحم تتشبّث بالحياة
العيزرية.. معجزة للمسيح وكنيستان بينهما مسجد
بالصور: رحلاتٌ إلى سماء فلسطين