09-أبريل-2022
شارع ديزنغوف

شارع ديزنغوف مرة أخرى. أو "شانزلزيه تل أبيب" كما يُسميه الإسرائيليون، فهو أحد أهم الشوارع في مدينة "تل أبيب"، لكنه أيضًا أحد الأهداف المفضلة للمقاومة الفلسطينية. ساعاتٌ من الرعب وحظر التجوال عاشها الإسرائيليون في ديزنغوف ومناطق أخرى في "تل أبيب"، على أثر عملية الشهيد رعد حازم، مساء الخميس، التي أوقعت ثلاثة قتلى، وأعادت نبش محطاتٍ سوداء في ذاكرة الإسرائيليين.

في تغطيتها للعملية وتبعاتها، أشارت الإذاعة الإسرائيلية العامة إلى أن الزقاق الذي نفذ فيه الشهيد رعد عمليته، هو ذاته الذي نفذ فيه الشهيد نشأت ملحم في عام 2016. لكن في متابعتهم لتطورات العملية، كان الفلسطينيون يستذكرون عمليات أخرى عمرها يزيد عن 25 سنة في ذات الشارع الشهير.

تلغرام

 شارع ديزنغوف، يُنسب لمائير ديزنغوف أول رئيس لبلدية "تل أبيب"، وقد تم شقه عام 1934، ليُصبح مركزًا ثقافيًا ومعقلاً "للبوهيميا" الإسرائيلية الذين يجتمعون في أرقى المقاهي والحانات في هذا الشارع. ويحتوي الشارع أيضًا على أشهر معارض الملابس لدور أزياء عالمية. وقبل إنشاء "إسرائيل" كان قادة الصهيونية يستخدمون الشارع للتدليل على نجاح مشروعهم بادعاء أن الوجود الصهيوني في فلسطين لا يقتصر على مستوطنات زراعية مسلحة، وإنما قادرٌ على بناء حياة مدنية.

شارع ديزنكوف
شارع ديزنغوف عام 1934 | غيتي ايميجز

وبلغ شارع ديزنغوف ذروته في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وقد تم إنشاء مركز تجاري فيه باسم ديزنغوف سنتر، إضافة إلى ميدان. لكن في التسعينات كان الشارع هدفًا لاثنتين من أقوى العمليات الاستشهادية التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في ذلك الحين.

شارع ديزنكوف
ميدان ديزنغوف | غيتي ايميجز

عملية صالح نزال

نفذ الشهيد صالح صوّي (نزال) من قلقيلية عمليته بتاريخ 19 تشرين أول/أكتوبر 1994. كان حينها ابن 26 سنة، وينتمي إلى كتائب القسام، وقد فجر نفسه داخل حافلة إسرائيلية تابعة لشركة "دان" وتحمل رقم "90"، مما أسفر عن مصرع 23 إسرائيليًا وإصابة ما يزيد عن 47 آخرين.

وجاءت عملية نزال -بإشراف المهندس يحيى عياش- ردًا على مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، التي ارتكبها المتطرف الإسرائيلي باروخ جولدشتاين، فجر يوم الجمعة بتاريخ 25 من شباط/فبراير من العام ذاته، وأدت إلى استشهاد  29 فلسطينيًا أثناء الصلاة.

عملية صالح نزال

عملية رامز عبيد

وبعد أقل من عامين على عملية نزال، كان شارع "ديزنغوف" على موعد مع عملية استشهادية ثانية نفذها رامز عبيد من مدينة خانيونس. هذه المرة كان الشهيد ينتمي لحركة الجهاد الإسلامي، وقد وصل الشارع بتاريخ 4 آذار/مارس 1996 حاملاً حزامًا ناسفًا يزن 15 كغم ليفجر نفسه ويقتل 13

وفجر الاستشهادي عبيد الذي ينتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي نفسه وسط شارع ديزنغوف في تجمع للمستوطنين، ما أدى إلى مقتل 13 إسرائيليًا وإصابة 100 آخرين.

وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن عملية الشهيد عبيد جاءت ردًا على جريمة اغتيال "الموساد" الإسرائيلي للأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في مالطا بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين أول عام 1995.

رامز عبيد

عملية نشأت ملحم

في مطلع سنة 2016، كانت "إسرائيل" على موعد مع مفاجأة ثقيلة في شارع "ديزنغوف" ذاته. فهذه المرة حملت العملية بصمات فلسطيني من داخل الخط الأخضر، وهو نشأت ملحم، حيث هاجم حانة وأطلق الرصاص متسببًا بمقتل إسرائيليين وإصابة 10 آخرين، ثم انسحب من المنطقة.

نجح ملحم بعد تنفيذ العملية في التخفي لأسبوع كامل، بينما كانت المنظومة الأمنية الإسرائيلية في حالة استنفار بحثًا عنه، قبل أن تتمكن في النهاية من اغتياله بتاريخ 8 كانون ثاني/يناير في اشتباك مسلح في عرعرة.

عملية نشأت ملحم

عملية رعد حازم

جاءت عملية رعد حازم في ذروة الاستنفار الأمني الإسرائيلي داخل الخط الأخضر، بعد عمليتي بئر السبع وبني براك في "تل أبيب"، ونتيجة مخاوف يدور الحديث عنها منذ أسابيع بأن يشهد شهر رمضان عمليات ومواجهات خاصة في مدينة القدس، وتحذيرات من احتمالية أن ينخرط الفلسطينيون داخل الخط الأخضر في هذه الأحداث.

رعد، ابن مخيم جنين، تسلل عبر السياج الفاصل واستقل مركبة إلى "تل أبيب"، حيث أشهر مسدسًا وأخذ يطلق النار في الزحام وهو يجري، قبل أن ينجح في الانسحاب. قوة العملية، أوجدت اعتقادًا لدى الاحتلال بأن أكثر من شخص شاركوا في العملية، قبل أن يتبين أخيرًا أن المنفذ شخصٌ واحدٌ وقد نجح في الانسحاب من المنطقة.

بعد ساعات من المطاردة.. استشهاد منفّذ عملية تل أبيب

إثر ذلك، ترجلت في شوارع "تل أبيب" قوات النخبة الإسرائيلية (شلداغ وسييرت متكال واليمام) إضافة إلى ألف شرطي، وقد كانت هذه المرة الأولى التي تعمل فيها وحدة "سييرت متكال" في "تل أبيب" منذ عام 1978. أعمال التفتيش انتهت باغتيال رعد في البلدة القديمة ليافا بعد صلاة فجر الجمعة الأولى من رمضان 8 نيسان/إبريل، حيث وقع اشتباكٌ مسلحٌ أطلق خلاله الشهيد 12 رصاصة قبل ارتقائه شهيدًا.

حصيلة عملية "ديزنغوف" الأحدث هي قتيلان أعلن عنهما فورًا إضافة إلى تسع إصابات بالرصاص. لاحقًا، أعلن عن وفاة أحد المصابين متأثرًا بإصابته، لتصبح حصيلة القتلى ثلاثة أشخاص.