23-يناير-2018

لا يزال الشارع الرياضي الفلسطيني يعيش تحت وقع صدمة إقالة المدرب الوطني عبد الناصر بركات، من تدريب المنتخب الأول لكرة القدم، بقرار أُعلن عنه من الهيئة العامة للرياضة في السعودية، أُزيح على إثره الرجل الذي قاد "الفدائي" إلى أفضل تصنيف له في تاريخه على سلم "الفيفا"، وعُين بدلاً منه مدرب بوليفي يحمل شهادة تدريبية أقل من شهادته، وتقول سيرته الذاتية إنه قاد منتخب بلاده في 11 مباراة خسر في 10 مباريات منها.

إقصاء بركات أعقب تأهل "الفدائي" بجدارة إلى كأس آسيا 2019 في الإمارات، وتزامن مع تفوقه في تصنيف "الفيفا" على منتخبات عربية قوية مثل الإمارات والعراق، وكذلك الأردن وسوريا، إضافة إلى تقدمه على إسرائيل، وهذا دفع جماهير "الفدائي" باتهام السعودية بــ"محاولة تخريب الكرة الفلسطينية"، وهو ما التزم اتحاد الكرة الصمت تجاهه.

المدرب البوليفي سيزار يحمل شهادة تدريبية أقل من الشهادة التي يحملها بركات، ويطمح بتدريب أندية عريقة في المنطقة من خلال فلسطين

المدرب البوليفي خوليو سيزار قال في لقاء صحافي أعقب الإعلان عن توليه المهمة، إنه يطمح من خلال تدريب منتخب فلسطين إلى الوصول لتدريب أندية عريقة في المنطقة العربية، ما أثار المزيد من التحفظات على تعيينه، والتساؤلات المغلفة بمخاوف كبيرة على مستقبل المنتخب، أُضيفت إلى التساؤلات عن الظروف التي أُعلن فيها تعيينه وإبعاد بركات.

اقرأ/ي أيضاً: صدمة: مدرب أجنبي متواضع لـ"الفدائي" بديلاً لبركات

"الترا فلسطين" تواصل مع المدرب بركات بحثاً عن توضيح لتفاصيل ما حدث، لكن الأخير رفض التعليق قائلاً إنه يفضل التزام الصمت تجاه ما حدث. هذا الصمت فضل صحافيون معروفون في الوسط الرياضي التمسك به أيضاً، في حين تتمسك صفحات رياضية على مواقع التواصل الاجتماعي بانتقاد ما حدث، واعتبار إقصاء بركات خسارة فادحة للمنتخب، وانتصاراً لـ"المحسوبية" التي أتت بـ"مدرب ضعيف" بدلاً منه.

منذر زهران، الصحافي الرياضي في جريدة الحياة، يعتقد أن طبيعة اللاعب الفلسطيني تأقلمت مع المدرب عبد الناصر بركات وأسلوبه، وبالتالي فإن تغيير الأفكار والأساليب التدريبية بالنسبة لهم لن تكون سهلة، "خاصة أن المدرب الجديد لا يعرف عن المنتخب شيئاً حتى اللحظة".

وكانت مصادر من داخل الاتحاد أفادت بأن ما حدث هو عدم تجديد عقد بركات الذي انتهى، وليس إقالته، وأضافت أن الاتحاد كان ينوي تغييره منذ وقت، وقد فاوض مدرباً ألمانياً لم تكشف هويته، إلا أن تدخلاً إسرائيلياً حال دون ذلك.

ورغم ذلك، فإن فكرة تغيير بركات تبدو مرفوضة من الأصل بالنسبة لكثيرين. يقول زهران إنه كان يتوقع تجديد الثقة ببركات وتمكين طاقمه، مضيفاً، "لو تعاقد الاتحاد مع مدرب لياقة ومدرب حراس وخبير نفسي، لكان أفضل من تغيير المدرب والجهاز الفني بشكل كامل".

اتحاد الكرة كان ينوي عدم تجديد عقد بركات، وفاوض مدرباً ألمانياً، لكن صحافيين رياضيين يعتقدون أن تغيير بركات مرفوض من الأصل

يؤيد هذه الفكرة، علاء شمالي، الصحافي الرياضي في صحيفة فلسطين، فيقول: "اعتقادي أن المدرب الجديد لن يضيف أي شيء جديد للمنتخب، لأن الفدائي أصبح منتخباً له قوام قادر على صناعة الإنجازات، والنتائج الإيجابية والأرقام والإنجازات تدلل على ذلك، وأعتقد أنه قرار غير صائب خاصة في هذه الفترة التي صنع خلالها بركات إنجازات كبيرة للكرة الفلسطينية".

ولم يذهب عمر حماد، المعلق الرياضي لقناة فلسطين الرياضية، بعيداً عن هذه الآراء، وقال إن تغيير الجهاز الفني بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت "أمر مجحف وظالم بحق الجهاز الفني، خاصة أن المدرب البوليفي لا يملك أي سجل يشفع له بتولي هذا المنصب" وفق قوله.

ويتساءل عاهد فراونة، رئيس تحرير صحيفة الرياضية، عن جدوى تبديل مدرب يملك أرفع الشهادات التدريبية، وحقق إنجازات مع جميع الفرق والمنتخبات السنية التي قادها، مؤكداً أنه كان الأجدر بالبقاء، والأكثر قدرة على الاستمرار في قيادة دفة الفدائي نظراً لما أنجزه، ولكونه يعرف البيئة التي يعمل فيها، ومطلع على كافة التفاصيل الخاصة بالمنتخب واللاعب الفلسطيني.

وأمام إصرار الاتحاد الفلسطيني على التزام الصمت تجاه كل هذا النقد والاحتجاج، تحدثنا مع عبد السلام هنية، عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة، والنائب السابق لرئيس الاتحاد، فقال إن تغيير المدرب "حق للاتحاد الذي يقدر الأمور حسب التفاصيل الخاصة بالجهاز الفني، ولأن الاتحاد هو الذي سيتحمل مسؤولية النجاح والفشل في النهاية".

عبد السلام هنية: المدرب البوليفي يعلم جيداً أجواء الرياضة في فلسطين، ويجب عدم الحكم عليه قبل بدء عمله

واعترف هنية بأنه كان يدفع باتجاه استمرار بركات حتى كأس آسيا في الإمارات، لكنه رفض في الوقت ذاته إطلاق أي أحكام على المدرب البوليفي قبل بدء عمله، وقال إن الجهاز الفني البوليفي "كان على علم جيد بفلسطين وأجوائها قبل توقيع العقد، ولذلك انتهت قصة البيئة، وأصبح الآن هو المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في المنتخب".

اقرأ/ي أيضاً: لأول مرة: "الفدائي" يتجاوز إسرائيل في تصنيف "الفيفا"

ولا يخفي جمهور المنتخب مخاوفه من الفترة المقبلة، وتحديداً في الاستحاق الأهم وهو كأس آسيا، إذ كانوا يطمحون بمشاركة لا يكتفي فيها "الفدائي" بمجرد تسجيل الحضور، بعد أن اكتسب ثقتهم في قدرته على تحقيق ذلك بالفعل.

هذه المخاوف يؤكدها بسام أبو عرة، رئيس تحرير القسم الرياضي في جريدة الحياة، ويقول إن سيزار مدرب أجنبي ومن مدرسة مختلفة في التدريب، وإذا حاول تغيير الخطط التي رسمها بركات للمنتخب طيلة الفترة الماضية، واعتاد عليها اللاعبون، فإن ذلك سيؤثر سلباً على الأداء والنتائج.

يؤكد على ذلك مدرب نادي شباب بلاطة خليفة الخطيب، الذي يرى أن تغيير المدرب الوطني بالمدرب اللاتيني سيؤثر على الأداء والانسجام "ولو بشكل بسيط"، معرباً عن مخاوفه من عدم تفاهم الجهاز الفني مع اللاعبين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع المستوى والأداء.

استبدال بركات بالمدرب البوليفي سيترك بدون شك تأثيراً سيكون سلبياً على الأغلب في أداء المنتخب، وفق اعتقاد مدربين وطنيين

أما مدرب نادي سلوان ناصر دحبور، فإنه يستبعد حدوث انتكاسة في وضع المنتخب، ويرجع ذلك إلى ما يقول إنه نضوج وتطور عقلية اللاعب الفلسطيني، لكنه تساءل: "هل يستطيع المدرب الأجنبي إيجاد التوليفة المناسبة التي تجعل المنتخب يظهر بمستوى يلبي طموحات الجماهير؟" وتابع، "الأيام كفيلة لكي نحكم على مستوى المدرب الجديد".

ورغم ذلك، فإن دحبور لا يخفي تخوفه من "عدم تفهم المدرب الجديد لأبجديات عقلية اللاعب الفلسطيني، وبالتالي تواضع المردود المتوقع من المنتخب".

وكان منتخب فلسطين حل في المركز الـ75 في آخر تصنيف لـ"الفيفا"، كما حل سادساً على مستوى العرب، وسابعاً على القارة الآسيوية. ويمكن احتساب هذه الأرقام في سجل بركات مع المنتخب، كون المدرب البوليفي لم يتولى قيادة "الفدائي" في أي مباراة حتى الآن.


اقرأ/ي أيضاً:

الفدائي يواصل التقدم في تصنيف الفيفا

"الفدائي" يتأهل لكأس آسيا بعد اكتساح بوتان

حضور قوي للقدس في ميادين الرياضة