29-يوليو-2017

وقفة احتجاجية ضد جوال في غزة - صورة أرشيفية

عزيزي القارئ تمهل، لأنه سيتم تسجيل القراءة لضمان ضبط الجودة!

ياله من إعلانٍ رائع يلامس الإنسانية ويعبث بالمشاعر ويدخل القلب، ويوجه التحية لمن يستحقوها، ولمن صنعوا ودفعوا ثمن هذه الإعلانات المبهرجة التي تم السخاء عليها من أموالهم، للترويج المدفوع عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبطباعة فائقة الجودة لكل لافتة إعلانية على طول قطاع غزة.

إعلانات قوية وغالية الثمن صُرفت ورُوجت بتبذير من لا يخشى فقرًا، غالية بقيمتها المادية، ورخيصة بمضمونها ومعناها الذي يدعي مساندة الشعب الذي استنزفوه ومازالوا طيلة 18 سنة كلها عجاف، على الشعب على الأقل، فمجموعة الاتصالات أعلنت عن 80.1 مليون دينار كأرباحٍ عن سنة 2016.. فقط لا غير.

"حيو معي الصابرين وبأرضهم صامدين.. أطلّعوا لقدام وعأحلامهم رايحين.. شعبي غدا إبداع.. والاسم علا وذاع ووطنهم فلسطين".

لا مشكلة لدى "جوال" إن احتكرت السوق 18 سنة، ولا مشكلة في الخدمة الرديئة، ولا في التدليس، ما دامت ستنتج مقطعًا مصورًا يظهر ما تريد هي إظهاره من قطاع غزة!

أهذا أفضل ما يمكن الخروج به، بعد 18 سنة من الاحتكار والاستبداد لشعب غزة؟ ومن التفرقة الدائمة بينه وبين الضفة الغربية في الحملات والعروض البائسة أصلًا؟ فترى العرض على سوئه موجهًا لسكان الضفة فقط، دون غزة، بحجة أن الاحتلال يمنع دخول المعدات والأجهزة، فهل يمنع دخول الأرصدة المجانية أيضًا؟

اقرأ/ي أيضًا: شركات الاتصالات.. أهدت زبائنها لإسرائيل وهاجمتهم

أول مرة استمعت لأغنية إعلان "تحية لغزة"، تذكرت خطابات الزعماء العرب ووعودهم المستمرة بمستقبلٍ أفضل، وأن الشعب المبدع الصامد الصابر يستحق الأفضل دائمًا، وأنه سيبقى السد المنيع في وجه كل المؤامرات والمكائد التي تحاك ضده في الغرف المغلقة الفخمة المكيفة المعزولة التي لا تنقطع الكهرباء عنها، ولا يزورها حر أو برد أو حتى مُخلص.

لا مشكلة إن احتكرت السوق لـ 18 سنة في غزة، وأقل من ذلك بقليل في الضفة، ولا مشكلة في العروض الضعيفة والخدمة الرديئة، ولا مشكلة في الانتظار لساعات داخل المعرض والفرع لطلب أو إلغاء خدمة، يمكن إنجازها عبر مزود الخدمة الواحد الأوحد وبتأكيد ذلك بالثلاثة 111، ولا مشكلة أيضًا حين يعرض عليك موظف التسويق عبر الهاتف خدمة وهو يكذب حرفيًا، أن هذا العرض يتجدد أسبوعيًا بنفس السعر الزهيد، أو أن التجديد لن يكون إلا عبر رسالة تأكيد، وأنه لن يكون هناك أي خصم تلقائي من رصيدك المتواضع.

الجزيرة الرياضية عام 2005 قدمت الدوري الإسباني الذي يعج بنجوم كرة القدم العالمية، مجانًا لمدة عامين كاملين، إضافة لبطولة أمم أوروبا للمنتخبات عام 2004، حتى اعتاد الناس عليها وأحبوها، بعد ذلك جاءت الحجة بحقوق البث والنقل في أوروبا التي تصلها تغطية قمر "عربسات"، وجاء التشفير "تحت الضغط" عليها، الذي قيل وقتها إنه سيكون فقط بسعر التكلفة، ثم وصلنا إلى إمبراطورية beIN Sport  الحالية التي تحتكر كل ما يتعلق بكرة القدم في الوطن العربي مقابل أسعار تكفي لما تعلمون أنها تكفي له.

هذا الأسلوب هو الأقدم والأعرق، ومازال حتى الآن يساعد في ازدهار تجارة المخدرات حول العالم، حيث يقدم لك التاجر أو المروج أفضل وأجود أنواعه بالمجان أو بسعر زهيد مغري، ثم يستغلك "أجدع استغلال".

شركة جوال تقدم العروض المميزة على خدمة الإنترنت عبر شبكتها "بغض النظر عن سرعتها السلحفائية"، وتستخدم نفس الأسلوب في الترويج واستهداف بعض الحاجات والدوافع وحتى الغرائز، ثم تقوم برفع ثمن هذه الخدمات، فتعرض نافذة منبثقة مفاجأة على هاتفك بخيارين: قبول أو رفض العرض، دون توضيح ثمنه أو المقابل المادي له، ثم تجد نفسك مشتركًا في خدمة الأبراج وعالم الفلك مقابل 6 شواكل غير شاملة ض.ق.م.

لا مشكلة في كل ذلك، طالما ستعود وتقدم التحية لشعب غزة "الصامد المبدع المثابر الشجاع"، وتنتج له مقطعًا مصورًا يظهر ما تريد جوال إظهاره من قطاع غزة، تمامًا كحملات #كيف_صارت، و#غزة_أجمل، التي تتبع أسلوب التدليس لدى الإعلانات المدبلجة على القنوات الرخيصة التي لا تشاهدها إلا في انتظارك الممل في صالون الحلاقة.

هي ليست تحية، إنما صرخة أو غيرة طفل صغير، عرف أن هناك طفل آخر سيأتي للعائلة، وأن كل"العز" لن يكون له وحده بعد الآن، وأنه الآن مضطر لتقاسم الحلوى وحنان الأموال مع طفلٍ آخر لم نعرف بعد خيره من شره، ولعله يكون أكثر شرًا، أو يتفق مع الطفل الآخر على استنزاف آخر أموال العائلة الكبيرة.


اقرأ/ي أيضًا: 

"توجيهي" 2017: سقطت التربية و"جوال" أكلت الحلوان

"بالتل" والحكومة تديران ظهرهما للمحتجين

لا شفافية في تجديد السلطة عقد "بالتل"